هذه قصة الصراع الهندي الباكستاني من البداية
وطن _ في رصد لتفاصيل الصراع الهندي الباكستاني أعلنت وزارة الدفاع الباكستانية، أن سلاح الجو أسقط، اليوم الأربعاء، طائرتين هنديتين داخل المجال الجوي الباكستاني.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، الجنرال آصف غفور، في مؤتمر صحفي، إن سلاح الجو أسقط مقاتلتين هنديتين انتهكتا الأجواء الباكستانية، مؤكدا أنه تم أسر طيار هندي.
وذكرت وكالة “رويترز” في وقت سابق أن طيارين هنديين ومدنيا لقوا مصرعهم إثر تحطم مقاتلة سقطت في الشطر الهندي من إقليم كشمير، اليوم الأربعاء.
وأضافت الوكالة أن 3 مقاتلات باكستانية على الأقل اخترقت الأجواء في الشطر الهندي من إقليم كشمير، صباح اليوم، قبل أن تعترضها مقاتلات هندية وتجبرها على العودة.
وأفادت مصادر أمنية بأن السلطات الهندية أغلقت مطار سرينجار في كشمير لمدة 3 ساعات بعد حادث تحطم المقاتلة.
وذكرت وسائل إعلام في وقت سابق، أن 5 جنود هنود أصيبوا بإطلاق من الأراضي الباكستانية، وأن الجيش الهندي رد على مصدر النيران ودمر 5 نقاط حدودية للجيش الباكستاني.
خسائر فادحة
ويشهد الصراع الهندي الباكستاني توترا خاصة منذ أمس الثلاثاء بعد قصف الطيران الهندي لأهداف داخل الأراضي الباكستانية واستهدافه معسكر تنظيم “جيش محمد”، ما خلف نحو 300 قتيل في المعسكر.
هذا وتلونت بورصتا الهند وباكستان خلال تعاملات الأربعاء، باللون الأحمر بفعل تصاعد التوتر العسكري بين البلدين في إقليم كشمير المتنازع عليه.
وسجلت بورصة نيودلهي انخفاضا في مؤشريها، حيث تراجع المؤشر “سينسكس” بواقع 189.54 نقطة إلى 35784.17 نقطة، فيما انخفض المؤشر “نيفتي 50” بواقع 68.10 نقطة إلى 10767.20 نقطة، إضافة لذلك انخفضت العملة الهندية بنسبة 0.22% إلى 71.2288 روبية للدولار.
ولم تكن الأسواق الباكستانية في منأى عن الأحداث، فقد سجلت بورصة كراتشي، انخفاضا بواقع 1476 نقطة ليصل مؤشرها إلى 37345 نقطة، مسجلا أدنى مستوى منذ 11 تموز 2017.
ضبط النفس
وقد دعت كل من روسيا والصين الجارتين النوويتين إلى ضبط النفس.
وأعرب المتحدث باسم الخارجية الصينية لو كانغ في مؤتمر صحفي بالعاصمة بكين عن رغبة بلاده في أن تلتقي الهند وباكستان في منتصف الطريق، وأن تحافظا على هدوء الأعصاب، وتتخذا الإجراءات الكفيلة بتشجيع الحوار بينهما للحفاظ على السلام والاستقرار في جنوب آسيا.
كما عبر وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو عن قلق بلاده إزاء التوتر الأخير بين البلدين، داعيا جميع الأطراف إلى “ضبط النفس والتحلي بالحكمة”.
وأدانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي ما سمته “انتهاك” الهند خط المراقبة مع باكستان، وحثت كلا من نيودلهي وإسلام آباد على ضبط النفس، وتجنب أي خطوات من شأنها تعريض السلام والأمن في المنطقة للخطر.
كما دعت الطرفين إلى “التصرف بمسؤولية”، وشجعتهما على السعي إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة الحالية دون اللجوء لاستخدام القوة.
باكستان تطلب وساطة تركيا لتخفيف التوتر مع الهند
تاريخ طويل من المناشاوت..
