الرئيسية » تقارير » فتش عن “بن سلمان”.. “الرز” السعودي والتحالف الإسلامي وثالثهما السيسي

فتش عن “بن سلمان”.. “الرز” السعودي والتحالف الإسلامي وثالثهما السيسي

مجدالدين العربي- وطن – خاص

لم تمض ساعات قليلة على إعلان الرياض إنشاء ما سمته التحالف الإسلامي، حتى تم نشر تصريح رسمي عن توجيهات للملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، تقضي بدعم نظام السيسي عبر رفع سقف الاستثمارات السعودية في مصر، والمشاركة في توفير حاجاتها من النفط لمدة خمس سنوات، ودفع السفن السعودية لزيادة إيرادات قناة السويس عبر تنشيط حركة المرور منها.

وجاء الدعم السعودي الجديد ليخيب جميع التوقعات التي تكهنت بتخلي الرياض عن السيسي، بوصفه أصبح عبئا عليها، لكن الأهم والأكثر لفتاً للنظر هو أن الدعم السعودي جاء عقب إعلان ولي ولي العهد ووزير الدفاع “محمد بن سلمان” عن تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، مكون من 34 دولة تم تقسيمه مناصفة بين 17 دولة عربية ومثلها إسلامية.

فمساء الاثنين 14 الشهر الجاري أعلن محمد بن سلمان عن تشكيل التحالف الإسلامي بالتزامن مع بدء هدنة جديدة في اليمن، بين الحوثي وأعوانه من جهة وحكومة “هادي” والسعودية من جهة أخرى.

ومساء الثلاثاء 15 الجاري تم الإعلان عن حزمة المساعدات والدعم السعودي، الذي يفضل البعض تسميته بـ”الرز السعودي”، اقتداءً بنظرة السيسي الذي وصف خلال تسجيل مسرب له وفرة أموال دول الخليج وتطلعه لنيل حصة كبيرة منها، قائلاً: “عندهم فلوس زي الرز”.

وبما أن لاشيء في السياسة مجانياً ولا اعتباطيا، فإن نظرة أولية على تسلسل الأحداث وتعاقبها السريع ودور الرياض فيها، “ومحمد بن سلمان” بالذات، يوضح بلا شك ترابط كل من هدنة اليمن بإعلان التحالف الإسلامي بموضوع الدعم السعودي للسيسي، الذي يصب كله في النهاية في خانة تقوية ابن سلمان وتعزيز موقعه كخليفة قوي لوالده.

فمحمد بن سلمان هو الذي أعلن عن تأسيس التحالف الإسلامي مساء يوم الاثنين، وهو الذي أعلن بنفسه مساء الثلاثاء عن حزمة الدعم السعودي للسيسي، وهو الذي أطلق من قبل “عاصفة الحزم” التي تحولت سريعا إلى “إعادة الأمل”، دون أن تنجح كلتا العمليتان على تباعد اسميهما في تحقيق أهداف الرياض كاملة، ما يعني أن محمد بن سلمان ومن قبله والده أخفقا إلى حد ما في تقديم ولي ولي العهد ووزير الدفاع الشاب بوصفه شخصية قيادية خارقة تستحق تولي دفة الحكم في السعودية، لتنتقل بها من جيل الأبناء –أبناء عبدالعزيز- إلى جيل الأحفاد، حيث سلمان هو آخر ملك من أبناء الملك المؤسس.

ولأن السياسة لا تؤمن بالمصادفة ولا تعمل بها، فلم يكن مصادفة أن تكر سبحة المواقف السعودية وراء بعضها، فتعلن توقفاً للعمليات الحربية في اليمن عبر هدنة ما تزال قيد الاختبار، ثم تغطي على إخفاق “الحزم السعودي” بتشكيل تحالف إسلامي، فضفاض في اسمه غائم في صلاحياته ضبابي في آليته، ثم تهب –أي الرياض- لدعم هذا التحالف ودعم مطلقه “محمد بن سلمان” عبر محاولة شراء تأييد السيسي، الذي يعرض مواقفه في بازار البيع والشراء كأي سلعة، دون أن يخفي ذلك عبر تصريحاته وتصريحات مسؤوليه وإعلامييه الداعمين له.

هكذا إذن توضح الدفعة الجديدة من “الرز السعودي” إلى السيسي، أن الرياض ما تزال بحاجة إلى حاكم مصر العسكري، رغم كل هزالته وضعفه، وتناقض مواقفه بين ليلة وضحاها، واستعداده لبيع تأييده لمن يدفع أكثر.

فما هو السر في إصرار الملك سلمان على دعم السيسي، وهل هناك مغزى لإعلان عن هذا الدعم في وقت كانت معظم التقديرات تشير إلى عزم الملك مراجعة موقفه من السيسي؟

لاشك أن كلمة السر هي محمد بن سلمان فهو الرابط الوحيد بين كل هذه الأحداث (عاصفة الحزم والهدنة الأخيرة، التحالف الإسلامي، الدعم السعودي)، فالملك الذي يناهز 80 عاما يدرك أنه قد لايستمر في كرسيه سنوات طوال، وأن عليه مسابقة الزمن خلال هذه الفترة القصيرة قياسا إلى عمره وقدراته الصحية وحتى الذهنية، ضمانا لانتقال صولجان الملك إلى البيت السلماني، وتحديداً إلى ابنه “محمد”.

