الرئيسية » الهدهد » المتشددون الجدد في السعودية.. تدريبهم سيء لكن يصعب وقفهم

المتشددون الجدد في السعودية.. تدريبهم سيء لكن يصعب وقفهم

رويترز- وطن”- قللت بعض الأمور التنسيقية من أعداد القتلى الذين سقطوا في ثلاث هجمات انتحارية بالمملكة العربية السعودية لكن التفجيرات كانت منسقة، مما يشير إلى أن الجهاديين يملكون ما يلزمهم لمواصلة حملتهم.

 

فقد فجر ثلاثة شبان سعوديين ستراتهم الناسفة قرب مسجد للشيعة في القطيف يوم الاثنين ولم يقتلوا إلا أنفسهم بينما نفذ شاب سعودي آخر هجوما انتحاريا قرب المسجد النبوي بالمدينة المنورة مما أسفر عن مقتل أربعة من رجال الشرطة.

 

وقبل فجر اليوم نفسه فجر سائق باكستاني عمره 34 عاما نفسه في مرأب للسيارات خارج القنصلية الأمريكية في جدة لكنه لم يصب سوى حارسي أمن.

 

يقول مصطفى العاني وهو خبير أمني عراقي في مركز الخليج للأبحاث الذي يوجد مقره في جدة ويرتبط بصلات بوزارة الداخلية العراقية “من الناحية الفنية هؤلاء ضعفاء. من الناحية النفسية هم ضعفاء جدا. من ناحية التدريب ضعفاء.”

 

وأضاف “قتل أربعة أنفسهم بلا جدوى من جملة خمسة مفجرين انتحاريين.”

 

بينما يرى محللين أمنيين أن تمكن الخمسة من تصنيع سترات ناسفة أو الحصول عليها والتخطيط لثلاث هجمات في ذات اليوم يشير إلى وجود سلسلة قيادة وشبكة إمداد وهو ما يمثل تهديدا هائلا.

 

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات لكن الحكومة تعتقد أن تنظيم الدولة الإسلامية وراءها بعد أن اعتقلت 19 يشتبه في صلاتهم بالمهاجمين الخمسة.

 

وعلى ما يبدو أن التنسيق المصحوب بتدريب سيء من علامات نموذج العمليات التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية في السعودية الذي ينطوي على تجنيد الراغبين في الجهاد عبر الإنترنت وإدارة المخططات عن بعد دون مشاركة تذكر في التدريب.

 

يسعى المجند في صفوف التنظيم المتشدد بعد ذلك لأن ينضم له أصدقاء أو أقارب في تنفيذ هجوم بينما يقترح المسؤولون عن توجيهه في سوريا أو العراق الهدف ويقدمون المساعدة بتوفير المتفجرات والإرشادات اللازمة لتصنيع قنبلة.

 

وباتباع هذا النمط الذي لا يلفت الانتباه فإن من الصعب على قوات الأمن تحديد الشبكات أو كشف الهجمات قبل تنفيذها كما أن استثمار تنظيم الدولة الإسلامية المحدود في العمليات يعني أنه ليس لديه ما يخسره إذا فشل أحد مخططاته.

 

وعلى العكس من الوضع خلال حملة تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات فإنه لا توجد شبكة من الخلايا المترابطة تحت قيادة مركزية في السعودية يمكن لأجهزة الأمن اختراقها أو تدميرها.

 

وقال مسؤول أمني سعودي كبير العام الماضي “يطلبون من الشبان المكوث في السعودية وتكوين خلايا نائمة وهذا أمر خطير للغاية لأنك لا تدري من هو المنتمي لخلية نائمة ومن الذي سيقوم بهجوم فردي.”

 

وتم العثور على مادة النيتروجلسرين في مواقع كل التفجيرات التي وقعت الأسبوع الماضي وتشير التحقيقات الأولية إلى أن المتفجرات من نوع يستخدمه الجيش.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي إن الشرطة في الوقت الحالي تعتقد أن المتفجرات مصدرها واحد.

 

وقال العاني “نتحدث عن هجمات منسقة بعناية تحت قيادة مركزية (خارج السعودية) ولها سلسلة إمدادات.”

 

لكنه يرى أن عدم وجود قيادة داخل البلاد قادرة على اختيار المجندين بعناية وتأهيلهم وتوفير التدريب وتصنيع القنابل مركزيا وإعداد المهاجمين نفسيا يعني أن الكثير من عملياتهم غير مؤثرة.

