الرئيسية » الهدهد » أحمد الصدّيق لـ”وطن”: قياديون في النهضة اتهمونا بالعنف وخطاب السبسي لم يأت بالجديد

أحمد الصدّيق لـ”وطن”: قياديون في النهضة اتهمونا بالعنف وخطاب السبسي لم يأت بالجديد

تونسوطن – حاوره: شمس الدين نقاز

قال النائب عن الجبهة الشعبية في البرلمان التونسي أحمد الصديق في حواره مع “وطن”، إن الإتهامات غير المباشرة التي يوجهها البعض للجبهة الشعبية بوقوفها وراء أحداث العنف التي شهدتها البلاد مؤخّرا لا أساس لها من الصحة وأنّ قياديي ومناضلي الجبهة هم من قادوا الإحتجاجات السلمية في محافظة القصرين التونسية وقاموا بتأطيرها.

وأكّد الصّدّيق أنّ الإتهامات التي وجهت للجبهة الشعبية لم تكن صريحة من الأحزاب السياسية على الساحة و”لكن هناك خطاب أساسا تورطت فيه حركة النهضة وبعض قياداتها في وسائل الإعلام.”

النائب في البرلمان التونسي شدّد على أنّ الوضع الّذي وصلت إليه البلاد كان نتيجة 5 سنوات من فشل الحكومات المتعاقبة التي حكمت تونس بعد الثورة، معتبرا أنّ الإئتلاف الحاكم الحالي “فاشل” وأنّه “إذا كان هذا الفشل الأول لنداء تونس فهو الفشل الثاني لحركة النهضة.”

وفي سياق تعليقه على خطاب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، شدّد القيادي في الجبهة الشعبية على أنّ الخطاب كان تقليدا لخطاب الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة بمناسبة أحداث ثورة الخبز الشهيرة عام 1984، واصفا إيّاه في “كلمتين” أنّه “خطاب متوأم لم يأت بالجديد.”

كما اعتبر الصديق أنّ تصريحات الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي بخصوص الإمارات سببها “الخصومة السياسية المعلنة والمعروفة بينه وبين دولة الإمارات وهو ما يسيء إلى تونس ولا يقدم في الأمر شيئا” حسب قوله.

وإليكم نصّ الحوار

ما هو موقف الجبهة الشعبية من الأحداث الجارية في البلاد، فيما يتعلّق بالمطالب الإجتماعية وأحداث العنف الأخيرة؟

بالنسبة للأحداث التي تعيشها البلاد انطلقت من رد فعل شعبي وعفوي في القصرين على خلفية موت شاب عاطل عن العمل أحسّ بالظلم بسبب الفساد في الإدارة الجهوية التي أزالت اسمه من القائمة التي كان من المفروض أن يكون هو مشمولا بإحدى اليات التشغيل فيها.

حادثة الموت هذه، خلفت ردود أفعال عنيفة من أهالي المدينة وخاصة في بعض أحيائها، وكان الإحتجاجات في أولها على خلفية حادثة الموت بالإضافة إلى الفساد وطول بطالة الشباب.

دامت هذه الإحتجاجات في أولها قرابة 36 ساعة وتم تأطيرها وعقلنتها، وشارك فيها مناضلو وشباب الجبهة الشعبية وتوجهت إلى السّلط الجهوية، وكان هناك حوار بين الوالي والشبان، ثم عمّت هذه الإحتجاجات كثيرا من مناطق البلاد بعد ذلك خلال الساعات التي تلتها وكانت متسمة أولا بتحرك سلمي جماهيري واسع وقد رأينا الآلاف توجهوا إلى كل ولايات الجمهورية الداخلية سواءً سليانة جندوبة الكاف سيدي بوزيد.

وهذا المستوى الأول الذي نسانده ونحن جزء فيه وشارك فيه شباب الجبهة الشعبية دون قرار سابق حقيقة وإنما ملف التشغيل هو الّذي يطرح نفسه وهو أن الدولة بعد 5 سنوات وكذلك الحكومات المتعاقبة لم تفلح في الإجابة على تطلعات مشروعة للشباب خاصة أمام الوعود الإنتخابية البراقة التي وعدت بها مختلف الأخزاب وخاصة التي تتولى قيادة البلاد وشكّلت الحكومة اليوم.

