الرئيسية » الهدهد » استقلال الجامعات من ملكية فؤاد إلى جمهورية السيسي.. ما أشبه الليلة بالبارحة

استقلال الجامعات من ملكية فؤاد إلى جمهورية السيسي.. ما أشبه الليلة بالبارحة

“خاص- وطن”- تمر السنوات وربما العقود، ثم نجد التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، لذا يا ويل مَن لا يتعلم من التاريخ ودروسه. فمنذ نحو 8 عقود شهدت جامعة القاهرة حراك طلابي قوي ضد ملك مصر فؤاد، واليوم لا يختلف الأمر في شيء سوى أن الطلاب لايزال صوتهم مكتوم، لكن حتما سينفجر مالم يتم التقرب منهم وفهم مشاكلهم.

 

84 عاما على ذكرى الاستقلال

يصادف اليوم 9 آذار/ مارس الذكرى الـ84 ليوم استقلال الجامعات، حيث شهد فيه عام 1932، حركة احتجاجات قوية نظمها طلاب بجامعة القاهرة، اعتراضا على تدخل سلطة الملك فؤاد في ذلك الوقت بقرارات فصل وتعيين عمداء وأساتذة الجامعة، ما اعتبروه الطلاب إهانة لكرامة الجامعة.

 

وتعود أحداث ذلك اليوم لقرر إقالة عميد الأدب العربي “طه حسين” من منصبه كعميد لكلية الآداب جامعة القاهرة وقتها، وبعدها استقالة أحمد لطفي السيد رئيس الجامعة اعتراضا على القرار الذي صدر بعد زيارة الملك فؤاد إلى مقر الجامعة واعتراضه على عدم التصفيق له.

 

طه حسين ويوم الاستقلال

وروى الدكتور طه حسين هذه القصة إلى الكاتب الصحفي محمود عوض، وجاء بها في كتابه “أفكار ضد الرصاص”، وأضاف إليها قصة أخرى عن زيارة الملك فؤاد للجامعة، قائلا: قبل وصوله سألني زملائي باعتباري عميدا للكلية، هل نلقي محاضرات خاصة بمناسبة زيارة الملك؟، قلت: لا كل محاضرة كما هي، وكل أستاذ في محاضرته المعتادة.

 

وحينما وصل الملك ودخل أول قاعة للمحاضرات فوجئ بالطلبة يستمعون إلى محاضرة النظام الدستوري، غضب الملك، ثم غضب مرة ثانية حينما دخل عدلي باشا رئيس مجلس الشيوخ، فصفق له الطلبة أشد مما صفقوا للملك، يستكمل طه حسين: في الواقع إنهم لم يصفقوا للملك أصلا، هنا قال الملك فؤاد: كيف يصفق الطلبة لعدلي ولا يصفقون لي؟، هذا عمل من تدبير الملعون طه حسين.

 

وعلى أثر هذا الموقف توترت العلاقة بين الملك فؤاد وطه حسين واتجه الأول لنقل الأخير من جامعة القاهرة، وهو ما دفع أحمد لطفي السيد، مدير الجامعة المصرية عام 1932 للتقدم باستقالته من منصبه؛ احتجاجًا على قرار وزير التعليم بنقل الدكتور طه حسين من الجامعة دون مشاورته، وأعلن الطلاب الإضراب يومي 9 و 10 مارس، وأعلن مجلس اتحاد الجامعة برئاسة الطالب يحي العلايلي أسفه لهذا القرار واعتبره امتهانا لكرامة الجامعة، وفي كلية العلوم عقد الطلاب مؤتمرا برئاسة سكرتير اتحاد الجامعة طالب الحقوق يحي نامق ناشدوا أساتذة الجامعة بتقديم استقالتهم أسوة بمدير الجامعة، ومنذ ذلك الموقف أصبح 9 مارس رمزا لاستقلال الجامعة.

 

حركة 9 مارس

يصادف ذلك اليوم أيضا ذكرى تأسيس حركة «9 مارس لاستقلال الجامعات» عام 2003، أيام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعد سيطرة الأجهزة الأمنية على العمل الجامعي، بدءًا من تعيين رؤساء وعمداء الجامعات، مرورا برؤساء الأقسام، وصولا إلى انتخابات الاتحادات الطلابية والعمل السياسي داخل أسوار الجامعات والكليات المختلفة، حتى حرس الجامعة، صدر قرار من رئيس الوزراء بإسناده إلى وزارة الداخلية وقتها.

 

اشتعل آنذاك، غضب مجموعة من أساتذة الجامعات، وبدأوا في تدشين حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وفي عام 2004، عقد أول مؤتمر للحركة بعد صراع طويل خاضته مع إدارة جامعة القاهرة، وكانت أهم المعارك التي اجتازتها، الحصول على حكم قضائي من المحكمة الإدارية العليا في سبتمبر عام 2010، ببطلان قرار رئيس الوزراء بإنشاء إدارة الحرس الجامعي تتبع وزارة الداخلية، الحكم الذي أخرج الحرس من جامعة القاهرة، وتم تعميمه على باقي الجامعات بعد ثورة 25 يناير، لكن بعد 30 يونيو وموجة المظاهرات التي شهدتها الجامعات، قضت محكمة الأمور المستعجلة بعودة الحرس الجامعي مرة أخرى عام 2014.

 

التصدي للحكم الديكتاتوري

قال الدكتور يحيي القزار، أحد مؤسسي الحركة، إن مجموعة الأشخاص التي كونت «9 مارس» نجحت في عدة مواقف أثبتت أن المجتمع المدني مازال قادرا علي التصدي لمحاولات الحكم الدكتاتوري والسياسات الأمنية التي تحاول السيطرة علي كل كبيرة وصغيرة في الدولة، أهمها رفض عودة الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية في عز جبروت نظام مبارك، بالإضافة إلى رفض تدخل الجهات الأمنية في العمل الجامعي.

 

وأضاف القزاز أن الوضع الحالي أشبه بالظروف التي تأسست فيها الحركة، فعادت المشاكل والتحديات التي واجهت الحركة قبل 13 عاما، من بينها السياسيات الدكتاتورية للنظام بشكل عام، بجانب عودة تحكم أجهزة الأمن في العمل الجامعي، والدليل، إلغاء نتائج انتخاب اتحاد الطلاب، وعودة التعيينات لرؤساء الأقسام وعمداء الجامعات، بعد أن كانت بنظام الانتخاب، بالإضافة إلى منع العمل السياسي والحزبي داخل الجامعات، مؤكدا أن النظام الحالي أعاد نفس سياسات مبارك فيما يخص ملف التعليم وتحولت الجامعات لمحو الأمية وليس للتعليم والثقافة والتأسيس لدولة ديمقراطية حديثة.

 

ما أشبه الليلة بالبارحة

وأوضح الدكتور أحمد دراج، أحد المؤسسين، أن الحركة دشنت في عز جبروت نظام مبارك، الذي كان يسيطر علي كل كبيرة وصغيرة داخل الجامعات قبل 13 عاما، متابعا: للأسف، نمر اليوم بظروف مشابه، مؤكدا أن وضع التعليم في مصر كارثي، لينتهي إلى الوصول للمرحلة الأخيرة علي مستوي العالم، ونحن بحاجة إلى إعادة هيكلة لمنظومة التعليم بأكملها حتى نستطيع العبور من النفق المظلم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.