 

واقتربت الشرطة من المهاجمين في كل من جدة والمدينة في مرأبي سيارات قرب أهدافهم المحتملة لأن التوتر الذي ظهر عليهم أثار ارتيابا. وفجر مهاجم جدة عبوته الناسفة على مسافة بعيدة جدا من رجال الشرطة فلم يسقط منهم أي قتلى.

 

وقال العاني إن بعد هجوم القطيف عثرت الشرطة على المتفجرات سليمة وهو ما يشير إلى أن المفجر وحده هو الذي انطلق. وقال التركي إنه لا يستطيع تأكيد أن بعض العبوات الناسفة لم تنفجر.

 

نجحت السعودية في تضييق الخناق على تنظيم القاعدة منذ هجماته بين عامي 2003 و2006 وهو ما اضطر تنظيم الدولة الإسلامية للاتجاه إلى نموذج التحكم عن بعد في منفذي هجمات فردية أو خلايا نائمة.

 

ويقول دبلوماسيون غربيون إن المملكة قامت بواحدة من أكبر عمليات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط في عهد ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.

 

ويراقب جهاز المباحث السعودي عن كثب المواطنين الذين يشتبه في ارتباطهم بصلات بالمتشددين وألقى القبض على أكثر من 15 ألف مشتبه به منذ بدأت حملة تنظيم القاعدة.

 

ويقول مسؤولون إن معدل الاعتقالات تباطأ قرب نهاية العقد الماضي لكنه تسارع مجددا بعد 2011 حين دفعت انتفاضات الربيع العربي والحروب الأهلية في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط آلاف الشبان السعوديين للسفر إلى الخارج لينضموا للمعركة وإن كثيرين منهم عادوا إلى البلاد فيما بعد.

 

وقال السفير الأمريكي السابق تشاز فريمان “توصل السعوديون إلى استراتيجية ناجحة للتعامل مع هذا النوع من المشكلات ونفذوا حملة شعبية مؤثرة للتوعية الجماهيرية في المساجد.”

 

وأضاف “الأمر الثاني أن لديهم آليات شديدة الفعالية للأمن الداخلي مكنتهم من رصد الناس خلال عملية تحولهم للإرهاب.”

 

صاحبت الأساليب الأمنية إجراءات أخرى. استعانت ما تسمى بمراكز إعادة التأهيل المخصصة للمتشددين برجال دين لشرح أن طاعة ولي الأمر أهم من القرارات الفردية بالذهاب للدفاع عن المسلمين في الخارج.

 

في الوقت نفسه أتيح لوسائل الإعلام السعودية إجراء مقابلات مع شبان عادوا من القتال في الخارج أذيعت حكاياتهم عن الواقع الوحشي للحياة بين الجماعات المتشددة في محاولة لإثناء الآخرين عن هذا المسلك.

 

لكن التعاطف تجاه السنة الذين يخوضون الحرب في سوريا صنع جيلا جديدا من الجهاديين السعوديين الشبان.

 

وهم مؤمنون بفكرة إقامة دولة خلافة إسلامية ويعتبرون أن حكام السعودية ورجال الدين الذين يدعمونهم غير ملتزمين بصحيح الإسلام.

 

أجبرت الحملة الحكومية تنظيم الدولة الإسلامية على البحث عن سبل جديدة للوصول إلى المجندين المحتملين من على بعد على سبيل المثال من خلال ألعاب كمبيوتر على الإنترنت يصعب على أجهزة الأمن مراقبتها.

 

تواصل جهاديون مع فتى يدعى محمد عمره 15 عاما ويعيش في الرياض حين كان يلعب على جهاز الكمبيوتر الخاص به ويبعث برسائل للاعبين آخرين عن طريق الإنترنت وفقا لما قاله والده الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز في وقت سابق هذا العام.

 

كان يتحدث مع شخص بدأ يبعث له برسائل عن الظلم الذي يواجهه السنة في العراق وسوريا ثم قال هذا الشخص “تعال العب معنا على أرض الواقع” ثم أرسل لمحمد بعض الأفلام التي تظهر هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية.

 

حظر والداه اتصال ذلك الشخص بابنهما. ولم يتسن لرويترز التأكد من هوية من تواصل مع محمد.

 

وقال المسؤول الأمني الكبير “تحاول داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) أن تكون نشيطة جدا على وسائل التواصل الاجتماعي لكنني أعتقد أننا ننتصر بفضل عملياتهم الحمقاء. كيف يمكن أن تدافع عمن يقتل الأبرياء في المساجد؟”

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.