وطن- سلط موقع “المونيتور” الأمريكي في تقرير له الضوء على الانسحاب المفاجئ للإمارات من اليمن، وطرح العديد من التفسيرات المحتملة للقرار الإماراتي المفاجئ.
وأشار الموقع إلى أن أبرز هذه الاحتمالات هو تنامي الاستياء تجاه الإماراتيين وتراجع شعبيتهم في حرب غير شعبية على نحو متزايد، مضيفا أنه من المفترض أن يكون الانسحاب الأخير جزءاً من إعادة الانتشار الاستراتيجي للقوات الإماراتية في الخليج، مع تزايد التوترات هناك بين إيران والولايات المتحدة.
وتصرّ الإمارات على أن تخفيض قواتها نتيجة طبيعية لانتصاراتها على «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية والمتمردين الحوثيين.
لكن الاستياء المتزايد من الوجود العسكري لدولة الإمارات في جنوب اليمن، ساهم أيضاً في انسحابها الجزئي من المنطقة، ففي البداية، اقتصر الغضب اليمني إلى حد كبير على انتهاكات حقوق الإنسان من قِبل الميليشيات المتحالفة مع الإمارات في جنوب اليمن.
وفي أواخر يناير، اندلعت المظاهرات في عدن بسبب تورّط ميليشيا مدعومة من الإمارات في عمليات اختفاء قسري للمدنيين اليمنيين، وفي مارس، اندلعت الاحتجاجات مرة أخرى في عدن رداً على مقتل رأفت دنبع، وهو شاهد ضد العديد من الجنود المنضمين إلى الإمارات في اغتصاب طفل عام 2018؛ فبعد الإدلاء بشهادته، اختُطف دنبع وقُتل على أيدي قوات مدعومة من الإمارات.
استطلاع ضاحي خلفان عن تقسيم اليمن يثير غضباً ويمنيون: “سنحاربكم حتى تخرجوا من بلادنا أذلة صاغرين”
واعتبر الموقع أن التصور بأن الإمارات قوة محتلة أدى إلى انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء جنوب اليمن، ففي منتصف يونيو، اندلعت مظاهرات في محافظة شبوة كانت تحمل لافتات تعارض «احتلال» الإمارات للمنطقة، وفي الأول من يوليو، اشتدت الاضطرابات الشعبية في جزيرة سقطرى، حيث رفع المتظاهرون العلم اليمني وانتقدوا زعزعة الإمارات لاستقرار الجزيرة، ووصف نشطاء هذه الاحتجاجات بأنها «الأكبر في تاريخ سقطرى»، وربطوها بتنامي الغضب تجاه الميليشيات المتحالفة مع الإمارات.
وعلى الرغم من أن الهدف الأصلي للتحالف السعودي الإماراتي كان من المفترض دعم هادي وتوحيد البلاد، فإن الإمارات تدعم هدف المجلس الانتقالي الجنوبي المتمثل في الحكم الذاتي للجنوب، ويلفت موقع «المونيتور» إلى أن أبوظبي ترغب في ضمان عدم احتضان اليمنيين في الجنوب للفصائل المناهضة للإمارات، ومن خلال تقليص وجودها العسكري في الجنوب من الناحية التكتيكية، تحاول الإمارات إعادة توجيه الانتباه نحو جهودها لتعزيز قضية الحكم الذاتي في جنوب اليمن.
وقال دبلوماسي يمني سابق يعيش في واشنطن، لـ «المونيتور»، إن الإمارات من المرجّح أن تدعم المفاوضات السياسية لإنشاء اتحاد بين الشمال والجنوب يمنح جنوب اليمن الحكم الذاتي.
وفي حين أن الانسحاب الجزئي لأبوظبي من جنوب اليمن يمكن أن يعيد تأهيل صورة الإمارات في المنطقة، فإن هذه المناورة محفوفة بالمخاطر، فعلى الرغم من أن الإمارات تدعم الحكم الذاتي لجنوب اليمن، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يقول إن 80% إلى 90% من اليمنيين الجنوبيين يؤيدون الاستقلال- السيادة في مقابل الحكم الذاتي العادل.
وفيما قد يبدو أن الرقم مبالغ فيه، فإنه يُعتقد على نطاق واسع أن الأغلبية تريد الاستقلال، ومن غير المرجّح أن توافق دولة الإمارات على مطالب المجلس بالاستقلال؛ لأن السعودية تدعم اليمن الموحّد، وإذا رفضت الإمارات دعم استقلال جنوب اليمن، يمكن للمجلس تنويع شراكاته الدبلوماسية بعيداً عن اعتماده الحالي على أبوظبي وإضعاف هيمنة الإمارات في عدن.
وختم موقع «المونيتور» بالقول: «يمكن تفسير خفض القوات الإماراتية جزئياً بالقلق على سمعتها الدولية مع استمرار الأزمة الإنسانية هناك والإحباطات الداخلية مع التقدم الراكد للتدخل العسكري بقيادة السعودية، لكن تزايد عدم شعبية الوجود العسكري لأبوظبي في جنوب اليمن قد شكّل أيضاً تغييراً في سياستها وانتقالها إلى التركيز على حل دبلوماسي للحرب الأهلية اليمنية».