الرئيسية » الهدهد » معرض تونس الدولي للكتاب: حضور ضعيف وعارضون ساخطون وكتب ممنوعة بسبب “لحية البائع”

معرض تونس الدولي للكتاب: حضور ضعيف وعارضون ساخطون وكتب ممنوعة بسبب “لحية البائع”

(خاص – وطن/ كتب: شمس الدين النقاز) مثلما هي العادة في كلّ عام، ينتظر بعض التونسيين الشغوفين بالكتب معرض تونس الدولي للكتاب الّذي ينتظم كلّ سنة في الثلث الأخير من شهر مارس/آذار في قصر المعارض بالكرم بضواحي العاصمة.

 

قبل انطلاق المعرض بأيّام، نظّمت الهيئة المشرفة على تنظيم هذا المعرض الراجع بالنظر إلى وزارة الثقافة التونسية ندوة صحفيّة قدّمت فيها برنامج المعرض وآخر التحضيرات بالإضافة إلى آخر الإستعدادات وبعض التحذيرات للقاصدين وللعارضين الزائرين من مختلف البلدان وذلك لتحفيز التونسيين على زيارة المعرض.

 

معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الـ 32 هذه السنة والّتي يشارك فيها 21 دولة، كان مختلفا عن الدورات الّتي سبقته مبنا ومعنا، كمّا وكيفا، فتحت شعار “نشر ثقافة السلام في مواجهة الإرهاب” تأهب محبو القراءة منذ صباح يوم الجمعة الماضي، للحدث السنوي الأكبر في بلادهم للكتاب الذي يحتفي هذا العام بدولة فرنسا كضيف شرف للدورة وبمشاركة 810 ناشرين من 23 دولة عربية وأجنبية.

 

في محيط المعرض وداخل العاصمة لا شيء يوحي بأن المعرض ملتئم، بل كلّ ما في الأمر ملصقات محدودة في بعض الطرق تشير إلى أنّ الدورة 32 من معرض الكتاب تنطلق فعالياتها يوم 25 مارس.

 

فور الدخول إلى المعرض كان هناك جهاز كشف للمتفجرات وآله “سكانار” يتمّ تمرير الحقائب فيها وذلك في إطار الإستعدادات الأمنية الإستثنائيّة ولم تكن هذه الأجهزة والإستعدادات موجودة إلّا في الدورة 31 و32 على التوالي وذلك للتوقي من الحوادث الإرهابيّة.

 

عدد الزائرين داخل المعرض لم يكن كبيرا بل كان محتشما في البداية، وذلك عند الساعة 11.30 صباحا، بل كلّ ما في الأمر عشرات العارضين على اليمين وعلى الشمال ينتظرون أن يحلّ القارئ لتبضّع الكتب الّتي تستهويه وأعدّ لها ميزانيّة خاصّة.

 

دار الجيل، الدار المتوسطية للنشر، جناح “كتابي للنشر والتوزيع”، دار اليمامة للنشر (تونس)، “مكتبة الكتاب” “دار الشروق”، وغيرها من الدور المنتشرة في مختلف الأجنحة تغضّ بالكتب وتنتظر الزائرين لشراء ما خفّ حمله وكان مقبولا سعره.

 

الزوار قليلون والمشترون أقلّ

وأنت داخل للمعرض، يطالعك على يدك اليمنى جناح كبير وواسع يعدّ من أكبر الأجنحة في المعرض، إنّها “دار الجيل” اللبنانيّة الّتي كان عدد المتواجدين في جناحها الفسيح والواسع ضعيفا، وفي هذا السياق يقول أحد المسؤولين التونسيين في دار الجيل لـ”وطن” “المعرض هذه السنة في بداياته كارثي، لا نعلم أين ذهب الزائرون، إقبال ضعيف وحجم المبيعات منخفض مقارنة بالسنة الماضية.”

 

وأضاف المسؤول وهو يرصف بعض الكتب الأدبيّة على طاولة مليئة بعشرات العناوين “لم نكن نتوقّع هذا الإقبال الضعيف الّذي لم نفهم إلى الآن أسبابه، لكن نأمل أن تتحسّن الأوضاع في الأيّام القادمة.”

 

في رواق دار الجيل، آلاف العناوين الأدبية العربية والمترجمة بالإضافة إلى مثيلاتها من الموسوعات الدينية والتاريخية المختلفة، طبعات فاخرة لآخر الكتب الصادرة في العالم العربي لأكبر دور النشر اللبنانية والمصريّة، كصحيح البخاري ومسلم وكتب التاريخ الحديث والقديم، ولعلّ أجمل ما يثير انتباهك في هذا الجناح تلك الموسوعات المصفوفة على الرفوف والّتي غالبا ما تتكوّن من أكثر من مجلّد.

 

غير بعيد عن جناح دار الجيل، تحلّ المكتبة العصريّة اللبنانية المعروفة بحفاظها على نفس الجناح منذ سنوات ضيفة على معرض الكتاب بأنواع مختلفة من الكتب الدينية والأدبية والتاريخية والموسوعات البحثية، كتب على اليمين وعلى الشمال، دواوين شعريّة بالعشرات بدءا بالشعراء الجاهليين مرورا بالأمويين فالعباسيين وصولا إلى رواد المدرسة الحديثة بقيادة نزار قباني دون أن ننسى عشرات الروايات الأدبية لجبران خليل جبران والمنفلوطي والعقاد وغيرهم.

