الرئيسية » الهدهد » عزمي بشارة: “معجم الدوحة” للغة العربية هدية ثمينة للغاية من الدوحة إلى الأمة جمعاء

عزمي بشارة: “معجم الدوحة” للغة العربية هدية ثمينة للغاية من الدوحة إلى الأمة جمعاء

وطن- أثنى المفكر العربي ومدير المركز العربي للدراسات والمدير العام لمشروع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي تم إطلاقه قبل أيام في العاصمة القطرية الدوحة بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على فكرة المشروع ودوره في تعزيز العمل العربي المشترك، واصفا إياه بالمشروع الكبير والإنجاز الفريد على المستوى العربي والدولي.

عزمي بشارة يضع توقعاته للتصعيد بين أمريكا وإيران: هذا الأمر قد يستمر حتى الانتخابات الأمريكية القادمة

وقال “بشارة” في كلمته التي ألقاها خلال حفل تدشين المشروع، إنّ “هذا المشروع العظيم لم يكن ليرى النور لولا الرؤية والإيمان بالعمل العربي المشترك والكفاءات العربية والإدارة السليمة. فكُتب له النجاح بواسطة التعاون بين العلماء والهيئات التنفيذية والخبرات الحاسوبية، وذلك بعد أن توقفت مبادرات أخرى لوضع معجمٍ تاريخي للغة العربية في منتصف الطريق في السنوات الماضية”.

ولفت المفكر العربي إلى الإنجازات التي حققتها مشاريع سابقة، بدءا بإنشاء مجمع اللغة العربية في مصر عام 1932، ومساهمة المستشرق الألماني أوغست فيشر الذي سعى إلى تسجيل تطور اللغة العربية حتى عام 300 للهجرة، وجاءت بعده محاولات أخرى، منها عمل الشيخ عبد الله العلايلي في لبنان، ومحاولات البدء بجمع شواهدَ في المشروع التونسي للمعجم التاريخي العربي الذي نجح في جمع شواهدَ من 90 شاعرًا جاهليًّا من عام 200 إلى 609 للميلاد، ومحاولة اتحاد المجامع اللغوية والعلميّة العربية، إذ عُقدت عدّة ندوات وشُرع في اختيار المصادر الأساسية والثانوية للمدونة. وهي جهود مقدرة بالتأكيد.

وأوضح بشارة في كلمته أن هذه الجهود مع ما حققته لم تصل فعلًا إلى إصدار معجم تاريخي للّغة العربية، مؤكدا على أن اللغويين العرب آيسوا من تحقيق حلمهم، إلى أن تبنّى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الفكرة وطرحها في عام 2012 على سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي كان حينها وليًا للعهد، فتحمس لها وساندها منذ بداية العمل.

وأضاف بشارة قائلًا: “لسنا أصحاب الفكرة إذًا، ولكنّنا نحن الذين امتلكنا الجرأة على بناء هذا المركب والإبحار به في بحر تاريخ اللغة العربية، وأثبتنا بالمنهج العلمي والمهارات الإدارية والعمل الجماعي الممأسس، في المجلس العلمي والهيئة التنفيذية وفرق المعالجة المعجمية، أنها ممكنة التنفيذ”.

واستطرد بالقول: “عَلِمنا أنّ المسلكَ وعرٌ، والمهمةَ معقدة دونها مشقاتٌ أدركنا بعضَها وجهلنا غيرَها في تلك المرحلة. ولكن الرؤيةَ والعزيمةَ توافرتَا، وتوافرت الرعايةُ الكريمة والمتفهمة التي منحتها للمشروع قيادةٌ قطرية صاحبة رؤية. وتوافرت الثقة بالقدرات والكفاءات العربية والعمل الجماعي الممأسس، وتسخير التقنيات الحاسوبية على نحوٍ غير مسبوق، وتطوير ما لم يتوافر منها في خدمة العربية”.

وشدد “بشارة” على أن ما حققه مشروع معجم الدوحة التاريخي للّغة العربية في خمس سنوات منذ بدْء العمل فيه، استغرق خلالها وضع الأسس والمنهج وإعداد القاعدة الحاسوبية الرقمية عامين كاملين، يعد إنجازًا كبيرًا وفريدًا على المستوى العربي وحتى الدولي؛ ففي ثلاث سنواتٍ تمّ إنجاز مئة ألف مدخل معجمي تغطي سبعمئة سنة إلى غاية عام 200 للهجرة، على الرغم من خصوصية الصعوبات التي تميز العربية. علمًا أنّ الصعوبات في حالة اللغة العربيّة تفوق أيّ لغة أخرى أُرّخ لها معجميًا.

وأشار في هذا الخصوص إلى عدد من تجارب المعاجم التاريخية في لغات أخرى؛ فقد استغرق الألمان قرنًا وعقدين للانتهاء من 400 عام فقط من تاريخ لغتهم، واستغرق العمل على المعجم التاريخي للّغة الإنكليزية 70 عامًا لينتج أول إصدار منه، وهي المدة نفسها التي قضاها علماء اللغة الفرنسيون في الانتهاء من تأريخ المفردات التي تندرج تحت حرف “A” وحده.

وأوضح بشارة أن المعاجم التاريخية ترتبط في جميع اللغات بالنهضة والتنوير، لأنّ اللغة صنوٌ لنهضةِ أيِّ أمّة، ويكمن الفرق بين النزعة التاريخية النهضوية التنويرية والنزعة التاريخية الرومانسية في أنّ الأولى لا تعود إلى الماضي نكوصًا لتكريس صورةٍ عن عصرٍ ذهبي لا يتلوه إلّا الانحطاط، ولا من أجل بلورة ما تعتبره شخصيةَ الأمةِ وروحَها، بل لكتابة تاريخِ الأمة، ومسارِ تطور معارفها، وفهمِ أحداث الماضي في سياقها بأدواتٍ عقلانية؛ وذلك من أجل الانطلاق نحو المستقبل.

واختتم عزمي بشارة كلمته قائلًا: “لقد قررنا في المركز العربي للأبحاث أن نسميَه ’معجم الدوحة التاريخي للّغة العربية‘، لأنّ مشروعنا هو أيضًا هدية ثمينة للغاية من الدوحة إلى الأمّة جمعاء. وكما كانت مدنٌ إيطالية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ومدنٌ حرة في وسط أوروبا وشمالها، مهدَ النهضة في تلك الأصقاع، تثبت قطر أنّ بلدًا غنيًا برؤية قيادته وحرية إرادتها ووعي شعبه وموارده بإمكانه أن يكون مرتَكزًا من مرتكزات نهضةٍ عربية قادمة”.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “عزمي بشارة: “معجم الدوحة” للغة العربية هدية ثمينة للغاية من الدوحة إلى الأمة جمعاء”

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.