كانت بريطانيا تعتبر الهند درة تاجها الإمبراطوري، لكنها في أعقاب الحرب العالمية الثانية قررت على عجلٍ منح الهند استقلالها بعد فترة استعمار بدأت مع أواخر القرن التاسع عشر، كما وافقت على طلبات بعض المسلمين بإنشاء دولة مستقلة للمسلمين الهنود.
كلفت بريطانيا رجلا واحدا بمهمة رسم الحدود التي قسمت الهند، البلد الذي كان عدد سكانه آنذاك يناهز 400 مليون نسمة، غالبيتهم من الهندوس، وكان المسلمون يشكلون 25 في المئة تقريبا من مجموع سكان البلاد.
كان ذلك الرجل هو المحامي البريطاني سيريل رادكليف. منح رادكليف مهلة لم تتجاوز خمسة أسابيع لتقسيم الهند، وكانت مهمته رسم خط تقسيم يمر في ولايتين كبيرتين يتساوى فيهما عدد الهندوس والمسلمين، وهما البنغال في الشرق والبنجاب في الغرب. كانت مهمة معقدة، وكان مصير عدد من الولايات الأخرى مبهما أيضا.
اعتمد رادكليف على مستشارين جهلة وخرائط عفا عليها الزمن وإحصاءات غير دقيقة، وانتهى من التقسيم بالفعل في المهلة القصيرة المحددة، وكانت المفاجأة بالنسبة للعديدين غير سارة إطلاقا.
ولكن بعد مضي يومين فقط، عندما تبينت طبيعة خط الحدود بين البلدين الوليدين، أصيب جميع الهنود والباكستانيين بالقنوط والحزن.
وحينها، اشتكى محمد علي جناح، الملقب بالقائد الأعظم والذي أصبح حاكما عاما لباكستان بأنه حصل على باكستان “أكلها العث”، إذ تكونت الدولة المسلمة الجديدة من شطرين يفصل بينهما ألفا كيلومتر من الأراضي الهندية.
صحيح أنه قبيل إعلان استقلال الدولتين، اندلعت صدامات بين الهندوس والمسلمين، لكن مستوى العنف الذي اندلع عقب التقسيم لم يكن متوقعا.
فعندما أعلن قرار التقسيم، نزح 12 مليون لاجئ على الأقل من إحدى الدولتين الى الدولة الأخرى، وقتل في العنف الطائفي نصف مليون الى مليون شخص على الأقل كما اختطف عشرات الآلاف من النسوة.
وبعد أن احتفل البلدان باستقلالهما في أيام متتالية من شهر أغسطس/آب عام 1947، بأسابيع، خاضا حربا حول السيادة على وادي كشمير في صراع ما زال بلا حل ويمثل نتائج عملية تقسيم ناقصة ومعيبة.
يرجع تاريخ الصراع الهندي الباكستاني حول كشمير إلى سنة 1947، بحيث لم يتقرر انضمامها للهند أو باكستان، والسبب في ذلك أن بريطانيا أعطت إلى الإمارات التي كانت تحكمها سابقا بالهند حرية الانضمام للهند أو باكستان وفقا لرغبة سكانها.
لكن بسبب تضارب الآراء بين شعب كشمير الذي يريد الانضمام إلى باكستان والحاكم الذي يفضل الهند، اندلعت حرب بين الهند وباكستان عام 1947.
عندها، بادرت الأمم المتحدة إلى التدخل لوقف القتال وتجريد الإمارة من السلاح وإجراء استفتاء حر محايد سنة 1947 تحت إشرافها. لكن الهند لم توافق على توصيات هيئة الأمم خاصة الاستفتاء.
واستمر الوضع على ما هو عليه دون تقدم يذكر في القضية أو التوصل إلى حل يرض الطرفين، إلى أن اندلعت حرب أخرى، عام 1965، وتدخل مجلس الأمن لوقف القتال بين الطرفين في 22 سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
وظلت المسألة معلقة، وحينها كانت باكستان تعاني توترا داخليا في الوقت ذاته، إذ كان البنغاليون يريدون الانفصال فدعمتهم الهند وقدمت لهم المساعدات، وهذا ما أدى إلى توتر العلاقات الهندية-الباكستانية من جديد.
