الرئيسية » الهدهد » أوباما في مواجهة حلفائه “الغاضبين” و”لوبي” سعودي ضدَ مشروع قرار الكونغرس

أوباما في مواجهة حلفائه “الغاضبين” و”لوبي” سعودي ضدَ مشروع قرار الكونغرس

من المتوقع أن تكون زيارة باراك أوباما الأخيرة في ولايته الثانية التي تقترب من نهايتها ومحاولة لتخفيف الأضرار الناجمة عن تصريحاته الناقدة، ولهذا فهو كما يقول مايكل كرولي في مجلة “بوليتكو” لا يتوقع استقبالاً حميما. فالعلاقات بين أمريكا وهذه الدولة متوترة وكل ما سيقوم به الرئيس هو تقليل حجم الأضرار.

 

ففي الرياض اليوم سيحاول تخفيف مخاوف السعوديين من آثار الاتفاق النووي الذي عقدته الولايات المتحدة مع إيران. وفي لندن سيحاول إصلاح العلاقات مع ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء جراء تعليقاته في مجلة “أتلانتك” عن فشل لندن وباريس في التعامل مع الوضع في ليبيا بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي.

 

واعتبر أوباما لندن وباريس والرياض من الدول التي تريد الاستفادة من القوة الأمريكية (الركوب بالمجان) كم دون أن تتحمل مسؤولياتها، وهي تعليقات أثارت جدلاً في 10 داونينغ ستريت. وينتظر منه أن يدلي بتصريحات تؤيد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي والتحذير من مخاطر الخروج منه على اقتصاد البلد والاقتصاد العالمي.

 

ومن المقرر أن تجري البلاد استفتاءً حول الموضوع في شهر يونيو المقبل. وفي برلين سيحاول تجاوز الأضرار التي سببها تجسس وكالة الأمن القومي على هاتف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وهو موضوع أثار مشاعر المرارة والحساسية.

 

ووصف مستشار الأمن القومي، بن رودس، الزيارة بأنها “سلسلة من اللقاءات المترابطة”. ويعتقد كرولي أن أوباما سيظل في موقع الدفاع عن النفس في كل هذه الريارة، فالتوتر سيكون بادياً في محطة الرئيس الأولى وهي السعودية.

 

فعلاقته مع المملكة ظلت معقدة منذ زيارته الأولى لها عام 2009، وتدهورت نتيجة لسلسلة من القرارات والمواقف التي عبرت عنها إدارة الرئيس في سوريا وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

 

ويتعامل السعوديون مع الاتفاق النووي كخطوة أولى نحو تطبيع العلاقات مع عدوتها اللدودة- إيران.  وزاد سخط السعوديين من أوباما الشهر الماضي عندما نشرت مجلة “أتلانتك” مقابلة مطولة مع الرئيس تحدث فيها لجيفري غولدبيرغ عن “عقيدته في السياسة الخارجية”، ووصف الكاتب ما يشعر به أوباما من ضيق لأنه “مجبر على معاملة السعودية كدولة حليفة”.

 

كما أثارت مقابلة المجلة الصخب نفسه في لندن. وكشف اللقاء عن تأكيد أوباما لكاميرون ضرورة دفع بريطانيا حصتها من ميزانية الناتو (2% من الدخل القومي العام) وإلا تأثرت “العلاقة الخاصة” بين البلدين. وحمل أوباما كاميرون مسؤولية الفوضى في ليبيا وأشار إلى فشل رئيس الوزراء في إقناع البرلمان لدعم الخطط العسكرية التي كانت واشنطن تعدها لضرب النظام السوري لبشار الأسد ومعاقبته على تجاوزه الخط الأحمر، عندما استخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين في أغسطس 2013.

 

ورغم محاولة المسؤولين الأمريكيين التخفيف من حدة التعليقات والتأكيد على أهمية العلاقات الخاصة إلا أن الصحافة البريطانية لم “تشتر” كلامهم، بل تعرض أوباما للهجوم، حيث جرى تذكيره بأنه ترك العراق في حالة من الفوضى ووقف متفرجاً في سوريا ولم يفعل أي شيء في ليبيا وفلسطين ومع ذلك «يلومنا» نحن البريطانيين.

