الرئيسية » تقارير » لطفي زيتون لـ”وطن”: المؤتمر سيسفر عن “نهضة” جديدة و”الجبالي” لم يكن مع حريّة الإعلام

لطفي زيتون لـ”وطن”: المؤتمر سيسفر عن “نهضة” جديدة و”الجبالي” لم يكن مع حريّة الإعلام

“خاص- وطن”- حاوره عبد الحليم الجريري- لطفي زيتون هو سياسيّ وقيادي بارز في حركة النهضة منذ انبعاثها وكان اسمها “حركة الإتجاه الإسلامي”، بدأ رحلته مع المنفى في ديسمبر 1990 من الجزائر وقد عمل هناك مراسلا لبعض الصحف العربية، لكن بعد تصاعد الضغوط التونسية على السلطات الجزائرية من اجل تسليمه بمعيّة رفاقه غادر إلى بريطانيا في 20 مارس 1992 اين واصل عمله الصحفي وتحصل على ديبلوم اللغة الانقليزية والتحق بالجامعة من جديد فتحصل على بكالوريوس الحوكمة والتاريخ السياسي من جامعة شرق لندن ثم تحصل على الماجستير في نظريات العلاقات الدولية من جامعة كانتربري ببريطانيا.

 

شغل موقع مدير مكتب رئيس حركة «النهضة» من سنة 1993 إلى غاية 2006 كما كان عضوا في المكتب الإعلامي والسياسي للحركة بالمهجر خلال التسعينات.

 

وفي سنة 2000 التحق بالمكتب التنفيذي ومجلس الشورى لحركة «النهضة» في المهجر وشغل منصب رئيس تحرير مساعد لفصلية «مراصد» التاريخية.

 

كما تقلد منذ سنة 2006 منصب نائب ورئيس تحرير قناة «الحوار» الفضائية اللندنية وعضو مؤسس في مركز تونس للدراسات الاستشرافية وعضو الاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا ورئيس مؤسسة «شهداء تونس» للمشاريع الخيرية والتنموية.

 

ويشغل حاليا خطة مستشار سياسي لدى رئيس حركة النهضة “راشد الغنوشي” وهو أيضا عضو مجلس شورى حركة النهضة.

 

التقينا بالسيّد زيتون في حوار تحدّث لنا فيه عن القرارات التي سيستصدرها مؤتمر حركة النهضة العاشر الذي ينتظم انطلاقا من 20 مايو الجاري والذي سيستمرّ إلى غاية يوم 22 من نفس الشهر، وقال إن هذه القرارات ستناقش جملة من القضايا وستعيد كتابة الرؤية الفكرية والإستراتيجيّة للحركة، وستضع أسس الرؤية السياسية لها وستصادق على اللائحة الإقتصادية والنمط الإقتصادي الذي تدافع عنه.

 

وبسؤالنا عن الإتهامات التي وجهها له السيّد حمادي الجبالي بأنه خرج ضده في مسيرات أيام توليه رئاسة الحكومة، قال السيد لطفي إنّ حمادي الجبالي شخص متقاعد من العمل السياسي ويبدو أنّه يعتمد على ذاكرة ضعيفة وليس ملمّا بالأحداث الدقيقة التي وقعت في حكومته وأنّه ليس من أنصار حريّة الإعلام كما أنّه صاحب فكرة القائمة السّوداء للصحافيين وهذا ما كان مكتوبا في برنامجه الحكومي.

 

وفي ما يلي نصّ الحوار:
مؤتمركم العاشر سوف ينعقد بعد أيام، ماذا سيقرّر وما هي طبيعة حركة النهضة في المستقبل وما هو مسارها الجديد؟؟

