لا احد فى تاريخ مصر الحديث من الحكام و الرؤساء احب مصر وعاش ومرض ومات من اجلها كما احبها عبد الناصر انحاز للشعب وللطبقه الفقيرة افعالا لا اقوالا فمنذ تولية السلطة حرص على عمل اصلاحات اجتماعية لتقليل الفجوة بين الطبقات والقضاء على الاحتكار وسيطرة راس المال واتاح التعليم المجانى والسلع الغذائية والملابس المدعمة وعمل على تثبيت الاسعار وكان يهدف من وراء ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية . فكان عبد الناصر العائل للمصريين رب الاسرة ومصدر الامان وموزع العدل بالتساوى بين المصريين فمنح الارض لصغار الفلاحين وجعل العمال جزء من مصانع الدولة فلاول مرة يشعر المصريين بان الحاكم والرئيس منهم يشعر بما يشعرون من الفقر فاحبة المصريين لما مثلة لهم من زعامة وقوة وشهامة واخلاق نبيلة فكان لهم القدوة والمثل الاعلى ورغم اخطاءة السياسية الكبيرة الا انهم غفروها لة وبايعوة على استرداد الكرامة والارض .
شعر عبد الناصر بضخامة المسئولية الملقاة على عاتقة فعمل على بناء مصر (صناعيا – زراعيا ) وقام باصلاحات كثيرة لاعادة البناء ولتصبح مصر دولة محورية فى منطقة الشرق الاوسط ولهاوزنها الاقتصادى والسياسى فظل يحلم بالقومية العربية كقوة اقليمية مناهضة لقوة الاحتلال الاسرائيلى وحليفها الاستراتيجى الولايات المتحدة .
وفى الحقيقة واجهة عبد الناصر تحديات عظيمة فالقوة العظمة ظلت تحارب عبد الناصر فى الخفاء لاقصاءة و لاضعافة وحالت بين حلم عبد الناصر والوحدة العربية كما ان مبدا الوحدة العربية لا يروق ويتوافق مع الدول الخليجية المتطلع الى الثراء النفطى والمالى مع دول عربية ذات دخل منخفض. كما ان الاقطاع وما شكلة من خطر على مكتسبات الثورة وبعض قادة الثورة وسعيهم الدائم لتحقيق اكبر المكاسب المادية والسياسية فما كان من عبد الناصر الا الوقوف بكل قوة لتلك المحاولات . ومن المواقف الانسانية التى لا تنسى ونستشف منها مدى حب عبد الناصر لمصر عندما قال لوالده فى احد المواقف انت لم تورثنى حكم مصر لكى اتصرف فيها كما اشاء او اظلم انسانا على حساب اخر وذلك عندما اراد الوساطة لاحد اقاربة للحصول على قطعة ارض صحرواية لاستصلاحها .
ومن اخطاء عبد الناصر السياسية حرب 1967 والوقوع فى الفخ الذى نصب لة من قبل اسرائيل وامريكا والغرب واشترك الاتحاد السوفيتى بدون ادراك حقيقى للموقف المستقبلى الذى تخطط لة اسرائيل وامريكا والغرب للحد من خطورة عبد الناصر. وبالرجوع الى وقائع الاحداث ففى ابريل 1967 ذهب وفد من مجلس الامة برئاسة انور السادات رئيس مجلس الامة لزيارة الاتحاد السوفيتى وكان الوفد يضم ابراهيم شكرى وعبد السلام الزياد ونوال عامر وفى مطار موسكو كان رئيس الحكومة السوفيتى فى انتظار الوفد المصرى القادم فانتحوا رئيس الحكومة السوفيتى جانبا من المطار وابلغ رئيس الوفد المصرى انور السادات بطريقة جادة عن طرق اجهزتهم السرية بان وجود حشود اسرائيلية عند الحدود السورية وان مصر ينبغى لها ان تتخذ من الاجراءات ما يتناسب مع الوضع وعلى الفور عقد اجتماع ضم عبد الناصر والمشير عامر والسادات لبحث الموقف فى 14مايوا 67كلف المشير عامر الفريف محمد فوزى رئيس اركان حرب القوات المسلحة بالسفر الى دمشق للتحقق من صحة المعلومات الخاصة