الرئيسية » تحرر الكلام » الجيوش الوطنية والثورات العربية دراسة منهجية تجريبية موثقة (4)

الجيوش الوطنية والثورات العربية دراسة منهجية تجريبية موثقة (4)

رابعاً : الخيط الرفيع بين الجيوش العربية في ظل السيطرة الأجنبية والفكرة الإسلامية :

باستقراء هذه المحصلة القاسية من تاريخ العالم العربي ، ومحاولة التقاط ما يتعلق منها بالجيوش العربية ، يمكننا أن نقف على جملة من الحقائق نرصدها فيما يلي :

(أ) أهمية الرابطة الإسلامية : بالرغم من صعوبة التلاقي بين أجزاء الدولة الإسلامية وتقطيع أوصالها بشكل قاسيِ ، إلا أن الرابطة الإسلامية بما كانت تعنيه من أداة الخلاص من ذلك التردي ، ظلت هي الرباط الوثيق الجامع والمغذي لكافة التحركات التي خاضتها الجيوش العربية بكافة أشكالها ، والتي حددت الغاية والهدف في التحرر من السيطرة الأجنبية ، ولو أن غاية الوحدة العربيةأو الإسلامية كانت هدفاً يبدو بعيد المنال .

(ب) قصور الطرح الإسلامي : لم يقدم الطرح الإسلامي المعاصر لتلك الآونة أدوات الحركة بشكل فعّال وواقعي وسط التغييرات الصاخبة التي أحدثها التدخل الأجنبي في البنية الاجتماعية والفكرية للمجتمعات الإسلامية ، التي بدا أنها مُقْدِمة على تغييرات غامضة ومجهولة العواقب.

(ت) بروز دور القوى السياسية : لقد أوكلت مهمة الحركة السياسية لقوى جديدة ، كانت نتاجاً لطبقات جديدة أحدثها التدخل الأجنبي في البنية الاجتماعية والفكرية في المجتمعات العربية مثل الأحزاب والنقابات والنخبات النظامية والأرستقراطية والجماعات المصلحية المختلفة .. الخ ، وقد اتسمت هذه القوى بحرية حركة غير عادية وبأدوات عصرية مكنتها من مجابهة السيطرة الأجنبية .

(ث) بروز وازدهار الرابطة القومية والوطنية : تبلور بشكل نهائي معنى الوطن والوطنية وكذا القومية ، ومنها ما تغلف بغلاف إسلامي ، ومنها ما برز مجرداً نقياً ، وكان ذلك إيذاناً لبدء مرحلة جديدة من الجهد الشاق والمضني الذي بذله المثقفون في العالم العربي من أجل البحث عن صيغ ائتلافية توفيقية بين الأفكار الثلاثة الوطنية والقومية والإسلام ، وإيذاناً كذلك بانتهاء الحديث الجاد عن الفكرة الإسلامية كرباط نظامي بين أجزاء العالم الإسلامي.

(ج) تداخل والتباس مفاهيم التحرر الوطني والقومي والإسلامي :

لقد جاهدت الجيوش العربية بجميع أشكالها التي قدمناها من أجل التحرر من الأجنبي ، وفي ظل زخم هذا الجهاد اختلطت مفاهيم الرغبة في التحرر “الوطني” أو “القومي” أو “الإسلامي” ، إلا أنه كان في النهاية تحرراً للكيانات الوطنية أو القومية أو الإسلامية من الأجنبي بممتلكاتها الحضارية والثقافية ، ومن ضمنها الذات الحضارية للإسلام ومنطقه الثقافي الخاص ، ولكن تلك الذات تم حجبها خلف توجهات جديدة تمثلت في القومية والوطنية .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.