المؤتمر العاشر سيناقش جملة من القضايا وسيعيد كتابة الرؤية الفكرية والإستراتيجيّة للحركة، سيضع أسس الرؤية السياسية لها وسيصادق على اللائحة الإقتصادية وللنمط الإقتصادي الذي تدافع عنه، أيضا هنالك لائحة هيكليّة فيها إصلاحات لهيكلة الحركة وتغييرات في قانونها الأساسي نحو مزيد تجذير الممارسة الإنتخابية وتوسيع قاعدة المؤسسات وشرعيتها وتعزيز المؤسسة العليا في الحركة وهي مؤسسة الشورى وإعطائها مزيدا من السلطات وتقوية المؤسسات الرقابية والحركة المالية، في اتجاه مزيد من الشفافية والديمقراطية في تسيير الحركة.
طبعا اللائحة السياسية ستتحدّث عن رؤية الحركة السياسية وكيف تنظر للدولة وكيف تنظر للعلاقات الخارجية وكيف تنظر للعقيدة الأمنية والعقيدة العسكريّة وكيف تنظر إلى أولويات هذه الدولة.
بالنسبة للائحة الأولى التي تحدثنا عنها وهي لائحة الرؤية الإستراتيجية فهي متمثلة في تصوّر حركة النهضة للمستقبل، والمشروع المطروح أمام أعين المؤتمرين هو دفع الحركة إلى مزيد من التخصص والتحوّل إلى حزب سياسي والتخفف من الإهتمامات الأخرى وترك العمل المدني في إطار الجمعيات القانونيّة كالعمل الثقافي والعمل الدّعوي أو ما يسمى العمل الإجتماعي، أي الأعمال التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمل السياسي الحزبي والتي وفرت لها الحركة تاريخيا حماية ومضلّة كي تحميها من الدكتاتوريّة وتسمح لها بالعمل، الآن لم تعد هنالك ضرورة لأنه صارت لنا قوانين متقدّمة في العمل الحزبي والعمل الجمعياتي وستكون الحركة شمولية تجمع كل هذه المناشط تحت سقف واحد.
السيد نور الدّين الزاوي (مدوّن ومهندس مهتمّ بالهندسة المعرفيّة وتقوية المجتمع المدني) قال: “هنالك تيار داخل النهضة ما زالت تسيطر عليه الأشواق الإخوانية، وعادة ما تعبر عنه قيادات مبعدة عن مراكز القرار داخل النهضة أو مستبعدة عن تصدر المشهد السياسي”، ما رأيك ؟؟
نحن لم نستبعد أحدا، وهنالك بعض الإخوة اختاروا الميل إلى كفة العمل الدعوي وليس العمل السياسي، ونحن في الأخير سنشجع كل أعضاء الحركة على الإنتماء إلى الجمعيات ودعم المجتمع المدني كل حسب تخصصه وحسب ميولاته كما تفعل الأحزاب السياسية في البلدان المتقدّمة، أي أن يكون للسياسي نشاط سياسي ونشاط جمعياتي في جمعية إغاثية أو جمعية ضد مرض من الأمراض أو جمعية تحرّض على الأخلاق الحميدة كجمعيات مقاومة التدخين والإدمان، سنشجع أعضاءنا بشكل فردي لأن الممنوع في تونس هو الجمع بين قيادة الجمعياتي وقيادة العمل الحزب، تبقى طبيعة الخط السياسي للحزب الذي سيجتمع على برنامج يستوجب من الجميع الإنضباط على هذا الخط الذي سيكون مدافعا على مؤسسات الحركة، ومن ليس مقتنعا بهذا الخط فسيكون في المواقع الخلفية.
بأي شكل ستتمكّن حركة النهضة من إقناع جماهيرها بأن الفصل بين الدّعوي والسياسي هو تجديد وتطوير وليس تفريطا وتنازلا؟؟
