وطن – كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، تفاصيل الصعود المفاجئ لنجم مستشار الأمن القومي في الإمارات طحنون بن زايد. خاصة بعد دوره البارز في توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن اتفاق التطبيع الذي أعلن عنه في آب/ أغسطس الماضي، أخرج طحنون بن زايد إلى دائرة الضوء، لا سيما أنه التقى برئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين.
طحنون بن زايد يراقب كل شيء
وأوضحت الصحيفة، أن صعود طحنون في العقد الماضي أظهر الرابطة بين القوة والتجارة، والمصالح الوطنية الاستراتيجية في دول الخليج مثل الإمارات والسعودية وقطر.
وأشارت الصحيفة، إلى بروز جيل من الأمراء الشباب الميال للتكنولوجيا والعقلية الأمنية إلى المقدمة.
وقالت كريستين فونتنروز، مسؤولة شؤون الخليج بمجلس الأمن القومي بإدارة دونالد ترامب. إن طحنون هو “الرجل الذي يراقب كل شيء، وهو الموثوق به، ولكن تحت الرادار”.
موجود في كل مكان لكنه لن يخرك!
وأضافت: “طحنون شخصية غامضة وهادئة وموجود في كل مكان فهو في الولايات المتحدة، وفي المرة التالية تراه في طهران، لكنه لن يخبرك”.
وطحنون، هو الأخ الشقيق لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الحاكم الفعلي، حيث يدير طحنون ملفا واسعاً يتجاوز الأمن القومي، إلى القطاع التجاري الغامض في الإمارة الغنية بالنفط.
وحسب الصحيفة: “يقول مسؤولون غربيون سابقون إن طحنون الخبير في الفنون القتالية، والموثوق به من شقيقه محمد بن زايد. يدير على مستوى السياسة الخارجية أهم ملفات الدولة الحساسة”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن طحنون يدير ملف علاقة الإمارات مع إيران واليمن، وكذلك التعاون الأمني مع الولايات المتحدة وروسيا. وهو جزء من جهود مكافحة فيروس كورونا في البلد.
مصالح طحنون بن زايد
أما مصالحه، فتمتد على قطاع واسع من المؤسسات التجارية الكبرى، فهو مدير شركة إي دي كيو القابضة، التي أنشئت العام الماضي، والتي أصبحت من أهم الشركات المستثمرة، وفق الصحيفة.
ويترأس طحنون أيضا بنك أبو ظبي الأول، أكبر مقرض في الإمارات، والذي تملك فيه الحكومة والعائلة الحاكمة أسهما كبيرة.
ويمتلك مجموعة رويال جروب والشركة الدولية القابضة، وهي مجموعة أخرى تعمل في قطاع الصيد والصحة.
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المجموعة ضاعفت أرصدتها أربع مرات إلى 4 مليارات دولار عام 2020 التي تولى الشيخ طحنون إدارتها.
ماذا يطلق على نفسه
وفي كانون الثاني/ يناير، جرى تسمية طحنون بن زايد كرئيس مجلس إدارة غروب 42، وهي كيان في أبو ظبي أنشئ عام 2018. ويصف نفسه بشركة الذكاء الاصطناعي وشركة الحوسبة السحابية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن تطورات كهذه ليست مختلفة عن الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقوم العاملون السابقون في الجيش بإنشاء شركات تكنولوجيا تعمل مع وزارة الحرب.
وأضافت: “كدليل عن تداخل المصالح الاستراتيجية والوطنية بمصالح العائلة المالكة والدولة، فقد كانت جي42 أول شركة تفتح لها مكتبا في تل أبيب”.
وتابعت الصحيفة: “كما أنها تعاونت مع شركة بي جي أي الصينية لفتح مختبر في أبو ظبي للقيام بتجارب على لقاح كورونا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوباء يوجه تركيز أبو ظبي على الصحة والتكنولوجيا والأمن الغذائي.
وأضافت: “قامت شركات مرتبطة بطحنون بتوقيع عدة عقود في مجال المصالح الوطنية. وحصلت شركة إي دي كيو على نسبة 45 بالمئة من شركة لوي دريفوس لتوفير البضائع الزراعية”.
واستطردت بالقول: “هذه العقود جزء من توجه جعله أكثر أعضاء العائلة الحاكمة نشاطا، حيث تتداخل مصالحه التجارية مع مصالح الدولة”.
واستدركت الصحيفة الأمريكية: “لكن تداعيات حضور العائلة الحاكمة في التجارة يضيّق من المساحة المتاحة للقطاع الخاص في اقتصاد تسيطر عليه الدولة”.
وقال مدير تنفيذي أجنبي، وفق الصحيفة: “لو كان لديك رجل يلعب القمار ولديه ورقتان فمن الأفضل ألا تلعب أمامه. ولا يمكنك التنافس مع العائلة المالكة عندما تكون كل الأعمال الكبيرة ملكا للدولة”.
