الرئيسية » تحرر الكلام » النوم أساس اللوم ..!

النوم أساس اللوم ..!

يقول الشاعر النبطي ( النوم أساس اللوم بأن الردا به ) حقيقة لا يمكن تجاهلها ، فكما في المعتقد الاسلامي أن الله سبحانه وتعالى يوزع الأرزاق على عباده صباحا ، فما حصة هذا النائم الذي قضى ليله سهرا ؟ حصته من الفقر هي أقرب إليه من حصته من الغنى ،فالنوم هو أحد أهم أسباب الفقر كما يقول كبارنا.. فبينما ينام الناس عادة ليلا لكي يشحنوا أجسادهم بالطاقة من جديد ، ويستفيقوا على نشاط وحيوية لقضاء مهامهم اليومية منذ الصباح الباكر ، نجد البعض يعكس هذه الدورة الحياتية النظامية فيسهر الليل حين تنام ” الحياة “وتسكن ، وينام النهار حين يجب أن تنشط ” الحياة ” وقد تكون له أسبابه أو قناعاته ، إلا أنه قطعا أمرا يخالف طبيعة الأشياء .. وما لذلك من انعكاسات سلبية على الصحة أولا ثم على الناتج الاقتصادي ثانيا وغيره من الأضرار.. وهناك الكثيرين من ليس لهم من أسباب السهر سوى السهر ..! وقد يكون سهر الكثيرين هروبا من مشاكلهم واحتياجاتهم التي تظهر مع الضوء ..! 

     الحقيقة وبغض النظر عن الحالة الاقتصادية السيئة التي يتسبب بها السهر الطويل ليلا والنوم نهارا وما يلي ذلك من مشاكل تلازم صاحبها بل كل من حوله ، حيث أن الاقتصاد اليوم يعد من أهم عوامل الاستقرار العائلي والوظيفي وأيضا من أهم العوامل في بناء علاقات اجتماعية صحيحة ، لكن ومن الزاوية الصحية البحتة ترا هذه الوجوه الشاحبة التي تفيق على وجبة فطورها عند المغرب ، وهي متكدرة الخاطر وبحالة نفسية ومزاجية عادة ليست بالجميلة ، ناهيك أنهم ناموا تاركين خلفهم فروضهم من صلاة والتزاماتهم اليومية من أعمال يجب أن تنفذ.. فما هو أثر السهر المتكرر على الانسان ؟

      باختصار شديد أن للسهر الطويل والمتكرر انعكاسات سلبية كبيرة ومتعددة على المستوى الصحي والسلوكي والتعليمي.. سنركز على الجانب الصحي منه حيث يتأثر الجسم كثيرا بالسهر المتكرر ، فتضعف قدراته المناعية لصد الأمراض ، أما التقلبات الهرمونية وتأثر الضوء والظلام عليها فهي من أكثر الأمور تأثرا ، وتثبت الدراسات عامل الخطورة الذي يتسبب به السهر والضوء الاصطناعي على دورة هذه الهرمونات ، وماله من عواقب على الصحة من هذه الهرمونات هرمون الميلاتونين او هرمون السعادة كما يلقبه البعض لأنه مهدأ للأعصاب ، وهو هرمون النوم أو الظلام ويتم إفرازه في الغدة الصنوبرية حيث يزداد بتأثير الظلام وينقص بتأثير الضوء ، وأن أي خلل في هذا التوازن يقود إلى التسبب في أمراض كثيرة منها تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم و أمراض القلب والجهاز العصبي والسمنة وارتفاع نسبة السكري و السرطان وغيرها من الأمراض ، وأخرى ليس أقلها الارهاق والأرق والقلق بل والكأبة ، التي هي بدورها مشاكل صحية ليست بالسهلة بالإضافة لضعف في النشاط الذهني والتركيز ، فالذي يسهر هو كثير الهفوات في عمله والزلات في كلامه ، هذا الهرمون الذي ينشط مضادات الأكسدة التي تحمي من السرطانات ووظائف مقاومة للشيخوخة هو منظم الوعي كما وصفه ديكارت ، وذلك لتنظيمه دورة النوم واليقظة في الجسم.. أما عند الأطفال فتؤثر على دورة النمو لديهم ، حيث أن هرمون النمو ينشط عندهم ليلا.. فترى الأطفال الذين يسهرون مع الكبار شاحبي الوجه منتفخي الوجنتين عديمي الشهية ..

     يؤثر السهر سلبا على نظارة العينين والبشرة ويتسبب في ظهور الهالات السمراء بل و الزرقاء حول العينين ، كما يتسبب في تعطش و جفاف البشرة ويجعلها أكثر شحوبة وتجعدا بل وترهلا..وهو أمر يقلق أصحابه أيضا.. فينصح باستخدام المستحضرات والمرطبات التي تحتوي على فيتامين E و C ومستحضرات العناية بالبشرة في النهار ، وذلك لجفاف الجو والحرعادة في بلادنا وأيضا وبالعلاقة مع السهر ينصح بذلك  قبل النوم للحد من هذه الاشكالات التي سبق ذكرها.. إلا أن النوم الصحي يبقى أهم وقاية وعلاج من هذه التغيرات .. 

      ففوائد النوم بأوقاته الصحيحة وبعدد ساعات كافية معلومة يعطي شعور بالراحة بعد أن تحصل على مخزون كاف من الطاقة مجددا ، وكذلك مستوى التركيز والانتباه يكون بدرجاته العليا لتنفيذ الأعمال بجودة أعلى وما يكون له من مردود إيجابي على الفرد والمجتمع ..

     يجب الابتعاد عن كل مثير من منبهات كالقهوة والشاي ، وتجنب تناول وجبات دسمة وخاصة مباشرة قبل النوم ، كذلك الابتعاد عن  الأجهزة الالكترونية و مصادر الصوت بساعتين قبل النوم ، ثم النوم في غرفة مظلمة خالية تماما من الأجهزة الالكترونية والتلفزيونية.. يجب أن نذكر أن أحد أهم أسباب النجاح في الحياة هو النوم باكرا و الاستيقاظ باكرا ، وعلى الانسان أن لا يسرف في نفاذ رصيد صحته بالسهر الغير ضروري وأن يأخذ دوره المنوط به في الحياة..

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.