الرئيسية » تحرر الكلام » الأعمال الموسوعية والطرح الإسلامي المفقود (3)

الأعمال الموسوعية والطرح الإسلامي المفقود (3)

إن الأصول والقواعد والنظريات في الإسلام هي الأساس والإطار المرجعي النهائي ، وهي كذلك البناء الفكري المتكامل لمفردات وعناصر الوجود البشري .

أما أدوات التعامل وآليات التعاطي مع الواقع ، فهي حلقة الوصل وأداة الربط بين الأصول والقواعد ، وما تشكله من بناء فكري ، وبين الواقع ومتغيراته ومستجداته وأغيـاره ، في حين أن نماذج الحركة هي البناء الفكري عندما يتحول إلى نظام عملي ، يختلط بالواقع ويتفاعل معه .

لم يكن من الصعب استعراض الطروحات الإسلامية إزاء عناصر ومكونات الوجود البشري ، بكافة توجهاته ومشتملاته ، ولم يكن من الصعب كذلك تطويع الظواهر المعاصرة واستيعابها في ثنايا الطرح الإسلامي ، ولكن في ذات الوقت لم يكن من السهل على الباحث العثور بيسر على نموذج الحركة والممارسة ، وذلك لأكثر من سبب :

السبب الأول : أنه لا يوجد نموذج للحركة أو الممارسة ، يعود ببنائه الفكري ونظامه الحركي إلى الأصل والمنبع الذي هو الإسلام ، ودولة الرسول صلي الله عليه وسلم بشكل مباشر ودقيق .

السبب الثاني : أن الجميع يخشى من الانطلاق إلى تجربة النموذج الإسلامي ، تخوفاً من الفشل والإخفاق اللذين خلّفهما وأثارهما الفكر الغربي الماكر والمدسوس ، من أن الإسلام لا يمتلك نظرية متسقة ومكتملة فيما يتعلق بعناصر الوجود البشـري .

وإذا قُدّر له أن يمتلكها تجاه بعض القضايا ، فهو لا يمتلك أدوات نقل أفكاره ونظرياته إلى أرض الواقع .

وأنه وإن امتلك تلك الأدوات فهو عاجز عن استعمالها ، والواقع يشهد بعدم وجود تجارب أو نجاحات ، وذلك يدلل على عدم صدق أنصار الإسلام .

السبب الثالث : أنه عندما يوفَّق الباحث في العثور على نموذج للممارسة تكتمل به أدوات التحليل وعناصر البحث ، يواجه بسؤال : لماذا هذا النموذج بالذات ؟! وعندها يُطعن في موضوعيته ، ويُتّهم في حياديته العلمية ، اللتين هما أهم وأثمن ما يملك .

السبب الرابع : أن هناك قوة ضغط وتأثير خارقة يمثلها الرأي العام في المجتمعات المسلمة ، تحمل تصوراً خاطئاً عن التجربة الإسلامية في إدارة وتنظيم وترتيب حياة الناس .

ومن ثم تُشيع تلك القوة الطائشة وتصورها الخاطئ أن إدارة شأن الدولة المسلمة بأيديولوجيا ذات مرجعية إسلامية سيُفضي إلى ما لا تُحمد عقباه .

وذلك عندما تتحول حياة الناس ومعاملاتهم من الإنفلات الذي يحلو للبعض أن يطلق عليه مسمى “الحرية”، إلى الإلتزام القيمي والأخلاقي الذي تلتزم به وتنشده المجتمعات المتقدمة ، والذي يمثل قوام حياة الإنسان الحر الحقيقي ، ومن ثم تسود حالة من الهلع تلك المجتمعات من مجرد سماع الحكومة الإسلامية .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.