الرئيسية » الهدهد » ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا.. متى تُكشف الحقيقة لإنهاء عذاب مئات العائلات؟

ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا.. متى تُكشف الحقيقة لإنهاء عذاب مئات العائلات؟

(وطنتونس- خاص) آلاف التونسيين يقطعون البحار بالطول والعرض سنويا للوصول إلى الأراضي الإيطالية، لتحقيق “حلمهم” بالعيش في “رفاهيّة” الغرب والهروب من “جحيم” بلادهم التي “أذلّتهم” وأذاقتهم “المرّ” بسبب انتهاك حقوقهم، وفق تعبيرهم.

لكن من بين هؤلاء القاصدين إيطاليا، غرق المئات في عمق مياهها قبل وصولهم إلى “سيسيليا” أو “لمبدوزا”، بينما فُقِد أثر عشرات التونسيين الآخرين قبل وبعد وصولهم إلى الأراضي الإيطالية، لتبدأ رحلة معاناة عائلاتهم التي تطالب اليوم بالكشف عن مصير أبنائهم والحصول على الخبر اليقين من السلطات التونسية الرسمية.

شباب في مقتبل العمر، دفعهم الفقر والخصاصة والبطالة وبطش المنظومة الأمنية بهم، إلى مغادرة بلادهم ممتطين قوارب الموت غير عابئين بمخاطر الطريق وهول ما ينتظرهم، وكلّهم أمل في تحسين عيشهم في بلد تتاجر فيه المافيا بمآسي “الحرّاقة” من مختلف الجنسيات.

504 تونسي مفقود

في 22 من شهر يوليو الماضي، قال كاتب الدولة السابق لدى وزير الشؤون الخارجية المكلّف بالهجرة رضوان عيارة، خلال جلسة عامة عقدها البرلمان التونسي، إن عدد التونسيين المفقودين في سواحل إيطاليا، خلال رحلات هجرة غير شرعية، بلغ 504، منذ 2011.

ووصف عيارة النتائج المسجلة في ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا بالمحتشمة، معللا ذلك بارتباط جميع معطيات الملف بالجانب الإيطالي، كما أرجع تأخّر إيجاد حلول نهائية لملفات التونسيين المفقودين، إلى انشغال وزارة الخارجية بإعادة الاعتبار لمكانة الجالية التونسية في بلدان الإقامة، بعد تورّط تونسيين في تنفيذ عمليات إرهابية بالخارج.

في مناسبات عديدة، أكدت عائلات المفقودين، أنهم شاهدوا أبناءهم في تقارير إخبارية إيطالية يفترشون الأرض بالقرب من البحر ويحيط بهم أعوان الأمن، ولكن منذ ذلك الوقت لم يُعرف مصيرهم ولا يُعلم أين تم نقلهم، حتّى أن البعض تخوّف من أن يكون أبناءهم قد وقعوا في فخّ عصابات المافيا الإيطالية.

تقول بعض عائلات المفقودين التونسيين إن أبناءهم لا يزالون على قيد الحياة وأنهم معتقلون، كما اتهموا سلطات بلادهم بالتخلي عن أبنائهم بسبب سياستها غير العادلة التي دفعتهم لركوب الخطر، إضافة إلى اتهامها بعدم الاكتراث بملف أبنائهم والمماطلة في كشف تفاصيل هذا الملف الذي عجزت كل الحكومات المتعاقبة عن حلّه وتقديم إجابات كافية لمئات العائلات الملتاعة من فقدان فلذات أكبادها.

السلطات تماطل العائلات

اتهام عائلات المفقودين للسلطات التونسية بالمماطلة في كشف الحقيقة، أكده المعهد الوطني لصحة المهاجرين في إيطاليا، الذي وجّه مراسلة إلى تونس بتاريخ 10 من يونيو 2013، اعتبر فيها أن طريقة تعامل الدولة التونسية مع ملف المفقودين “غير جدية”، حيث لم ترسل تونس إلى إيطاليا حينها، سوى 80 تحليلاً جينيًا فقط من بينها 40 يتعلق بمفقودين بين سنة 2004 و2007.

وفي يونيو 2015، أحدثت الحكومة التونسية لجنة وطنية مكلفة بمتابعة ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا من جراء الهجرة السرية، وتتكون هذه اللجنة من ممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية وهو رئيس اللجنة وممثلين من وزارة العدل والدفاع الوطني والداخلية والشؤون الخارجية ومختص في القانون الدولي ومختص في الطب الشرعي وممثل عن المجتمع المدني وممثل عن عائلات المفقودين.

ورغم مرور أكثر من عام على تشكيلها، لم تُصدر هذه اللجنة الحكومية حتى الآن تقريرا متكاملا عن تطوّرات الملف، رغم قيامها بجمع تحاليل وبصمات عائلات المفقودين وإرسالها إلى السجون ومراكز الإيقاف الإيطالية بعد أن تولت إيطاليا إنشاء بنك للتحاليل الجينية والبصمات للكشف عن هويات المساجين والموقوفين لديها.

تونس بوابة العبور إلى أوروبا

وفي ديسمبر الماضي، قال رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي خلال ندوة صحفية انعقدت بالعاصمة، إن حوالي 35 ألف مهاجر بطريقة غير شرعية عبروا البحر المتوسط انطلاقا من الشواطئ التونسية في اتجاه أوروبا وذلك منذ اندلاع الثورة، مشيرا إلى أن الحكومة تؤكد أن عدد المهاجرين التونسيين غير النظاميين يبلغ 20 ألف شخص فقط.

وكشفت دراسة أجراها المنتدى ومنظمة روزا لكسمبورغ بعنوان “الشباب والهجرة غير النظامية”، أنّ 30.9 في المائة من الشباب التونسي عبروا عن استعدادهم للانخراط في الهجرة غير الشرعية، في حين ذكر 45.2 بالمائة من المستجوبين أنهم بصدد التفكير حاليا في الهجرة نحو أوروبا.

وأرجعت الدراسة أسباب ارتفاع نسبة المفكرين في الهجرة غير النظامية بعد الثورة، إلى تردي الأوضاع المعيشية والتهديدات الإرهابية إضافة إلى الإعتصامات والإضرابات المتواصلة خاصة في الجهات وعدم قدرة السلطة على معالجة الأوضاع بالشكل الذي يحد منها، مما أدى إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في تونس وتسجيل تراجع كبير للقطاع السياحي، إضافة إلى وجود إشكالات في تسويق المنتجات الفلاحية.

يذكر أن هناك دعوات صادرة عن متطرّفين إيطاليين لإغراق مراكب الهجرة غير النظامية في البحر براكبيها، بدل إنقاذ المهاجرين واستقبالهم في إيطاليا.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.