لكن “محمد” حتى الآن لا يبدو أنه عند حسن ظن أبيه الملك في إدارة ما تولى من ملفات، لاسيما الملف اليمني، وهكذا كان لابد من إعطائه فرصة أخرى لثيبت مقدرته وكفاءته، وليقدم نفسه مشروع زعيم إقليمي مستقبلي، فتم تسليمه راية الإعلان عن “تحالف إسلامي” ضخم في اسمه وعدد المشاركين فيه، هزيل لبعده عن التطبيق على أرض الواقع، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفوارق الشاسعة أحيانا بين عضو من هذا التحالف وعضو آخر، أو حتى الخلافات والمناحرات بينهما، وللمشكك أن يتساءل عن المسافة الاقتصادية الفاصلة بين السعودية وتوغو مثلا، وعن الخلافات العاصفة بين تركيا والإمارات، أو تركيا ومصر، وكل هذه الدول منضوية تحت لواء “التحالف” الذي أعلن عنه بن سلمان.

وهكذا فإن الفرصة الجديدة التي أعطيت لمحمد بن سلمان كي يثبت نفسه تبدو احتمالات نجاحها ضئيلة للغاية، ومن هنا فلا بد من العودة على الأساليب القديمة، فمن “فات قديمه تاه”!

الأسلوب القديم الجديد هو في استمالة مصر، بثقل جيشها وقبضة حاكمها العسكري، لتأمين غطاء يمكن أن يدعم محمد بن سلمان في “التحالف”، وفي ما يمكن أن يعلن عنه من مشروعات وتحالفات جديدة، ولاسبيل لاستمالة حاكم مثل السيسي إلا عبر التلويح بجزرة الدعم المالي في وجهه، حتى لاينقلب على التحالف الإسلامي أو ينسحب منه كما انقلب من قبل وانسحب من مشهد تأييد السعودية في عدة ملفات، ولعل أهمها الملف السوري، وموقفه من بقاء بشار الأسد.

لكن الجزرة السعودية كما يحاجج البعض ليست “مقشرة” هذه المرة، فالدعم ليس عبر ضخ النقود مباشرة، بل عبر طرق غير مباشرة مثل زيادة الاستثمارات لتبلغ 30 مليار ريال سعودي، والمساهمة في تأمين احتياجات مصر من المشتقات النفطية لمدة 5 سنوات، وتوصية السفن السعودية لزيادة نشاط عبورها خلال قناة السويس، ما يعني دعم إيرادات القناة.

ومثل هذا الدعم غير المباشر يحمل في طياته أكثر من دلالة، فهو أولاً يشير إلى تآكل قدرة السعودية على تقديم السيولة النقدية كما في الماضي، عطفا على تراجع أسعار النفط، وتقلص الإيرادات العامة التي تصب في الخزينة السعودية من بيعه، ومن هنا فإن التوجيه بدعم الاستثمارات السعودية في مصر لن يحمل حكومة الرياض عبئاً كبيراً، إذ إن معظم الاستثمارات مملوكة ومدارة من قبل القطاع الخاص.

كما إن الدعم غير المباشر يوضح من جهة أخرى قلة أو انعدام ثقة الرياض في السيسي كرجل يمكن ائتمانه مالياً، أما ثالثة الدلالات فتشير إلى رغبة الملك سلمان في مسك السيسي من الذراع التي تؤلمه، إذ إن الدعم المباشر والمقسط على سنوات (5 سنوات في مجال دعم المشتقات النفطية) يضمن إلى حد ما ولاء السيسي وتأييده لنهج الرياض، بخلاف ما لو تم إعطاؤه سيولة مالية يقبضها في يده اليمين ليلوح للرياض بيده اليسار و”يخلع” كما يفعل البلطجية والمأجورون.

وأخيرا قد يبدو السيسي في عيون الملك سلمان شرا، ولكنه “شر لابد منه” من أجل ضمان مستقبل الشاب الثلاثيني المدلل عند والده، رغم أنه الابن السادس في الترتيب بين أولاد الملك.

قد يعجبك أيضاً

5 رأي حول “فتش عن “بن سلمان”.. “الرز” السعودي والتحالف الإسلامي وثالثهما السيسي”

  1. مشكلة كاتب المقال جهله بابجديات السياسة والحرب.. اوﻻ التحالف عسكري تم تغطيته سياسيا بانضمام 34 دولة اسلامية ليس مطلوبا منها غير التغطية السياسية. اما دعم الملك سلمان فهو لمصر ﻻ لزعيمها فمن يخن مرة يخن مرات. ومصر الدولة والكيان هي المهم حتى لاتقع اما عسكريا فمصر خارج المعادلة الاقليمية.. شوية رجالة مجريينهم في سيناء. بالنسبة لليمن التحالف بقيادة السعودية بدأ الحرب واليمن كاملة في قبضة صالح والحوثيين والرئيس الشرعي محاصر في بيته. واليوم بعد 7 اشهر 70% من اليمن بيد الرئيس الشرعي بعد ان عاد بينما جيش 30 سونيا يهرب امام قلة من الرجال في سيناء منذ 4 سنوات ولا يجيد اﻻ قتل اﻻطفال والنساء

    رد
  2. لولم يجد السيسي بقرة حلوب لما كال لهم الاتهامات وسلط الاعلام المصري لابتزاز هذه البقرة التي تقتر علي شعبها الجبان وتزج بجنودها ليمتو نيابة عن ائدها الذي قضي اول ايام الحرب في منتجعات فرنسا وشاطيء العراة بينما كان ابنه فلته الدفاع يمارس طقوسه في سويسرا وفرنسا ولكن لاغرابة فالحكومة السعودية تخاف من مجرد الاعلام فمابالك بالتهديد المباشر فالملك فهد ابان حرب الخليج افلس بالدولة من اجل خوفه من صدام والتريخ يعيد نفسه هذه المره من خلال هذا الطفل المعجزه واالوم علي الشعب النائم الذي سيفيق على كارثة ستحل به وساعتها لن ينفع ندمه ونفاقه وسكوته طيلة هذه المده .وهنيئا للسيسي بهذه البقرة احلب ….ما حولك احد .

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.