الرئيسية » الهدهد » “بلير” مجرم حرب ومتعجرف وعار على بريطانيا.. وفي أبوظبي مستشار يتقاضى الملايين

“بلير” مجرم حرب ومتعجرف وعار على بريطانيا.. وفي أبوظبي مستشار يتقاضى الملايين

يجمع مراقبون أن تقرير “تشيلكوت” حول توريط رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير بلاده في الحرب على العراق عام 2003 لم يتضمن جديدا عندما أكد أن بلير قاد حربا غير قانونية بأدلة أمنية غير صحيحة ضد العراق كانت سببا رئيسا في انتشار العنف والإرهاب في الشرق الأوسط.

 

ما تضمنه التقرير، يرى المراقبون، أنه كان معروفا ولكن التقرير الرسمي قدم أدلة على أن توني بلير مجرم حرب قد تقوده إلى محكمة الجنايات الدولية من جهة، وأن الأخير شخصية سياسية متعجرفة وفق وصف الإعلام البريطاني له.

 

في المقابل، ظل بلير يحظى بمعاملة “استثنائية” وامتيازات هائلة لدى دول الخليج وتحديدا لدى أبوظبي إلى جانب نظام السيسي وتل أبيب نظرا للأدوار العديدة التي مارسها ولا يزال سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي المرتبط بطموحاته الشخصية وتحالف دول في الشرق الأوسط إلى جانب محمد دحلان وخليفة حفتر وشخصيات متورطة بحروب أهلية ومؤامرات على الشعب الذي تنتمي إليه سواء في غزة أو بنغازي.

 

تقرير “تشيلكوت”.. إدانة بلير

شكّل التقرير الذي جاء في 2.6 مليون كلمة و12 مجلدا وملخصا تنفيذيا من 135 صفحة على تحليل أكثر من 150.000 وثيقة حكومية وشهادات مسؤولين في الحكومة وقادة أمن وجنرالات في الجيش، كلها تشير إلى أن حرب العراق، “عملية عسكرية أخطأت طريقها وبتداعيات لا تزال واضحة حتى اليوم”، وبأنها قامت على “أدلة أمنية معيبة”، إشارة إلى التقارير الاستخبارية التي زعمت وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق وهو ما تأكد من أول أيام الغزو بأنها تقارير ملفقة.

 

وأكد التقرير، أن بلير “قدم للبرلمان فهمه الشخصي للمعلومات الأمنية لا ما يقتضيه الفهم العام”. وأشار التقرير أن “مجموعة مصغرة من حاشية” بلير هي التي أدارت الأزمة آنذاك وقادت للحرب على العراق، وهو أسلوب استبدادي كما تمارسه شخصيات في حكومات وأنظمة عربية تختطف دولها وشعبها كاملا لصالح رؤية أحادية.

 

وأكد التقرير أن « بلير تلقى تحذيرات عن مخاطر زيادة تهديد القاعدة على بريطانيا ومصالحها جراء العمل العسكري. وتم تحذيره من «مخاطر انتقال قدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية لأيدي الإرهابيين»، مع أن تبريره للتدخل العسكري والإطاحة بصدام حسين كان لمنع وقوع أسلحة الدمار الشامل بيد الإرهابيين.

 

وأكد تشيلكوت أن «مخاطر النزاع الداخلي والتدخل الإيراني النشط وملاحقتها لمصالحها وعدم الاستقرار ونشاط القاعدة في العراق تم التحذير منها بوضوح قبل الغزو»، ما يعني أن بلير كان يدرك وربما كان يسعى لتفوق إيراني على دول الخليج وتسهيل سيطرتها واحتلالها للعراق عن طريق نظام طائفي موال لطهران، وهي السياسة التي تصب تماما ضد مصالح الخليج والدول العربية كما نشاهدها الآن.

 

زعيم حزب العمال الذي كان يرؤسه “بلير، جيرمي كوربن اعتذر لعائلات الجنود القتلى. و لمح كوربن لوجود حالة يمكن من خلالها مقاضاة صناع القرار في الحرب. ودعا بريطانيا للانضمام لـ30 دولة ودعم محكمة جرائم الجنايات الدولية.

 

ويرى خبراء قانونيون أن هناك إمكانية لقيام قانونيين بتقديم شكوى ضد بلير وزمرته بناء على ما جاء في التقرير، ومحاكمتهم كمجرمي حرب.

 

الصحافة البريطانية.. بلير متعجرف

من جهتها، صعدت الصحف البريطانية  انتقاداتها لتوني بلير. وقالت صحيفة “ذي صن” الأكثر مبيعا “إنه لكي لا يفقد بلير عقله لا يزال عليه أن يردد لنفسه أن العالم أفضل حالا وأكثر أمانا بسبب انضمامه إلى الهجوم الذي شنه جورج بوش على العراق، إنها قمة الهذيان”.

 

وأضافت أن “بلير يقر بأن التخطيط لما بعد الحرب كان كارثيا، هذا كل ما يقر به وهو لا يرى سببا للاعتذار عن قراره خوض الحرب، ويصر على أنه سيفعل الشيء نفسه مجددا، إنه لا يزال يعتقد أنه لم يكن لديه خيار، كان بوسعك أن تقول لا يا توني”.

