الرئيسية » الهدهد » كاتب فرنسي : “ثورتان طفيليتان” كرديّة و “داعشية” صادرتا الانتفاضة الشعبيّة “السورية”

كاتب فرنسي : “ثورتان طفيليتان” كرديّة و “داعشية” صادرتا الانتفاضة الشعبيّة “السورية”

اتهم كاتب غربي ما أسماهما الثورتين الكردية والداعشية بمصادرة الانتفاضة الشعبيّة «السورية» مشيراً إلى أن النظام تذرع بـ هاتين«الثورتين الطفيليتين» لجرّ الثورة الشعبية الكبيرة إلى المأزق الذي تتخبط فيه اليوم فلوّح للكرد تباعاً بالتنازلات والمواجهات، ونجح في تفريق بقية المعارضة وتقسيمها, وتوسل بفزاعة «الجهاديين» إلى الطعن في المعارضين وتحريض الرأي العام الغربي والإقليمي والدولي عليهم.

 

وأوضح الكاتب الفرنسي “فرنسوا بورغا” في مقال هام له نُشر في صحيفة” لوموند» الفرنسية وترجمته صحيفة الحياة اللندنية أن “تدويل النزاع جرى على صورة بالغة التفاوت والخلل. فالذين أيدوا النظام وساندوه تولوا تأييده ومساندته بهمة ثابتة ودائبة، ولم يترددوا في معالجة قلب الموضوع: فحاصروا ديبلوماسياً مجلس الأمن، وحرصوا على ترجيح كفة النظام العسكرية. فإيران، في معسكر دعم النظام.

 

وأشار إلى أن “روسيا لم يكن لديها في أول الأمر، ميل أيديولوجي غالب، وأرادت معاقبة الغربيين على إقحامهم سياستهم في «مربعها» الأوكراني، ومزايدتهم الليبية”، وأردف الكاتب بورغا أن “أنصار المعارضة الأجانب أشاحوا بوجوههم عن الانتفاضة الشعبية، وصبّوا اهتمامهم على معالجة «الفرعين»، الكردي و«الجهادي».

 

ولفت إلى أن “الأتراك لا يرون من الأزمة إلا ما يثير مخاوفهم من التوسع الكردي”. بينما كان شاغل الدول الغربية الأوحد-كما يقول- هو تقليل الخطر الإرهابي على بلادهم وأراضيهم الوطنية فماشوا، من غير تبصّر استراتيجي، السياسة الداعية الى «محاربة داعش جميعاً ولا أحد غير داعش.

 

ووصف الكاتب الفرنسي هذا التوجه بـ”عمى الثور” حين يلوّح له بالخرقة الحمراء. مضيفاً أن الأوربيين “أعانوا بشار الأسد على التخفف من عبء محاربة «داعش»، وأطالوا أمد الأزمة نتيجة سياستهم هذه. وهكذا يتركون الروس يسحقون المعارضة، بل يتواطأون معهم على سحقها، خدمة لمصالحهم المباشرة والقريبة”.

 

وأشار كاتب المقال إلى أن “ربط إدانة انتفاضة 2011 الشعبية بأحداث مدرسة حلب العسكرية عام 1979 وأحداث حماة فيما بعد تبسيط مجحف في حقها، فالنظام هو صاحب المبادرة لإرساء الطائفية، ويتحمّل المسؤولية عن انفجار الحرب الطائفية، وعن إعمال هذا الاحتمال في تفريق معارضيه. وكسب النظام جزئياً مسعاه في التفريق الطائفي” منوّهاً إلى أن ” هذا النظام صبغ صورة الثورة بصباغ «سنّي»، وحمل أهل السنة على العسكرة، مدركاً أنهم غالبية السكان. وبعد 8 أشهر على بدء الانتفاضة في شتاء 2011، كانت كل قياداتها العسكرية تقريباً من السنّة”.

 

وتوقف بورغا عند تعامل النظام مع الإنتفاضة بأسلوب زاد من الشرخ الطائفي فاقتصر قمعه للمتظاهرين الدروز–كما يقول- على رائحة الغاز المسيل للدموع، وهذا أمر نادر في سورية. وجوبهت التظاهرات السلمية في الأحياء السنية، منذ البداية بزخّات الرصاص، وأوضح الكاتب أن “القول أن النظام تفادى الانهيار نتيجة مساندة الأقليات التي أرعبها التطرف «الجهادي»، يجافي الحقيقة، فصموده يعود إلى الأمصال العسكرية التي مدته بها طهران أولاً، بواسطة قوات «حزب الله»، ثم موسكو، إلى الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية التي حشدها النظام تحت لواء مزاعمه العلمانية! ولا ننسَى –كما قال-حرص الدول الغربية على حماية «الأقليات» حصراً، على حساب الغالبية”.

 

و أبان الكاتب أنه:”ليس من الحكمة استبعاد قتال تنظيم «داعش»، على ألا يكون قتاله الحل الوحيد! “مضيفاً أن “إحراز انتصار عسكري على هذا التنظيم لن يؤدي إلا إالى انتشاره في بلدان، وإلى إرجاء التصدّي للمعضلات التي نجم ظهوره عنها، مشيراً إلى تحرير الفلوجة من أيد «الجهاديين» عدة مرات منذ 2004 ولكن عدم ترك حل سياسي معقول أدى إلى ولادة التربة الغنية هناك بجهاديين جدد وتصديرهم فيما بعد إلى دول الجوار، ولفت الكاتب إلى أن “داعش” هو وليد «إجازة القتل» التي منحها النظام السوري، وليس السبب في الأزمة. وبينما يصور «داعش» أعمال النحر على أشرطة ملونة وبطيئة، يتولى النظام أعمال القتل مضاعفة، ويلقي بمسؤوليتها على معارضيه.

 

وختم الكاتب بالقول إن “الغربيين أنفسهم هم من وقع في هذا الشرك، وغفلوا عن نتائج تخليهم عن مساندة مَن يقاتلون في إطار وطني، ويقرون بهذا الإطار وحده”.

 

و”فرنسوا بورغا” هو صاحب كتاب «فهم الإسلام السياسي. مسار بحث في الاختلاف الإسلاموي (973 – 2016). شغل منصب رئيس المعهد الفرنسي للشرق الأوسط، وهو الآن مدير الدراسات بمعهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي (IREMAM) بإيكس أون بروفانس بفرنسا. عاش في عدد من البلدان العربية لمدة أكثر من 18 عشرة سنة حيث عمل كأستاذ قانون بجامعة قسنطينة بالجزائر من 1973 إلى 1980. ثم انتقل للعمل بمركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بالقاهرة من 1989 إلى 1993. ليعمل بعد ذلك المركز الفرنسي للآثار و العلوم الاجتماعية من 1997 إلى 2003.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.