الرئيسية » الهدهد » “بلومبرج” انقلاب تركيا.. مازالت الأيام حبلى بالكثير

“بلومبرج” انقلاب تركيا.. مازالت الأيام حبلى بالكثير

كانت محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة في تركيا مفاجئة للجميع، بكل المقاييس. وأمضى العالم ساعات ليلة الجمعة/ السبت متأهبا لكل الاحتمالات، الى أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان فشل محاولة الانقلاب وإلقاء القبض على المتورطين. غير أن تداعيات الحدث مازالت تتردد في مختلف أنحاء العالم..

 

حيث يتوقع خبراء البترول ارتفاع أسعاره كما يشير موقع بلومبرج الاقتصادي. نظرا لأن تركيا في مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا، وتمثل ممرا حيويا لنقل البترول الخام من روسيا والعراق إلى البحر الأبيض المتوسط. ففي اعقاب اندلاع الاضطرابات ارتفعت أسعار العقود الآجلة للبترول الخام لما فوق 46 $ للبرميل في تعاملات نيويورك في أعقاب الاضطرابات.

 

وعلى الرغم من أن المحللين يرون من السابق لأوانه تقييم تأثير الاضطرابات على نقل الطاقة، إلا أن أسواق البترول مازالت تترقب الأنباء في قلق.

 

وعلى صعيد أخر، أمضت القوى الغربية ليلة قلقة تخوفا من أن تهدد محاولة الانقلاب بزعزعة استقرار دولة حليفة للغرب في منطقة تعاني بالفعل من الحروب والإرهاب والهجرة الجماعية. حسب ترجمة مصر العربية.

 

وكان البروفيسور عمر تاسبينار، الزميل في معهد بروكينجز، واحد من عدد قليل من خبراء السياسة الخارجية الذين حذروا من خطر وقوع انقلاب عسكري في الأشهر الأخيرة، ونقلت عنه صحيفة الجارديان البريطانية تحذيره من أن الخطر الأكبر يتمثل في اندلاع القتال بين أقسام داخل الجيش التركي و بين الفصائل المدنية والمخابرات الموالية لأردوغان، الذي أعيد انتخابه مؤخرا. كما حذر من أن هذه المحاولة سوف تهز الأسواق التركية، وتشوه صورة البلاد. وهو ما سيكون محرجا لأردوغان، في رأيه.

 

ويقول كمال كييتشي زميل ومدير مشروع تركيا في معهد بروكينجز، إن الانقلاب، بالإضافة الى هجمات داعش، وتصويت بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، كلها تعطي احساسا بأن الأمور تخرج عن نطاق السيطرة، وأن الضرر المباشر يقع على الديمقراطية.

 

فيما نقلت الصحيفة عن ستيفن فلاناجان، وكان يعمل في مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، وهو الآن محلل في مؤسسة راند، دعوته لأن يتخذ الجيش التركي اجراءات أكثر صرامة ضد المتمردين الأكراد وتشديد الرقابة على الحدود مع سوريا؛ حتى لا تنجر تركيا إلى حرب برية في المنطقة. وأضاف أن عناصر داعش ربما تعاني على المدى القصير من الضوابط العسكرية المشددة على المدى القصير ولكن استمرار الاضطرابات قد تعمق الانقسامات في تركيا، وتصرف الانتباه عن بذل الجهود لمساعدة قوات التحالف في سوريا.

 

والمعروف أن تركيا تمتلك ثاني أكبر الجيوش في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة، وكان حليفا حاسما لأمريكا خلال الحرب الباردة، وهو الآن حليفا لها في مقاومة داعش، وإن كان ذلك مع وجود اختلافات سياسية كبيرة. وفي العام الماضي وافقت تركيا على السماح الطائرات الحربية وطائرات بدون طيار المسلحة الأميركية استخدام قاعدة إنجرليك الجوية، على مسافة 60 ميلا فقط من حدود سوريا الشمالية الغربية. وستكون خسارة هذه القاعدة ضربة قاسية للجهد المستمر ضد داعش، خاصة بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في بلجيكا وفرنسا وتركيا والولايات المتحدة.