 

وفي الصحيفة نفسها كتب تريفور كافانا “إن بلير كان على الدوام مهووسا بإرثه كرئيس وزراء، ربما كان يحلم أن يكون مثل بطل حرب أميركي مع كل ما يتصل بذلك من منافع مجزية”، مضيفا أن البريطانيين سيذكرونه بدلا من ذلك على أنه أشعل عاصفة من الإرهاب في عالم ضعيف وغير مستقر.

 

أما صحيفة غارديان فنشرت مقالا للكاتبة آن بركنز تقول فيه إن “التشكيك في صدق أحد يبدو وضيعا في مثل هذه الظروف، لكني رأيته بمظهر المتأثر سابقا، ومثل ملايين الناخبين فأنا لم أعد أثق به”، مضيفة أن بلير مذنب بإظهاره “عجرفة لم تضعف” في تبرير أفعاله، وذلك تعليقا على المؤتمر الصحفي الذي عقده بلير أمس لتبرير مشاركته في الحرب.

 

كما علق جون كريس في صحيفة غارديان على تصريحات بلير بأن أداءه خلال المؤتمر يظهر حزنه على نفسه في المقام الأول وليس على 179 جنديا بريطانيا قتلوا خلال الحرب، فضلا عن مئات الآلاف من القتلى العراقيين.

 

بدوره، تساءل مايكل ديكون في صحيفة ديلي تلغراف عن الحزن الذي أبداه بلير رغم رفضه الاعتذار، وقال “ما الذي نفهمه من هذا؟ نداء صادق صادر عن رجل محطم من أجل أن نتفهمه أم مجرد تمثيل؟ وتجسيد بارع للشخصية”.

 

“مكانة” بلير في أبوظبي

العام الماضي، كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانيه، سعي بلير للحصول علي عقد بقيمه تناهز 45 مليون دولار من أبوظبي مقابل تقديم استشارات، بما يتضارب مع عمله كمبعوث سلام. وقالت الصحيفة، إنها حصلت علي وثيقة سرية، مؤلفة من 25 صفحة تثبت كيفية استغلال بلير لاتصالاته و”أنشطته الخيرية” من أجل تحقيق مكاسب تجارية.

 

وتحت عنوان «علاقات بلير من أبو ظبي إلى كولومبيا» كتبت صحيفة «صنداي تليغراف» الأسبوعية البريطانية في أبريل 2015، قائلة، “في غضون شهر واحد طار بلير بصفته الجديدة مبعوث الرباعية الخاص للسلام في الشرق الأوسط  إلى أبوظبي لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين فيها وأعضاء في الأسرة الحاكمة”.

 

و قالت الصحيفة،  “في عام 2007 التقى بلير مع الشيخ محمد بن زايد وأقام على شرفه مأدبة عشاء. .. أما الزيارات اللاحقة فتمت بصفته مستشارا لبنك الاستثمار الأمريكي «جي بي مورغان» ورئيس شركته للاستثمار «مؤسسة توني بلير». وتوطدت العلاقة بين الطرفين وتطورت إلى علاقات تجارية”.

 

وتابعت الصحيفة، في غضون أشهر وتحديدا في أواسط عام 2009 حصلت شركة توني بلير على صفقة مربحة اساسها تقديم المشورة لصندوق الثروة السيادي لأبو ظبي برأس مال يصل إلى 44 مليار دولار… ومنذئذ أصبح بلير الشخص المفضل في أبو ظبي، يقيم في جناح خاص في «قصر الإمارات».

 

وطورت رحلاته المتواصلة علاقات صداقة قوية مع محمد بن زايد. وقيل إن الكيمياء فعلت مفعولها بينهما خاصة في العداء للإخوان المسلمين.

 

وأكدت الصحيفة، “يمكن القول الآن إن العلاقات أثمرت تجاريا. ويبدو أن الإمارات تمول صفقات شركة توني بلير الاستشارية في دول تمتد من صربيا في أوروبا وفيتنام ومنغوليا في آسيا وكولومبيا في أمريكا الجنوبية”.

 

وتضيف الصحيفة، “تتولى الإمارات دفع جميع تكاليف مستشاري شركة بلير من السفر وحتى الفنادق”. وهناك صفقات مربحة بين بلير وكازاخستان، وكذلك بيرو وألبانيا من بين دول أخرى.

 

وتقول الصحيفة إن شركة الإدارة «ويندراش المحدودة» التي يستخدمها لإدارة جزء من امبراطوريته التجارية، انفقت حوالى 85 مليون دولار على رواتب الموظفين، وتنقلانهم وإقاماتهم في غضون 4 سنوات فقط.

 

ويتنقل بلير الذي يعيش حياة أصحاب المليارات، في طائرات خاصة، ومن الطائرات المفضلة إليه طائرة باللون الأسود والفضي يطلق عليها اسم «بلير فورس» تيمنا بطائرة الرئيس الأمريكي «غير فورس وان».

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.