الرئيسية » تحرر الكلام » الجنسية وأزمة المصريين في تركيا..!

الجنسية وأزمة المصريين في تركيا..!

أعتقد أن القيادات الإخوانية الثلاث التي نالت الجنسية التركية مؤخرًا مطالبة بالاعتذار إلى الصف الثوري المصري بالكامل؛ وأكثر من ذلك فإن عليها تقديم مذكرة توضيحية؛ بالصورة التي تراها شافية ووافية حول الأسباب التي دفعتهم إلى قبول الجنسية برفقة أسرهم كاملة، بخاصة أن الأمر رافقه تكتم شديد مثير للأسئلة على الأقل إن لم يكن أكثر.

    وما حدث هو أن أكثر من جريدة مصرية خاصة موالية للانقلاب نشرت منذ أيام خبرًا مفاده أن ثلاثة من القيادات المحسوبة على الجناح الثوري الإخواني، أو ما يُعرف بجبهة “منتصر”، وقد ظهرت بعد الانقسام الأشهر في مارس/أذار 2016م نتيجة لاستئثار رابطة الإخوان التابعة لمكتب لندن بمقدرات الأمور في تركيا، وعصفها بمقررات مجلس الشورى المُنتخب، بعد اكثر من سنة عانى أعضاؤه مرارة عدم القدرة على إفهام السادة في الرابطة، سواء فرع تركيا أو الأصل في لندن أن هناك شورى تلزمهم بالعودة إليهم قبل اتخاذ القرارات، ولما ضاق أعضاء مجلس شورى تركيا بالأمر دعوا لاجتماع الجمعية العمومية لبيان الحقائق للصف، فما كان من الرابطة إلا أن أعلنت في نفس التوقيت عن انتخابات مجلس شورى جديد!

  ومن رحم الاستبداد الإخواني؛ هذه المرة، وُلدتْ جبهة إخوانية جديدة في تركيا انحاز إليها أغلب المسئولين في حكومة الدكتور “هشام قنديل”، رئيس الوزراء في حكم الدكتور “محمد مرسي”، فك الله أسره، وبقيت مشكلة التمويل تؤرق وجدان الجبهة بالإضافة إلى عشرات الاعتراضات، على  الأقل، على الجبهة التقليدية أو التاريخية “جبهة عزت” بخاصة ما يتعلق بجعل المشهد الثوري فاترًا بعد تظاهرات 25 من يناير/كانون الثاني 2015م، بحسب ما رأته الجبهة الجديدة.

   لكن الأمر انقلب مؤخرًا رأسًا على عقب فوزير وأكاديمي، من أبرز الوزراء المشاركين في حكومة الدكتور “قنديل”، ومحافظ لمحافظة في دلتا مصر، وعضو مجلس للشعب قرروا سرًا؛ وعلى حين غفلة من الصف الجديد المُفترض أنه يُناهض القرارات المنفردة للمجموعة التاريخية من إخوان تركيا، قرر الثلاثة قبول الجنسية التركية مع زوجاتهم وأبنائهم تاركين آلاف الشباب الذين يتضورون معاناة في تركيا، بعد مطاردة النظام الانقلابي المصري لهم، وحرصه على تلفيق القضايا التي اضطرتهم للخروج من بلادهم قبل إتمام تعليمهم، وفي المصريين في تركيا مَنْ يعانون من شظف الحياة كأسر بلا مصدر للرزق، سواء أستشهد العائل أم لا يجد عملًا، وفي الهاربين شرفاء ليسوا من الإخوان يعانون أكثر، ومن المصريين في تركيا، بخاصة إسطنبول مَنْ يتعفف عن أن يسأل الناس إلحافًا، والجميع فوجئ بأمر الجنسية، بخاصة بعدما قيل إنها ستمنح مستقبلًا لمائة من الصف الثوري الجديد، القائم على مبدأ الشفافية  والعودة إلى الشورى المبدأ الإسلامي الشديد الوضوح ومن أولولياته عدم طلب المنفعة الشخصية والارتقاء فوقها.

   وفي الثلاثة قيادات أصدقاء، والأمر يتجاوز النقد الشخصي، كما هو معلوم بالضرورة ولا يحتاج إلى توضيح أو تفسير، لكن الأسئلة البالغة المرارة واجبة الطرح لأن الأمر أكثر من عام ويخص أرواح ومصائر لآلاف المصريين، ومنهم نسبة غير قليلة انتهت فترة جوازات سفرهم ولا يدرون إلى أين يذهبون، ومن الأسئلة المريرة: أين الأمانة التي تخص المسيرة الثورية التي خرج الآلاف من أجلها من مصر .. إذا كنتم تنالون الجنسية التركية تاركين الصف في المتاهة ناجين بأنفسكم وأسركم؟

    ثم ألم يكن من الأفضل أن تدرسوا مع القيادة التركية، مع التقدير للأخيرة، سُبل وطرق إيجاد مخرج للشباب؟ وبعضهم هارب من عقوبة الإعدام المُلفقة نتيجة موقفه الثوري، ألم يكن أجدى أن تبحثوا سبل السلامة لهؤلاء مع السلطات التركية حتى أعلى مستوى، ضاربين المثل في الإيثار والتعالي على منافع الحياة الدنيا الخاصة لكم ولأبنائكم؟

   ثم أين هي الأمانة التي وسدتموها كقيادات إذا كنتم تبحثون عن المخرج لأنفسكم فحسب دون أن تكلفوا أنفسكم مجرد عناء توضيح الحقائق الخاصة بنيلكم الجنسية للصف الذي انتميتم إليه ومثلتموه أيام الدكتور “مرسي”؟ .. ثم كشفت الأيام، من خلالكم، عن موقف بالغ الغرابة يشكك في قدرات الآخرين من حولكم على الاستيعاب ويشكك في إمكانية وجود دفاع شفاف لكم عن أنفسكم!

   ومن الصف الثوري الإخواني الجديد من ينتظر الجنسية، هو الآخر، ضاربًا عرض الحائط بمعاناة المصريين الثوار في تركيا فضلًا عن مصر؛ وفي الحاصلين على الجنسية مؤخرًا مَنْ خرج منذ ساعات ليقول في حوار: إن المعارضة المصرية فشلت والثوار ينتظرون معارضة أخرى .. وكأن الرجل لم يكن جزءً من المنظومة.. تراكمت لديه الخبرات.. بتولي المسئولية كرجل دولة في عهد الدكتور “مرسي” تارة .. وكقيادي إخواني في جبهة ثورية موحدة حتى مارس 2016م، ثم بالجبهة الجديدة بعدها .. ثم مكتفٍ بالجنسية التركية مؤخرًا .. !

   رحمنا الله من تقلبات المشهد الثوري ..وازاح عنا كربة وغمة لا تنجلي إلا بفضله، تعالى، كشفت عن معدن كثيرين .. وما يزال الحبل على الجرار، برأي إخواننا السوريين .. وله تعالى الأمر من قبل ومن بعد..!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.