 

“50 في المائة تخفيض” بهذه الكلمة الشهيرة الّتي حفظتها عن هذا الجناح الّذي أزوره سنويّا يجيب البائع الزائرين ويعيد ويكرّر أنّ الأسعار نهائيّة ولا تقبل النقاش بعد هذا التخفيض الكبير.

 

وعن سؤاله عن رأيه في الدورة الـ32 لمعرض الكتاب في تونس هذه السنة، قال العارض اللبناني “لم أر خلال مشاركاتي السابقة في معرض الكتاب في تونس إقبالا وتنظيما ضعيفين مثل هذه السنة، فالزوار قليلون والمشترون أقلّ.”

 

ويضيف الناشر اللبناني غاضبا “هناك تمييز بين العارضين التونسيين والأجانب، فثمن كراء المتر المربّع الواحد للأجنبي يصل إلى 100 دينار (حوالي 50 دولار) في حين التونسي 40 دينار وعليه تخفيضات أيضا.”

 

وعلى بعد خطوات من هذا الجناح يكون الموقع المخصص لجناح دار اليمامة للنشر (تونس)، وتقول إيناس كلبوس أحد المسئولين عن الدار إن كتب الأطفال التعليمية تلقى قبولا كبيرا خاصة مجموعة “جسر النجاح” التي تغطي المناهج من الفصل الأول وحتى السادس الابتدائي. وتضيف أن سلسلة “مكارم الأخلاق” للأطفال أيضا عليها طلب كبير.

 

كما تعرض دار اليمامة قصصا عالمية مترجمة إلى العربية مثل “بينوكيو” و”ثلجاء والأقزام السبعة” و”ذات القبعة الحمراء”، وكلها تباع مع أقراص مضغوطة (السي دي).

 

وتشارك في المعرض 23 دولة هي: مصر ولبنان وسوريا والسعودية وليبيا والكويت والمغرب والإمارات وعُمان والأردن وقطر وفلسطين والسودان والجزائر وتركيا وإيران وإيطاليا والصين وإسبانيا والأرجنتين والسنغال وفرنسا، إضافة إلى تونس.

 

في إحدى قاعات المعرض الفسيحة، يحتلّ جناح “مكتبة الكتاب” مساحة واسعة مليئة بمختلف الكتب الفكرية والأدبية والفلسفية وخاصة باللغات الأجنبيّة على غرار الفرنسيّة والإنقليزيّة، وعن رأيه في التنظيم وفي الإقبال وحجم المبيعات في هذه الدورة، قال أحد المسؤولين عن جناح مكتبة الكتاب لـ”وطن” “هذا المعرض مثل المعارض السابقة، التنظيم مقبول وحجم المبيعات بالنسبة لنا كمكتبة الكتاب صحيح أنّه أقلّ من السنة الماضية لكن في مجمله مقبول وكل الكتب متوفّرة.”

 

“بسبب لحيتي تعرّضت إلى مضايقات”

وغير بعيد عن مكتبة الكتاب، يقف أحد العارضين المصريّين في جناحه المخصّص يراقب الوافدين لتقليب الكتب واختيار ما يصلح اقتناؤه منها، وعند سؤاله عن رأيه في المعرض هذه السنة، قال العارض المصري ذو اللحية الكثّة “معرض السنة الحاليّة فاشل بالنسبة لي، والتنظيم غير محكم والتعطيلات الّتي تعرّضنا لها كمصريّين لدوافع أمنيّة ورفض السلطات التونسية منحنا لتأشيرات الدخول منعت عديد العارضين المصريين من الدخول إلى تونس رغم أنّ بعضهم قام بإرسال الكتب قبل فترة.”

 

ويضيف العارض المصري لـ”وطن” “انظر إلى هذه الأجنحة الفارغة، هؤلاء كلّهم تحصّلوا على الموافقة من قبل إدارة المعرض ولكن رفضت السلطات التونسية إسنادهم التأشيرة، وأنا أحد القلائل الّذين تحصّلوا على تأشيرة دخول لكن قبل 10 ساعات فقط من بداية المعرض.”

 

وعن سؤاله عن الرقابة على الكتب الدينية الوافدة من مصر، أردف العارض قائلا “من ناحيتي الخاصّة أؤكّد لك أنّ هناك رقابة وبشكل شبه يومي يزورني المسؤولون في المعرض وبغلقون الجناح ويقومون بتفتيش الكتب وعندما لم يجدوا أيّ شيء غير صالح للناشر، طلبوا منّي أن لا أبيع كتاب “منهاج المسلم” لأبي بكر الجزائري في حين كلّ العارضين الآخرين يبيعونه ويعرضونه، فلماذا هذا التمييز بسبب لحيتي؟”

 

انتهت جولتنا في معرض الكتاب في دورته 32 بزيارة أغلب العارضين المختلفين الّذين كانوا شبه مجمعين على أنّ هذه الدورة كانت استثنائية بكلّ المقاييس وكانت سلبيّاتها أكثر من إيجابيّاتها وخاصّة على مستوى التنظيم والإقبال الضعيف في الأسبوع الأوّل للمعرض الّذي يستمرّ إلى غاية 3 من أبريل المقبل.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.