 

وقال “بن رودس” إن النقاشات الصريحة التي جرت بين أوباما وكاميرون أدت لزيادة بريطانيا النفقات على الدفاع بنسبة 2% من الدخل القومي العام. وأضاف أن بريطانيا لا ينطبق عليها وصف الدولة التي تمتطي ظهر الجواد الأمريكي.

 

وسيلقي أوباما بثقله في النقاش الدائر حول الخروج من الإتحاد الأوروبي عندما يلتقي يوم السبت شباباً بريطانيين في “تاون هول”. ورغم معارضة الرئيس للخطوة إلا أن رسالة وقعها 100 نائب برلماني طالبوه فيها صراحة بأن لا يتدخل. وذكره الموقعون بالعرف العام “عدم التدخل في الشؤون السياسية لحلفائنا ونأمل أن يستمر هذا”.

 

وتبدو أن المحطة الأهم في جولة أوباما ستكون هانوفر الألمانية، حيث العلاقة بينه والمستشارة الألمانية ميركل قوية. وفي مقابلة “أتلانتك” وصفها غولدبيرغ بأنها “واحدة من القيادات الأوروبية القليلة التي تحظى باحترام أوباما”.

 

ويقول “رودس” إن أوباما سيحاول معالجة التوترات في العلاقات الأمريكية الألمانية في خطاب له خاصة بعد الكشف عن تجسس وكالة الأمن القومي على ألمانيا ومتابعتها هاتف ميركل الشخصي، وسيعالج الموقف الألماني تجاه الميول العسكرية الأمريكية، حيث كشف استطلاع أجراه معهد “بيو” عن مواقف غير محببة من الألمان تجاه أمريكا. وقالت نسبة 50% إن لديها مواقف إيجابية من الأمريكيين وقالت نسبة 45% إن لديها مواقف غير إيجابية من أمريكا.

 

ويعلق “كرولي” أن نتائج الاستطلاع تشير إلى خذلان الألمان لأوباما الذي تحدث في عام 2008 أمام 100 ألف شخص اجتمعوا عند بوابة براندينبرغ، وذلك عندما كان مرشحاً للرئاسة.

 

ووفقا لتقديرات متابعين، فإن رحلة أوباما اليوم للسعودية هي أهم امتحان لسياسته الخارجية التي تقوم على تشجيع الدول الحليفة لأمريكا على تحمل مسؤولياتها واتخاذ المبادرة.

 

وسيجد أوباما أن هذه السياسة قد تقود إلى نتائج لا تناسب الولايات المتحدة، وفقا لما كتبه “هاوارد لافرنتشي” في صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”. ويرى الكاتب أن اليمن يمثل حالة في هذا الاتجاه. فقد تدخلت السعودية في هذا البلد قبل عام ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. ويقول إن التدخل ورط السعوديين في حرب لم تنته وأدت لمعاناة كبيرة وتوسع لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتزايد التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران. وبحسب فردريك ويهري، من مركز كارنيغي، فإن نتيجة سياسة أوباما تشجيع الحلفاء الاعتماد على أنفسهم هي “خسارة على الجهتين، فنحن نريد منهم تحمل المسؤولية، وعندما يفعلون يثيرون مشاكل تؤثر في الاستقرار”.

 

ويرى الكاتب أنه منذ بداية تركيز الرئيس على تأمين اتفاق مع إيران سياسة مستقلة، والنقاش الدائر في السعودية مستمر حول الطريق الذي يجب أن تسلكه السعودية بعيداً عن أمريكا.

 

ويعلق أنتوني كوردسمان من معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن قائلا: “أجد صعوبة في فهم اتهام الرئيس السعوديين بأنهم لا يلقون بثقلهم” خلف القضايا الإقليمية. ويشير للدور العسكري السعودي في سوريا والعراق واليمن. ويعتقد كوردسمان أن التوترات لها علاقة بتباين الأولويات خاصة فيما يتعلق بإيران. ويضيف أن نسبة النفقات العسكرية السعودية تشكل 14% من الدخل القومي العام. وهذا يشير إلى أن البلد لا يقف متفرجاً.

 

وترى صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” أن قادة الخليج والسعودية يعرفون أن الرئيس في طريقه للخروج من البيت الأبيض. وبحسب بيري كاماك من مركز كارنيغي “فهؤلاء القادة متعجلون لرؤية نهاية إدارة أوباما”، لكنهم ليسوا متأكدين إن كان الرئيس القادم سيعطيهم ما يريدون، إلا أن “كاماك” ليس واثقا من عودة الأمور إلى ما كانت عليه.

 

وفي الوقت الذي يعتقد فيه المحللون أن أمريكا ستظل منخرطة في الحرب ضد تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق، إلا أن عوامل أخرى مثل انخفاض اعتماد الولايات المتحدة على نفط الخليج وبداية تطبيق الاتفاق النووي تعني أن الأيام الجميلة السعيدة قد ولت بلا عودة.

 

ولكن الملف الأهم والمثير للجدل، كما كتب “ديفيد غراهام” في مجلة “أتلانتك”، هو هجمات 11 سبتمبر. ففي الوقت الذي كان الرئيس فيه يهيئ نفسه للرحلة درس الكونغرس مشروع قرار يحمل السعودية مسؤولية الهجمات مما سيعرض مصالحها في أمريكا للخطر.

 

ومن هنا كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن تهديد السعوديين ببيع أصول مالية بقيمة تريليون دولار أمريكي مودعة في الولايات المتحدة حال تمرير الكونغرس القرار. ويقول “غراهام” إن عائلات ضحايا 9/11 حاولت تقديم السعودية للمحكمة بسبب ما تراه دوراً لعبته في هذه الهجمات، إلا أن قانون 1976 يحصن الحكومات الأجنبية من المحاكمات في أمريكا.

 

ومن هنا، فمشروع القرار الجديد سيقوم بتعديل القانون ويجعل الدول الأجنبية التي ثبت تورطها في هجمات على التراب الأمريكي عرضة للمحاكمات. ويشير غراهام إلى أن المشروع تقدم به نواب من الحزبين مثل النائب الديمقراطي عن نيويورك تشاك شومير والنائب الجمهوري عن تكساس جون كورنين.

 

ويحظى المشروع بدعم كل من تيد كروز المرشح المحتمل للرئاسة وتشاك غراسلي وكريس كون. وفي الأيام الماضية أعربت كل من هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز عن استعدادهما لدعم مشروع القرار الذي وافقت عليه اللجنة القانونية في الكونغرس بالإجماع.

 

ويعارض أوباما القرار وحاول البيت الأبيض إقناع الكونغرس العدول عنه. وهدد المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض جوش إرينست بالفيتو. وقال إنه من الصعب تصور قيام الرئيس بالتوقيع عليه في صيغته الحالية. وكان جون كيري، وزير الخارجية قد حذر النواب من أن تمرير القانون سيفتح المجال لسابقة قد تقود إلى قيام دول أخرى بفتح ملفات تحقيق ضد الولايات المتحدة.

 

ويقول غراهام إن التهديد السعودي حظي باهتمام أكبر من تحذيرات المسؤولين. فالأرصدة السعودية تضم 750 مليار دولار كأصول مالية، بالإضافة إلى استثمارات تخشى الحكومة من قيام المحاكم بتجميدها. ويرى أن تقرير لجنة التحقيق في الهجمات لم يتوصل إلى أدلة تشير لتورط السعودية كدولة ومؤسسات أو قيام أفراد بارزين في الحكومة بتمويل تنظيم القاعدة.

 

وأفاد الكاتب أن هناك تفاصيل أخرى تتعلق بالسعودية وردت في تحقيق مشترك حول الفشل الأمني في منع الهجمات أُجري عام 2002 ولا تزال نتائجه سرية. ويعتقد أن الصفحات الممنوعة تلقي ضوءا على الدور السعودي- مسؤولين أو أعضاء من الحكومة، ولكن ليس الدولة. وحاول السناتور عن فلوريدا، بوب غراهام الدفع باتجاه الكشف عن هذه الصفحات.

 

ويشير الكاتب لما قاله “بن رودس”، مستشار الأمن القومي لأوباما والذي عمل في تحقيق هجمات 9/11 “من دون الدخول بتفاصيل لأنها لا تزال سرية، أعتقد أن الأمر معقد من هذه الناحية. ولم تكن لدى السعودية سياسة لدعم القاعدة. ولكن كان هناك عدد من الأثرياء السعوديين الذين قدموا شيئاً مباشرة لجماعات متطرفة أو جمعيات خيرية قامت بتبييض الأموال لهذه الجماعات. وكان هناك تمويل كبير. وتعرف أن أسامة بن لادن نفسه كان ثرياً سعودياً. ولهذا كان هناك مال كثير. وعليه فأصل الأموال التي وصلت لما أطلق عليها القاعدة خرجت من السعودية”.

 

ويرى كاتب المقال غراهام أن الجدل الحالي حول مشروع القرار يزيد من الضغوط للكشف عن محتويات هذه الصفحات. بل طالب السعوديون سابقاً بالكشف عنها، ففي عام 2003 قال وزير الخارجية في حينه سعود الفيصل لشبكة أنباء “سي أن أن”: “نريد رؤيتها لسببين: فإذا كانت هناك اتهامات للسعودية نريد الرد عليها، ولأننا نريد معرفة طبيعة الاتهامات، ولكن إن كانت هناك معلومات عن دعم محتمل للإرهابيين نريد معرفته حتى نعالج الوضع”. وهناك إشارات عن إمكانية قيام أوباما للكشف عن الصفحات.

 

فقد قال السناتور غراهام لصحيفة “تاما بي تايمز” الأسبوع الماضي إن البيت الأبيض أبلغه عن قرار سيعلن بشأنها في شهر أو شهرين. ومن هنا تفترض “أتلانتك” إمكانية قيام الرئيس في رحلته إلى السعودية الكشف عنها.

 

وتعلق “ميغان ويلسون” في صحيفة “ذهيل” المتخصصة في شؤون الكونغرس أن السعودية لديها “لوبي” قوياً في واشنطن يمكنها من مقاومة مشروع الكونغرس. إذ تعتمد المملكة على 8 شركات ضغط تقوم بالدفاع عن المصالح السعودية والاستشارة والعلاقات العامة والقيام بمهام قانونية.

 

وتعمل خمس شركات مع السفارة السعودية، أما مجموعة بوديستا ومجموعة بي جي أر، فمسجلتان لتمثيل مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في البلاط الملكي السعودي، والذي يعتبر مؤسسة حكومية.

 

وتنسق مجموعة علاقات عامة “إلدمان” مع هيئة الاستثمار السعودية العامة التي تعمل لتشجيع الإستثمار الدولي في السعودية. وتقول ويلسون إن السعودية زادت من جهودها العام الماضي عندما استأجرت ست مؤسسات.

 

ويقدر ما أنفقته السعودية على جهود اللوبي حوالي 9.4 مليون دولار. ومع أن الكشوف المالية عن نشاطات اللوبي السعودي لا تتحدث عن مكافحة مشروع القرار في الكونغرس أو العدالة ضد تمويل الإرهاب، إلا أن هذا قد يتغير.

 

وتقول ويلسون إن السعودية لديها ممثلين كبار في واشنطن. فبوديستا تحصل 140.000 دولار عن خدماتها في مجال العلاقات العامة. وفي عام 2015 اتصلت بمشرعين وصحافيين ومسؤولين ومنظمات، بما فيها “هيومان رايتس ووتش”.

 

أما مجموعة بيلسبري ويثروب، والتي حصلت على عقد بقيمة 15.000 دولار في الشهر، فقد قدمت نصائح للمملكة حول طريقة التعامل مع الاتفاق النووي الإيراني.

 

وتستشيرها المملكة في قضايا قانونية تتعلق بالعلاقات الأمريكية مع دول الشرق الأوسط. وتحصل شركة دي أل إي على 50.000 دولار في الشهر وقامت بإرسال مئات الرسائل الالكترونية للمسئولين والنواب تطلب فيها لقاءات تتعلق بموضوعات تؤثر على المصالح القومية الأمريكية- السعودية.

 

وأمنت شركة اللوبي والقانون هوغان لوفيلز لقاء مع السناتور بوب كروكر (تينيسي) وريتشارد بير (نورث كارولينا) وجون ماكين (أريزونا) وديك ديربن (إلينويز).

 

وتحصل على 60.00 في الشهر لقاء خدماتها. ولم تكشف الشركة عن محتوى ما جرى في اللقاءات سوى مناقشة أمن الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب والعقوبات على إيران.

 

وتعتبر مجموعة “أم أس أل”، وهي شركة استشارات، من أكبر المستفيدين من جهود اللوبي السعودي وحصلت في العام الماضي على 7.9 مليون دولار. وعملت الشركة التي تقدم خدماتها للمملكة منذ عام 2002 على رسم صورة جيدة حول الحملة العسكرية في اليمن.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.