فاندلعت الحرب الثالثة بينهما سنة 1971، وكان من أبرز ما نتج عنها ظهور دولة بنغلاديش، وتوقيع اتفاقية سيلما عام 1972، برئاسة الرئيس الباكستاني ذو الفقار علي بوتو ورئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي سنة.
وتتجلى الأهمية الاقتصادية التي تحظى بها كشمير بالنسبة لباكستان في وجود الأنهار التي تعد المورد الرئيسي الذي تستفيد منه باكستان في الفلاحة والزراعة.
كما يعتبر خط دفاع حيوي لباكستان، واحتلاله من قبل الهند سيهدد كيان باكستان، ثم إن غالبية السكان مسلمون، يبلغ عددهم نحو 85 في المئة من السكان.
بالإضافة إلى الأهمية الجيو-ستراتيجية التي يحظى الإقليم من الناحية الحربية بالنسبة لباكستان، لأن وقوعه في يد قوة معادية لباكستان بوسعه القضاء عليها في أي لحظة.
ومن زاوية الهند فهذا الإقليم له أهمية استراتيجية أمام الصين خاصة بعد أن تمكنت من السيطرة على التبت وتطور النزاع الهندي الصيني على طول الحدود في جبال الهيمالايا.
هذه الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها كشمير لعبت دورا مهما في الدفع بالأطراف المتنازعة حوله إلى خوض هذه الحروب فيما بينهم قصد انضمامه لواحد منهم، خاصة إذا علمنا أن المسيطر على هذا الإقليم سيستفيد من الثروات التي يزخر بها وكذلك ربط علاقات مع الدول المجاورة التي تطل عليها خاصة الصين وأفغانستان.
ولم تنطفئ نار الصراع الهندي الباكستاني على مدار العقود التي أعقبت الاستقلال، ظلت تخبو وتستعر، وخلال سنوات الصراع هذه، تكونت جماعة باسم “جيش محمد”، وقررت إعلان النضال المسلح من أجل ضم كشمير إلى باكستان.
هذه الجماعة المسلحة، أسسها مولانا مسعود أزهر بعد أن أطلقت الهند سراحه من السجن عام 1999. وقد كان واحدا من ثلاثة رجال أطلقت الهند سراحهم مقابل إطلاق سراح طاقم وركاب طائرة هندية اختطفت إلى أفغانستان التي كانت تحت سطيرة حركة طالبان حينئذ.
ورغم اتهام الهند لباكستان بأنها توفر الملاذ للجماعة فإن الجماعة استهدفت أهدافا تابعة للجيش الباكستاني بل وحاول اغتيال الرئيس الباكستاني السابق برفيز مشرف عام 2003.
ودأبت الهند على مطالبة باكستان بتسليم أزهر الذي يتردد وجوده في البنجاب، شرقي باكستان، ولكن باكستان ترفض ذلك مؤكدة أنه لا تتوفر أدلة ضده.
وتندد باكستان بأية مطالب تربطها بالإرهاب. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية: “نحن ندين دائما أعمال العنف في أي مكان في العالم”.
ونفذت طائرات هندية ضربات جوية استهدفت معسكرا لمتشددين داخل الأراضي الباكستانية، أمس الثلاثاء 26 فبراير/شباط 2019، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الهندي فيجاي جوكلي، وقال مصدر في الحكومة إن 300 متشدد قُتلوا في الهجوم، لكن باكستان نفت سقوط قتلى أو مصابين.
وأصابت الضربات الجوية معسكر تدريب لجماعة جيش محمد، التي أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري بسيارة ملغومة أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 40 من أفراد الشرطة العسكرية الهندية في كشمير يوم 14 فبراير/شباط.
واستفزت هذه الطائرات الجيش الباكستاني الذي تعامل معها وأسقط طائرتين منها، سقطت إحداهما في كشمير الهندية والأخرى في كشمير الباكستانية، وأغلقت باكستان مجالها الجوي “حتى إشعار آخر”.
واليوم، أعلنت الهند أنها أسقطت طائرة باكستانية في إقليم كشمير المتنازع عليه، لكنها أضافت أن باكستان أسقطت إحدى طائراتها في اشتباكات جوية، وسط مخاوف دولية من اندلاع حرب جديدة لا تحتملها المنطقة بين قوتين نوويتين كبيرتين.