الرئيسية » الهدهد » من الكورنيش البحري إلى الستة إلا ربع… شوارع العشاق في سوريا غادرها الحب واستوطنها الخراب

من الكورنيش البحري إلى الستة إلا ربع… شوارع العشاق في سوريا غادرها الحب واستوطنها الخراب

 

وطن- خاص”- كتب وعد الأحمد-  مع اقتراب عيد “فالنتين” أو ما يُعرف بـ”عيد العشاق” يفتقد السوريون لهذه المناسبة ولكن ثمة ما يشدهم إليها من خلال حنينهم لما كان يُسمى شوارع الحب في العديد من المدن السورية التي غادرها الحب واستوطنها الخراب من شارع ( الستة إلا ربع ) في دير الزور إلى شارع (الكورنيش البحري) في طرطوس مروراً بشارع (العشاق) و(الدبلان) في حمص حيث كانت هذه الشوارع تمتد لترسم “خارطة الطريق” لشبان وصبايا يحاولون الهروب من العيون المتلصصة وكسر طوق الحصار الاجتماعي لعلاقات الحب التي يحيونها، وكانت هذه الشوارع بتسمياتها الطريفة أحياناً وبصخبها الدائم وحركة مرتاديها التي لا تهدأ تمثل أمكنة مفتوحة يستعيد العشاق والمحبون من خلالها زمن الرومانسية الذي يبدو وكأنه أصبح جزءاً من الماضي الجميل أما اليوم فتحولت إلى أكوام من الخرائب والأطلال.

3

يُعد شارع العشاق الذي يمتد من أوستراد شارع الحضارة إلى كنيسة القيامة بمسافة تتجاوز الـ 1 كم من أهم شوارع حمص، إذ يتميز بهدوئه واتساعه ويمثل ملاذاً ومكاناً للعشاق من أبناء الحي، وحتى من بقية أحياء حمص الذين كانوا يتقاطرون إليه قبل الحرب بغرض التجوال فيه ولقاء من يحبون منذ ساعات الصباح الأولى وحتى ساعات متأخرة من الليل، أما اليوم فتحول الشارع إلى كابوس يؤرق أهالي المنطقة المؤيدين للنظام بأغلبيتهم وخصوصاً بعد أن شهد خلال السنوات الماضية العديد من عمليات التفجير وطغت على الشارع والحي برمته المظاهر العسكرية وانتشار حواجز التفتيش في كل مكان.

 

ستة إلا ربع !

ستة إلا ربع ليس مجرد توقيت زمني في دير الزور( شمال شرق سورية ) وإنما هو اسم طريف لشارع يمثل واحداً من أشهر شوارع الحب في سوريا، وكان هذا الشارع قبل أن يهيمن تنظيم الدولة على دير الزور يضم أشهر المحلات التجارية والصيدليات والعيادات الطبية، كما يمثل صلة وصل بين ثلاثة شوارع تحيط بالقلب التجاري لمدينة دير الزور، وهي شارع سينما فؤاد، شارع حسن الطه، والشارع العام، كما يطل على دوار التموين، ويتميز بتعدد تسمياته إذ انتقلت تسميته الرسمية من “شارع أبو عابد” بسبب وجود جامع الشيخ أبوعابد فيه إلى الاسم الرسمي الحالي “جادة الميسات” ثم إلى الاسم الشعبي والأكثر انتشاراً وهو”ستة إلا ربع”. غير أن أهمية هذا الشارع وفرادته تأتي من طرافة اسمه، وبعد أن كان الشارع قبل سنوات الحرب يعج بمئات المرتادين وبالذات الشبان والفتيات منهم أصبح الشارع قاعاً صفصفاً يستوطنه الخراب.

2

جزء من ذاكرة الديريين

وحول سبب تسمية شارع ستة إلا ربع بهذا الإسم هذه تقول الكاتبة أمية العبيد لـ “وطن” : هناك العديد من الروايات حول تسمية الشارع بهذا الاسم الرواية الأولى تقول أن عرض الشوارع المحيطة بهذا السوق هو 6 أمتار فيما يبلغ عرضه 6 أمتار إلا ربعاً لذلك سمي بذلك. والرواية الثانية تقول أن حدود الدير العتيق كانت تلامس حدود هذا الشارع أي أنه يشكل نهاية مدينة دير الزور القديمة، وحين بدأت عدة محلات عملها هناك كان الديريون يسمونها “محلات ستة إلا ربع” و(ستة إلا ربع) تعني في اللهجة الديرية القديمة: الشيء المزيف، أي أن السوق بمحلاته كان مزيفاً ليس فيه أي حركة تجارية بسبب بعده عن مركز المدينة القديمة. والرواية الثالثة وهي الأكثر انتشاراً – بحسب محدثتنا-تقول أن السوق يشرع أبوابه واسعاً لتدفق الفتيات حوالي الساعة ستة إلا ربعاً بحيث يمتلئ الشارع بهن كما يمتلئ بالشبان الذين ينتظرون على مداخله وبناء على هذه الحالة سمي بـ “شارع الستة إلا ربع” وسواء كانت إحدى هذه التسميات هي التسمية الحقيقية للشارع أم لا، فإن هذا لا يمنع من القول أن شارع الستة إلا ربع كان ولا يزال رغم وقع الحرب جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة “الديريين” ودخل في نسيج حياتهم الاجتماعية رغم أنه شارع بسيط متواضع لا يحمل من سمات الحداثة شيئاً .

4

ملتقيات مثالية

وفي وسط مدينة حماة الذي يبدو بمنأى عن الحرب تحول شارع العاصي بالقرب من نواعيرها الشهيرة إلى ما يشبه المنتزه المفتوح تحلو المشاوير والنزهات فيه على صوت عنين النواعير وخرير مياه العاصي بين الفتيات والشبان كلاً على حدة فالمجتمع الحموي لا زال مجتمعاً محافظاً يندر الاختلاط فيه وعلى بعد أمتار قليلة من الشارع تقع ساحة العاصي التي شهدت أول مظاهرة سلمية مليونية في سوريا.

 

أما في مدينة اللاذقية حيث المجتمع هناك أقل محافظة وأكثر انفتاحاً فيبدو الكورنيش البحري كفضاء مفتوح للمواعيد والمشاوير، ولذلك ترى الفتيات والشبان يسيرون جنباً إلى جنب، يتجاذبون أطراف الحديث ويتمازحون ويضحكون بأصوات عالية بلا حرج رغم أجواء الحرب التي تحيط بهم.

5

وتحول “الكورنيش البحري” في مدينة طرطوس الساحلية بعد تجديده وافتتاح عدة كليات جامعية، ووفود طلاب من مختلف المحافظات إليها، إلى ملتقى للشبان والشابات حيث يتوزعون بشكل ثنائي ويمارسون على الأرصفة الحجرية الممتدة داخل البحر طقوس الحب على مرأى الناظرين دون خجل أو وجل وهي مشاهد تبدو نافرة وغير منسجمة مع أحوال المدينة التي يصفها البعض بمدينة الشبيحة بإمتياز وهي تستقبل يومياً عشرات التوابيت لشبان انتزعتهم دهاليز الحرب بعيداً عن الحب.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.