الرئيسية » الهدهد » “معهد واشنطن”: أظهر الإماراتيون وعيا سياسيا مبكرا تمثل باستخدام العرائض.. لكنهم سحقوا

“معهد واشنطن”: أظهر الإماراتيون وعيا سياسيا مبكرا تمثل باستخدام العرائض.. لكنهم سحقوا

أصدر معهد واشنطن دراسة معمقة عن بعنوان :” ما وراء الإسلاميون والمستبدون: روايات الإصلاحيين في دولة الإمارات”، للباحثة “لوري بلوتكن بوغاردت”.

 

تقول الباحثة، في منطقة مليئة بالصراعات والحروب الأهلية والاحتجاجات، يشار إلى دولة الإمارات على أنها قصة نجاح على صعد مختلفة: اقتصاديا وموارد وتدشين مشاريع أسطورية، والمواطنون يدعمون قيادتهم بصفة عامة. ولكن تستدرك الباحثة قائلة:” دولة الإمارات واحدة من الدول الأكثر تقييدا في الشرق الأوسط عندما يتعلق الأمر بالحقوق السياسية و الحريات المدنية”. وتضيف، كما أن العمل السياسي محظور في البلاد، وقضية الإصلاح السياسي باتت أكثر تعقيدا.

 

مشروع الحكومة الإصلاحي

تشير الباحثة إلى أن الحكومة في دولة الإمارات تقوم بجهود إصلاحية في إطار “مكافحة التطرف الديني” ونشر التسامح والقضاء على البيروقراطية وتدعم التنوع متنافسة في ذلك مع دولة قطر. وتعدد الباحثة المعابد الهندوسية والبوذية والكنائس القائمة في الدولة، إضافة إلى تعيين وزيرة للتسامح واعتماد برنامج مؤسسي للتسامح.

 

وتقول الباحثة: على العموم، فإن المجلس الوطني الاتحادي في حد ذاته هو قصة إصلاح محدود، ولا يزال مجلسا استشاريا.

 

الأصوات المستقلة

وتطرقت الباحثة إلى ما أسمتهم الأصوات المستقلة اليوم في الدولة، مثل الأكاديمي عبد الخالق عبد الله. وتقول: قليل من الإماراتيين الذين يطرحون ويناقشون قضايا الإصلاح الأساسي والتي لا تجد تسامحا دائما من جانب حكومة الإمارات. وتضيف الباحثة، “عبدالله” يؤيد بقوة منح الإماراتيين كافة حرية الاقتراع ومنح الصلاحيات التشريعية للمجلس الوطني، ويطالب بوجود صحافة حرة وحقوق مدنية موسعة. كما ضربت الباحثة مثلا بالكاتب سلطان سعود القاسمي الذي دعا إلى تعددية ومشاركة أوسع من جانب المجتمع.

 

وتؤكد الباحثة، إن مثل هذه الأصوات نادرة في دولة الإمارات. فمنذ الربيع العربي تراجعت أصوات المطالبين بالإصلاح، واليوم هناك فترة هدوء من النشطاء والإصلاحيين. تقول الكاتبة، أسباب هذا التراجع مفهومة، فالمثقفون الراغبون في الانخراط في دعاوى الإصلاح يواجهون مناخا من التعصب الشديد ليس من جانب الحكومة فقط، وإنما من جانب بعض فئات المجتمع التي تتصور أن الإصلاح يعرض الاستقرار للخطر، ويصف البعض أن دعوات الإصلاح “خيانة”.

 

والقاسمي من جانبه يقول، من المناسب لو سمحت الحكومة للصوت الليبرالي بالبروز، ولكن هناك خطاب إسلامي يسيطر عليه إسلاميون موالون للحكومة، وهذا الوضع لا يخدم مصالح البلاد، كما يقول القاسمي.

 

وتصف الباحثة الشيخ محمد بن زايد بأنه الرئيس الفعلي لدولة الإمارات، وتقول إنه يستضيف في مجلسه الإماراتيين والمبدعين والقادة الدوليين، أما محمد بن راشد فلديه المجالس الذكية حيث يستطيع إماراتيون وغيرهم تقديم مقترحاتهم وآرائهم على الانترنت لبناء مستقبل دبي.

 

تقول الباحثة، ومع ذلك، أظهر الإماراتيون المزيد من الاهتمام الواسع للمشاركة  في النشاط المدني والسياسي العام. وجاءت العلامات المبكرة للوعي السياسي الجماعي في شكل عرائض للحكام تركز على المعضلات الحضرية، مثل النقل والإسكان، وكذلك مطالب لتوزيع الموارد على نحو أكثر إنصافا عبر الإمارات السبع، وعريضة 3 مارس 2011.