الناس بصدد الإقتناع، ثمّ نحن لسنا بصدد التفريط في ديننا ولن تتحوّل الحركة من إسلامية إلى علمانية لأن هذه التسميات لم يعد لها معنى في جو الحريات والديمقراطيّة، فالمنافسة تقوم على البرامج والإستجابة لمشاكل الناس وحلّها، ولا يوجد تنمية إسلامية وتنمية علمانية، ولا يوجد أمن إسلامي وأمن علماني ولا توجد مقاومة إرهاب إسلامية ومقاومة إرهاب علمانيّة بل توجد حاجيات مجتمع ودولة، والحزب الذي سيستجيب لهذه الحاجيات هو الحزب الذي سينتخبه الناس ويقبل عليه، وجمهورنا تونسيون في الأخير ويعرفون مصلحة البلاد ويعلمون أن ما نفعله يندرج في إطار مصلحة البلاد ومصلحة الدولة التونسيّة ولن يكونوا ضدّ هذه المصلحة وجمهورنا موجود ولن ينصرف، بالإضافة إلى هذا فإن هذه القضية هي من مخلفات الماضي فمنذ دخولنا للإنتخابات وتحملنا مسؤولية الحكم تحولنا إلى حزب سياسي والآن نحن نضع الأسس الفكريّة لهذا التمشّي وسنرسم له قواعده بحيث يصبح العمل واع ومسؤولا وليس عملا أملته التغيرات التي لم نكن نتحكّم فيها وأظنّ أن جمهورنا في أغلبه يساند هذا التمشّي.
السيّد حسن بن حسن عضو مجلس شورى حركتكم والباحث في الفلسفة الغربية يرى أن “سعي النهضة إلى البحث عن فضاء فكري وسياسي جديد قائم على الفصل بين الدعوي والسياسي هو بمثابة قطع الحبل السري بين الأم والمولود، فعلى الرغم من أنها عملية مؤلمة ومزعجة فهي كذلك تلِدُ الأمل وتُحرر المولود من ضيق رحم الأم”، ألا تدلّ رؤية السيد حسن على أنّ الحركة تقوم بنوع من التقيّة السياسية؟؟ ألا تدلّ على أن النهضة لم تتخلّ عن مشروعها ولكنها ستبلوره على الأرض مع تأجيل التنفيذ ؟؟
أولا هذا ليس صحيحا، ثانيا قطع الصرّة ليس مؤلما، ثالثا فالحركة تتطوّر وتتخصص، ونحن ظللنا أربعين سنة نواجه الدّولة من قلة وعينا أحيانا وأحيانا بسبب الضغط الذي تمارسه علينا الدولة من قهر وإرهاب، الآن الثورة غيّرت طبيعة الدّولة ولم تعد دولة مستبدّة بل صارت دولة ديمقراطيّة ونحن جزء منها وكنّا الطرف الأكبر في كتابة دستورها ولم يعد لهذه الدولة أجندات في محاربة الدين أو الهوية
ولكن السلفيين يعتبرونكم أكبر محارب للدين.
الآن نحن نخص بالنظر على صعيد أول ما يحتاجه السواد الأعظم من الشعب وما تحتاجه البلاد وما يسمح به الواقع، وأسهل شيء هو الكلام العام من طرف أشخاص لا التزامات لهم، بينما الذي يتولّى مسؤولية الناس ويضع على عاتقه مسؤولية شعب بأكمله مع كلّ هذه الأعباء الإجتماعية والإقتصادية والأمنية فهذا شيء آخر تماما، ونحن لا نمارس التقيّة بل نتطوّر مع تطوّر البلاد وكما طوّرت الثورة الدولة تطوّرنا نحن وتغيّرنا.
يعني ليس مشروعكم متكلّسا حتى يأتي ما يخالف ذلك؟
مشروعنا الآن هو التأهّل لكسب ثقة الشعب لكي نستطيع تسيير البلاد وحمل جزء من العبئ.
ماالذي تعنونه بفصل الدعوي عن السياسي؟ ثمّ ماذا تقصدون بالدعوي أصلا، خاصة وأنكم تؤكدون أنكم حزب سياسي؟؟
هو مجتمعي أكثر من الدعوي، لأننا لسنا في بلد كافر لنتحدّث عن الدّعوة ولكنه تجاوز لفظي من مخلفات المراحل السابقة ونحن نتحدث عن التخصص إذ أن الحزب سيصبح حزبا سياسيّا وطنيّا والمناشط الأخرى التي كانت ملتصقة بكثرة المشاغل السياسية للبلاد وحركيّة الوضع صارت مشاغل مستقلّة بما يناسب طبيعتها، أي العمل في إطار مدني.
ألا تشبه مقولة “فصل الدعوي عن السياسي” مقولة “دع لقيصر ما لقيصر” الواردة في الإنجيل؟؟
مقولة دع لقيصر ما لقيصر هي مقولة قالها المسيح توقّيا من القمع السياسي لأن المسيح جاء في دولة مستبدّة وقاهرة وكان يبحث عن مجال ليمارس نبوّته فلم يستطع، أما نحن فلدينا مجال للحريات ونتحدّث عن تخصص والتخصص يعني التوسّع فعندما تصبح الإغاثة عملا إجتماعيّا ومحاربة الفقر عملا مستقلا ولديه مؤسسات وقيادات فذلك أفضل له من أن يكون على هامش جماعة معيّنة، أيضا العمل الثقافي عندما يصبح معتمدا على جمعيات مستقلّة وصناديق تنمية ثقافية متحررة فهذا أفضل له من أن يكون جزءا خادما لأجندات سياسيّة.
أنت قلت إنّ المسيح قال مقولته “دع لقيصر ما لقيصر” كي ينجو من بطش الدولة أليست حركة النهضة خائفة من بطش ما ؟؟
لا نحن لا نخاف شيئا، وليس هنالك بطش نتحاشاه وليس الموضوع موضوع خوف، نحن لم نخف سابقا ولمدة أربعين سنة وما تعرضت له النهضة أكبر مما تعرض له الإخوان المسلمون في العالم، النهضة ظلت عشرين سنة في السجون، ليست النهضة التي ترمى بالخوف، ولكنني قلت لك إن الدولة تغيّرت والشعب هو الذي غيّرها ولم تبق كما كانت عهد ابن علي، وإذا كنت تقصد الخوف من قوى خارجية فأنا أعلمك أن هذه القوى تدعم النموذج التونسي وليست ضده، وأقصد أمريكا وفرنسا والجزائر وغيرهم، هؤلاء داعمون للتجربة التونسية ولا يقلقهم وجود حركة النهضة بل بالعكس، وعليه فليس لدينا ما نخافه.
نحن اخترنا الإنتقال من رفع الشعارات الإسلامية إلى ترجمة المبادئ الإسلاميّة على أرض الواقع كإرساء العدل والتنمية العادلة ومحاربة الفقر وغير هذا مما نصبوا إلى تحويله إلى برامج، لا يحب التونسي أن يقال له إنني مؤمن أكثر منك أو أنني إسلامي أما أنت فمجرّد مسلم ولكنه يرنو إلى أن يتخلق السياسي بأخلاق الإسلام.
-قلت قبل يومين على قناة الزيتونة إنّنا سنرى ارتدادات لمؤتمركم وتأثيرات له في بقيّة أجزاء العالم العربي، ما الذي تقصدونه بهذا الكلام؟؟
كثير من الحركات سوف تنتحي منحانا.
أي حركات؟؟
الحركات الإسلامية والحركات الإخوانية في بلدان أخرى فيها أزمات بين الدولة والمجتمع.
هل يوجد تناغم بين رئيس حركتكم ورؤساء حركات إسلامية أخرى؟؟ إذ أننا عهدنا دائما أن يكون الإسلاميون في صراعات دائمة، سلفيون يصطدمون مع سلفيين أو حركات معتدلة، وحركات معتدلة تصطدم مع حركات معتدلة أخرى والحركات الإسلامية عامة لا تخلو من صراعات، فهل هنالك تناغم بينكم وبين حركات أخرى ترفع لواء المرجعية الإسلامية حتى ترى أن مؤتمركم هذا ستكون له ارتدادات؟؟
نحن بالذات ليست لدينا خصومات مع أي طرف، نحن في تونس نخدم بلادنا وهنالك نوع من التنافس بين الأحزاب في تونس يتّسم بالشدّة والتوتّر أحيانا، ولكن على صعيد علاقتنا مع الحركات خارج تونس فنحن أصدقاء مع من يريد صداقتنا وليست لنا علاقات مع من يرفض ربط علاقة بنا، وإذا أردت الحديث عن التوجهات فإنك ستجد أن الكثير من الحركات الإسلامية تنتقد مبالغة النهضة في الديمقراطيّة والإنفتاح ولكننا نرى أن هذا هو عين الصواب، القبول بالآخر والإنضباط في العملية الديمقراطية والتداول على السلطة وإبعاد الإسلام عن المعارك السياسيّة بوصفه المرجعية للمجتمعات والمرجعيّة للدول هو عين الصواب ومن يرى أن هذا إفراط في الديمقراطيّة فهو حرّ.
في حوار للسيّد حمادي الجبالي في جريدة الصريح، قال إنك شاركت في مسيرات ضده و ضدّ الحكومة حين كنت مستشارا، كيف تردّ؟؟