الخطوط الغامضة
وتشير الصحيفة إلى أن الخطوط الغامضة بين الدولة ومصالح العائلة الحاكمة كان سمة دول الخليج. لكنها أصبحت أكثر وضوحاً في الإمارات والسعودية.
وتشير الصحيفة، إلى أن ذلك جاء في وقت بات فيه حكام البلدين أكثر استبداداً وهوساً بالأمن وراغبين بتطوير قطاعات جديدة ذات علاقة بالتكنولوجيا.
وقال ستيفن هيرتوغ، الخبير بشؤون الخليج بمدرسة لندن للاقتصاد، إن القيادة أصبحت الآن متركزة بسيطرة أكثر وسلطة أقل توازن بين الأبناء والأعمام وأبناء الأعمام.
وأضاف: “هذا استراتيجي، ويهدف أكثر للحصول على سيطرة سياسية وليس الريع، وتحت سيطرة محمد بن زايد في الإمارات”.
الجيل الجديد ومحمد بن سلمان
وتابع: “هذا مثل الجيل الجديد من الأمراء في السعودية الذين هم أصحاب الأمير محمد بن سلمان. وهي مركزة يتم استخدامها كأداة للقائد وليس كتلة غير واضحة كما في السابق”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أصبح شخصية حاضرة في مجال الأمن والاقتصاد.
وأشارت إلى أن ابن سلمان عُين بعد تولي والده الملك سلمان الحكم وزيرا للدفاع ورئيسا لمجلس الشؤون الاقتصادية. وحوّل هيئة الاستثمار العام بـ400 مليار دولار إلى أداة استثمار في الخارج.
وتابع الصحيفة الأمريكية: “ومثل محمد بن زايد، فقد تبنى محمد بن سلمان، 35 عاما، سياسة خارجية حازمة”.
الأمير تميم بن حمد
وحسب الصحيفة، فإن الجيل الجديد من الأمراء على رأس الحكم في قطر. حيث أصبح الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حاكما في عمر الـ33 عاما.
وتابعت: “وتحت رقابته أصبح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، 40 عاما. نجما صاعدا ووزيرا للخارجية ورئيسا لجهاز قطر للاستثمار”.
واستدركت: “لكن الشيخ طحنون يظل متميزا بين الجيل الجديد من ناحية سعة دوره وقدرته على العمل تحت الرادار، كما تقول فونتنروز.
أبناء فاطمة الستة
ووصف دبلوماسي أمريكي سابق طحنون بأنه رجل الظل، وهو إلى جانب شقيقه المؤثر ولي العهد. ضمن ستة من أبناء الشيخ زايد الذين يقودهم الشيخ محمد، ويعرفون بـ”أبناء فاطمة الستة”.
ومنهم الشيخ منصور مالك نادي مانشستر سيتي، والشيخ عبد الله وزير الخارجية.
وحسب الصحيفة، فإن طحنون لديه خبرة عشرة أعوام في الجيش، وعين نائبا لشقيقه الشيخ هزاع، مدير الأمن القومي. حيث حل محله بعد ثلاثة أعوام.
وأضافت: “تزامن صعوده مع سياسة التدخل الخارجي التي تبناها محمد بن زايد، وتضييق مساحة التعبير في الداخل”.
طحنون بن زايد المقرب من شقيقه محمد
وتابعت: “يعتبر طحنون مقربا من شقيقه محمد، وهو جزء من حلقة مقربة لمحمد بن زايد يتحدث معهم في هذه الموضوعات، وطحنون رقم واحد”.
ويرى المسؤولون الأجانب أن طحنون رجل براغماتي وتحليلي. وكان أول من تحدث عن منظور سحب القوات الإماراتية من اليمن؛ لأن الحرب لا يمكن الانتصار فيها، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة، عن دبلوماسي أمريكي قوله، إن طحنون كان أول من أعطى انطباعا وقلقا من دعم الإمارات للجنرال خليفة حفتر. وأنه ليس “زعيما سياسيا قابلا للبقاء”، وأنه “رجل عسكري متقلب”.
وقدرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية أن الإمارات ربما قدمت دعما لمجموعة فاغنر الروسية. التي نشرت ألفي مرتزق في ليبيا لدعم حفتر.
وفي وقت سابق، كشفت منظمة هيومان رايتس ووتش أن شركة إماراتية “بلاك شيلد” قامت بتجنيد سودانيين للعمل كحراس أمن، ثم أرسلتهم للقتال في ليبيا.
وقالت المنظمة الحقوقية إن هذا مثال واحد من “التورط الخبيث للإمارات في النزاعات الخارجية”، فيما لم ترد وزارة الخارجية على أسئلة للتعليق.
ويقول المراقبون إن إنشاء شركات مثل جي42 هو امتداد لأهداف الإمارات الاستراتيجية، حيث باتت تعتمد على قطاعات التكنولوجيا والصحة.
وحسب المراقبين، فإن علاقة هذه الشركات مع إسرائيل ستكون متركزة على هذين المجالين. بالإضافة لتكنولوجيا الزراعة، ومن خلال كيانات مرتبطة بالعائلة المالكة.