الرئيسية » تحرر الكلام » عن مصر التي لم تصبح كسوريا

عن مصر التي لم تصبح كسوريا

كي لا نصبح مثل سوريا، من اجل ان لانكون كسوريا، كأن سوريا، عار في قبيلة عربية، يخشون ان يطال اعراضهم، او طاعون انتشر في أحد احياء مدنهم الفاضلة يخشون ان يصيب اجسادهم المثقلة بالعبودية، وليس واقع الحال يصدح بان الشام تقود ثورة كرامة وحرية، ضد المستبدين والطغاة.

مصر من سوء حظها كانت ولاتزال اكثر تلك البلدان استهلاكاً لمبررات العبودية من هذا النوع، فهكذا عبارات لايتوقف مؤيدي السيسي عن تلاوتها صباحا مساء، تروج بان الواقع المصري ينعم بحالة من الرخاء والرفاهية، كأنه جنة سماوية.

وليس حقيقة واقع المصري قطعة من الجحيم، حيث لايختلف عن الوجع والدمار في سوريا سوى بالأرقام، ففي مصر الظلم ظلمات، لايقل عن ظلام بشار في الشام، سوى أنه يمارس من طرف واحد والضحية واحدة، لم يصل مرحلة التدخلات الخارجية بعد.

الإجرام هناك ايضا لايكاد يفرق عن جرائم الميليشيات وداعش في العراق وسوريا، سوى أن الإجرام من قبل السيسي اكثر أناقة و بمبررات اكثر سماجة، وفق شعارات حفظ اجرام الدولة، ومحاربة المخنثات الدولية، وإنهاء تأثير الأصابع الخارجية الراقدة في زوايا النظام!

اما الجوع فإنه يفتك بالفقراء، كما تفتك براميل بشار بالابرياء، أسعار الخبز والمواد الغذائية عامة تزداد ارتفاعا، والشعب يزداد جوعا، ما يحصل في العشوائيات جوع من نوع آخر لايختلف كثيرا عن مضايا، سوى تعاسة حظه لم يحصل له شرف كشف قبحه على مواقع التواصل على شكل وسم وتغريدة.

الاعتداءات والانتهاكات بالجملة حتى أصبح واقع اعتاد عليه المواطن المصري، إذ داخل كل ضابط داخلية أو امن دولة يرقد نسخة دموية من بشار الاسد, يمارسون الجرائم والانتهاكات على نسق فرعوني بكل حرية.

الفساد الحكومي يعتبر حضارة مصر في عهد السيسي, سرقة الشعب مستمرة بشكل كوميدي بائس، آخرها “جنية” من كل مواطن مصري وما قبلها من صندوق تحيا مصر وقناة السويس، جميعها مشاريع فاشلة، وأخرى وهمية، جميعها تهدف الى سرقة جيب المواطن المصري المسكين الذي لايستطيع الاعتراض أمام هكذا سرقة بشعة سوى الهتاف “تحيا مصر”.

اما عن الحرية منذ ثورة يناير لم يعد هناك من يتحدث عنها أنها الفضيلة الممنوعة، فإن تنتقد النظام وفشله او اجرام حاكمية, اي أنك ترتكب شيء في غاية الفظاعة، اسوأ بكثير من شتم الإله في الفضائيات امام الجميع.

لا بل أسوأ، اذ حصل واستضاف برنامج تلفزيوني شخص يدعي انه المهدي الى حد انه وصل ادعاء الألوهية و الإساءة للخالق، تم استقبال ما يتفوه من هراء بكل رحابة صدر، لكن عندما تحدث عن السيسي، انفجر عندها المذيع غضبا مطالبه بالخروج من الاستديو طردا؛ كونه اساءة لسمعة الزعيم.

مع ذلك لا يخدعنك سقف الحرية من خلال هذه القصة المتكررة في شاشات التلفاز المصري، فهناك الحرية المتوفرة والمضمون سقفها واحدة، إنها حرية الهجوم على الدين الاسلامي سواء بمناسبة او بدون، فهذه القبيحة المتوفرة، التي يمكنك من خلالها ان تهاجم أصول الدين وتجعل تشريعاته نصوص لمسرحيات عادل امام، او الحان لمعزوفات عبسلام، بشرط ان تكون ضمن شعارات محاربة التطرف وان لاتكون مصر كسوريا.

لاتخشى الغضب الشعبي، فالغالبية المسلمة أقلية، والأقلية هناك غالبية، هناك الإسلام يصادر من المساجد من المظاهر من القلوب من كل الوجود، فلا عجب فاغتيال الدعاة وملء بهم السجون حتى فرغت الساحة للمعميين، أمثال العلامة ميزو واشكاله، كفيلة ان تفسر لك كل مظاهر الهجوم العنيف في الاعلام او من قبل الحكام على الدعاة والواقع الإسلامي في مصر.

ولاتحاول ان تسأل عن واقع الشباب المصري حتى لا تصدم  باحاديث سجن العقرب، ذلك النموذج الفاخر ان لم يكن المنافس لسجون بشار الدموية، والاكثرة تعاسة من اعداد المساجين والابرياء في هكذا سجون، هو واقعهم فمن الاهانة وصفه بالسيء او المأساوي على ما يحوي من وجع.

اما قصصهم تصاب مشاعرك بالتناقض عند الاستماع اليها، فلاتعرف هل تضحك  ام تبكي امام قضية اعتقال طفل بعمر الثالثة عشر بتهمة قيادي ارهابي، وغيرها من قصص المؤلمة الساخرة الكثير.

لكن لا اخفيكم اتعلمون ماهو الأتعس في مصر التي لم تصبح كسوريا، هو ان الحاصل من انتهاكات واعتداءات من قبل “السيسي” نعم ذلك الكيوت الذي لو انطبقت السماء على الأرض، وخرج من صلب الحكام الأعراب محرر لفلسطين، ولو تزوج ترامب ابنة أخت بوتين، لن تجد جملة مفيدة في خطاباته، أو تفهم سر ابتسامته البلهاء.

انها سخرية مملة ياسادة، تلف حول هذا الكائن حتى يكاد ينعدم وجود اي حكمة الهية في كونه دكتاتور يعتلي عرش مصر، يمارس الظلم والاجرام بحق هكذا شعب أنجب من المفكرين والثوار الكثير.

لكن وجب علي الاعتراف حتى اكون منصفاً، انكم فعلا لم تصبحوا كسوريا تلك التي مضت في تمردها وكفاحها، لكنكم يا معشر السيساويه اصبحتم اسوءا بكثير من واقعها من حيث الكثير.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.