“نكسة” اقتصادية تعصف بإمارة الذهب.. فقدان قياسي للوظائف بدبي وتراجع كارثي للبورصة

تتعرض إمارة دبي المشهورة بغناها الفاحش نظرا لكونها مقر للهاربين والفاسدين ومركز لغسيل الأموال القذرة، لـ “نكسة اقتصادية” غير مسبوقة تأخذ الإماراة نحو الانهيار التام في ظل الكساد الاقتصادي بالإمارات الراجع لعدة أسباب.

 

ووفقا لما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فقد أدى الركود الاقتصادي، وخاصة العقاري والمالي، العاصف بمدينة دبي الإماراتية إلى خسارتها العديد من المزايا.

 

ولفتت إلى أن أحدث حالة على هذا الصعيد من أن الإمارة بدأت تخسر ميزة تفاضلية مهمة متمثلة بالوظائف، بوتيرة هي الأخطر منذ 10 سنوات، لا سيما على مستوى المناصب مرتفعة الأجور.

 

وبحسب الصحيفة، يعزو اقتصاديون “نكسة دبي” إلى مجموعة من العوامل، أبرزها المنافسة المتزايدة التي تواجهها المدينة من العاصمة السعودية، الرياض، التي تتيح تدريجاً المزيد من الحرية على النمط الغربي، ومن عاصمة دولة قطر، الدوحة، التي أطلقت مبادرات جديدة لجذب المستثمرين الأجانب منذ فرض الحصار الجائر عليها.

 

كما أدت العقوبات الأميركية ضد إيران والتوترات المتصاعدة بين السعودية وجيرانها، إلى فرض قيود على شركاء دبي التجاريين الرئيسيين، بحسب الصحيفة عينها.

 

ومع أن الإمارات استحدثت العام الماضي أكثر من 63 ألف وظيفة في قطاع التشييد والبناء، إلا أن الصحيفة تؤكد أنها فقدت أكثر من 20 ألف وظيفة من فئة “الياقات البيضاء” (في إشارة إلى المهن المكتبية) في قطاعات مثل الخدمات والاتصالات، وكان معظمها في دبي، وفقاً لبيانات البنك المركزي الإماراتي.

 

ويُنذر هذا التطور الأخطر منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، بخطر يتهدّد المدينة التي لطالما وُصفت بكونها الأكثر ملاءمة لأعمال المصرفيين والمحامين ورجال الأعمال، في وقت يعكس الركود الضغوط على ركائز اقتصاد دبي، خصوصاً العقارات والخدمات المالية والسياحة والموانئ.

 

وممن خسروا وظائفهم في دبي خلال الـ12 شهراً الماضية، أفواجٌ من المسرّحين من شركة طيران الإمارات، ومجموعة “أبراج” المتعثرة، ومصرف “دويتشه بنك إي جي”، شركة التلفزيون المدفوعة الخدمات “أو.إس.إن”، وشركة العلاقات العامة “إيدلمان”، إضافةً إلى عدد من المصارف المحلية، وفقاً للصحيفة.

 

ويحذر بعض المحللين الذين استطلعت الصحيفة الأميركية آراءهم، من اتجاه دبي إلى أزمة جديدة على غرار الركود الذي أصابها عام 2009، عندما لجأت إلى أبوظبي لإنقاذها من الإفلاس والانهيار في صفقة بلغت قيمتها 20 مليار دولار.

 

وتنقل الصحيفة عن جان بول بيغا، رئيس دائرة الأبحاث لدى شركة “لايت هاوس ريسيرتش”، ومقرها الإمارات، وصفه ما يحدث في دبي على هذا الصعيد بكونه “كساد الياقات البيضاء”، مشيراً إلى أن البيئة الاقتصادية في الإمارة قد أصبحت أكثر ضعفاً في الوقت الحاضر.

 

ومؤخرا أفادت وكالة “بلومبرغ” بأن الضغوط التي تتعرض لها السعودية بسبب أزمة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، لا تشكل عاملا مساعدا لبورصة دبي التي تتجه نحو تسجيل أسوأ مستوى لها منذ 2008.

 

وفي إشارة إلى الفترة العصيبة التي تمر بها سوق الأسهم في دبي، ذكرت “بلومبرغ” أن محفزات البقاء في سوق دبي بدأت تنفد من التجار، حيث أن البورصة تتجه نحو تسجل أسوأ أداء سنوي منذ الأزمة المالية في 2008.

