الرئيسية » الهدهد » هزيمة أمريكية أردنية في البوكمال.. قوة انزال جوية أبيدت ولم تجد من ينجدها

هزيمة أمريكية أردنية في البوكمال.. قوة انزال جوية أبيدت ولم تجد من ينجدها

طائرات “هيركيوليس سي 130” الأميركية، التي أقلعت من قاعدة الأزرق في الأردن، لن تعود إلى سماء البوكمال السورية قريباً”، هكذا وصفت صحيفة “السفير” اللبنانية، الموالية لنظام الأسد، ما انتهى إليه هجوم قوة تابعة لـ”جيش سوريا الجديد”، ومعها ربما بعض ضباط القوات الخاصة الأردنية، التي جرى إنزالها بالمظلات من هذه الطائرات فجر أمس، قرب مطار الحمدان في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، ولن تجد من ينجدها من مطاردة “تنظيم الدولة” لها في البادية. !

 

وفي التفاصيل قالت السفير إن ربع القوة المظلية أبيدت بعد ساعات. 40 قتيلاً و15 أسيراً، وعشرات المفقودين من أصل 200 مقاتل، حيث أمضوا ثلاث ساعات، وفقط، على الأرض بعد إنزالهم بالمظلات، جنوب غرب البوكمال عند الخامسة والنصف فجراً، قرب الجدار النباتي الأخضر الذي يحمي البوكمال من زوابع البادية الرملية. وتحت حماية الطوافات الأميركية التي لم تتوقف عن إرسال صواريخها والتمهيد الناري، تقدمت القوة بمواكبة مجموعة من 20 مستشاراً أجنبياً، غالبيتهم من الأردن، شاركوا منذ أكتوبر الماضي بتدريبهم على تنفيذ هذا النوع من العمليات في كلية عبد الله الثاني للقوات الخاصة، برفقة أميركيين وبريطانيين، قد يكونون فضلوا البقاء في الأردن والعراق، بسبب حاجز اللغة، لمتابعة الهجوم عن بعد وإدارته من غرفة العمليات، وفقا لتقديرات الصحيفة اللبنانية.

 

وعند الثامنة والنصف صباحا تجمعت القوة في مطار الحمدان الترابي على أطراف المدينة لاتخاذه مقرا للعمليات. لكنَ أحداً من الجوار العشائري لن يأتي لملاقاتهم أو مؤازرتهم في الهجوم على البوكمال وتحريرها من “داعش”.

 

وأفادت الصحيفة أن الهجوم على المدينة كان يستند إلى قراءة سطحية لعلاقة التنظيم بسكان البوكمال الوثيقة، رغم أن الأميركيين كانوا يعلمون أن المدينة، منذ أيام المقاومة العراقية، كانت معقلا أساسياً لكل المجموعات التي قاتلتهم من دون هوادة في الانبار. وليس صدفة أن يجعل “داعش” البوكمال في ولاية الفرات العراقية، وامتداداً طبيعيا لقرابات محلية.

 

والأرجح أن الأميركيين الذين غامروا بمن دربوهم في معركة غير متكافئة، وهو أقل ما يمكن أن يقال فيها، كما علَقت الصحيفة، مع قوات متمرسة مثل “داعش” وفي بيئة حاضنة كالبوكمال، فعلوا ذلك مراهنين على انضمام العشائر إلى المهاجمين، ما إن تطأ أقدامهم البادية، وهو ما لم يحصل.

 

وللإشارة، فإن القوة الهجومية التي لا تزيد عن 200 رجل، كانت قد فشلت قبل أسابيع في مجرد الحفاظ على موقعها في حقل التنك النفطي المجاور، كما لم تتمكن من البقاء في معبر التنف الحدودي القريب من البوكمال، إلا بعد تدخل المدفعية والصواريخ الأردنية القريبة والقاذفات الأميركية لحمايتها.

 

ويظهر في الحسابات الأميركية والأردنية والبريطانية، كما كتبت الصحيفة، أن من خططوا لعملية البوكمال الفاشلة في غرف العمليات، قد أرسلوا 200 مقاتل لاحتلال مدينة تضمَ 200 ألف ساكن على الأقل، من دون حسبان لا النازحين من الأقاليم المجاورة من الفلوجة وراوة العراقية، وحتى دير الزور السورية وأريافها، ولا اختبار الضمانات التي تلقوها عبر “جيش سوريا الجديد” نفسه من وجود قاعدة عشائرية مؤيدة للعملية، تعكسها تركيبة “الجيش” نفسه المؤلف من بعض عشائر المنطقة، والاعتقاد خطأ أن انتماء المقاتلين إلى هذه العشائر سيؤدي على الأقل إلى تحييدها في المعركة مع “تنظيم الدولة”، وهو ما لم يحدث، إذ يتجاوز الموروث المحلي، بفعل التجربة العراقية تحديداً، أي اعتبارات من هذا النوع، وتفضيل العشائر “داعش” على الأميركيين في المنطقة.