 

غير أن تركيا، التي تستضيف 2.5 مليون لاجئ، معظمهم من سوريا، اعترضت على دعم الولايات المتحدة للقوات الكردية التي تعمل في شمال سوريا ضد داعش. وقالت واشنطن إنها تميز بوضوح بين حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة إرهابية أجنبية، والأكراد السوريين، الذين تعتبرهم ضمن الجماعات التي تقاتل داعش.

 

ولم يغفل عدد من المحللين الإشارة إلى المفارقة الكبيرة التي ظهرت خلال محاولة الانقلاب التي فشلت في تركيا. فعلى مدى سنوت، حاول الرئيس رجب طيب أردوغان خنق حرية التعامل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واتهمها بأنها أدوات قوى الظلام التي تسعى إلى تقويض حكمه! بينما ساعدته نفس هذه الشبكات على إخماد الانقلاب! فقد بث أردوغان من هاتفه الذكي بيانا للشعب، وخاطب أنصاره عبر تويتر، واعتمد على وسائل الإعلام، حتى تلك التي كان يكن لها كره شديدا، لنشر رسالته في الساعات الأولى الحاسمة من محاولة الانقلاب عندما اجتاحت البلاد حالة من عدم اليقين.

 

وفي هذا الصدد، تتذكر صحيفة هاأرتس الإسرائيلية محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الحرس الوطني والمجلس العسكري اليوناني في عام 1974 ضد حكم الرئيس القبرصي الأسقف مكاريوس الثالث؛ حيث نجح مكاريوس في إرسال إشارة لاسلكية ضعيفة تفيد بأنه على قيد الحياة. وتلقى مراقب إذاعة صوت إسرائيل الإشارة وبث الرسالة إلى العالم كله. ونتيجة لذلك فشل الانقلاب، واقتحم الجيش التركي قبرص، التي تم تقسيمها بعد ذلك إلى قسمين. وتوقعت هاأرتس أن يكون المتورطون في الانقلاب التركي من الضباط ذوي الرتب الصغيرة نسبيا، مشيرة إلى أن انقلابهم لم يكن لينجح حتى لو لم يستطع اردوغان إرسال رسائل.. غير أن تطورات الأحداث تدحض توقع الصحيفة، حيث تبين أن قائدي القوات الجوية والبرية كانا المنفذين للمحاولة الفاشلة للانقلاب.

 

وعلى الرغم من أن محاولة الانقلاب ظهرت في البداية كما لو أنت تسير فق خطة محكمة؛ حيث سيطر المتمردون على الجسور فوق مضيق البوسفور في اسطنبول، الذي يربط أوروبا وآسيا، فضلا عن تقاطعات رئيسية، وقام الطيارون المشاركين في المؤامرة بتفجير مبنى البرلمان في أنقرة، والقوات العسكرية ـبما في ذلك الدبابات ـ بالقرب من القصر الرئاسي. حتى أنهم سيطروا على هيئة الاذاعة التركية وأجبروا مذيعي الأخبار على قراءة بيانهم، الذي يفيد استيلائهم على حكومة “الخائن” أردوغان واعتزامهم تغيير الدستور؛ الا ان بعض المحللين ينسبون الفشل في جانب منه الى قلة عدد الجنود المشاركين فيه، الذي لم يتجاوز بضعة ألاف.

 

وعلى الرغم من إعلان فشل محاولة الانقلاب رسميا، إلا أن الأيام ما زالت حبلى بالكثير، وسوف تعتمد التطورات القادمة على مدى استيعاب نظام الحكم في تركيا لدرس محاولة الانقلاب ومحاولة تفادي الأسباب التي أدت إليه.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.