الرئيسية » تحرر الكلام » فلسطينيو سورية.. إلى أين ؟ (2)

فلسطينيو سورية.. إلى أين ؟ (2)

دفعت الأحداث الدائرة في سورية  بالآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى الفرار والنزوح وسط تزايد في معاناتهم اليومية  نتيجة تلك الأحداث، التي أدت إلى تغيير حياتهم على كافة  المستويات،  يتجرعون مرارة النزوح واللجوء مرة تلو الأخرى. يعيدون نبش تاريخ ذاكرة لم يُنسى بعد، يعانون ماعاناه آبائهم وأجدادهم وأهليهم.

لقد سلكوا عدة سبل بحثاً عن الأمن والسلامة،  منهم من حالفه الحظ  في الرحيل والتشرد، وآخرون كانت البحار مقابرلهم، في ظل غياب ملموس للمرجعية الوطنية الفلسطينية وتخلٍ  واضح من القوى والفصائل الفلسطينية في إدارة شؤون أبناء شعبهم، وذلك بسبب التباينات والإختلاف في المواقف من الأزمة، والفشل الذريع في إبعاد المخيمات الفلسطينية من دائرة الصراع الدائر في سورية، ليضاف هذا إلى سلسلة التجارب المخيبة للآمال على الصعيد السياسي وغيره،  وعدم الإكتراث لما آلت إليه أوضاع الشعب الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها،  والتعامل مع ملفهم بصورة مريبة لا تقل غرابة عن طريقة تعاطي المسؤولين عن شعبهم وقضاياه، ضاربين بعرض الحائط سبل حمايته ورعاية مصالحه وعدم الإلتفات  لأوضاعه المأساوية، بل وتجد البعض منهم من هو سبباً في تفاقم أزمة أبناء شعبه ووضعه أمام خيار أن يموت أو يبحث عن حياة تشعره بإنسانيته وكرامته.     

وما الحوادث والأخبار اليومية الواردة عن أحوال اللاجئين من فلسطينيي سورية التي يفوق وقعها آلاف الكلمات إلا شاهدة على حالة العجز والهشاشة والاضطراب الذي يعاني منه الوضع الفلسطيني العام .

                        

وفي عودة سريعة إلى الماضي  وتحديدا المرحلة التي أعقبت  ( اوسلو ) هذا الإتفاق الذي أخرج اللاجئين الفلسطينيين في سورية كغيرهم من فلسطينيي الشتات من حسابات المفاوضات الفاشلة وتركهم لمصيرهم المجهول،  يكتنف الغموض مستقبلهم الوطني، مستهدفاً هويتهم الوطنية المتمثلة بحق العودة إلى ديارهم في فلسطين وحق تقرير المصير، إضافة إلى إبعادهم كمكون إجتماعي ذو أهمية بطريقة مباشرة أوغير مباشرة، وتركهم  تائهين في أصقاع الأرض يبحثون عن ذواتهم لتأكيد إنتمائهم ويسعون في البحث عن ملاذ آمن وسط  تصدع في بنيانهم الإجتماعي نتيجة الظروف المفاجئة والمتسارعة التي عصفت بأوضاعهم وكانت سببا في ظهور العديد من الأزمات بدءاً من إختلاف وتشتت العائلة الواحدة مروراً بالوضع الإقتصادي الصعب الذي تردى كثيراً وزاد من معاناتهم وحدة البطالة التي طال شبحها الكثير من العوائل، وكذلك الغلاء الفاحش الذي دفع بالكثير من الأُسر إلى النزوح داخل البلاد وهجرة البعض الآخر إلى دول الجوار وإلى دول أوروبا وسط حالة من الإرباك جراء الإجراءات القانونية على معابر وحدود الدول العربية ومعاملتهم بطريقة غريبة متناسين أنهم فروا من أحداث مأساوية أجبرتهم على الخروج من بيوتهم ومخيماتهم. 

وعلى المقلب الآخر التشديد في إجراءات اللجوء والتغيرات التي قامت بها بعض الدول الأوروبية وإيقاف منح الإقامات الدائمة للاجئين من سورية، والتباطؤ في إجراءات معاملات لم الشمل للأسرالمتوزعة في دول أوروبا، ناهيك عن المشكلات الكبيرة في تعلم اللغة وإيجاد السكن المناسب ومن ثم الإندماج ، واتباع عادات وتقاليد جديدة وإلى غير ذلك.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى المعلومات الموثقة لدى سجلات وكالة الإونروا أن تعداد الفلسطينيين في سورية وصل إلى نحو 560،000 مواطن في شهر حزيران من العام 2016،

وأن أكثر من  235،000  باتوا خارج سورية، عبر عمليات نزوح وهجرة هي الأولى من نوعها في تاريخ وجود الشعب الفلسطيني في سورية، والتي تقدر أعدادهم وفق أماكن هجرتهم كما يلي : 

  لبنان نحو 42،000 لاجئ فلسطيني سوري،

  الأردن نحو 15،500 لاجئ فلسطيني سوري،

  مصر  نحو 6،000 لاجئ فلسطيني سوري،

تركيا نحو 8،000 لاجئ فلسطيني سوري،

قطاع غزة نحو 1000 لاجئ فلسطيني سوري،

ووصول نحو 120،000،  إلى دول أوروبا وتحديدا ألمانيا، السويد، هولندا، النمسا، الدانمرك، إضافة إلى دول أخرى مثل بلغاريا، رومانيا، هنغاريا، روسيا،

وبضع آلاف وصلوا إلى ماليزيا، استراليا، نيوزيلندا، كندا، البرازيل، الولايات المتحده .

إن المتأمل في هذه الأرقام، وهذا الواقع المرير الذي يعيشه اللاجئ الفلسطيني يتبين له بصورة جلية أن هناك أزمة حقيقية بالغة الخطورة يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني كل يوم، وستحصد الأجيال القادمة نتائجها،

ولك أن تتخيل كيف سيكون الشكل الجديد لحياة الاسرة الفلسطينية  بعد هذه التغيرات ؟!.

وعن أي أسرة ستتحدث بعد هذه النكبات المتتالية  ؟

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.