المستوى الثاني من الأحداث، هي أحداث العنف الّتي فيها جانب إجرامي لاستغلال فرصة الإرتباك لدى قوات الأمن وذلك للقيام بعمليات نهب وحرق واعتداء على الأمنيين.

لا أقول إنّ هذه مظاهرات ولا احتجاجات، ولكن أقول تحركات في الشارع تستهدف الأمنيين ناتجة عن إحساس دفين بالظلم والتهميش والإقصاء خاصة في الأحياء الشعبية.

وهناك جانب آخر ممنهج ومنظم خاصة بعد تصريحات بعض المسؤولين من الداخلية اللّذين عاينوا وجود سيارات بدون أرقام منجمية واللّتي تعود بالنسبة لنا إلى بارونات الفساد والجريمة وخاصة التهريب، سواء في القيروان أو في القصرين أو في مدنين خاصة وأن المناطق المستهدفة كانت مستودعات بلدية و مستودعات الديوانة.

نحن بالنسبة لنا كجبهة شعبية ندين هذه العمليات ونرفضها، وفي ندوتنا الصحفية أمس الجمعة دعونا شبيبتنا وكل المناضلين الديمقراطيين والشبان المحتجين إلى الإنتباه والفصل بين ما يحدث من احتجاجات سلمية وأخرى عنيفة، وكذلك قمنا بإجراءات عملية، ومنها عدم التظاهر في الليل وذلك قبل صدور قرار حظر التجول، بالإضافة إلى الإبتعاد عن كل شبهة يمكن أن تؤدي إلى تشويه هذه النضالات، لأن الإحتجاج السلمي يكون في النهار ويكون عنده هدف واضح وشعار وقيادة واضحة وعنده طرف مقابل واضح وهي السّلط الجهوية وبالتبعية السلطة المركزية.

أيضا، نحن نعتبر هذه التحركات الإجتجاجية نتيجة للوضع الإجتماعي المتأزم، وسبق أن نبهنا من ذلك في أكثر من مناسبة سواء في البرلمان أو في الإعلام، وقلنا إن عدم الإستجابة للمطالب والصمت الذي ترونه اليوم يمكن أن ينتج عنه احتجاجات اجتماعية لا يمكن أن يستفيد منها أي أحد.

وبالتالي بخلاف مشاريع التنمية الّتي لايزال هناك بطءٌ كبير في بلورتها فإن الناس ل5 سنوات وهي تنتظر، لهذا يجب أن تكون هناك اجراءات استعجالية تقدم على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى قانون المالية 2016 وقد بدأ ذلك منذ شهر أكتوبر سواء في اللجان أو في الجلسة العامة، ونحن نعتقد أن الجمهور العريض تابع آداء الجبهة في محاولة دفع الحكومة والضغط عليها وإقناعها لاتخاذ اجراءات عاجلة ولعل أهمها منحة البطالة بالنسبة للثلث من أصحاب الشهائد العليا من المعطلين عن العمل من جملة 800 ألف عاطل منهم.

ولكن في الحقيقة لم نلق آذانا صاغية، وكان هناك تعويل على أن هذا الصمت يدل “لا أقول على رضا” لكن هناك من اتهمنا بالعجز عن تحريك الشارع وعدم الفاعلية ورفع الشعارات.

نحن كنّا نبهنا أنه يمكن أن تنطلق التحركات الإحتجاجية عفوية نتيجة حالة غضب، ويمكن أن تؤدي إلى انفلاتات لا تحمد عقباها وهذا ما رأيناه اليوم، لهذا دعينا أمس إلى ضرورة اتخاذ إجراءات استعجالية تترجم على مستوى المالية العمومية بالترفيع في موارد الدولة، وذلك بإجراءين رئيسيين.

الإجراء الأول هو توظيف ضريبة على الثروات الكبرى وضريبة استثنائية وظرفية على المؤسسات وكل الأشخاص من أجل تعبئة موارد إضافية تمكّن الدولة من تفعيل آليات التشغيل وليس فقط الهشة، وإنما الحقيقة في انتظار إعادة تدوير عجلة الإقتصاد ودفع الإستثمار الذي من المعروف أنه يلزمه بعض الوقت .

