الرئيسية » تحرر الكلام » ما الذي يفسّر خداعات أميركا الكاذبة للتستّر على جرائم نظام الملالي؟

ما الذي يفسّر خداعات أميركا الكاذبة للتستّر على جرائم نظام الملالي؟

غريب أمر نظام الملالي ، كلّما حُشِر في زاوية تُثبت جرائمه بالوثائق وتفضح أكاذيبه وتحالفاته السرية المتناقضة بالكامل مع أطروحاته “الثورية” ، أفْلَتَ من عواقبها بقدرة قادر لا بِفِعل قوّته  كما دأب البعض على ترويج ذلك. بل بفعل الرعاية السريّة التي يحظى بها من لدن الشيطان الأكبر وأقرب حلفائه ، خصوصا منذ الإعداد لحرب احتلال العراق ، حتى تأَكَّد للكثيرين في هذا العالم أن هؤلاء الملالي الحاكمين  ليسوا في باطنيتهم وعنصريتهم وإجرامهم إلاّ  طراز آخر من تركيبة عُتاة الكيان الصهيوني ، لهم مزاياهم ويتمتعون بنفس حصانتهم ولو تحت شعار “الموت لأميركا ، الموت لإسرائيل” الذي لم يعد مرفوعا في  شوارع طهران ، ولا في سائر الأقطار العربية التي تحتلها إيران أو لها موطىء قدم فيها.

لعل أحد أبرز ما تتضمنه هذه الجرائم القديمة الجديدة وأكثرها افتضاحا ، ما دأب نظام الملالي على نفيه  أو تجاهَلَ الرد عليه طوال السنوات الثلاثين الماضية .، على الرغم من كشف المقاومة الإيرانية عنه منذ زمن ، ومواصلة التذكير به مرارا . وهو جريمة إعدام ثلاثين ألف سجين من المعارضين الإيرانيين ، بقرار جنوني من قِبل الخميني على أثر تجرّعه كأس السم في العام 1988 .

الحقائق التي لا تُدحض

في السابق كان اعتماد كلٌ من النفي والتجاهل يستند في تصور الملالي إلى أن إثبات وقوع مثل هذه الجرائم يحتاج إلى توفّر كمّ من الوثائق والصور والأسماء ، وهو ما لم تكن كل تفاصيله متوفرة بشكل كامل ، إلى أن جاء اليوم الذي كشفت فيه  منظمة  مجاهدي خلق في مؤتمر صحافي عقد بباريس بتاريخ 7 أيلول / سبتمبر الماضي كل هذه التفاصيل بدقة مُثبَّتة  بالوثائق والأسماء والصور. وليس ذلك فحسب ، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك وكشفت على لسان  سيد محدثين مسؤول الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن أن المسؤولين الأساسيين الذين وافقوا تحت جُبّة الولي الفقيه على تنفيذ هذه المجزرة وعددهم 52 ، قد أصبحوا كلّهم بعد ذلك يحتلّون المواقع الأساسية في الدولة ، بدءا من خامنئي  الذي كان يومها رئيسا للجمهورية ، وهاشمي رفسنجاني الذي كان رئيسا للبرلمان ، وعلي فلاحيان مسؤول المخابرات .. وغيرهم.

الصمت الأميركي المطبق!

طبعا ، من غير المعقول أن لا تكون الولايات المتحدة على علم بهذه الحقائق ، لكنها مع ذلك لاذت بالصمت طوال هذه المدة ولم تُعلن على الأقل وسيرا على عادتها في التغطية على ممارسات هؤلاء الملالي عما في جعبتها حول هذه الجريمة . أي أنها مارست طوال العقود الثلاثة الماضية عملية خداع متواصلة تمثّلت بالكذب للتغطية على أكبر جرائم الإبادة الجماعية التي نفذها النظام الإيراني . وهذا ما عوّدتنا على تكراره حتى اليوم بدليل أن الولايات المتحدة التي خدعت العالم بإعلان انتصارها في إبرام الاتفاق النووي الذي يُلزم إيران بعدم تخصيب اليورانيوم فوق نسبة خمسة بالمئة ، سرعان ما تبيّن أن   ذلك لم يحصل وأن هذه الأخيرة لم تتوقف عن مواصلة العمل بمشروعها النووي . وهذا ما أكدته التسريبات التي أخذت تتحدث عن وجود بنود سرية مع نظام الملالي تفتح له مجال التخصيب  بنسبة أكبر من المحدد في الإتفاق .وهو ما يلتقي مع ما كشفه تقرير لمعهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن عن وجود “استثناءات” تسمح لإيران بالاحتفاظ بكمية من اليورانيوم المخصب تزيد عن الكمية المنصوص عليها في الصفقة النووية ، الأمر الذي “يسمح بزيادة نسبة تخصيبها حتى مستوى يكفي لصنع قنبلة نووية” .