 

وأضافت الصحيفة أن الأميركيين استعجلوا نشر ألف مقاتل على منطقة شبه خالية من السكان، وتمتد 500 كيلومتر، من بير القصب جنوباً حتى المثلث العراقي – السوري – الأردني، تبلغ مساحتها ضعف مساحة لبنان. ويندرج ذلك في حسابات سريعة لإنشاء منطقة آمنة على طول هذا المثلث، وإنشاء مواقع متقدمة لحماية الأردن أولاً والقواعد الأميركية فيه.

 

كما يرمي الانتشار تدريجياً مع المعارك، وفقا لتقرير الصحيفة، إلى تحقيق الاتصال بين قوات عربية موالية لهم جنوب شرق سوريا، مع القوات الكردية في شمال شرق في منطقة الشدادي، وإقفال الطوق على قوات “تنظيم الدولة” في المنطقة.

 

وكان مقاتلو “داعش” قد ذبحوا، قبل ساعات فقط من الإنزال الجوي، شبكة التجسس والاستطلاع المحلية الهزيلة التي تبدو مصدر المعلومات الأساسي للمهاجمين.

 

وقالت الصحيفة إن الهزيمة تبدو مضاعفة، لا سيَما وأن الأميركيين وضعوا في “جيش سوريا الجديد” كل إمكانياتهم التي لم يسبق لهم أن وضعوها في أي من “المجموعات المعتدلة” التي استثمروا فيها.

 

وتلقى الألف مقاتل من “جيش سوريا الجديد” أسلحة وتجهيزاً وعتاداً أميركياً كاملاً من بنادق “أم 16 اي تو”، الأكثر تحديثا في تجهيز القوات الخاصة الأميركية، وقناصات “أم 14”. ودفع إليهم الأردنيون أيضاً بعربات “الثعلب” السريعة، التي طوروها لتصبح قادرة على العمل في مناطق صحراوية وعرة ليبلغ مداها 1500 كيلومتر، مزودة برشاشات “براونينغ” الثقيلة، كما كتبت الصحيفة.

 

وخصص البنتاغون 4.3 ملايين دولار لتزويد الأفراد بمعدات اتصال عبر الأقمار الاصطناعية، وواقيات من الكيميائي. وزُوَدت المجموعات بعربات “همفي” المدرعة وصواريخ “كورنيت المضادة للدبابات ومنظومة مدافع هاون متطورة من “أم 224″ عيار 60 ملليمتراً و”ام 252″ عيار 81 ملليمترا و”ام 120” عيار 120 ملليمتراً ومنظومة “أم 1100” من مدافع هاون المقطورة.

 

وانخرط الأميركيون أنفسهم في عمليات التدريب، إلى جانب الأردنيين والبريطانيين، وهو ما لم يحصل من قبل على هذا النطاق، وقُسم “الجيش” إلى مجموعات يقودها مستشار أجنبي، للتنسيق مع غرف العمليات، وذلك دلالة على عمق واتساع الرهان الأميركي على المجموعة العربية السنية العشائرية من الشرق السوري .

 

وهكذا، وفقا لتقديرات الصحيفة، يلاقي “جيش سوريا الجديد” مصير المجموعات “المعتدلة” الأخرى التي سبقته إلى قتال “داعش” برعاية أميركية (من دون الأكراد)، بدءاً من “جبهة ثوار سوريا” إلى “حركة حزم” و”الفرقة 30″ و”الجيش الحر” في ظل اللواء سهيل إدريس.

 

والواضح، كما أورد تقرير “السفير”، أن الابتعاد عن المخابرات التركية ونقل التجربة إلى الأردن ومخيمات التدريب فيه، بعيداً عن “جبهة النصرة” وأخطار التصفية قبل أن يقوى عود المجموعات الناشئة، لم يعصم الأميركيين من السقوط في فشل مماثل لما حدث في الشمال السوري وفي أول مواجهة حقيقية مع “داعش” في البوكمال

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.