بالحشود الاسرائلية على حدود سوريا وعاد الفريف فوزى الى القاهرة وقدم تقرير للمشير ينفى صحة المعلومات الخاصة بوجود حشود على الجبهة السورية وان المسئولين فى سوريا قد دهشوا من هذة المعلومات وقد صحب احمد سويدات رئيس الاركان السورى الفريق فوزى فى جولة بالطائرة على الحدود السورية وشاهدا بالعين المجردة عدم وجود جشود وبعد الاطلاع على تقرير الفريق فوزى من قبل عبد الناصر والمشير عامر اتفقا على استدعاء السفير الروسى وابلاغة بعدم صحة المعلومات على ضوء ما تاكد للقيادة فى مصر وطلب السفير مهلة للاتصال بحكومتة وبعد يومين طلب الروس المقابلة وكان الرد ان القيادة الروسية لا تقبل مراجعة معلوماتها وتوكد وجود الحشود الاسرائلية على سوريا كما تؤكد ان الهجوم على سوريا وشيك وان على الحكومة المصرية اتخاذ اجراءاتها فورا وبناءا على ذلك كان قرار عبد الناصر الوقوف بجانب سوريا واتفق مع المشير على اعلان حالة الطوارئ فى القوات المسلحة وتم ذلك فى 16 مايو67وتحركت القوات المسلحة المصرية الى سيناء وكان الهدف من تلك الاجراءات كما حددتة القيادة السياسية هو ان الامر لا يعدو ان يكون مظاهرة عسكرية لمساندة الموقف السورى والتلويح لاسرائيل بان مصر جادة فى تنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا وهذا فى حد ذاتة كسب سياسى كبير وخاصة على الصعيد العربى ولاضفاء المزيد من الجدية على موقف مصر ازاء اسرائيل تم اصدار امر سحب القوات الدولية وتم تكليف الفريق فوزى رئيس اركان حرب القوات المسلحة بارسال خطاب الى الجنرال (ريكى ) قائد قوات الطوارئ الدولية يوم 17/5/67 يحيطة علما بان اصدر تعليمات الى جميع القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة لتكون مستعدة للعمل ضد اسرائيل فور قيامها بعمل عدائى ضد سوريا ولضمان امن قوات الطوارئ الدولية المتمركزة فى نقطة المراقبة على حدودنا أطلب اصدار اوامركم بسحب هذة القوات فورا ورفضت قوات الطوارئ الدولية الانسحاب الجزئى من سيناء فقرر الرئيس انهاء وجود قوات الطوارئ وفى اجتماع الرئيس عبد الناصر مع الطيارين فى قاعدة ابوصوير الجوية يوم 22مايو والذى حضرة نواب الرئيس والقادة العسكرين وفى هذا الاجتماع اعن عبد الناصر اغلاق خليج العقبة امام الملاحة الاسرائلية وهذا القرار كان بمثابة اعلان حرب على اسرائيل وكان هدف عبد الناصر من هذا الاعلان فى هذا اليوم وضع سكرتير الامم المتحدة(اوكانت ) امام سياسة الامر الواقع من باب المناورة السياسية الذى كان مقرر لة زيارة مصر فى اليوم التالى للتشاور مع عبد الناصر وعندما تحدث الرئيس عبد الناصر مع الطيارين فى قاعدة ابوصوير الجوية قائلا لهم (مفيش حرب الامر كلة مظاهرة عسكرية تاييد للموقف السورى وانة يرى ان اسرائيل بعد هذة الحشود من جانبنا ستتراجع عن مخططها وبذلك نكون قد استرجعنا جميع ما خسرناة فى حرب العدوان الثلاثى عام 1956 فنجد جميع التقديرات من قبل القيادة المصرية خاطئة غير قادرة على قراءة الاحداث بصورة صحيحة فى الاحداث الكبرى والجسام ولاتكون للنوايا والتوقعات دور وانما تقاس باحتمال كافة ردود الافعال من الجانب الاخر فكان هذا من اكبر الاخطاءالتى وقع فيها عبد الناصر فعبد الناصر كان يطمئن جدا الى الجانب الروسى والى توقعاتهم .
