الرئيسية » الهدهد » أمام ناظرَيه: مقربون من بشار الأسد يبيّضون أموالهم في العراق

أمام ناظرَيه: مقربون من بشار الأسد يبيّضون أموالهم في العراق

تحظى الدائرة المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد بقسط كبير من اهتمامه، إذ يفضّل إجراء جميع اتصالاته مع العالم الخارجي من خلال أقاربه وغيرهم من أقرب المقربين إليه.

ويستغلّ في ذلك ثقته العالية في هؤلاء من الغالبية العظمى من دائرته التي تسوس أموره الشخصية، وهنا يحسُن بنا الإعتراف بأن الجهة المقابلة تجد في ذلك إغراءً كبيرا للغاية، ذلك أن فرصة حمايتك من رئيس قوي مسنود من قوى دولية كبرى لا يحصل عليها الكثيرون في العالم.

بشار الأسد، وبعناد كبير، لا يريد تغيير الأسلوب الحالي الذي يحكم به من خلال مساعديه، ولذلك فإنه يُجبَر على مسامحتهم وغض الطرف عنهم في ما يأتون به من تجاوزات يدفع ثمنها الشعب السوري في غالب الأحيان، وهم من جهتهم -مساعدوه- يستمرون في استغلال هذا الكارت الأخضر الممنوح إليهم.

يرأسُ “الدائرة الداخلية” للرئيس شقيقه الأصغر ماهر الأسد وابن خاله رامي مخلوف (بكثير من التحفّظ حول علاقتهم الراهنة)، ولا تتم مسامحة الشقيق الأصغر ماهر الأسد على جرائمه الاقتصادية فحسب، بل يتجاوز الرئيس عن جرائمه الجنائية أيضا.

ففي أكتوبر من عام 1999، أطلق ماهر الأسد النار على صهره “العماد آصف شوكت” وأصابه في بطنه إثر نوبة من الغضب بسبب نزاع عائلي، نوبة كتلك التي أصابت عدي صدام حُسين عندما أهانه المساعد الأول لأبيه في حفل يعجّ برجال الدولة العراقية فبقر بطنه بسيف أمام الجميع حتى ارداه قتيلا، أطلق ماهر الأسد رصاصة على صهره عجّلت بنقله إلى مستشفى “فال دي غراس” العسكري في باريس، حيث أمضى عدة أسابيع للعلاج ولم تتم معاقبة ماهر الأسد على هذا الحادث، وفي هذا دليل جازم بأنّ شقيق الرئيس السوري لا يتردد في حلّ المشكلة بقوّة السلاح في نوبات غضبه.

وشُهر ماهر الأسد أيضا بمواقفه العدوانية تجاه “المنافسين”، فبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإنه كان أحد المشاركين البارزين في اغتيال الملياردير ورئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

أما الجرائم الإقتصاديّة، فقد كان ماهر أول من فكر في استخدام العراق لتبييض الأموال التي حصل عليها في سوريا مراكما بذلك ثروته على حساب المواطن السوري.

حوّلت شبكة تبييض الأموال هذه شقيق الرئيس السوري إلى واحد من أثرى أثرياء سوريا، إذ حصل على حوالي مليار دولار من الشّحنات التجاريّة التي كان يرسلها إلى العراق متجاوزا العقوبات الدولية المفروضة عليه، واليوم تقدر أصوله بـ 15٪ من مجمل الإقتصاد السوري.

واستمر العراق في لعب دور مهم في تبييض أموال الطبقة الحاكمة في سوريا مستخدما شبكة مماثلة من “رجال الأعمال السوريين” الموجودين في إيران الخاضعة بدورها للعقوبات الأمريكية.

وحسب مصادر مطّلعة، فإن المسيطر على الصفقات التجارية في العراق هو “عماد سليم حربا”، نائب رئيس أركان الجيوش في سوريا، الذي بفضل عمله على امتداد السنوات الأربع الماضية، إستُطيعَ تبييض 2.28 مليار دولار عبر البنوك العراقية، ملياران ونيف تقريبا اختفت “في ظروف غامضة” من الخزينة السورية.

على صعيد آخر، نجد ممثلين بارزين آخرين “للنخبة السورية” من “رجال الإفساد” المقربين من بشار الأسد ممّن لا يتوانون في استخدام العراق لزيادة ثرواتهم، ونقصد الأَخَوين حسام قاطرجي ومحمد قاطرجي.

ففي وقت سابق، تم ضبط رجُلَي الأعمال السوريَّيْن متلبّسَين بعلاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية.

وبحسب وكالة رويترز للأنباء، موّل حسام قاطرجي المشاريع الزراعية الواقعة في سهل الفرات، حيث كانت هذه المنطقة واقعةً تحت سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة في تلك الفترة، وقام بشراء الحبوب من رجال تنظيم الدولة وأوصلها إلى ميناء طرطوس السوري ومن ثمّة قام ببيعها.

كما كان لدى حسام ومحمد قاطرجي عملا آخر مربحا، تمثّل في شراء النفط من داعش وتهريبه نحو تركيا بشاحنات ضخمة ناقلة للنفط، وإلى الساعة الراهنة، يستمر عمل الإخوة قاطرجي ولكن فقط بتغيير على مستوى البائعين والشارين، ذلك أنهما صارا يشتريان النفط من الأكراد الموالين للولايات المتحدة الأمريكية والموجودين على الضفة الشرقية لنهر الفرات ويربحون من إعادة بيعه للحكومة السورية.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن إحدى الشركات المملوكة للأخوين قاطرجي تقوم بشراء النفط ويتم نقله فيما بعد إلى حمص ومن ثم إلى الحدود مع العراق، ليمرّ على إثر ذلك بمعالجة رديئة في المصافي الصغيرة التي يملكها الأكراد، ونتيجة لذلك فإنّه لا يعتبر مادة “خام”، وهو ما يُفضي إلى تصدير النفط من العراق دون مصادقة الحكومة، ليصل إلى الموانئ التركية، هناك حيث تبيعه شركات متخصصة في هذا النشاط.

وبعد بيعه، يتم نقل العائدات المالية إلى الرقة أو الموصل، وهناك يتم تبييضها مجددا من قبل عدد لا يحصى من شركات تصريف العملات..

فلماذا انتابت بشار الأسد الدهشة عندما ثار الشعب السوري الجائع ضده، ولماذا دَهش لانخفاض سعر العملة المحلية وهو يعلم كلّ هذا الترابط بين مقربيه والمسالك الفاسدة للإستكراش والإسثراء الفاحش.. ولا يهتزّ له جفن؟

(خالد عليّ)

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.