الرئيسية » الهدهد » طفح الكيل مع السودانيين فهل يطيحون بعصيانهم المدني بالبشير كما أطاحوا بالنميري؟

طفح الكيل مع السودانيين فهل يطيحون بعصيانهم المدني بالبشير كما أطاحوا بالنميري؟

سادت حالة من الهدوء على شوارع الخرطوم في أول أيام العصيان المدني، الذي بدأ صباح الأحد 27 ويستمر حتى الثلاثاء 29 نوفمبر.

 

ورصدت وسائل الإعلام كثافة مرورية أقل في بعض أحياء المدينة، على عكس ما هو معتاد في يوم الأحد – أول أيام الأسبوع – بينما تركزت كثافة الحركة في وسط الخرطوم لكن بشكل أقل من المعتاد.

 

وكانت أحزاب سياسية معارضة وحركات مسلحة قد أعلنت انضمامها لحملة العصيان المدني في السودان، التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد الغلاء وإجراءات الحكومة الأخيرة التي أدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات والسلع والأدوية.

 

استفزاز السلطة

بعد إقرار ارتفاع أسعار الدواء، اعترف وزير الصحة في يوم 25 نوفمبر بوجود خطأ في تسعيرة الدواء الجديدة بالصيدليات، وأعلن عن إعادة تصحيحها خلال الثلاثة أيام المقبلة، كما تم إقالة الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم بسبب تلك الأخطاء التي نجم عنها غضب شعبي واسع.

 

وتم التراجع عن رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة، ووعد الوزير بزيادة في دعم العلاج المجاني للمرضى والعمل على تساوي أسعار الأدوية بكافة أنحاء السودان، كما تنبأ بفشل دعوى العصيان المدني معللًا ذلك بتفهم الشعب السوداني لما تمر به البلاد من أوضاع اقتصادية قاسية، واضطرار الحكومة لأخذ مثل هذه القرارات.

 

مما يوضح مدى تخوف الحكومة من انتشار دعوة العصيان المدني بهذه السرعة وسعيها لوأدها قبل ولادتها، كما أن الشرطة السودانية قامت بفض التظاهرات – كعاداتها – التي خرجت يوم 24 نوفمبر رفضًا لرفع الدعم عن الدواء، فيما زاد من شرارة الغضب وانتظار يوم العصيان أملًا في التخلص الحكومة أو الغلاء.

 

كما توجه الرئيس السوداني عمر البشير إلى الإمارات أمس السبت 25 نوفمبر، في زيارة لبحث إمكانيات التعاون بين البلدين لعدة أيام مصطحبًا معه وزراء الرئاسة والخارجية والكهرباء، وهو ما دعى إلى استغراب الكثيرين واعتبروه شكلًا من أشكال الهروب، حيث تواجه البلاد دعوات للعصيان وتشهد حالة من الغضب، ولكن البشير في حالة من عدم الاكتراث.

 

إسقاط النظام

يعتبر نشطاء سودانيون أن العصيان المدني يعد الخطوة الأولى في محاولة إسقاط النظام.

 

والعصيان المدني يُعد واحدًا من أهم أدوات المعارضة السودانية؛ فقد سبق أن نجح في الإطاحة بالرئيس الأسبق جعفر نميري، الذي حكم ما بين عامي 1969 – 1985.

 

كما لعب العصيان دورًا محوريًا في المقاومة الشعبية التي أسقطت حكومة الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، الذي حكم ما بين 1958 – 1964.

 

وأصدر تحالف قوى الإجماع المعارض بيانًا الجمعة، دعا فيه جموع السودانيين وقواهم الديمقراطية المتحفزة لإسقاط النظام، للالتفاف حول شعار برامج قوى الإجماع الوطني الرامية لإسقاط النظام.

 

وأكد حزب المؤتمر السوداني أن الدعوات التي أطلقها ناشطون ومواطنون للعصيان، تتناغم مع دعوة الحزب وعمله من أجل إسقاط النظام، وتتفق معه تمام الاتفاق.

 

واعتبر الحزب أن الدعوة للعصيان المدني، سلوك نضالي رفيع لشعب عرفته التجارب ومنحته ثورات أكتوبر وأبريل خبرات في مقاومة الأنظمة، وشعب يستند على تراكم أكثر من ربع قرن من مقاومة النظام.

 

وطالب حزب الأمة القومي المعارض بزعامة الصادق المهدي، بضرورة إسقاط النظام، متهمًا إياه بالطغيان والجبروت وارتكاب الجرائم بحق المواطن والوطن.