وبالرجوع الى الموقف الروسى وبتكليف من عبد الناصر الى شمس بدران بالسفر الى موسكو لاستطلاع موقف القيادة الروسية الذين اكدوا لة ان قوات البحرية الروسية فى البحر المتوسط موضوعة تحت تصرف القيادة المصرية وقال لة (جربتشكو) وهو يودع شمس بدران فى المطار قائلا لة يمكنكم الاعتماد علينا وكانت تاكيدات الجانب الروسى اكبر الاثر فى طمأنية عبد الناصر للخط السياسى الذى ينتهجة ويسير علية.
وفى يوم 2يونيو عقد اجتماع فى القيادة حضرة الرئيس عبد الناصر وبعض القادة العسكرين والفريق صدقى قائد القوات الجوية وفى هذا الاجتماع قال الرئيس عبد الناصر انة اتخذ قرار بالا نكون البادئين بالضربة الاولى وبعض القادة كانوا غير مؤيدين لهذة الفكرة فقال الرئيس عبد الناصر ان هذاالقرار سياسى .
وفى الواقع فان الاحداث كان لها اكبر الانعكاسات على قرارات عبد الناصر وفيما تمثل فى الضمانات السوفيتيه و الامريكية وسكرتير الامم المتحدة بان اسرائيل لن تكون البادى بالهجوم وهذا جزء من الخداع الاسرائيلى الذى كانت تقوم بة بالتعاون مع امريكا وروسيا . وفى فجر 5يونيو طلب (فينوجرادوف)سفير الاتحاد السوفيتى فى القاهرة مقابلة عبد الناصر لينقل الية رغبة حكومتة فى ألا تبدأ مصر بالهجوم على اسرائيل .
مما جعل المشيرعامر قام بجولة بالطائرة فى صباح يوم 5يونيو لاستطلاع الجبهة والوقوف على حقيقة الاحداث فى نفس التوقيت قامت اسرائيل بعدوانها على المطارات المصرية مما اعاق استخدام اسلحة الدفاع الجوى وعدم قيام اسلحة الدفاع الجوى بمهامة
وفى صباح يوم 6يونيو اصدر الرئيس عبدالناصر قرار بالانسحاب من سيناء وكان دافع عبد الناصر لقرارالانسحاب المفاجئ انقاذ الضباط والجنود الذين يخوضون المعركة فى سيناء بدون غطاء جوى وقال عبد الناصر انا السبب فى كل ما حدث المهم الان انقاذ اولادنا فى الجبهة ذنبهم فى رقبتى .
ورغم توافر عنصر المؤامرة على مصر من خلال الدول العظمى التى استدرجت القيادة المصرية لحرب لم تكن مصر مستعدة لها ولا تخطط لها فى ذلك الوقت ورغم ذلك فان القيادة السياسية والعسكرية فى مصر كانا يشعران بمدى خطئهما فى تقييم الموقف السياسى والعسكرى بصورة صحيحة ومسئوليتهما معا عن حرب يونيو وكان التنحى المشترك اعترافا منهما بذلك
ورغم هزيمة 67 وضخامة اثارها النفسية على القيادة والشعب المصرى الا انها كانت التحدى الاعظم للقوات المسلحة فى اعادة بناء القوات المسلحة من الداخل وفى التطوير الشامل ولم شمل القيادة فى قيادة مركزية موحدة تحت سيطرة الرئيس عبد الناصر فالازدواجية فى السلطة ما بين عبد الناصر والمشير عامر كان من اسباب هزيمة 67 وتوالت الانتصارات بعد النكسة فكانت حرب الاستنزاف بدايه التحدى والانتصار واثبتت مدى قدرة الجندى المصرى على القتال المتواصل وكذلك بناء حائط الصواريخ المصرية لحماية العمق المصرى من غارات العدوان الاسرائيلى كان اكبر التحدى مابين تصميم العدو الاسرئيلى على منع بناء حائط الصواريخ المصرية مستخدما كثافة طلعاتة الجوية بطول الجبهة على حائط الصواريخ والتصميم المصرى على بناء حائط الصواريخ ونجاح مصر فى اقامة وبناء حائط الصواريخ كان احد اسباب النصر فى حرب اكتوبر المجيد .