الرئيسية » تقارير » مهند بتار يكتب : شيرين والبلهارسيا والحميـة الوطنية !

مهند بتار يكتب : شيرين والبلهارسيا والحميـة الوطنية !

كمسبب لداءٍ مستوطن في مصر ، فإن طفيلي (البلهارسيا) كان للطبيب الألماني تيودور بلهارس سبق إكتشافه عندما كان يزاول مهنته في مستشفيات القاهرة القريبة من نهر النيل (1851) ، أما كدافع (لحروب الكرامة الوطنية) فقد إكتشفته المطربة شيرين عبد الوهاب بعد أشهر من حفل لها أقيم في الشارقة ، حدث ذلك حين طلبت منها آنذاك إحدى معجباتها أن تؤدي للجمهور أغنيتها المعنونة (مشربتش من نيلها) ، فما كان من شيرين إلا حذرتها من مياه النيل بقصد التنكيت ، قائلة لها : (هيجيلك بلهارسيا) !.

 

نكتة شيرين القديمة الجديدة هذه ، فتحت عليها هذه الأيام حرباً وطنية شعواء من عدة جبهات مصرية ، حيث انبرت (هلـُـمّـة) متنوعة من وزارات ومؤسسات وفضائيات ونقابات وشخصيات لتدافع عن كرامة نهر النيل من (الإنتقاص الشيريني) المعيب ، ولم يبق لكي يكتمل المشهد التراجيكوميدي هذا إلا أن يخرج الرئيس عبد الفتاح السيسي بخطاب إلى الشعب المصري ليطلب منه (تفويضاً) بإعلان الحرب المقدسة على (الإرهاب الشيريني) بحق نقاوة النيل المصون من الملوثات ، وذوداً عن براءته من تهمة البلهارسيا الملفقة !.

بعد إيقافها عن الغناء.. صابر الرباعي يدافع عن شيرين: “لا تظلموها فهي انسانة عفوية”

 

ورغم اعتذارات شيرين المتكررة للنيل والنيليين عن جريمتها (المنيلة بستين نيلة) إلا أن ذلك لم يشفع لها عند القوم المعنيين ، واستمر هؤلاء بالهجوم المنسق عليها بلا هوادة ، مستخدمين ضدها كل وسائل التنكيل المعنوي في ظاهرة فريدة تستحق التأمل حين مقارنتها (مصرياً) بأصداء الحملة الأثيوبية المتواصلة على نهر النيل ، فبينما تُسحق المطربة شيرين تحت سنابك خيل المتحمسين المدافعين عن نقاوة وطهارة النيل ، لا يجد هذا الأخير من يدفع عنه غائلة السد الأثيوبي القاتل بنفس الحماسة ، وبينما استنفر (إجتراء شيرين) على طهارة نهر النيل جيشاً عرمرماً من الذائدين عن كرامته ، لم ينتخ له نفس هذا الجيش ليفك عنه حصار السد الإثيوبي الكارثي ، وهذه بحق مفارقة مصرية عجيبة تستدعي التوقف عندها لفرز (الغث عن السمين) من المواقف الوطنية ، فللسنة الرابعة على التوالي يتعاظم التضييق الأثيوبي على شريان حياة المصريين وما من رادع للأثيوبيين سوى ما لا يردع ولا يُقنع ولا ينفع من جولات المفاوضات العبثية على المستويين ، السياسي والفني ، فيما على المستوى الوطني المصري الأشمل لا يجد النيل (تعبئة) جماهيرية مساندة له في محنته الكبرى كتلك التعبئة التي رافقت وترافق (يا للمفارقة) الحملة الوطنية الشرسة على المطربة شيرين لا لشيء إلا لأنها داعبت جمهورها بطرفة (ثقيلة) تستمد واقعيتها من صفحات (الموروث الشعبي المصري) المتعلقة بشيوع داء البلهارسيا في حواضنه الريفية القريبة من نهر النيل على مر قرون ، وقديما قال المتنبي في وصف حال مصر اليوم : وكم ذا بمصر من المضحكاتِ … ولكنه ضحكٌ كالبـُـكا

مهند بتار

“حرمت اتكلم في السياسة”.. “شاهد” شيرين ترفض غناء “ما اشربتش من نيلها”

قد يعجبك أيضاً

رأيان حول “مهند بتار يكتب : شيرين والبلهارسيا والحميـة الوطنية !”

  1. البغال العسكرية المصرية أخطر من البلهارسيا..بل البلهارسيا أكثر رحمة وعافية من البغال العسكرية وكلابهم النباحة اعلاميي البلهارسيا الهمجيون الرعاع..والله ليعجز اللسان عن ايجاد مفردات وكلمات لوصف هؤلاء البغال العسكرية وكلابهم النباحين مايسمى(الاعلامييـــن)لقطاء الزمن البئيس هذا

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.