 

وربطت الوكالة تراجع بورصة دبي جزئيا بالتوترات التي تحوم حول السعودية على خلفية اختفاء خاشقجي.

 

ويرجح الخبراء أن تكون الحكومة السعودية قد تدخلت لدعم سوق الأسهم السعودية عبر ضخ الأموال، في حين لم تظهر بورصة دبي أي تعاف يذكر، وانخفض مؤشرها بنسبة 1% خلال الأسبوع الجاري.

 

وقال أمي كيمباينن، المدير في شركة “تيرا نوفا كابيتال أدفيسيورز” المحدودة بدبي، والذي يدير صندوقا بقيمة 125 مليون دولار، إن الأحداث الأخيرة التي تنطوي على اختفاء خاشقجي، وردة فعل الولايات المتحدة القوية، أظهرت أن سوق دبي تتعامل مع وضع خاص.

 

فمع تأثرها بشكل غير مباشر بأزمة الأسواق الناشئة، شكلت المسائل الجيوسياسية عاملا جديدا، أي أن دبي أصبحت عرضة لـ”ضربة مزدوجة”.

 

وفي مؤشر جديد على تصاعد المخاطر التي تهدد سوق العقارات في دبي، ذكرت شركة تشسترتونز للاستشارات العقارية أن أسعار العقارات في الإمارة تراجعت بوتيرة متسارعة في الربع الثالث من العام الجاري، وأن المبيعات على المخطط كانت الأكثر تضرراً وسط ضبابية في السوق بصفة عامة.

 

وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني قد خفضت في سبتمبر الماضي، تصنيف اثنتين من الشركات المملوكة لحكومة دبي، وقالت إن ضعف اقتصاد الإمارة يضر بقدرة الحكومة على تقديم دعم عاجل للشركات عند الحاجة.

 

وسبق أن توقعت ستاندرد آند بورز، في تقرير أصدرته في فبراير، تراجع أسعار العقارات في الإمارة بين 10% و15% خلال العامين المقبلين.

 

كما ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية، في تقرير في سبتمبر الماضي، أن أسهم الشركات العقارية الكبرى في دبي تهاوت منذ مطلع 2018.

 

وهبط سهما “إعمار” و”داماك” بأكثر من 30% هذا العام، مع تراجع أسعار العقارات وتراجع الطلب في دبي، ما دفع الحكومة إلى إعلان سلسلة إجراءات لتحفيز القطاع.

 

وقد أوردت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، في ذلك الشهر، تفاصيل قانون جديد يمنح تأشيرة طويلة الأمد للوافدين بعد إحالتهم إلى التقاعد، شريطة أن “يمتلك المتقاعد استثماراً في عقار بقيمة مليوني درهم (540 ألف دولار)، أو ألا تقل مدخراته المالية عن مليون درهم (270 ألف دولار)، أو إثبات دخل لا يقل عن 20 ألف درهم شهرياً، على أن يتم تطبيقه بداية عام 2019”.

 

وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي في دبي إلى 37 ألف دولار في 2018 من ذروة 45 ألف دولار في 2013، الأمر الذي اعتبره محللون مؤشراً على أساسيات الاقتصاد الكلي الضعيفة، حيث إن مستوى دخل البلد يعطي مؤشراً على الضريبة المحتملة وقاعدة التمويل للحكومة.

 

وتواجه دبي مجموعة من التحديات المالية، وسط التغيرات الجيوسياسية، ومنها حملة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي شنّها العام الماضي، ولا يزال، على الأثرياء والأمراء، والتي أدت إلى تجميد ومراقبة حسابات الأثرياء السعوديين في دبي، ما حرم الإمارة من تدفق الثروات السعودية.

 

وتُضاف إلى ذلك تداعيات الحصار الجائر الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على دولة قطر، إذ اضطر القطريون إلى سحب استثماراتهم من الإمارات، كما اضطرت بعض الشركات الأجنبية والمصارف التي لديها معاملات مع الدوحة إلى مغادرة دبي بعد تعرضها لمضايقات من السلطات في الإمارات، فأصبحت دبي التي تعتمد على الاستثمارات الأجنبية، الضحية الأولى لسياسات دول الحصار.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث