الرئيسية » تقارير » ما الذي أشعل تونس من جديد؟!

ما الذي أشعل تونس من جديد؟!

تونس – (وطن) خاص

شهدت تونس في الأيام الأخيرة موجة كبيرة من الإحتجاجات بدأت في محافظة القصرين على إثر وفاة أحد شباب المدينة بصعقة كهربائية.

تعود أصل الحكاية إلى يوم 17 من يناير الجاري، حيث نقلت وسائل الإعلام التونسية خبرا مفاده أنّ شابا يدعى رضا اليحياوي يبلغ من العمر 28 سنة فارق الحياة متأثرا بحروق تعرض لها عند تسلقه قبل يوم عمودا كهربائيا في محافظة القصرين احتجاجا على حذف اسمه من قائمة انتداب لمجموعة من الشباب كانوا اعتصموا سنة 2014 بمقر المحافظة للمطالبة بالتشغيل.

فبعد ورود خبر الوفاة على متساكني القصرين، شهدت المدينة يوم الأحد الماضي احتجاجات جابت مختلف مدن المحافظة، وقد اتهم المحتجون المسؤولين في المدينة بالتلاعب بقائمة الإنتداب ومردّدين في الوقت نفسه شعارات تطالب بالتنمية والتشغيل والعيش الكريم.

ساعات بعد تشييع جنازة الشاب اليحياوي، شهدت المحافظة مرّة أخرى احتجاجات جديدة وكرّا وفرّا بين الأمنيين والمحتجين، نتج عنه عشرات المصابين في صفوف الطرفين ثمّ وصلت المواجهات بعد ساعات إلى حي الزهور أحد أكبر أحياء المدينة، حيث عمد عشرات الشبان إلى حرق العجلات المطاطية وإغلاق الطرقات.

تونس تشتعل من جديد

الردّ الحكومي لم يتأخّر طويلا بسبب تبعات الأحداث، فبعد ساعات من بداية المواجهات بين المواطنين والأمنيين وتحديدا يوم الإثنين 18 يناير الجاري، قرر رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، إقالة المعتمد الأول لمحافظة القصرين، تبعًا للملابسات التي حفت بضبط قائمة العاطلين عن العمل بالمحافظة، والتعاطي مع الملف الإجتماعي لأصحاب الشهادات العليا في الجهة، ووفاة الشاب اليحياوي.

كلّ ذلك لم يغير شيئا، فرقعة الإحتجاجات امتدّت لتشمل مدنا أخرى بالمحافظة على غرار تالة وسبيطلة لتقرّر بعد ذلك وزارة الداخلية التونسية فرض حظر التجوال في المدينة من الساعة السادسة مساء إلى غاية الساعة الخامسة صباحا.

حرق اطارات في تونس

يومين من الكرّ والفرّ في القصرين وبعض المظاهرات المحدودة المساندة لمطالب سكانها في على غرار ما حدث أمام وزارة الداخلية بالعاصمة وبعض الأماكن والمناطق الأخرى، أجبرت الحكومة على عقد اجتماع وزاري

عاجل الأربعاء 20 يناير وسط غياب رئيس الحكومة الحبيب الصيد الّذي توجّه في اليوم ذاته لحضور المنتدى الإقتصادي العالمي “دافوس” الذي ينعقد بسويسرا من 20 إلى 23 من الشهر الحالي، وتمّ الخروج بقرارات مبدئية لتشجيع عجلة التنمية في محافظة القصرين وخلق مواطن شغل جديدة لشبابها وإنشاء مساكن اجتماعية وتوظيف 5000 من أبناء المحافظة.

لكن وبعد يوم وتحديدا الخميس،امتدّت الإحتجاجات لتصل إلى أكثر من 16 محافظات تونسية شهدت هي الأخرى خروج مظاهرات تطالب بالتنمية والتشغيل مثلها مثل القصرين وشهدت أيضا هذه المحافظات اقتحام مقار سيادية “المحافظات” بالقوة على غرار توزر والمهدية والقيروان وجندوبة..

الإحتجاجات تواصلت ليلا ووصلت إلى قلب العاصمة وتحديدا إلى أكبر أحيائها “حي التضامن” الّذي يقطنه أكثر من 300 ألف ساكن، وشهد الحيّ المذكور مواجهات بيم قوات الأمن والمحتجّين أعقبها خلع وسرقة بعض المحال التجارية وحرق لعجلات مطاطية وغلق طرقات.

كذلك شهدت بعض الأحياء في كلّ من محافظات بنزرت وصفاقس وسيدي بوزيد هي الأخرى مواجهات ليلية قبل ساعات من الآن بين قوات الأمن ومحتجين أغلقوا بعض الطرقات وأحرقوا العجلات المطاطية بدعوى المطالبة يحقهم في التنمية والتشغيل.

منذ خمس سنوات مضت ثار سكان المحافظات التونسية بأسرها ضد النظام القائم آنذاك، مطالبين بالتشغيل وكشف الفساد وحفظ كرامتهم التي انتهكت وقُتل وجرح منهم المئات في سبيل تحقيق مطالبهم رغم بساطتها، لكن لا شيء من ذلك تحقق، فالحال على حاله بل ازداد سوءا، حيث تعاني تونس من وضع اقتصادي صعب ونسبة نمو لم تتجاوز 0.5% في 2015، بينما شهدت نسبة البطالة خلال الثلث الأخير من العام الماضي ارتفاعًا إلى حدود 15.3% مقابل 15% خلال الثلث الأول من نفس السنة بحسب ما كشف عنه المعهد التونسي للإحصاء.

حي التضامن-صور لاقتحام كارفور والاستيلاء على محتوياته

الأوضاع في تونس تتجه نحو الأسوأ خاصة بعد أن صرّح وزير المالية سليم شاكر اليوم أنّ ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد شوكات من توظيف 5 آلاف عاطل عن العمل كان خطأ اتصاليا وأن وضع البلاد لا يسمح بذلك.

الإحتجاجات كانت عفوية ووحده رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد الّذي قطع زيارته إلى سويسرا لحضور منتدى “دفواس” وقفل عائد إلى البلاد قادر على إبقاف هذه الموجة من الإحتجاجات عن طريق إقرار جملة من الإجراءات العاجلة لفائدة المناطق الّتي تشهد هذه الإحتجاجات خاصّة وأنّ محاولة زجّ الأمن في المواجهة مع الجموع الغاضبة كفيلة باندلاع ثورة أخرى ستحرق الأخضر واليابس.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.