والإجراء الثاني، اقترحنا أن يتم التفاوض مع الجهات المانحة لتونس على تعليق سداد الإلتزامات المالية لتونس لمدة 3 سنوات حتى نستطيع توفير موارد إضافية للدولة تستطيع أن تجابه بها الوضعية الإجتماعية الحارقة، فالوضعية الإجتماعية تتداخل أحببنا أم كرهنا مع مخاطر الإرهاب التي تهدد البلاد سواء نتيجة الوضعية التي يعيشها جارنا الليبي من انتشار جماعات مسلحة وعدم سيطرة الدولة على مناطق واسعة بما فيها الحدود الشرقية بالإضافة إلى الإرهاب في جبل سمامة والشعانبي وهما خطر حقيقي يحدق بمناطق تعاني الفقر والتهميش وفيها تحركات احتجاجية كبيرة وإذا اختلط الإثنين مع بعضهما يمكن أن نفقد السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، وهذا ليس في مصلحة التجربة الديمقراطية في تونس التي أجمع العالم أنها نموذجية ويجب مساعدتها.

ماهو موقفكم من اتهام الجبهة الشعبية بالوقوف وراء أحداث العنف الأخيرة في البلاد؟

نحن لم نسمع حقيقة اتهام واضح للجبهة في أحداث العنف لكن هناك خطاب أساسا تورطت فيه حركة النهضة وبعض قياداتها في وسائل الإعلام.

لكن لم يرد بيان رسمي، فقط بالتلميح إلى أن التحريض على الإحتجاج سيؤدي إلى الفوضى والإحتجاج، وأعتقد أنه كلام غير مسؤول ويبرر تواجد حركة النهضة في ائتلاف حاكم فاشل وإذا كان هذا الفشل الأول للنداء فهو الفشل الثاني لحركة النهضة.

ونعتقد أن هذا الكلام غير مسؤول ولا يُلتفت إليه، ونحن في آدائنا وبياناتنا وفي تحركات شبابنا وشهادات القيادات الأمنية الكبرى أن المحتجين السلميين بمختلف ألوانهم تصرفوا بحكمة وبشكل حضاري وبشكل سلمي ننفي ذلك، فالقيادات الأمنية التي تعمل بحياد قالت يجب الفصل بين الإحتجاجات السلمية المكفولة بالدستور التي يتم حمايتها من طرف الأمن وبين العمل الإجرامي الذي تتورط فيها بارونات الفساد والتهريب التي طالما ساعدت سابقا أطرافا في الترويكا في حملاتها الإنتخابية.

والعنف والتخريب والجريمة والحرق غريب وبعيد كل البعد عن منهج وسلوك وتربية أبناء الجبهة الشعبية ومناضليها وأنصارها، وقد رأينا في فترات سابقة العنف السياسي الذي مارسته رابطات حماية الثورة أنه من تقليد المتطرفين المعروفين لمن يميلون وليس لهم أي علاقة بالجبهة الشعبية إنما هم من أعدائها.

ما هو تعليقكم على اتهام الدكتور المنصف المرزوقي لدولة الإمارات بالوقوف وراء الأحداث الجارية بالبلاد وموقف وزارة الخارجية من ذلك؟

نحن نرفض أي تصريح يسيء لعلاقات تونس مع الأشقاء بغضّ النظر عن الإختلافات أو جمود العلاقات بيننا وبين تلك الدول، ومن المفروض أن تذهب كل التصريحات سلطة ومعارضة في اتجاه إذابة الجليد وتدعيم العلاقات، لأن تونس تحتاج إلى كل أصدقائها وأشقائها في كل ما فيه المنفعة المتبادلة وأعتقد أن هذه الإتهامات تدخل في باب الخصومة السياسية المعلنة والمعروفة بين السيد المنصف المرزوقي لما كان رئيسا للجمهورية ونفس الشيء وهو في المعارضة مع الإمارات.

وأنا من رأيي أن هذا يسيء إلى تونس ولا يقدم في الأمر شيئا وربما هو نوع من الإنتقام أو تصفية الحساب السياسي الموجود بين السيد المنصف المرزوقي وربما بعض المسؤولين الإماراتيين، ونحن في الحقيقة نرى أنها ليست في محلها ولا نعتقد أن الوضع الإجتماعي المتأزم مسؤولة عنه الإمارات أو غيرها، وإنما هذا الوضع الإجتماعي المتأزم ناتج عن سياسات متلاحقة لم تتغيّر لحكومات متعاقبة منذ عهد بن علي.

فما دمنا لم نغير السياسات لن ينفرج الوضع الإجتماعي وهذا بغض النظر عمّا يمكن أن يكون هناك من أطراف تستغل هذه الأوضاع.

