الرئيسية » فيديو » بيزنس التسول في مصر.. إيجار “الأصم” 200 جنيه و 20 ألف قنبلة موقوتة بالشوارع

بيزنس التسول في مصر.. إيجار “الأصم” 200 جنيه و 20 ألف قنبلة موقوتة بالشوارع

نشرت موقع “بوابة الاهرامالمصري تقريرا عن حالة التسول في الشارع المصري, مشيراً إلى أن تلك العادة باتت ظاهرة مقلقة في مصر وخاصة أنها في تزايد مستمر يوما بعد يوم.

 

وبدأ الموقع المصري تقريره بمقدمه إنسانية متحدثا فيها على طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها خمس سنوات، كيف تصر على جذب أيدي المارة في محطات المترو، وتستحلفهم بكل عزيز وغال، للحصول علي أي شيء يسد رمق جوعها، وقد امتلأت عيناها بنظرات الحرمان.

 

اسمها “نادية” ترتدي ملابس متسخة، وشعرها غير مستدل أو مصفوف، تتنقل بين المارة بسرعة، حافية القدمين، غير عابئة بحرارة الجو، تأخذ كل شيء تحصل عليه لتعطيه لوالداتها، التي افترشت الأرض في مكان قريب منها تبيع المناديل. كما ذكر التقرير.

 

هي واحدة من آلاف الأطفال، يمكن أن تراهم في محطات المترو أو الميادين العامة، يتسولون بمفردهم، أو مع أسرهم للحصول علي لقمة العيش، تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة، يتم استغلالهم في استعطاف المارة، فيما ينتشر كذلك اصطحاب الأطفال الرضع مع المتسولات يحملونهم في إشارات المرور والشوارع أو يبيعون “مناديل ورقية” مستغلين عطف المارة، دون مراعاة الحالة الصحية للرضيع المعرض لدرجات الحرارة المرتفعة في الصيف أو البرودة الشديدة في الشتاء.

 

الظاهرة قديمة حديثة، والباحث عن أسبابها سيتحتم عليه البحث في أكثر من محور، فإما أن هؤلاء الأطفال قد تم خطفهم بغرض استخدامهم في التسول، أو أنهم أبناء لهؤلاء المتسولين وأيضًا يتم استغلالهم، فيما تقف الجهات المسئولة مكتوفة اليدين ولم تستطع رغم القوانين الحامية لحقوق الطفل اتخاذ الإجراءات اللازمة.

 

كانت هناك جهود تطوعية من بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي”الفيسبوك” والتي اتخذت على عاتقها تصوير المتسولين الذين يصطحبون أطفالا صغارا أو رضعا ووضعها على “السوشيال ميديا” لتداولها، ظنًا منهم أنها لأطفال تم خطفهم من أهاليهم بهدف التسول بهم، لتسهيل عملية التعرف عليهم، وبالفعل كان هناك عدة حالات لأطفال تم ردها لذويها.

 

تجولت عدسة “بوابة الأهرام” في عدد من الشوارع وتحدثت كاتبة السطور مع بعض المتسولين لاستكشاف أسباب تسولهم بالأطفال، فيما رفض آخرون وارتبكوا وخبئوا الأطفال الرضع حتى لا يتم تصويرهم، مما أثار حالة من الشك، فيما كانت كاتبة السطور ستتعرض لخطر كبير عندما اقتربت من أحد المتسولين وما أن لاحظ أنها تقوم بالتصوير اقترب منها ونهرها لتمشي بعيدًا.

 

النائبة الدكتورة هبة هجرس عضو لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة والطفل بمجلس النواب، طالبت من تحت قبة المجلس بضرورة القبض على أي متسولة معها طفل تستخدمه في عملية التسول، لافتة إلى أن هذا يعد استغلالا للأطفال وهذا مخالف للقانون.

 

كما أصرت على أهمية إجراء حمض DNA، لكل متسولة بالشارع ومطابقته بالطفل معها، لمعرفة ما إذا كانت قد خطفته من أهله أم لا، مشيرة إلى أنه ليست هناك إحصائيات رسمية تشير إلى عدد الأطفال المستخدمين في التسول، وذلك بسبب صغر سنهم وعدم قدرتهم عن التعبير، أو معرفة من أين أتوا وهل تكون المتسولة أمه أم خاطفته.

