الرئيسية » تحرر الكلام » تعليقا على استقالة قاضي القضاة.. الأردن ليست مصر والإستغاثة ببعض دول الخليج مذلّة

تعليقا على استقالة قاضي القضاة.. الأردن ليست مصر والإستغاثة ببعض دول الخليج مذلّة

في خطوة مفاجئة لم ينتظرها كثيرون، قدّم قاضي القضاة في الأردن إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل، استقالته من جميع المناصب التي يشغلها، بعد خطبة “الشحاذة” الشهيرة التي طالب فيها بلدان الخليج بدعم المملكة الأردنية والوقوف إلى جانبها في هذه الأزمة الخانقة التي تمر بها.

مجلس الوزراء الأردني المحرج بسبب تصريحات “هليل”، وافق على قرار الاستقالة بسرعة قياسية، حفظا لما تبقى له من ماء الوجه، فالخطبة النارية التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية والغربية، حملت في طياتها من الذُلِّ الشيء الكثير الذي لا يقبله أردني كريم.

الأردن بلد العشائر العربية الكريمة والشعب المضياف السخي، أصبح يمد يديه ينتظر فُتاة قد يأتي من موائد بعض الدول الخليجية التي تشكو هي الأخرى أزمات خانقة جراء تدني أسعار النفط، كما أن هذا البلد الذي تأثر سلبا نتيجة الحرب السورية جنبا إلى جنب مع لبنان، أضحى وضعه مثيرا لشفقة أمراء الخليج وشيوخه وفق صريح منطوق ومفهوم خطبة قاضي القضاة.

نعلم جيدا كما يعلم الأردنيون أنفسهم، أن الأوضاع الإقتصادية صعبة للغاية وأن عجز الموازنة قد بلغ أرقاما تبعث على الخوف ناهيك عن أن الدين العام الخارجي بلغ نحو 34 مليار دولار، لكن كل هذا وغيره، لن يكون مبررا بأن يقوم الشيخ أحمد هليل، باستعطاف الجيران بطريقة “ذليلة” لا يقبل ترديدها المتسوّل بين الشوارع والأزقة حتى.

الخطبة الأخيرة للشيخ “الهيل” كانت سياسية بامتياز، فمن جهة استعطف دول الخليج ومن جهة أخرى لمّح إلى خطر المظاهرات وهو ما اعتبره البعض تحذيرا من تفجر الأوضاع الداخلية التي عرفت عددا من التحركات الاحتجاجية خلال السنوات الأخيرة، حيث قال موجها خطابه إلى دول الخليج إن “إخوانكم في الأردن لكم سند وظهير، وعون ونصير، وظهركم، لقد ضاقت بإخوانكم الأردنيين الأمور، فحذار ثم حذار أن يضعف الأردن، والأمور أخطر من أن توصف”، مضيفا  “إذا اخترق الوطن وإذا ساد من يدعون إلى المظاهرات والمسيرات التي دمرت وما عمرت وأخرت وما رفعت وقتلت وما أحيت وأذلت وما أسعدت .. يا بني حذار من دعاة الفتنة حذار ممن يدعون إلى الخروج إلى الشوارع”.

مراقبون أردنيون رأوا أن الخطبة عبّرت عن إفلاس سياسي من الجهات الرسمية التي أرادت استغلال المنابر لتهدئة الأوضاع داخليا والبعث برسائل إلى الخارج وفي مقدمته الخليج، بأننا في حاجة ماسة للإعانة، لكن آخرين يرفضون هذا الاتهام للسلطة التي سارعت بقبول استقالة الشيخ أحمد هليل إمام الحضرة الهاشمية.

من المؤسف جدا أن نرى الأردن في وضع كهذا، بعد أن كان ولازال مضربا للأمثال لكونه أحد بلدان الشام الذي ذكر أفضالها الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد جم من المؤرخين، لكننا في نفس الوقت تتقطع قلوبنا على ما آلت إليه الأوضاع في المنطقة العربية، فمن لم يقتل بالرصاص والصواريخ الغبية والذكية، مات في السجون أو كمدا أو مغبونا، بفضل تفرق العرب واتفاقهم على أن لا يتفقوا.

الأردن يا سادة ليست مصر السيسي، ودول الخليج المانحة التي عناها قاضي القضاة في خطبته وفي مقدمتها “السعودية” و”الإمارات” لن تدفع مليما واحدا قبل أن تتقاضى مقابلا بدله، لكن تقديم التنازلات أكثر فأكثر بالإضافة إلى تقديم شريحة هامة من الشعب كقرابين، قد يعجل بصرف مليارات الدولارات لإخراج البلاد من عنق زجاجة وتعويضها بأخرى، وبين هذا وذاك تبقى ماكينة المؤامرات تشتغل والأوضاع تتجه نحو الأسوأ.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “تعليقا على استقالة قاضي القضاة.. الأردن ليست مصر والإستغاثة ببعض دول الخليج مذلّة”

  1. ما قاله د.احمد هليل هو واجب خطيب الجمعة ليضع يده على المشكلة الحقيقية ، وموافقة الحكومة على إستقالته جاء بسبب خوف الحرامية والفاسدين من أن يتبع هذه الخطبة خطب أخرى يضع فيها د.احمد هليل أصبعه على الجرح ويبين أسماء من دمروا إقتصاد البلد

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.