الرئيسية » تحرر الكلام » دولة لمدة 48 ساعة!

دولة لمدة 48 ساعة!

أعلن القيادي الجنوبي “عيدروس الزبيدي في 10/5/2017 ” عن إنشاء هيئة سياسية أطلق عليها ” المجلس الجنوبي الإنتقالي” برئاسته ونائبه القيادي “هاني بن بُريك” اضافة إلى 24 عضوًا  وحدد أهدافه بتمثيل الجنوب في الداخل والخارج واستمرار التحالف مع قوات التحالف العربي لمحاربة المد الإيراني في المنطقة وكذلك التحالف مع المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب .

وذكر في الإعلان أنه وبناءً على “إعلان عدن التاريخي” الذي صدر في تظاهرة أقامتها تيارات في الحراك الجنوبي في عدن في 5/5/2017 ، والذي يدعو لتفويض ” عيدروس الزبيدي” بقيادة الجنوب وتلبية تطلعات أبناءة في استقلال الجنوب بحدود دولة ما قبل عام الوحدة اليمنية و بعيدًا عن مخرجات الحوار الوطني الشامل .

وعقب إصدار الإعلان خلال 48 ساعة صدرت عدة رؤى متمايزة ، فقد رحب عدد من الجنوبيين بهذا الإعلان كونه يوحد أهداف الجنوبيين في استعادة الدولة الجنوبية السابقة التي سعوا لها خلال سنوات من الكفاح السلمي ، بينما رفضت جهات أخرى إقليمية ومحلية وبشدة هذا الإعلان كونه يهدف إلى عرقلة مسيرة تحقيق أهداف التحالف العربي في اليمن ويمثل إنقلابًا أخر على شرعية الرئيس هادي .

وكان أول المستنكرين لهذة الخطوة القيادة السياسة اليمنية المتمثلة بالرئيس “هادي” الذي عقد اجتماعًا طارئاً بهيئة مستشاريه ليخرج ببيان شديد اللهجة تجاه مضمون الإعلان وأهدافه داعيًا المذكورين في قوام المجلس اعلان موقفهم الصريح من المجلس ، وحاثًا اليمنيين عدم الإلتفات لمثل هذة التصرفات التي تشكل تحديًا لمشروع استكمال إنهاء إنقلاب “الحوثي وصالح ” واستمرار السيطرة على باقي أراضي اليمن .

تلى ذلك بيان هام لرئيس الوزراء اليمني “  أحمد عبيد بن دغر ” والذي حذر فيه من انهيار وضياع كامل لليمن ، موضحًا بأن التحالف العربي لن يصمت عن بوادر الأزمة الخطيرة التي تجري في عدن ، وبأن مثل هذة الخطوة تُشكل نسفًا لمساعي إحلال الإستقرار والسلام .

وبعد انتظار لموقف رسمي من جانب المشاركة في التحالف العربي صدر بيان لمجلس التعاون الخليجي يؤكد تمسكها بوحدة واستقرار اليمن وتدعو مختلف المكونات اليمنية  إلى الإلتفاف حول الشرعية اليمنية لبسط سيادة الدولة ، ونبذ دعوات التفرق والإنفصال ، مشيرا إلى  أن  القضية الجنوبية لا يمكن حلها إلا عبر الشرعية اليمنية ،تلاه بيان مشابه من جامعة الدول العربية .

أثر ذلك صدرت عدة مواقف لشخصيات وردت أسمائهم في قوام المجلس ، فقد صرح محافظ سقطرى عن عدم تأييده لهذا المجلس ، وعبرا وزيرين في حكومة هادي كذلك عن عدم تأييدهما للمجلس ، في حين تباينت مواقف محافظي المهرة وحضرموت بين تأييد المجلس وتأييد شرعية هادي .

وفجأة غادر القياديان في المجلس المُعلن “عيدروس الزبيدي” و ” هاني بن بُريك ” وبشكل عاجل مدينة عدن  متوجهين إلى الرياض في أول زيارة لهما منذ انطلاق عمليات التحالف العربي وذلك إثر توجيه المملكة طلب حضورهما لمناقشة المستجدات الأخيرة ، ولم يُعرف حتى اللحظة معلومات عن وقائع اللقاء بهما في الرياض حيث يتواجد الرئيس هادي .

وبهكذا يكون قد تم وأد المجلس خلال 48 ساعة فقط من إعلانه أو بالأصح بأن المجلس ولد ميتًا لعدة أسباب منها، انعدام الصفة القانونية والدستورية للمجلس ،و عدم الترتيب وعدم الإشهار الجيدين حيث أن الإعلان كان يبدو وكأنه عمل فردي من قبل “عيدروس الزبيدي” ونائبه “بن بُريك” ، بحيث لم تُتبع البروتوكولات المعروفة في إشهار أي تكتل سياسي بإجتماع الأعضاء جميعًا ، كما لم يصدر بيان رسمي موقع من جميع الأعضاء ، للمجلس وبذلك تكون قد أنعدمت صفة الجدية فيه .

ومن أبرز الأسباب عن اخفاق المجلس في الصمود أن جميع أعضائه كانوا قد أدوا اليمين الدستورية امام الرئيس ” هادي ” الذي مثل اعترافًا صريحاً بشرعيته على كافة التراب اليمني شمالا وجنوبا ، ولذلك أُعتبر هذا المجلس انقلابًا على “هادي” ، وكذلك تجاهل المجلس شخصيات أساسية في الحراك الجنوبي أبرزهم مؤسس الحراك الجنوبي “ناصر النوبة” ، وقناعة فصائل سياسة في الجنوب بعدم مصداقية المجلس كونه نتج كردة فعل لقرارت الرئيس هادي بإقالة ” عيدروس” و “بن بُريك” .

كما أتى الإعلان مناقضًا لمؤتمر حضرموت الجامع الذي يسعى لإعلان اقليم حضرموت في إطار دولة اليمن الإتحادي ، وتباين مواقف محافظ حضرموت بين تأييده للمجلس الجنوبي في حين أنه كان من أبرز الشخصيات التي أسهمت في إطلاق وإعلان مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع ، مواقفه المتباينة هذة دفعت بوكيل محافظة حضرموت ورئيس مؤتمرها الجامع “عمرو بن حبريش ” بالقول بأن مواقف المحافظ لا تعبر إلا عن نفسه فقط.

ومن اكبر الأخطاء الإستراتيجية التي تُحسب على إعلان مجلس عيدروس أنه خرق القرارات الدولية المتعلقة باليمن من ضمنها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وأتى مخالفًا لجميع الأهداف التي تحرك بموجبها التحالف العربي في اليمن، ويعتبر اعلان المجلس حلقة من سلسلة تحرك الحراك الجنوبي الذي تقسم وتعددت أهدافة وانتماءاته وارتباطاته ، وبهذا يكون الحراك الجنوبي بقيادة عيدروس قد سجل أكبر اخفاق وخطأ استراتيجي على مدى سنوات من انطلاقه .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.