الرئيسية » تقارير » مهند بتار يكتب: عندما يغدو الحياد العربي هدفاً فلسطينياً !!

مهند بتار يكتب: عندما يغدو الحياد العربي هدفاً فلسطينياً !!

لا مناص ، وصلنا بالفعل إلى الزمن الذي يتمنى فيه الشعب الفلسطيني على أنظمة عربية بعينها أن تكون حيادية إزاء الصراع مع الصهاينة . تنظر إلى هذا الإندلاق الإماراتي الرسمي الماسخ على التطبيع الكرنفالي الوضيع مع الجزار نتنياهو فينتابك القرف . تتابع خط رحلة طائرة العال الصهيونية القادمة من فلسطين المحتلة إلى أبو ظبي عبر سماء بلاد الحرمين الشريفين فيعتريك الغضب . تقرأ للمثقفين من عبيد السلاطين عن مفاتن الغرام العربي ـ الصهيوني فيصيبك الغثيان . تفتح الصفحة التويترية العائدة لأمثال المُتأسْتِذ السعودي تركي الحمد فتجد فلسطين الخارطة والتاريخ والإنسان والقضية وقد تحولت إلى (خِزَاقة) يتنافس عليها المتنافسون بسهامهم المُرَيّشة السّامة . تتصفح جريدة عربية مثل (الشرق الأوسط) فيداهمك المغص بمجرد أن تقع عيناك على مهاترات الصهيوني الصميم عبدالرحمن الراشد بحق القضية الفلسطينية .

 

كمن يفتش عن إبرةٍ في كومةٍ من القشّ ينقبون العالمَين الواقعي والإفتراضي بحثاً عن مثلبة فلسطينية حتى يقيموا عليها مهرجانات الحَطّ من قيمة وقدر وشأن وكرامة الإنسان الفلسطيني ، وحين لا يجدون شيئاً يذهبون إلى إبتداع ثيمةٍ كَذوبةٍ لكي يبنوا عليها رواياتهم الملفقة وينطلقوا منها بهاشتاجاتهم التويترية المقيتة ضد الشعب الفلسطيني ، فما أن ينتهوا من تعميم هاشتاجٍ شنيع ينال من فلسطين حتى يختلقوا أشنع منه ، وكل هذا المُجون المنفلت إنما يجري على قدمٍ وساقٍ بإرادةٍ رسميةٍ عُليا ، نعم ، وتحت إدارة منوطة بها مهمّة الترويج لإستباحة وتشويه وتسطيح وتقزيم القضية الفلسطينية ، وصولاً إلى خلعها من مكانتها البارزة في الوعي العربي والوجدان العربي والذاكرة العربية .

أمّا السؤال : لماذا الآن يتعاظم الفجور الموتور في الخصومة مع القضية الفلسطينية وأصحابها ؟ ، فجوابه واضح وضوح الخط العريض الذي سارت عليه طائرة التطبيع الخليع القادمة من مطار بن غوريون إلى مطار أبو ظبي ، فلكي يتحرروا من بقايا شعورٍ بالذنب ، وحتى يبرروا لشعوبهم تقاطرهم المخزي على الإنبطاح للصهاينة ، ولأجل تمهيد الأرض لسباق (التحالف العضوي) معهم ، لا بدّ أولاً من تتفيه وتسقيط الإنسان الفلسطيني بتوليف مرويّة جديدة عن (شخصيته) المجبولة بقضيته الوطنية ، تنسف كل سيرتها النضالية الملحمية الممتدة على مدار قرنٍ من الزمان ، وتحوّلها إلى كائنٍ شيطانيّ ممسوخ ينطوي على كلّ شرور الدنيا ، فيستحق تالياً كل ما نسمعه من أعاجيب التنكيل اللفظي بحقه وما نقرأه من أباطيل التدمير البياني ضده وما نراه من التنافس المحموم للأخذِ عليه بقبيح الخطاب التحريضي ، حتى إذا ما وصلنا إلى لحظة العناق التطبيعي مع الصهاينة فسيكون الجوّ ربيعياً صافياً يبعث على الحُبور فتمضي الأمور إلى مشتهاها الصهيو ـ عربي دون أي منغصات أو معوقات ، إنما بمخادعة ذاتية سافرة للضمير الشاهد على الحقيقة الفلسطينية العصيّة على التشويه أو الإندثار أو النسيان .

لم يدّعي الفلسطينيّ الكمال يوماً ، وهو كبقية بني آدم يُخطئ ويُصيب ، يتعثر وينهض ، يتباطأ ويتسارع ، ينجح هنا ويفشل هناك . وكلّ هذه المتناقضات وغيرها تدخل في قواعد السّلوك الطبيعي للبشر أجمعين . لكن الشاذ وغير الطبيعي هو استثناء الفلسطيني من هذه القواعد وتجريده من المألوف الإنساني ووضعه بين خيارين وحيدين كأنهما مقصلتان . فإمّا أن يكون ملاكاً طاهراً وإلا فهو شيطانٌ رجيم ، ولأنه (وكباقي البشر) يستحيل عليه الإنتماء لعالم الملائكة الأطهار . فهذا مبررٌ كافٍ لأمثال الأنموذج السعودي (المثقف) تركي الحمد لكي يُصَنّفوه كشيطان رجيم تحقّ عليه اللعنة الأبدية . وهنا بالضبط تكمن المثابة التي ينطلقون منها إلى تحميل الفلسطيني أوزار سلسلة الأزمات والكوارث الشرق أوسطية على مرّ العقود السبعة الماضية وصولاً إلى لحظة قيام اللقيطة الصهيونية على أرضه . وبهذه الكيفية الغرائبية العجيبة يجد المغتصبون الصهاينة عرباً ينتخون لهم دفاعاً عن ظلمهم وظلامهم . ويُقَدّمون اللحم الفلسطيني مُشرّحاً على موائدهم ، ويشرعنون باطلهم الإنتهابي ، ولا يستحيون من التعري الأخلاقي حين ينافسون الصهاينة ذاتهم على كُرهِ الفلسطيني . فيتفننون في هجاءه ، ويَصِلون إلى التندر حتى على (لهجته) . في ظاهرة خسيسة اختص بها سعوديو الطبعة الأحدث من (الإنتلجنسيا الإفتراضية) البائسة ، وإماراتيو المأفون (حمد المزروعي) .

إنما لسان حال الفلسطيني ، وعلى عكس مراد هؤلاء المتصهينين قلباً وقالباً . تلهج به أفئدة وحناجر وأقلام الأحرار العرب . ممن لم ولا ولن تنطلي عليهم أباطيل هذه الحرب العدوانية (الصهيوـ عربية) المنظمة على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة . فلتطبعوا مع الصهاينة زاحفين على بطونكم كما ترغبون ، ولترفلوا في العار والشنار كما تشتهون . بَيدَ أنها كلمة أخيرة لآخر بقعة ضوءٍ خافتٍ في ضمائركم : لا تكونوا مع الفلسطيني ، ولكن لا تكونوا عليه . فهو لا يلتمس منكم إلا أن تقفوا على تل الحياد بدون سيوفكمو والجياد .

 

مهند بتار

اقرأ أيضا: مهند بتار يكتب: التطبيع إماراتي لكنّ العين على الرياض

 

تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..

أضغط هنا وفعل زر الاشتراك

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.