أنا بالعكس أقول من يستغل هذه الأوضاع واللّذين يمارسون هذا العنف هي أطراف يمكن أن يكون وراءها بارونات الفساد والجريمة والتهريب التي لم يفعل السيد المنصف المرزوقي عندما كان في الحكم أي شيء للحد منها، بل بالعكس استند على بعض مكوناتها وحاول أن يستميلها، لأن من يمارس العنف والإرهاب هو الذي يستند إلى شبكات التهريب المتورطة حد النخاع في تشويه الإحتجاجات الإجتماعية نحو العنف والجريمة والتخريب والهجوم على المقرات ومخازن الدولة الرسمية من أجل إحداث الإرباك، وأنا لا أعتقد أن هذا من فعل أي دولة وإنما من فعل جماعات إرهابية تستند على العنف في ممارساتها.

هل ترون أن الخطاب الأخير للرئيس الباجي قائد السبسي بإمكانه إذابة الجليد و أن يستجيب لمطالب الإحتجاجات الشعبية؟

الرئيس كان واضحا وحاول أن يوجه رسالة طمأنة إلى المحتجين لكن ما نعيبه عليه في هذا الخطاب هو تركيزه فقط على الجانب الأمني كالعادة بالإضافة إلى الإشارات والتلميحات، في حين أنه من المفروض أن تكون رئاسة الجمهورية واضحة من قبيل أنه يتهم أطرافا معترفا بهم كان من المفروض أن يسميهم وأن يدعو إلى تطبيق القانون وحث الحكومة على تطبيقه، بمعنى أن هناك أحزاب أو تشكيلات سياسية أو جمعياتية معترف بها تمارس العنف، كما سمعنا في بعض تصريحات وزارة الداخلية أنها جمعيات التنمية الخيرية المعروف لمن تنتمي وفي أي فضاء تنشط والّتي توزع المال في القيروان أو في القصرين حسب تصريحات بعض المسؤولين الأمنيين.

وهذه الأطراف من المفروض أن تحاسب وتحاكم ولا يعقل أن يقول رئيس الحمهورية أطرافا معترفا بها ثم لا يسمّيها لأن هذا يحدث حالة من الإرتباك ومن اللبس الذي يمكن أن تستغله بعض الأطراف، كما فعل بعض قيادات النهضة في محاولة إلصاق تهمة أن الجبهة الشعبية الّتي يعرف الجمهور العريض وأهلنا في القصرين وفي الجهات أنها بريئة كلّ البراءة من أيّ أعمال عنف كنّا نحن ضحاياها، ولا ننسى أنه سقط لنا شهيدان من جراء العمل الإرهابي والإغتيالات السياسية في عهد الترويكا، فنحن أبعد ما يكون عن العنف.

كان من المفروض على رئيس الجمهورية أن يوضح هذا الأمر ونحن تقريبا نعرف الأطراف التي اتهمها والتي كان من المفروض أن يسميها.

شيء آخر في كلمة رئيس الجمهورية أنه دعا الحكومة إلى اتخاذ اجراءات وأكد أنها قادرة على ذلك، ولكن نحن نعتقد أن المسألة لا تتعلق بإجراءات.

كذلك، ليس هناك جديد في خطاب رئيس الحمهورية عدا رسالة التطمين والتأكيد على وحدة تونس وقدرتها على الوفاء بإجراءاتها، في حين كنا ننتظر أن يكون هناك قرار جريء وشجاع يتعلق بتغيير جوهري في التوجه العام لسياسات الدولة في علاقة بالمالية العمومية، وذلك لكي تتمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب والشيء الآخر الذي نؤكد عليه أن الديكور الذي استعمله رئيس الجمهورية كان متطابقا تقريبا مع المشاهد التي نتذكرها للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله عندما دعا الى الرجوع عن الزيادة في أسعار الخبز سنة 1984 من أجل تهدئة الشارع حيث ستعمل نفس اللوحة الخلفية ونفس الصورة، وأنا أعتقد أن الحبيب بورقيبة اتخذ قرارا شجاعا وجريئا ولكن السيد الباجي قائد السبسي لم يكن جريئا وإنما ترك للحكومة حرية اتخاذ الإجراءات.

هو خطاب متوأم ولكن لم يأت بالجديد في كلمتين.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.