الرئيسية » الهدهد » بوتين يعاقب روسيا بدل تركيا.. لهذه الأسباب

بوتين يعاقب روسيا بدل تركيا.. لهذه الأسباب

وطن- “إذا نفذ بوتين تهديداته الأخيرة، فلن يضر إلا روسيا”.

جاء ذلك في مستهل تحليل بوكالة أنباء رويترز للكاتب جوش كوهين حول تطورات الأزمة الروسية التركية.

وتابع: “في الوقت الذي يشهد امتداد تداعيات أزمة إسقاط تركيا للطائرة سوخوي 24 ، ما زالت تهديدات الكرملين لتركيا مستمرة”.

 فلاديمير بوتين تعهد بـ “عواقب وخيمة”، فيما حذر المتحدث الرسمي باسمه من أن الرئيس الروسي “محتشد تماما”.

وحركت روسيا منظومة صواريخ “إس-400” المضادة للطائرات إلى سوريا، وهو ما يعني  ضمنيا   إمكانية استخدامها في إسقاط الطائرات التركية.

وبينما قد يكون الخطاب العسكري لبوتين مشؤوما ومنذرا بالسوء، إلا أن ثمة تحذير روسي لا معنى له على الإطلاق، يتمثل في تهديدات بوتين بإلغاء مشروعات خطوط أنابيب وطاقة مع تركيا.

وإذا تحقق هذا التهديد بالفعل على أرض الواقع، فإن مثل هذه العقوبات ستتسبب في إلحاق الضرر بروسيا على الجانب الاقتصادي والجيوسياسي بشكل يتجاوز كثيرا تأثيراتها على تركيا.

من يلعب بالنار:فلاديمير بوتين أم رجب طيب أردوغان؟

وبالإضافة إلى إلحاق الضرر بروسيا، ستجبر العقوبات أوروبا إلى أن تظل رهينة لظروف العلاقة بين موسكو-كييف.

وتستخدم روسيا الغاز كسلاح لإبقاء نفوذها على جيرانها، وكذلك تتأثر أوروبا بمسرحيات الكرملين المتعلقة بالطاقة.

ومن أجل فهم حماقة تهديدات بوتين، من الضروري معرفة الجانب الجيوسياسي المرتبط بها.

كجزء من جهودها لمعاقبة تركيا، علقت روسيا للتو العمل في مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي “ترك ستريم”، الذي كان من شأنه أن يضخ الغاز الطبيعي الروسي إلى جنوب شرق أوروبا،  عبر تركيا، متجاوزا أوكرانيا.

“ترك ستريم” مجرد “بيدق واحد” في لعبة روسيا المستمرة المتعلقة بـ” سياسات خطوط الأنابيب”،  في إطار جهود طويلة الأمد لإنهاء اعتمادها على أوكرانيا كدولة عبور تضطر إلى المرور منها لشحن الغاز الطبيعي التابع لشركة “غازبروم” الروسية إلى الزبائن الأوروبيين.

ونظرا للصراع المتواصل في دونباس (شرق أوكرانيا)، وانهيار العلاقات بين كييف وموسكو، لا تبدو رغبة موسكو في تجاوز أوكرانيا أمرا مفاجئا.

وبينما تستطيع موسكو أن تمنع إمدادات الغاز عن أوكرانيا وقتما تشاء، فإن كييف تمتلك  ورقتها الرابحة، ألا وهي القدرة على منع روسيا من توصيل إمداداتها إلى الزبائن الأوروبيين  عبر شبكة خطوط الأنابيب الأوكرانية.

لذلك، لكي تصل إلى غرب أوروبا مباشرة، نفذت روسيا ما يسمى بمشروع “نورد ستريم -1” ، وتتمثل فكرته في نقل الغاز  مباشرة إلى ألمانيا عبر خط أنابيب تحت البحر.

لكن موسكو  اضطرت إلى التخلي عن المشروع بعد اعتراضات من الاتحاد الأوروبي، وتعاونت مع تركيا من أجل مشروع “ترك ستريم”.

 واعتبر الكاتب أن التهديد الروسي بإلغاء مشروع لبناء محطات نووية في تركيا يضر روسيا أيضا بشكل يتجاوز آثاره على أنقرة.

المشروع المذكور يعود إلى 2010، عندما وقعت شركة “روساتوم” عقدا بقيمة 20 مليار دولار مع الأتراك لبناء مفاعلات نووية جديدة في البلاد.

مثل هذه الصفقة كانت ستجلب مزايا عديدة للكرملين أولاها أنها ستسمح لـ” روساتوم” بالتحكم في المحطات النووية، وبيع الكهرباء المتولدة عنها، في صفقة طالما سعى إليها الروس.

وعلاوة على ذلك، يقدم المشروع النووي لروسيا مدخلا للاقتصاد التركي ذي النمو المتسارع الذي يعد الأكبر في الشرق الأوسط.

ويتوقع أن يتزايد الطلب على الكهرباء التركية بنسبة 7 % بحلول عام 2023، وهو ما يعني أن روسيا “ستترك الكثير من الأموال على المنضدة”.

وأخيرا، ولأن العقد يسمح لروسيا بالتحكم في المفاعلات النووية، بما في ذلك الإنتاج الجانبي لليورانيوم المخصب، فإن موسكو بذلك كانت ستمنع أنفرة من الحصول على المواد الانشطارية اللازمة لصنع أسلحة نووية، بما يحد من مخاطر  الانتشار النووي لدولة جارة قوية.

ستخسر روسيا كافة هذه المكاسب إذا ألغى بوتين المشروع بالإضافة إلى 3 مليار دولار تم دفعها بالفعل لإدارة شركة “روساتوم”.

وبالمقابل، لن تعاني بوتين إلا على المدى القصير حال إلغاء المشروع، إذ سيتطلب الأمر بعض الوقت لإعادة ترتيب الأمور.

وإذا رغبت تركيا في مواصلة مشروعها النووي، ستجد العديد من البدائل الأخرى، مثل شركة “أريفا” الفرنسية، و “وستنجهاوس” الأمريكية، و”ميتسوبيشي” اليابانية، والتي سترحب جميعها  بفرصة الدخول في سوق جديد سريع النمو مثل أنقرة.

عالِم تركي: بوتين “مجنون” .. وروسيا هي الرجل المريض وليس تركيا

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.