 

وطبقًا لدراسة حديثة، أجراها قسم بحوث الجريمة، بالمركز القومي للبحوث الجنائية، عن أطفال التسول في شوارع مصر، وصل عدد هؤلاء الأطفال لـ 21 ألفاً و650 طفلاً متسولاً، وبذلك يحتل الأطفال النسبة الأكبر، من أصل 41 ألف متسول داخل مصر.

 

وتوصلت الدراسة لأرقام خطيرة، تفيد قيام بعض الأسر بتأجير أطفالهم، مقابل الحصول علي رواتب يومية من معتاد التسول، تصل لـ 50 جنيها يوميًا، مقابل إيجار طفل صغير عمره ما بين 5 إلي 10 سنوات، في حين يصل إيجار الطفل المكفوف أو المعاق لـ 75 جنيها، ويتراوح إيجار الطفل الأصم أو المعاق ما بين 100 و200 جنيه يوميا.

 

بأحد الميادين القريبة من منطقة بولاق الدكرور، اعتادت نادية الطفلة الصغيرة، علي الحضور يوميًا منذ الصباح الباكر، بصحبة والدتها التي توجهها للتسول علي المارة، والحصول علي أي شيء معهم، تقول الطفلة ببراءة :” أنا هنا مع ماما بساعدها في الشغل، وهي بتبيع مناديل”.

 

تسكن نادية وأسرتها في حي بولاق الدكرور، هي الابنة الصغرى وسط ستة أطفال، يتخذون من التسول مع والدتهم وسيلة لكسب العيش، حيث لا يوجد للأسرة أي مورد آخر.

 

وفي ذلة وانكسار الطفل”حسونة” يقول:”أنا مش متسول ولاشحات أنابس عاوز أعيش زيكم”،حيث كانت تظهر عليه لفحات الشمس الحارقة من أثر العمل وهو ابن التاسعة عاماً، يجد رزقه في محطة غمرة علي سلم المترو.

 

بصوت مفعم بالبراءة الطفلة”زينب ” تقول: أنها تعمل مع والدتها في درجات الحرارة المرتفعة وأن والدها لايعمل وأنها تعول هي، ووالدتها الأسرة وهي بنت الثالثة عشرة عاماً، وعند سؤالها ماذا تريد أن تصبح فيما بعد قالت:”أنا نفسي أكون دكتورة”.

 

لم يتوقف الأمر عند”نادية” وغيرها من الأطفال، ففي محطة الشهداء داخل عربة المترو هناك طفل آخر يدعي”كرم”الذي كان يردد عبارات منها ” ساعدوني حاجة لله، ساعديني ياست هانم”.

 

ذكرت أماني موريس باحثة في الشؤون الاجتماعية بمكتب أحداث الجيزة لـ”بوابة الأهرام”، أنهم يستقبلون الأطفال في إدارة مباحث رعاية الأحداث بالجيزة قبل عرضهم على النيابة، للتعرف علي مشكلاتهم، ومحاولة حلها؛ مؤكدة فهم مع الطفل وليسوا ضده، مشيرة إلي أن الطفل يأتي لهم بعد حدوث الجريمة، وقالت:”إنها مشكلة معقدة ،فهي تقع في دائرة مغلقة ،والحل في يد الدولة”.

 

وقال ضابط شرطة -رفض ذكر اسمه-، لـ”بوابة الأهرام”، إن ظاهرة تسول الأطفال تفشت بشكل فج، خصوصًا بعد ثورة 25 يناير، والذي يزيد الأمر سوءًا، هو تحول كثيراً من عمال النظافة لمتسولين، واستغلال أبنائهم في ذلك، مؤكدًا أن القانون لا تعطيه الحق في إلقاء القبض على متسول أو متسولة معها طفل وتستغله في عملية التسول، وأنه لابد من بلاغ مقدم من مواطن بالقسم التابع له حتى تتحرك الشرطة.