ناهيك عن اضطرار إدارة أوباما بعد طول همس وتساؤلات إلى الاعتراف بخفايا ما سُمّي أيضا بالصفقة السرية حول الإفراج عن أربعة من السجناء الأميركيين لدى إيران ، ودفع 400 مليون دولار كفدية عنهم إلى نظام الملالي !

لغز داعش وجنون الملالي

إذا حصل ذلك وأفظع منه بهذه الدرجة الموغلة في الكذب والخداع إكراما لعيون ملالي طهران ، وهو أمر ليس غريبا على أميركا ، فإن ذلك  يطرح السؤال الذي غاب عن أذهان المحللين والمراقبين وربما أجهزة المخابرات ، وهو : ما الذي يُفسّر السر المخفي وراء قيام الولايات المتحدة بتسليم سليمان البكار  مسؤول السلاح الكيماوي في تنظيم داعش إلى الحكومة العراقية ــ أي عمليا إلى ملالي إيران ــ بعد اعتقاله ، ولماذا لم تُعلن خبر تسليمه وتخصصه بغاز الخردل إلا بعد ثلاثة أسابيع من اعتقاله ؟

أخيرا، ورغم كل هذه المحاباة التي يتمتع بها النظام الإيراني من قبل “الشيطان الأكبر” إلى درجة التستر على جرائمها ، فقد جُنّ جنونه من إتمام عملية نقل الدفعة الأخيرة من مجاهدي خلق إلى خارج العراق في التاسع من أيلول / سبتمبر المنصرم ، إلى حد إحالة رجال مخابراته المكلفين من قِبله بتعطيل عملية ترحيلهم إلى التحقيق ، للوقوف على أسباب تقصيرهم في تحقيق هذه المهمة !

ويعود هذا التركيز على المجاهدين إلى كون أن منظمتهم ليست حزبا ولا تَعتبر نفسها مجرد طرف سياسي معارض ، بل تُمثّل البديل الجاهز والقادر بدعم الشعب الإيراني على تحطيم رأس هذا النظام . وهذه الوضعية تعكس عمق المواجهة بالنسبة لها ، في الوقت الذي تعكس فيه مدى خشية النظام من أي تحرك ضدها . وعليه لا يمكن لأحد أن يُردّد ما ادعاه موقع ” كشف الخداع ” المخابراتي المُكلّف بلعب دور المعارض لتحقيق مآرب عدة  ، في خبره الرئيسي يوم 20 أيلول من أن “انتقال منظمة مجاهدي خلق من بغداد الى الخارج دقَّ المسمار الأخير في نعشها ، وأن هدف إسقاط النظام الإيراني صار صعبَ المنال”!

لا يمكن لأحد ادعاء ذلك لأبسط الأسباب وهو أن استماتة النظام الإيراني على إبقاء أعضائها في العراق المحتل تحت التعرض للضرب والقصف والقتل العشواني ، وإعطاء الضوء الأخضر إلى ميلشياته باتباع كل الأساليب لتصفيتهم ولو في آخر لحظة وهم في طريق المغادرة  ، يُدلل حتى للمجنون من الناس على أن خروجهم رغما عنه يُعتبر نصرا  للمنظمة و هزيمة بکل المقاييس لكافة مخططاته ضدهم .

والآتي من الأيام سيُثبت ذلك .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.