 

وأكدت الأمينة العامة للحزب سارة نقد الله، أن الحزب قرر تصعيد وتيرة الفعل الجماهيري في الشارع العام، وصولاً للإضراب العام والعصيان المدني الهادف إلى تغيير النظام وتأسيس نظام جديد بديل يقوم على الحرية والكرامة والعيش الكريم.

 

ودعت حركة تحرير السودان الشعب للاصطفاف من أجل اقتلاع نظام الإنقاذ، لأنه فقد مبررات بقائه.

 

وشددت في بيان، على ضرورة إسقاط النظام “بالوسائل السلمية التي تتمثل في الانتفاضة الشعبية والاعتصام أو بالوسائل العسكرية”.

 

فيما حيّت حركة العدل والمساواة، الشعب السوداني وهو يخطو خطوات واثقة للخلاص عبر العصيان المدني، مؤكدة أن قواعد حركة العدل والمساواة ستكون مع الشعب في انتفاضته السلمية لتخليص البلاد من المنعطف الخطير الذي تمر به.

 

كما أعلنت الجبهة الثورية السودانية دعمها اللامحدود للصعود الجماهيري الرافض لسياسات النظام وقراراته الاقتصادية الأخيرة، التي هدفت إلى تحميل المواطن أعباء إضافية بتحرير سعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، والتي أدت إلى زيادة في أسعار المحروقات وكل السلع الضرورية من الغذاء والدواء.

 

وطالبت في بيان لها، القوات النظامية بألا تضع نفسها في مواجهة الشعب السوداني، مضيفة: “من واجبكم الحفاظ على سلامة وأمن المواطنين، لا قهرهم باستخدام العنف المفرط ضدهم؛ إرضاءً لحاكم ظالم مستبد”. وفق تقرير نشرته صحيفة “التقرير”.

 

عصيان مواقع التواصل الاجتماعي

أنشئت عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، للدعوة للعصيان المدني، منها #العصيان #السودان_عصيان_مدني_27 نوفمبر.

 

ودشن النشطاء هاشتاق #السودان_عصيان_مدني_27_نوفمبر، خصصوه لحث الشعب على المشاركة، كما نقلوا من خلاله تفاصيل العصيان في يومه الأول.

https://twitter.com/Asimkov/status/802893156052303872?ref_src=twsrc%5Etfw

https://twitter.com/mnotaha123/status/802890260069908481?ref_src=twsrc%5Etfw

الرد الحكومي

قللت الحكومة السودانية من شأن دعوات العصيان المدني، وقال وزير الصحة السوداني بحر إدريس أبو قردة، إن مصير العصيان المدني “المزعوم” سيكون الفشل.

 

وأضاف: “لم نسمع بأي عصيان مدني”، مشيرًا إلى أن ما تقوم به الحكومة “هو لمصلحة المواطن السوداني دون شك”.

 

ومع ذلك اتخذت قرارًا أوضح خوفها من العصيان؛ حيث ألغت الحكومة السودانية، يوم الجمعة، الزيادات التي طبقتها على أسعار الأدوية، وأمرت بتشكيل لجنة لإعداد أسعار جديدة.

 

وأعلن عن إعفاء رئيس الجمهورية لأمين عام مجلس الأدوية والسموم، وإلغاء قائمة أسعار الدواء التي أصدرها، بعد تنامي الاحتجاجات على رفع الدعم الحكومي عن الدواء.

 

وأوضحت الحكومة أن سبب الإعفاء هو إصداره قرارًا بتعجل يشمل قائمة أسعار جديدة للأدوية، أوردت أصنافًا ما زالت الدولة تدعمها.

 

ونقلت مواقع سودانية أن إدارة القرارات برئاسة الجمهورية أصدرت تعميمًا لكل الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة، برصد المتغيبين عن العمل دون أعذار، وإنهاء خدماتهم على أن تكمل إجراءات استحقاقاتهم المالية بدءًا من العام الميلادي الجديد.

 

يذكر أن الأطباء قاموا بإضراب ناجح الشهر الماضي بالسودان، مما أجبر الحكومة على التراجع عن قراراتها ضد المرضى والمستشفيات والتفاوض مع الأطباء، مما يحرك الشعب اليوم بقدر من الثقة في قدرتهم على تغيير الواقع وإجبار الحكومة على الاستجابة لمطالبهم.

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.