الرئيسية » تقارير » “واشنطن بوست”: ثورة الياسمين وُئِدَت.. الإسلاميون في تونس سامحوا “الفاسدين” بعد أن عذبوهم واغتصبوهم

“واشنطن بوست”: ثورة الياسمين وُئِدَت.. الإسلاميون في تونس سامحوا “الفاسدين” بعد أن عذبوهم واغتصبوهم

 

احتج التونسيون نهاية الأسبوع الماضي على قرار البرلمان بإعادة النظر في إجراء مثير للجدل يقدم عفوا مشروطا لرجال الأعمال الفاسدين ومسؤولي النظام السابق, وقدم الرئيس الباجي قائد السبسي هذا الاقتراح في عام 2015 كوسيلة لإعادة إدماج رجال الأعمال الذين تهددهم الثورة.

 

وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير ترجمته وطن فإن العديد من التونسيين يشعرون بالجزع لأن حزب النهضة الأكبر في البلاد لم يبذل المزيد من الجهد لإحباط مشروع القانون, وقبل الثورة، كان مؤيدو حزب النهضة مدرجين في القائمة السوداء من العمل، وسجن منهم عشرات الآلاف، وعذبوا واغتصبوا وأجبروا على المنفى. ومع ذلك فإن قادة الأحزاب برغم أنهم يعارضون اللغة في التكرار الحالي للقانون، يدعمون مبدأه الأساسي وهو العفو الاقتصادي.

 

وتؤيد الحكومة الائتلافية الحالية في تونس هذا الاقتراح، وقلبه حزب النهضة ونداء تونس، فبعد الثورة كان حزب النهضة الإسلامي قد سيطر على انتخابات عام 2011، وبعد تلك الانتخابات في عام 2012، أسس الرئيس السبسي تحالف انتقائي من القوى المناهضة للإسلاميين وبقايا النظام السابق لهزيمة النهضة.

 

وحصل حزب النهضة على ثلاثة مناصب فقط من 26 منصبا في التعديل الوزاري الأخير. وألقى رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي، في مقابلة أجريت معه في يناير في منزله، باللائمة على حركة النهضة، التي غادرها في عام 2014، لعدم استغلالها لقوتها. وقال إن حزب النهضة ليس حاكما، بل يُحكم.

 

ويعتقد الكثيرون أن النهضة أصبحت نوعا من العملاق الذي يخنق نفسه، مما يقلل من اليد السياسية القوية لتمكين عودة الثورة المضادة، ويشير الجبالي إلى أن الإفراط في الوعي بالانعكاسية الانتقالية، مقترنا بالخوف من إعادة التهميش السياسي، جعل قادة النهضة حريصين جدا على تبني التحالف مع النظام القديم.

 

إنقلاب مصر في عام 2013 ضد رئيس منتخب ديمقراطيا انعكس على تونس، مما نبهَّ حزب النهضة.. وقال جبالي إن التعاون مع عناصر النظام القديم تحت راية الإجماع، أصبح كحارس للحياة، مع إبقاء النهضة واقفا على قدميه في البحار المتقلبة المضادة للثورة. كما أدت الامتيازات على المبادئ الثورية إلى شق شقوق أوسع من التنازلات المتعلقة بالدين. وكانت القضية الأكثر إثارة للجدل في النهضة منذ عام 2011 إصرار رئيس الحزب راشد الغنوشي على رفض نواب حزب النهضة إجراء شعبيا كان من شأنه أن يستبعد مسؤولي النظام السابق من مناصبهم.

 

لكن استرضاء القاعدة ليس هو مصدر قلق النهضة الرئيسي. فالرهانات بالنسبة للانتقال في تونس مرتفعة جدا، كما أن قادة النهضة يصورون الحفاظ على الذات كالشجاعة والتضحية.

 

وقال عضو المكتب السياسي سعيد فرجاني إن حزب النهضة حرس الديمقراطية التونسية الوليدة ضد التهديدات الشعبوية.. وأضاف: ” لقد ضحينا بالكثير، ونحن مستعدون للتضحية أكثر”. وقال زعيم النهضة المؤثر نور الدين بحيري: ” ربما علينا أن نضحي بالأصوات، لكننا سنكون سجناء الماضي إذا لم نحرز تقدما “.

 

لقد أصبحت البراغماتية الراديكالية مصدرا للإيمان بين بعض قادة النهضة.

 

وقال النائب نوفل الجمالي: تعلمنا أنه يجب أن تمارس السياسة بعقلك وليس بقلبك. والتباين مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر صارخ، فبينما الإخوان المسلمين يلقون باللوم على الفشل إلى حد كبير في تحالفهم العسكري، وترى قيادة النهضة تحالفهم مع النظام القديم مفتاح البقاء على قيد الحياة.

 

إلا أن التونسيين يتطلعون بشكل متزايد إلى هذا التحالف الذي يبدو قائما على الحفاظ على الذات المتبادلة. وينتقد البعض الشراكة الوظيفية بين الغنوشي والسبسي وخارج حزب النهضة يتصور البعض أن بقايا النظام القديم يغرون قادتهم بمكافآت مربحة.

 

وفي إطار التشبث بالإجماع من أجل الحفاظ على الحياة، ربط حزب النهضة نجاحه الآن مع نداء تونس والائتلاف الحاكم. وسوف تقيس الانتخابات المحلية المقبلة التكلفة التي ستدفعها النهضة نتيجة تبنيها لهذه الاستراتيجية، فالمخاطر مرتفعة، وتتفاقم الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقدرة الحكومة التونسية على الوفاء بالوعود الثورية وطنيا ومحليا ستجعل منها أفضل تجربة ديمقراطية في العالم العربي.

 

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.