الرئيسية » تقارير » السعودية بين نار “داعش” وجحيم الحشد الشعبي في الفلوجة وهذه خياراتها

السعودية بين نار “داعش” وجحيم الحشد الشعبي في الفلوجة وهذه خياراتها

“خاص-وطن”-شمس الدين النقاز- بعد أكثر من عامين من الحصار الخانق على مدينة الفلوجة السنية المنكوبة، نفّذ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعده وجمع الآلاف من جنده، وحشد دعما دوليّا وعربيّا كان منتظرا لما أسماه “تحرير الفلّوجة”.

 

في الساعات الأولى من صباح الإثنين، بدأت القوات العراقية المدعومة بميليشيات الحشد  الشعبي والصحوات السنّية محاولة اقتحام الفلّوجة التي ظلّت محور حديث وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، خاصّة مع عدم وضوح الرؤية الأمريكية العربيّة وموقف الدولتين المشترك من هذه الحملة العكسريّة الكبرى.

 

المملكة العربيّة السعوديّة الّتي حاربت الحوثيين في اليمن رفقة قوات التحالف العربي وأطلقت عمليّة عسكريّة ضخمة تحت مسمّى “عاصفة الحزم”  لإيقاف التمدّد الشعبي الإيراني الّذي طوّقها داخليّا وخارجيّا ثم أعلنت أنهم جيرانها، وجدت نفسها في مأزق في التعامل مع موضوع الفلّوجة، فمن جهة تخشى المملكة من سيطرة ميليشيات الحشد الشعبي على المدينة ومن جهة أخرى ترفض من بقاء المدينة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة الّذي يمثّل هو الآخر تهديدا وجوديّا لأمن المملكة، خاصّة بعد أن توعّد ناطقه الرسمي أبو محمّد العدناني في كلمته الأخيرة “ويحيى من حي عن بينة”، العائلة الحاكمة في المملكة بالقول “وبشروا آل سلول بما يسوؤهم قريباً بإذن الله فإنهم أول المهزومين إن شاء الله.

 

لكن وبعد طول تفكير أعلنت المملكة السعودية دعمها لمعركة “تحرير” الفلوجة، حيث قدّم السفير السعودي لدى العراق ثامر السبهان في لقائه مع وزير الدفـاع العراقي خالد العبيدي يوم الثلاثاء، “التهاني بالإنتصارات الكبيرة التي تحققها القوات المسلحة العراقية في مسارح العمليات” معتبراً أن العراقيين بمواجهة تنظيم الدولة وفكره المتطرف إنما يدافعون عن أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وبالنتيجة حماية المصالح الحيوية لدولها، حسب قوله.

 

وقال السفير السعودي في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر”، إنه “تم بحث العلاقات مع وزير الدفاع العراقي وأكد أن تحرير الفلوجة من داعش يقوم بها الجيش العراقي والتحالف الدولي وأنهم حريصون على أهلها”.

 

وأضاف السبهان، أن “سياسة المملكة واضحة ضد الإرهاب والإرهابيين ومن يحرضهم ويساعدهم وضد الطائفية بكل أشكالها وهي محرقة وسترتد على صنّاعها”.

 

الموقف السعودي من معركة الفلّوجة دفع عددا من الوجوه السياسية والدينية البارزة في المملكة والتي يعرف عنها أنّها لا تشذّ عن الموقف الرسمي للدولة، إلى المخالفة هذه المرّة، واتهم الإعلامي السعودي جمال خاشقجي قوات الحشد الشعبي في العراق بـ”استباحة مدينة الفلوجة وتهجير أهل السنة منها” وعلّق خاشقجي في تغريدة عبر حسابه الشخصي بالقول إنّ “داعش تحتل مدينة، الجيش والحشد الشعبي “يحررها”بدعم جوي أمريكي اعمى،الحشد بطائفيته يستبيح المدينة ويهجر السنة منها، طهران تتابع وتخطط. #الفلوجة”.

 

وبعد أن أثارت تغريدة خاشقجي جدلا كبيرا، نشر تغريدة أخرى قال فيها “لم يتطوع بعض الزملاء لنصرة الحشد الشعبي وهو يفرم الفلوجة واهلها؟ نعم الوضع متلبس والحرب ع داعش ولكن نوايا الحشد لا تقل سوءاً، الصمت اخف وطأة”.

 

ولم تسلم تغريدة خاشقجي الثانية من انتقادات، ففي إطار ردّه على خاشجقي، قال المعارض السوري بسام جعارة إنّ “الوضع في الفلوجة ليس ملتبسا كما قال اعلامي سعودي .. اما ان تكون مع اهل الفلوجة الذين يتعرضون لحرب ابادة والا فانت مع المحتل الصفوي!!”

 

من جهة أخرى هاجم الكاتب السعودي الليبرالي محمد آل الشيخ في تغريدة له على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، مدينة الفلّوجة وسكّانها، وقال ال الشيخ إن “الفلوجة عاصمة الدواعش و ٩٠٪ من اهلها دواعش وحوش”.

 

وأضاف متسائلا “لماذا تجلجلون وتولولون عندما اقتحمها العراقيون لتطهير الارض منهم؟”.

 

في حين شارك “الداعية” عوض القرني بتغريدة عبر وسم #الفلوجة_تباد_وتذبح قائلاً “اللهم إن المستضعفين في الفلوجة قل في الأرض ناصرهم وكثر خاذلهم وطغى وتجبرعدوك وعدوهم اللهم كن لهم ناصراً ومعينا وارحم ضعفهم”.

 

كما نشر الداعية السعودي محمد العريفي، صوراً قال إنها من الفلوجة مضيفا أكثر من هاشتاغ حول الموضوع (#الفلوجه_تذبح #الفلوجه_تموت_جوعا.)

 

وعلى صعيد الموقف الأمريكي، يرى مراقبون أنّ مشاركة الحشد الشعبي في معارك الفلّوجة جاء نتيجة موافقة وضوء أخضر أمريكي بالإضافة إلى صفقة إيرانيّة أمريكيّة لمواصلة تقسيم العراق وتفتيته وتقاسم النفوذ فيه.

 

فبعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية رافضة لمشاركة الحشد الشعبي في المعارك الّتي يشنّها الجيش العراقي على المدن السنيّة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة على غرار تكريت، ارتأت أن تسمح للحشد الشعبي بالمشاركة في معارك الفلوجة، ومساندته بشنّ غارات جويّة على المدينة.

 

بدورها، لم تخفي إيران مشاركتها الفعليّة في معركة الفلّوجة، فإضافة إلى مشاركة الحشد الشعبي الموالي والممول من إيران، نشرت ميليشيا “أبو الفضل العباس” صورا لقائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو يجتمع مع قادة المليشيات المتواجدة بمحيط المدينة، وهو ما عمق مخاوف أهالي المدينة من جديد حول وجود مخططات انتقامية يعد لها الحشد الشعبي بالتنسيق مع القائد الإيراني ضد أهالي المدينة.

 

“تحرير” الفلوجة أو تدميرها كما يحلو للبعض تسمية ذلك، هي خطّة توافقيّة جرت بين الأعداء الذين يتقاسمون النفوذ في المنطقة وهم على التوالي الولايات المتحدة الأمريكية والسعوديّة وإيران، فما يشكّله تنظيم الدولة الإسلامية من خطر على السعوديّة وعلى المنطقة بأسرها دفع الجميع إلى الإتفاق حول هذا الموضوع الشائك، وفي الوقت نفسه سيتواصل الصراع فيما بينهم حول عدد من الملفات الإقليميّة خارج حدود العراق.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.