الرئيسية » تحرر الكلام » الجيوش الوطنية والثورات العربية

الجيوش الوطنية والثورات العربية

دراسة منهجية تجريبية موثقة ننشرها على صفحات هذه الصحيفة 

(35)

الجيش السوري وخرافة المقاومة والممانعة

أكذوبة أخرى وندرة اخترقها حزب البعث وجيشه هي”المقاومة والممانعة” ، فسوريا ونظامها وجيشها ـ حسب حزب البعث ـ هم أولو البقية من العرب الذي آلوا على انفسهم أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا حتى يحرروا الجولان والقدس وفلسطين والعرب جميعاً من المذلة والعار !! وانطلت هذه الأكذوبة على الكثيرين رِدحاً طويلاً من الزمان ، وانهال على دولة البعث ونظامها وجيشها تحيات الإكبار والإعزاز من العرب والمسلمين معاً ، وكان ذلك ستاراً حديدياً ولثاماً غليظاً تتم من خلفهما كل مخططات البعث وجرائمه في الفساد والفشل والقهر والقمع بطرق وحشية غير آدمية في حق الشعب السوري وفي حق العرب والمسلمين .

لقد حققت هذه الأكذوبة نتائجها على المستوى الداخلي ، حيث منحت النظام قشرة ولو رقيقة من الشرعية التي افتقدها بفعل اساليب القمع والجور وتفشي الفساد ، ومنحته المبرر الذي يصعب تفنيده للقضاء المبرم على أية معارضة مهما كان توجهها .

وعلى المستوى الإقليمي علق العرب والمسلمون آمالاً عريضة على سوريا المقاومة والممانعة في القيام عنهم بدور البطل المخلص ، الذي يعيد لهم كرامتهم التي أُهدرت أمام إسرائيل منذ نشأتها في عم 1948م ولم تسترد حتى الآن ، وإزاء ذلك لم يجرؤ نظام عربي أو إسلامي أن ينتقد نظام البعث على أفعاله الداخلية وقهره للشعب السوري ، فالغاية تبرر الوسيلة والضرورة تبيح المحظور .

أما على المستوى العالمي فكانت أكذوبة المقاومة والممانعة آلية لإقامة وإدارة العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية ، تحت دعوى أن سوريا هي الوحيدة الأكثر تشدداً والتزاماً بالتسوية الأصولية للصراع العربي الإسرائيلي ، ومن ثم تتحسن مكانتها ويمتاز موقعها لدى الغرب والقوى الكبرى عموماً ، ومن شأن ذلك أن يقوي فرصتها في المساومة والحصول على المزايا كوسائل للإرضاء ، وأن يؤدي إلى غض الطرف من كل الدول عن ممارسات النظام الرهيبة في الداخل .

إلا أن الثورة السورية قد كشفت الأقنعة لتتبدى الأفعال التي يقترفها البعث نظاماً وجيشاً وأمناً في حق الشعب السوري ، فلم يكن هناك ممانعة بل كانت مماطلة لإضفاء الشرعية المفتقدة ، ولم يكن ثمة مقاومة بل كانت مقاولة لزيادة الأرباح وتعظيم القدرة على الابتزاز من كافة المستفيدين والمستثمرين للصراع العربي الإسرائيلي على المستويين الإقليمي والعالمي .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.