من ظلمة هذا القبر أحدثكم …
يا أولاد القحبة يكفي …
و أرصفة تسلخ …
أقدام الأطفال الحافية …
في عتم الليل …
تتسول لقمة خبز …
في أرض تكتنز …
رفات الأجداد
و الذهب الحيّ …
و الخيرات ….
من ظلمة هذا القبر أناديكم …
يا أولاد القحبة يكفي …
أتعبنا الموت …
و ما تعبت …
أمعاء الهاتف في الساحات …
يعلف كالبغل …
و يقتات على أحلام الشعب …
التائه في الطرقات …
ينفخه ليلا و نهارا بشعارات ….
من ظلمة هذا القبر أصيح …
يا أولاد القحبة يكفي …
أبعث مكتوبا للجيل القادم …
لا تأتي …
لا نحتاج بعد الموت …
إلى لعنات ….
يا وطني المسروق من الحارات …
من قُبل الشوق على شفة أضناها العشق …
فنامت تحلم بالقبلات …
من رائحة المطر حين يغني …
و يرسم صورا فوق الصخر …
و يكتب للفرح حكايات …
من كتب المدرسة المرمية في الأدراج …
تنتظر الشمس …
فلا تأتي إلا الظلمات ….
من كل زواريب بلادي …
أصرخ يا وطني …
يا وطن الحزن …
و وطن الدمع …
و وطن القهر و الآهات …
يصلبك التاجر …
كمسيح …
في كل مكان …
في صدر الجامع …
حيث ولي الأمر يشاء …
يتبول في عقل السامع …
كيف يشاء …
في نشرة أخبار يجلدك الوجع …
و نزيف للدمّ الطاهر ..
كل مساء …
في علبة سردين فاسدة …
يأكلها شحاذ يبحث عن لوح صفيح يأويه …
و رداء …
الكل يتاجر يا وطني …
بالانسان ..
و بالأحزان …
بدم الزهر …
و عبق العطر ..
بالتاريخ …
بالرب المعبود يتاجر …
بالكلمات و بالأفكار …
من داخل أسوار مدينتنا …
و من خارجها …
الكل يتاجر …
مسكين أنت يا وطني …
ضريبة جهل تدفعها …
رغما عنك …
و وحدك خاسر …
مقتول قلبي بالحب …
فمن يسعفه …
على الأرصفة أفتش عنك …
و أتبع همسك حيث تغيب …
مقتول قلبي يا وطني …
و هذا بشرع الحب معيب …
تشتاق الروح إلى سكن …
و لشربة ماء ترويها من عطش السفر ..
و نار الوهم …
مقتول قلبي يا وطني …
و مثلك يصرخ …
يكفي …
يكفي …
يكفي …
يا أولاد القحبة يكفي …
هذا وطن …
هذا نبي …
هذا الله الساكن في أضلعنا …
و هذا النور …
و ليس مقاصل للأعناق …
و ليس قبور …..
محمد مهند ضبعان