الرئيسية » تحرر الكلام » التركيبة العجيبة للعراق!

التركيبة العجيبة للعراق!

اخطأت الدول الغربية الاستعمارية عندما دمجت المكونات العراقية المتناقضة في بوتقة واحدة وفي اطار دولة واحدة ومن دون وضع اي اعتبار لارادتها الحرة في قبول او رفض هذا الاندماج القسري والادهى انها جعلت من تناقضاتها الصارخة المختلفة وصراعاتها التاريخية المستمرة محركا اساسيا للدولة ، وبرنامجها السياسي الدائم ، وربما تكون قد تعمدت ذلك لكي تستمر في مشاكلها وتنشغل بنفسها في فوضى عارمة وتناحر دائم لكي تحقق مصالحها في المنطقة بشكل عام وليس في العراق فحسب ، وفق قاعدتها المشهورة (فرق تسد) ، وكانت في منتهى الاستهتار بالقيم الانسانية وحقوقها الطبيعية  ..واخطأ نظام البعث العربي العراقي عندما حاول بكل الوسائل القمعية  حشر تلك المكونات في دولة واحدة واخضاعها لارادته الشوفينية وتعامل معها بمنتهى اللاانسانية ، ففي عملية الانفال السيئة الصيت وصل الى ذروة وحشيته عندما قام بدفن 182 الف كردي وهم احياء وكذلك قصف مدينة”حلبجة”بالاسلحة الكيمياوية وهدم اربعة الاف قرية على رؤوس اصحابها فقط لكي تجبرهم على الولاء للدولة او الوطن بمفهومه القومي الشوفيني المدمر ، الذي يريدون فرضه على الاخرين ، بحجة تعزيز هيبة الدولة والحفاظ على سلامة الوحدة الوطنية ، وهذا مستحيل ، فلايمكن فرض الوطنية بمفهومها العنصري العربي على الاكراد مثلا الذين يختلف تكوينهم الحضاري والفكري واللغوي والجغرافي عن التكوين الحضاري للعرب ، ماذا تعني الشعارات التي يدعو اليها العروبيون حول الوحدة العربية  والامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة للاكراد الذين لا يعرف القسم الاكبر منهم اللغة العربية ، وما علاقتهم بهذه الدعوات الغريبة التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل ؟ ولاتمت الى مجتمعاتهم بصلة ، وقد تكون طروحات العروبيين القومية مفهومة وواضحة لدى العرب ، ولكنها ليست كذلك بالنسبة للشعب الكردي ،  فكيف يرفع العروبيون شعار الحرية والاستقلال والوحدة لاراضيهم المجزأة وامتهم المقسمة ، ويعتبرونه عملا قوميا بطوليا ونضالا سياسيا مشروعا ، بينما يحرمون على الاكراد رفع نفس الشعارات ويلاحقونهم و يعاقبونهم عليها ويوصمونهم بالمتمردين والانفصاليين ..وازاء رفض الاكراد المستمر لطروحات الانظمة الحاكمة الوطنية الزائفة غير المفهومة وغير المقبولة في العراق ،  وممارسة هذه الانظمة للقوة المفرطة في فرض هذه الطروحات ، بدل لجوئها الى الحوار معهم ونشر الوعي الوطني الحقيقي بينهم ، دفعوا اثمانا باهظة وعرضوا وجودهم للخطر ..

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.