 

وفي الآونة الأخيرة، بات يستخدم الإماراتيون وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع كوسيلة سياسية بهدف التأثير على  خطط  الحكومة الخاصة بخفض دعم للأرامل والمطلقات. الناس يرغبون في التغيير وامتلاك إرادتهم الحرة والمشارمة في الإصلاح الحقيقي.

 

خطوط حمراء

تقول الباحثة، أهم معوق للإصلاح هو القلق بشأن الخطوط الحمراء التي تضعها الدولة، وقد عملت الحكومة بقسوة ضد الذين اعتبرتهم تجاوزوا خطوطها الحمراء.

 

في مارس 2011 أرسل عدد من أعضاء جمعية الإصلاح عريضة لرئيس الدولة تم صياغتها بلطف تحث على منح المجلس الوطني صلاحيات رقابية وتشريعية والسماح لجميع الإماراتيين بحق الاقتراع والترشح لهذا المجلس.

 

وتقول الباحثة، في الأساس أن ناشطين مستقلين ليبراليين هم من يقفون خلف العريضة، ولكن الإصلاحيين وقفوا خلف العريضة بقوة أيضا.

 

تبع نشر العريضة، إجراءات عقابية من جانب حكومة الإمارات ضد جمعية الإصلاح والإصلاحيين تحديدا. فقد حلت الحكومة جمعية الإصلاح وجمعية الحقوقيين وجردت 6 من الإصلاحيين من جنسياتهم، واتهمت الحكومة الإصلاحيين بتلقي الدعم من الخارج وقامت بمحاكمة العشرات منهم، كما انصرف رد فعل الحكومة إلى 5 آخرين من الموقعين على العريضة مثل أحمد منصور. كما توجد مؤشرات قوية في أن حكومة الإمارات تراقب الناشطين عن كثب.

 

واليوم، فإن النشاط السياسي لا يجد تسامحا من جانب حكومة الإمارات ويكمن أن يقود إلى إجراءات عقابية، وهذا يتضمن الإصلاحيين والمستقلين وحتى المقيمين الأجانب من أفراد أو مؤسسات. وبالفعل فقد تم طرد عدد من المنظمات الحقوقية الأمريكية والألمانية العاملة في الإمارات عام 2012، وقد طلب من أجانب مغادرة البلاد كما منع آخرون من دخولها. في عام 2016، ذهبت بريطانيا إلى حد تقديم المشورة لمواطنيها الذين يسافرون إلى الإمارات بعدم نشر المواد على الانترنت التي “تظهر لسوء المعاملة التي يتعرضون لها أو قد تفهم على أنها  سخرية على البلد أو سلطاتها” لأن هذا النشاط يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون دولة الإمارات، وهناك “أفراد تم احتجازهم ومحاكمتهم وأدينوا لنشرهم مثل هذا النوع من المواد.

 

التصورات المحلية

بناء على هذه الخلفية من القيود الصارمة، يمكن فهم لماذا يدعم الجمهور الإماراتي حكومة الإمارات. في الإمارات، فإن المدافعين عن الحكومة والمعادين للإصلاحيين يدعمون إجراءات الحكومة ضد الإصلاحيين ويدعمون الاتجاه الذي تأخذ به الحكومة دولة الإمارات إليه. ويشمل هذا الدعم إجراءات جهاز الأمن ضد الإصلاحيين، كما هناك مواطنون يتحدثون عن المشروع الإسلامي بازدراء، ويزعمون أن الإسلاميين يشكلون تهديدا أمنيا لبلدهم وللعالم العربي.

 

وتحاول الباحثة تفسير الدعم الذي تجده الحكومة ضد الإصلاحيين، قائلة: هناك مصالح النخبة القوية المتواجدة في صلب النظام القائم في الدولة، والقطاعات الأكثر تأثيرا من مجموع المواطنين لهم مصالح شخصية مع هذا التيار، وهذا يشمل رجال الأعمال ورجال القبائل الذين يستفيدون من العلاقات الخاصة مع مسؤولين حكوميين.

 

كما تعاني الحالة الإماراتية من “اللامبالاة السياسية” وفقا للباحثة، والتي تعني بها أن مواطني أبوظبي ودبي يشكلون ثلثي المواطنين وقد حقق هؤلاء اكتفاء وإشباعا في معظم المجالات. حتى أن هذا الشهور يتواجد لدى المقيمين، مثل الفلسطينيين الذين يشعرون بالامتنان لمعيشتهم في الإمارات عند مقارنة حياتهم كما لو كانوا يعيشيون في الأردن، وكذلك الأمر ينطبق على السوريين.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.