السيّد حمادي الجبالي شخص متقاعد من العمل السياسي وهو الآن بصدد كتابة مذكّراته ويبدو أنّه يعتمد على ذاكرة ضعيفة وليس ملمّا بالأحداث الدقيقة التي وقعت في حكومته، أنا شاركت في تجمّع قام به أعضاء حركة النهضة يوم 7 سبتمبر يطالبون بتفعيل العفو التشريعي العام وكان من المنتظر أن يلقي حمّادي الجبالي فيهم كلمة فتعذّر عليه ذلك وطلب منّي باعتباري المستشار السياسي أن أخرج وأحدّثهم وهذا ما وقع بالضبط، والجبالي يقول إنني اختلفت معه في موضوع الإعلام وهذا ليس صحيحا لأنّه ليس من أنصار حريّة الإعلام وهو صاحب فكرة القائمة السّوداء للصحافيين ومكتوبة في برنامجه الحكومي.
لطفي زيتون كان من الجبابرة إبان انتخابات أكتوبر 2011، إذا ما دخل إلى منبر تلفزي لم يلق بالا لكلامه وكان يهاجم كل طرف يقابله خصوصا من المعارضة أو من الإعلام المعارض له، الآن نرى لطفي زيتون آخر تماما، لطفي زيتون مختلف وناعم وليّنٌ في القول، ما السرّ وراء هذا التغيّر في الشخصيّة سيّد زيتون؟؟
عندما أتينا في سنة 2012 كانت هنالك أجواء ثورة وكنّا خارجين من عشرين سنة من المواجهة الإعلامية الشديدة من نظام مستبدّ وأنا شخصيا ارتكبت خطأ في تقدير الموقف وظننت أن البلاد دخلت في مرحلة ديمقراطية ناضجة تسمح بالصراع السياسي، ولكن سريعا ما تفطّنا أن الشعب لا يريد الصدام ويخيّر أن يكون الناس في لحمة ووئام من أجل بناء الدّولة ومعالجة الأضرار التي خلّفتها الدكتاتورية فتغيّرت بناء على تفاعلات من الناس، حيث كنت أعترض أناسا من الشارع يطلبون مني تليين خطابي لأن البلاد لا تتحمل هذا حسب قولهم، وأنا لم تكن لديّ أجندا خاصّة بل كنت من الأوائل الذين كتبوا وقالوا إنّه لا إقصاء إلا بالقضاء ومازلت إلى الآن ضد المصادرة إلا بالقضاء، وليست هنالك عقوبة في نظام ديمقراطي يحترم نفسه إلا بقرار قضائي ولا يسع شخصا أن يعاقب شخصا آخر بمرسوم أو رغبة وقوّة، العقاب يتمّ بحكم قضائي باتّ وهذا ما أؤمن به شخصيّا وعبرت عليه حينما قلت إن البلاد في حاجة إلى حزب ديمقراطي آخر لتحقق توازنها السياسي في وقت كانت الناس تشتم حزب نداء تونس، ما تتحدث أنت عنه مضى عليه أربع سنوات، ومنذ ذلك الوقت صار هذا هو خطّي الأساسي وهو اجتماع مختلف التيارات الوطنية الموجودة في كوكبة واحدة.
ما تعليقك على ورود اسمك في وثائق بنما؟؟
أنا طالبت بنشر الوثائق كما هي حتى نعرف أسماء المورطين، مع أنني أرى أن هذا الموضوع موضوع تافه، وأنا اسمي لم يرد وليست لديّ شركات في بنما.
ولكنك من مجموعة قناة TNN.
عندي علاقة ببعض الأشخاص المشاركين في أسهم القناة وقد اتهمت تحت مسمّى guilt by association، أي تهام لمجرّد أن تكون شريكا لتحقيق السبق الصحافي الذي لم يتحقق لأصحاب الموقع الإستقصائي الذين ذكروا اسمي، والعامّة بلغوا شيئا من الوعي بما يخوّل لهم عدم تصديق ما لا يصدّق، مجموعة هذا الموقع أوردوا ما يسمى بالـ “organigram” شبيها بـthe” organigrams” التي كان يوردها ابن علي، فحواها فلان اشتغل مع فلان قبل عشرات السنين، هل هكذا يكون العمل الإستقصائي؟ هذا ليس عملا استقصائيا أقول هذا من منطلق أنني إعلامي ولست هاو كالمجموعة التي تعمل في هذا الموقع فما فعلوه فضيحة دفعت إلى عدم اهتمام الناس بموضوع وثائق بنما لأنهم اختاروا السبق على حساب الحقيقة، وهو ما يرسم نهاية الصحافي في عمله وفي مصداقيته وهذه قاعدة تاريخيّة.
