الرئيسية » تحرر الكلام » رصيد صداقة .. لما يغلب المدين الدائن!

رصيد صداقة .. لما يغلب المدين الدائن!

 لم يعد يتعمد كما تظن وتشتكي أن يلقك بوجه غير الوجه الأول الذي عرفتَه به لشهور، لم يعد يتمسك بأن يُسلِّمَ بيد مرتعشة مرتخيِّة، وربما فَسرتَ الأمر على إنه لا يريد مُصافحتكَ من الأساس، لم يعد يتمسك بأن تبدو صغيراً أمام مجموع الأصدقاء الذين عرفوكَ وعرفتهم، لم يعد يريد منك أن تقول إنك قد مللتَ محاولة التودد إليه، وقاربتَ أن تجيبه لما فهمتَ.. إلى هدفه بالمقاطعة التامة، وإنه يريدها لكنه لكي يُفلتَ من العتاب الجمعي.. يريدها أن تأتي منك..

إن الأمر، يا هذا، أبعد مدىً، وأكثر عمقاً مما تظن وترى..

إنه يعرف إن نبضة بداخلك لا تريد أن تُسلمَ بالفراق الأبدي بينك وبينه.. بل إن الأمر أبعد مدىً وأكثر ألماً من ذلك بمراحل، إنه يعرف إنك نادم على ما بدر منك تود الاعتذار لكن لا تجد إليه سبيلاً، وإنك إذ تطلب منه أن تلتقيا منفردينِ تبحث عن صيغة عملية بسيطة لمراجعة ما حدث ودسّ كلمة آسفٍ بين التفاصيل المُملة، ليس الأمر كما تفهمه إنه يرفض الاعتذار منك ..او يريد التخلي بالكلية عنك، مع ود وسابق أفضال لك عليه، لن تُذكره بها أدباً وتألقاً منك .. برغم ما يفعله بك، وليس الأمر بمستحق لو تعرف وتعلم أن تذهب لأصدقاء مشتركين مهدداً بإنه سيفعل نفس الأمر معهم..

كان يريد أن يروي لك قصة بالغة الصغر والقصر لك منها نصيب .. ربما يريد الترويح عنك.. وما يدريك؟

قال لك من قبل فلم تنتبه إن بنك المشاعر.. بنكه.. يمكنك أن تسحب منه على المكشوف في الوقت الذي تحب وتريد ..ولأي مبلغ، كان يريد القول لك بإن “بنك المشاعر” كله بين يديك، وإن المشاعر مثلها مثل بنايات وعلاقات كثيرة في عالم البشر.. يمكنك أن تعرف قيمتها لما تقيسها بضدها، أو بضدها تعرف المعاني كما قالت العرب، أيا هذا .. بضدك ترتعش المعاني .. وقت قليل الصحاب والدروب واختلاف المصائر والتمايز .. نجد أنفسنا برفقة أقل القليل من البشر، فنعلن ألو كانت لمشاعرنا بنوكاً من رجاءات ومعانقة لمحبة لدى الآخرين، فإن أرصدتنا فيها خضراء، وعمليات البناء الضوئي فيها تسير بسرعة البرق، تكبر وتتنامى بدون حد، لا يقولن لك أحد إننا نحتاج أمناً هنا وكاميرات مراقبة .. وامكانات الادارة البشرية لما هو متاح من عناصر تأمين، الأمور في عالم المشاعر لا تحتاج إلى دقة .. وأرقام سرية.. واماكن ممنوع التجوال فيها، الأمور في عالم أمثاله ممن لا يمتلكون من الأشياء ما يفيض.. ولكنه يفتخرون بما هو أكثر .. الأمور هاهنا تتشابك وتجد فيها مسافة كافية لكي تنمو شجيرات من الورود متشابكة ملّتفة .. تلك مسافة فاصلة تنمو بصورة لا تدركها في الواقع من سرور للعين وابتهاج للخاطر ..

يجيء مثلك، على حين غفلة متسللاً، ولو إلى حسابكَ لديه عبر  دفقات الأمان .. وحيادي الشعور المائل نحو الإيجابية لكي تقتطع جزءً كبيراً من تكوين مرهون من ثقة عليك، يغريك صبر واحتمال سابقينِ منه عليك.. وتجلّد حيال صغير فعال .. كل مرة تسرق وردة من شجيرة عملاقة.. وغفلة قاربتَ انتزاع الشجيرة من مكانها، طلبتَ سحباً على المكشوف للبنك كله، لمجرد إن خاصرة لديك دامية،

 وميلاً لأُنس منك حيال أي فتنة تقدم إلى أبوابك، ولخلاف لا يعنيك بينه وبين “تلك” .. استعانتْ بك لتتقوى على موقفها من انسحاباته من حياتها، وكان أن فعلتَها ..سحبتَ على المكشوف رصيد البنك كُلّهِ الذي أنت جزء مساهم فيه ومنه  ..

فتنة الأصدقاء كنّا نتعرض لها صغاراً فعرفتنا عليها، يا هذا، كباراً .. لك اختياراتك في أن تسحب سحب بستاني شرير لشجيرة مودة كنت جزءً من غصنها .. ولإنه يعرف إنها نقطة ضعف منك لامستْ حقيقة تكوينه .. ولإن العمر تقدم منك ومنه اكتفى بأن أنذرك ثم أكمل المباراة .. أنذرك في أعمق نقطة مضيئة من تكتل الشعور ..

فإن جئتَ من بعد تطالب برصيدك السابق .. الطازج التكوين، الحلو الروح، الذي أحلت عذب مياهه مرارات .. فإن جئتَ تُطالب به فليس أقل من أن يطلب منك أن تراعي الضمير منك فيما تطلب، وأن تخلو إلى خزائن شعورك لتعتذر إلى نفسك قليلاً عن مفتاح خزينة أُعطيتْ لك فجرّفتَها لإن مادة أولية في تكوينك تعارض رحب الحياة!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.