الرئيسية » تقارير » “ميدل إيست آي”: مصر تعيش عصر الفاشية الفكرية.. فالجيش ليس بحاجة بعد اليوم لاقتحام منازل المصريين

“ميدل إيست آي”: مصر تعيش عصر الفاشية الفكرية.. فالجيش ليس بحاجة بعد اليوم لاقتحام منازل المصريين

 

“في كثير من الأحيان، أولئك الذين يسعون إلى تقييم مصر ينظرون إلى القضايا الأساسية مثل الاقتصاد والسياسة والتعليم، ولكن بدلا من تعداد الطرق التي تسير بها جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى دلتا النيل، أو كيف ارتفع معدل التضخم إلى 31 في المائة تحت قيادة عبد الفتاح السيسي، علينا أن ننظر بعمق في الأمور التي قد تبدو مقصور على فئة معينة، فنحن بحاجة إلى تحليل ظاهرة جديدة تعاني منها البلاد “.. هذه كانت مقدمة تقرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني.

 

وأضاف الموقع البريطاني في تقرير ترجمته وطن أنه في مصر، لدينا شكل من أشكال الإرهاب الفكري ومن قبل الشعب ضد الشعب، لذا الجيش لا يحتاج إلى دخول المنازل بعد أن تم غزو عقول الشعب بالفعل.

 

تخيل هذا السيناريو

عندما تكون هناك مجموعة من المصريين الذين يجتمعون لمشروع في العمل، ويمكن أن يكونوا شريحة عريضة من القوى العاملة المصرية رجالا ونساء، مسلمين ومسيحيين، صغارا وكبارا، متزوجين ومفردين ومسيسين وغير مبالين تبدأ المحادثات، وبعض هذه المحادثات تتناول مواضيع حساسة مثل السياسة والاقتصاد.

 

وفي مصر الحديثة، كانت الجدران آذان في كثير من الأحيان، ولكن في الأيام التي تلت ثورة 2011، ظهرت ملايين الآذان بيننا، فالشخص بعد أن اختار في مرحلة ما من حياته، أن يصبح مخبرا بسبب الحاجة إلى تحقيق مكاسب شخصية أو إحساس مضلل بالواجب الوطني، اختار البطل المناهض لهذه المجموعة التي تنتقد النظام أن يبلغ عنهم.

 

وسواء كان رجلا أو امرأة، مسلما أو مسيحيا، شابا أو مسنا، أي شخص ينتقد النظام ييتم تعريفه من قبل المخبرين على أنه شخص ينتمي للإخوان المسلمين أو خائن، وبمنطق اختزالي يتم وصف كل من يعارض النظام بأنه إخواني، لذا اختار الكثيرون اليوم الصمت خوفا من التصاقهم بتهمة  الإرهاب الفكري.

 

سحق الآخر

هذه الظاهرة، جزء لا يتجزأ من ديناميكية الفاشية الكبيرة التي اجتاحت مصر، وبدرجات متفاوتة، ولا تقتصر على أماكن العمل المصرية أو المنازل، ولكن تكثر في الفيسبوك وتويتر. وبدلا من العنف البدني، تستخدم الوحشية اللفظية من قبل جميع المخيمات الاجتماعية السياسية لإسكات الأصوات المعارضة.

 

وهذا لا يقتصر على المعسكر الموالي للحكومة فحسب، بل الثوريون واليساريون والإسلاميون والسلفيون والعلمانيون مذنبون بنفس القدر من الجريمة المعقدة المتمثلة في “التبشير” من خلال الصراخ على أولئك الذين يختلفون معهم ويهينونهم ويهاجمونهم بقوة بدلا من أن يناقشوهم.

 

وقد أصبح الخطاب في بعض الدوائر وبأشكال معينة هو الاستثناء بدلا من القاعدة، لا سيما عندما يصبح مستوى النقد عال وبشكل منهجي، فعندما تكتب تعليقا ينتقد عبد الفتاح السيسي، في غضون دقائق، ستجد مزيجا من الوطنيين والجيوش الإلكترونية تنهال عليك سبا.

 

حقائق غير مريحة

على سبيل المثال، ظهر في الأسبوع الماضي أن الرئيس السابق محمد مرسي قد حرم من الزوار منذ اعتقاله، في تناقض صارخ مع حسني مبارك، الذي عولج كملك في جناح بمستوى خمس نجوم في المستشفى العسكري.

 

تقول منى سيف، وهي واحدة من أهم المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر: يجب أن ندافع عن حقوق الإنسان للجميع، بغض النظر عن الانتماء السياسي، وينبغي ألا يفاجئ أي شيء، لكن البربرية السياسية سادت، وكان النقاد يلقون الشتائم على سيف بينما يدافعون في نفس الوقت عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

 

وتساءل الموقع كيف يتكلم المصريون اليوم، وعشرات الآلاف في السجون، والملايين يقبعون تحت الحكم العسكري، فالمجتمع الذي يحد من حرية التعبير هو مجتمع يدمر عن عمد نفسه. وإذا كان المصريون لا يستطيعون إبداء وجهة نظر متعارضة دون خوف من الانتقام، فكيف ينظرون حتى إلى فكرة الانتخابات الديمقراطية بطبيعتها؟

 

إنقاذ أنفسنا

فلماذا نتحدث عن حرية التعبير؟، هل هذا ناجم عن القدرة على نشر ما تريد على وسائل التواصل الاجتماعية؟، فإنه لا يمكن للمرء أن يأمل في إنقاذ أمة من الهاوية دون العودة إلى الأمان على جسر حرية التعبير، فمصر في ورطة على جبهات متعددة، حتى وفقا لقائدها العام، وبدون حوار وطني شفاف بين مواطنيها والصحافة والمنظمات غير الحكومية والبرلمان والحكومة، فإن الأمل في التغيير الحقيقي سيظل سرابا في أحسن الأحوال.

 

والاستمرار في المسار الحالي الذي يتم من خلاله معاقبة أصحاب الآراء المعارضة، يمكن القول بأن السيسي يعاقب حاليا مجلس الدولة، تلك السلطة القانونية البارزة في مصر، على دورها في إعلان جزر البحر الأحمر مصرية ورفض التنازل عنها لصالح السعودية.

 

وقال ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، هذا الشهر: يتعرض القضاة الآن للتهديد بمشروع قانون يمنح الرئيس سلطة تقديرية في إجراء بعض التعيينات القضائية الرئيسية.

 

وحاليا، النظام لديه السلطة القضائية تحت تلسكوب التهديد، لا سيما وأنه في الأسبوعين الماضيين، اتخذت مصر خطوة كبيرة نحو أن تصبح كوريا شمالية جديدة في الشرق الأوسط حيث وافق 60 عضوا من البرلمان على مناقشة مشروع قانون يتطلب من المصريين التسجيل لدى الحكومة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ومع كل يوم يمر، هناك ممارسة مستمرة للإرهاب الفكري من قبل الحكومة والمواطنين على حد سواء مما يحفز خطوات مصر نحو كهف مظلم من الاستبداد.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.