ما هو رأيك في قرار السيد الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية إعادة “صنم” بورقيبة إلى أكبر شارع في العاصمة؟؟
الناس الذين عارضوا إعادة تمثال بورقيبة عارضوا بالقول فقط مع أنه كان في مقدورهم اللجوء إلى المحاكم، ولا أرى إلى الآن بطولة في نقد قرارات الباجي قائد السبسي، أمّا بالنسبة للتمثال فبورقيبة هو قائد ثورة تحرير وليس لشخص أن يشكك في هذا، وبورقيبة هو الذي قاد عملية بناء الدولة التونسيّة، ونحن نطالب بتكريم كل القادة الكبار في تونس إذ أن بورقيبة لم يناضل لوحده بل كان معه حشاد والهادي شاكر وعبد العزيز الثعالبي وقبل هؤلاء كان هنالك خير الدين باشا ومصلحين كبارا وشهداء في مقاومة الإستعمار، أنا أسأل لماذا لا نرى تماثيل لأناس عظماء آخرين في نفس الشارع كما نرى في دول غربيّة، وعلى العموم أنا لا أرى قضية التمثال قضية تستوجب الإهتمام.
ولكنك تعلم موقف بورقيبة منكم.
لا يهمني هذا، أنا الآن أعمل في السياسة وطموحي هو أن أكون رجل دولة، الذين عادونا كثر ولكن الماضي ماض وليست قضية حركة النهضة الآن محاربة بورقيبة ولا الثأر منه، بورقيبة مات والجروح لا تنسى ولكنها تتجاوز، التمثال سيذكّر البعض بآلامهم ولكن هذا لا يستدعي منا إعلان الحرب من أجل قضية جزئية.
-هنالك من يقول إنّه لا فرق بين حركة النهضة وبين “داعش”، فقط “داعش” لديها مشروع تطرحه بصراحة أمام الناس أما أنتم فمشروعكم مؤجّل ومازلتم تمارسون التقية السياسية إلى حين التمكين، والدليل على ذلك الفيديو المسرّب للسيّد راشد الغنوشي لاجتماعه مع قيادات سلفيّة، ما قولك؟؟
هذا حكم على النوايا، هنالك فرق بين تنظيم يقتّل الناس بلا حساب ويستهين بالأرواح البشريّة وبحقوق المرأة وبحقوق الأطفال ويدمّر الصورة الناصعة للإسلام ويفتح صراعات لا أول لها ولا آخر وبين أناس يقولون إن مبتغاهم هو التحوّل إلى حزب سياسي يخدم الشعب ويحرر الإسلام من الصراعات السياسيّة ويجعله مرجعية للشعب وللدولة كما ينصّ الدستور، فهذا الخلط بيننا وبين “داعش” هو قمّة الظلم ولهذا نحن اجتبينا الخروج من بوتقة ما يسمّى بالإسلام السياسي، لأن هذا المصطلح صار فضفاضا يجمع بين هذه المتناقضات وهو مصطلح صنع في الأكادميات الغربية، نحن صرنا حزبا مدنيا وطنيا لا علاقة له بمشروع “داعش” ولا سبيل لمقارنته بها.
ولكن أليس هدفكم في نهاية المطاف هو تحكيم الشريعة في تونس؟؟
لا ليس صحيحا، هدفنا في النهاية هو ما ينصّ عليه برنامجنا وما نقوله للناس وما نفعله في الواقع.
هذا الظاهر، ولكن ألا يمكن أن تكون لكم نوايا أخرى ؟؟
النوايا لا يعلمها إلّا الله، ليس باستطاعة أحد محاسبتنا على نوايانا، بل المحاسبة لا تكون إلا على المواقف، ليس لدينا في هذه الفترة الإنتخابية تغييرات للقانون الجنائي، عندما نطرح تغييرات في القانون الجنائي في اتجاه الشريعة فبإمكان المعارضين مقاومتنا، أما أن يحكم على نوايانا فهذا لا يجوز، ثمّ لا يجب أن يستهان بالديمقراطية، فالديمقراطية تظهر على أنها نظام هشّ ولكنها نظام قوي جدّا وله مخالب ولا يمكن الركوب عليها أو تجاوزها بسهولة.