 

قال عبد الله حنفي، الذي يعمل سائق “ميكروباص” وبحكم عمله وتجوله الكثير بالشوارع يصادف عدد كبير من الأطفال الذين يعملون بالتسول، لـ”بوابة الأهرام” أن السبب الرئيسي في وجود أطفال التسول يرجع إلى الأهالي الذين يتركون أطفالهم في الشوارع.مشيراً إلي أن الطفل المتسول قد يؤذي الناس بالأسلحة البيضاء التي غالباً ما تكون بحوزتهم إذا لم يأخدوا ما يريدونه منهم، وأن المشكلة لا تكمن في كونهم مجرد أطفال بل إن هؤلاء الأطفال سيكبرون، ويصبحون بلطجية فيما بعد.

 

الأطفال الذي يعملون بالتسول هذا إذا اعتبرناها “بيزنس” يديره المتسولون الكبار سواء الأب أو الأم، أو أنهم تابعون لعصابة أكبر على خلفية فيلم عمرو دياب “العفاريت” حيث قامت بدور زعيمة العصابة “الكاتعة”، وهي الفنانة الراحلة نعيمة الصغير، يحتاجون إلى عملية تأهيل نفسي سلبية حتى يستطيعون القيام بالتسول.

 

عادل فهمي أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، أكد لـ”بوابة الأهرام” أن ظاهرة التسول تسبقها عملية نفسية تتعلق بنظرة الفرد لذاته علي أنه أدنى درجة من الآخرين، وأنه لابد أن يتودد لهم لكي يحصل علي ما يريد ،لافتاً إلي أن تقبل الطفل لهذا الوضع يعني أنه يقبل الإهانة لأنه ليس كل الناس تعطيه بل البعض يتركه، وينهره.

وأضاف قائلا “إن تسول الأطفال تعد ظاهرة غير حضارية تهين نفسية الفرد، وتجعله مصدر خلل في المجتمع”.

 

كما أشار الدكتور هشام فايد المدرس بكلية الإعلام جامعة القاهرة،إلي أن دور وسائل الإعلام في توفير المعلومات الخاصة بكيفية مواجهة مختطفي الأطفال والإبلاغ عنهم، والتعريف بخطر المتسولين ونشر التوعية بضرورة عدم التعاطف معهم ففي هذا غلق مباشر لأحد الأبواب المسببة للظاهرة.

 

وقال عبد الحفيظ طايل مدير المركز المصري للحق في التعليم، إن التعليم حق يصنف البوابة الأساسية لكل حقوق الطفل والإنسان، والطفل التي تحرمه الدولة من الحق في التعليم معرض لانتهاكات الأفراد حتى ولو كانوا ذويه.

 

وأشار إلي دور الدولة في حماية الأطفال والفئات المهمشة،قائلاً:” المسئولية الأكبر تتعلق بحلق الدولة، أما عن الآباء فهم مجرمون، ومرضى نفسون ولابد من علاجهم”.

 

نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 9 مايو لعام 2010، أن القانون يجرم استغلال الأطفال في التسول، ويعد ذلك جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.

 

وقال أحمد حنفي، مدير برنامج لجان حماية الطفولة ل”بوابة الأهرام”، إن التسول بالأطفال يؤدي إلى تعريض الطفل للخطر، وطبقا لقانون الطفل يعد ذلك اتجارًا بالبشر، إذا كان الطفل مخطوفا، وعقوبتها السجن 15عامًا، وإذا كان التعريض للخطرمن جانب والديه، فالعقوبة تكون علي حسب نوع القضية، والقاضي.

 

وأشار إلي أنه في حالة عدم وجود عقوبة رادعة، سيزيد استغلال الأطفال والتسول بهم ، لأن الطفل الواحد يعد ثروة تدخل في اليوم 500، 600 جنيه. قائلًا: “هي منظومة غير مسيطر عليها أمنيًا ولا اجتماعيًا، وطول ما الداخلية تاركة المسئولية سيزيد خطف الأطفال واستغلالهم”.

وأكد ضرورة تعاون الجهات الرسمية المنوط بها، وعلي رأسهم وزارة الداخلية، من حيث عمل حملات منظمة للقبض علي المتسولين، ووضع هؤلاء الأطفال في مؤسسة رعاية بحيث يتم التوثيق مع وزارة التضامن الاجتماعي.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.