-في أحد تصريحاتك قلت إنه ليس من المستبعد مشاركة النهضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من سيكون مرشحها يا ترى؟؟
مؤسسات الحركة هي التي تقرر حينما تحين اللحظة، وهذا الموضوع لم يناقش إلى الآن، ولكننا نساند قرار الحركة في اختيار الشخص الذي تراه صالحا لهذا المنصب.
ما رأيك فيما تكتبه الصحافة الغربية عن الخطر المحدق بالتجربة الديمقراطية في تونس؟؟
الخطر الرئيسي على التجربة مأتاه عدم الإهتمام الكافي بالمشاكل الإجتماعيّة وعلى رأسها مشكل البطالة وهذا هو التهديد الرئيسي للتجربة الديمقراطيّة وتحوّلها إلى الفوضى وهذه مسؤولية الطبقة السياسيّة المطالبة بإيفاء هذا الخطر حقّه لأنه خطر حقيقي.
هل هناك تواصل بين النهضة وبين السعودية والإمارات ؟؟
علاقتنا مع السعوديّة جيّدة.
ولكنّها معادية للإخوان المسلمين.
نحن لسنا إخوانا مسلمين، نحن حركة النهضة التونسيّة، بالنسبة للإمارات هنالك سوء تفاهم بيننا، ونحن كحركة ساعون لتفكيك هذا السوء في التفاهم والعودة بالعلاقات إلى مستواها الجيّد وهذه سياستنا مع كلّ الدول في العالم العربي.
ولكنّ الأستاذ عبد الرؤوف العيادي يصرّ على أن الإمارات تتآمر على الثورة في تونس.
عبد الرؤوف العيادي لديه العديد من الأسماء التي يراها متآمرة على الثورة التونسية ولم يعطنا إلى الآن ما يدلّ على ذلك ولم نره ينشر معلومات في هذا الصّدد.
يعني تفنّد قول القائل بأن الإمارات تتآمر على الثورة التونسيّة؟
لا أفنّده ولكنني لا أؤمن بالمؤامرات.
المؤامرة جزء من التاريخ.
لا أؤمن بها والواقع أفدح من المؤامرة، الذي يقع تحت ضوء الشمس أفدح ممّا يقال إنه مؤامرة.
ما رؤيتكم لمستقبل الإخوان المسلمين في مصر ؟؟
رأيي أن الإخوان المسلمين سيتّجهون بنفس التوجّه الذي تمضي فيه حركة النهضة.
ولكنهم كانوا في نفس التوجّه على ما أظنّ.
ما أقصده بـ”في نفس التوجّه” هو التخصص في العمل الحزبي والسياسي، وهو ما على كل الحركات المنتسبة إلى الإسلام السياسي أن تفعله تماشيا مع متغيرات المرحلة واحتياجات الشعوب.
كيف ترون مستقبل تنظيم الإخوان المسلمين على الصعيد العالمي؟؟
تسألني كثيرا عن الإخوان المسلمين، ما علاقتي بالإخوان المسلمين، ولماذا أهتمّ بمستقبلهم في العالم؟ نحن لسنا حركة إخوانيّة وليس لدينا أي ارتباط تنظيمي ولا عضوي بأي حركة خارج تونس.
إذن ماذا تفعل صورة راشد الغنّوشي على واجهة المقر الرسمي للإخوان في مصر، وتحديدا تحت صورة “حسن البنّا” ؟؟ّ
هل رأيتها؟
نعم رأيتها.
أنا لم أرها، وراشد الغنوشي ليس شخصيّة تونسيّة فقط، بل هو شخصيّة إسلاميّة وهو نائب لرئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمنتمي لهذا الإتحاد يشترط أن تكون لديه معرفة بالدين فقط.
يعني طيلة ثلاثين سنة والتونسيون يعرفونكم على أنكم إخوان مسلمين على وجه الخطأ؟؟
التونسيون لا يعرفوننا ولم يسمعونا طيلة ثلاثين سنة، بل كانوا يسمعون ما يقال عنّا، والآن فقط صاروا يسمعون منّا، وأنتهز الفرصة بالمناسبة لأقول لهم إننا لسنا إخوانا مسلمين.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.