الرئيسية » أرشيف - تقارير » (واشنطن بوست) مصداقية أمريكا (دُفنت) في مقابر سوريا وإرث أوباما هو (التنازل) عن المنطقة لطهران

(واشنطن بوست) مصداقية أمريكا (دُفنت) في مقابر سوريا وإرث أوباما هو (التنازل) عن المنطقة لطهران

(وطن – وكالات) نشرت صحيفةواشنطن بوست” مقالاً للكاتب مايكل غيرسون، معلقاً عن غرق الطفل السوري إيلان الكردي (3 أعوام) قائلا: “طفل صغير يرتدي قميصا أزرق، نائم على وجهه قبالة الشواطئ التركية ووفاته تمثل تراجيديا. وهناك أكثر من 200 ألف شخص قتلوا في سوريا و4 ملايين فروا من بلادهم و7.6 شردوا من بيوتهم هم في النهاية أرقام. لكنهم يمثلون فشلا جماعيا..”.

ويقول الكاتب: “قبل أربع سنوات انخرطت إدارة أوباما فيما أطلق عليه فردريك هوف، المستشار الخاص السابق للعملية الانتقالية في سوريا “مسرح إيمائي غاضب”، فبعد أربعة أعوام من الاحتجاجات اللفظية القوية واللقاءات العاجلة والدعوات للتفاوض، فقد أصبحت الدراما كلها بديلا مثيرا للغثيان عن الفعل النافع. فالناس يتحدثون ويتحدثون من أجل إسكات صوت ضميرهم وتبادل اللوم”.

ويضيف قائلا: “في عام 2013 حاضر الرئيس باراك أوباما على مجلس الأمن الدولي واتهمه بعدم إظهار “أي ميل للتحرك”، وهو ما يعني إسقاطا نفسيا على المسرح الدولي”. ويعتقد الكاتب أن موقف أوباما نابع من “واقعيته المملة”، والتي تقول: “ليست وظيفة رئيس الولايات المتحدة حل كل مشكلة في الشرق الأوسط” و”علينا أن نكون متواضعين في اعتقادنا وأنه يمكننا علاج كل شر”.

ويناقش الكاتب قائلا: “لكننا لا نتعامل هنا مع كل مشكلة أو كل شر ولكن مع مجموعة من الظروف الاستثنائية المتميزة: فالفشل الإنساني الأكبر لعهد أوباما هو أيضا أكبر فشل إستراتيجي له”. ففي بعض الأحيان قد تعني كلمة “تواضع” التعود على مشاهدة المذابح. فمروحيات بشار الأسد تواصل رمي البراميل المتفجرة المحشوة بالمواد الحادة وغاز الكلور.

وفي الوقت الذي غيرت فيه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قانون اللجوء في بلدها والترحيب بكل سوري يصل إلى ألمانيا. وهو ما دعا السوريين للثناء عليها وبدأوا يطلقون عليها “ماما ميركل، أم المنبوذين، أتساءل ماذا يطلقون على الرئيس الأمريكي”؟

ويعتقد الكاتب أن إدارة الرئيس أوباما كان بإمكانها خلال السنوات الأربع الماضية اتخاذ إجراءات صغيرة نسبية للتقليل من مستوى الضحايا المدنيين في سوريا، موضحا أن عملية تدمير مروحية ترمي البراميل المتفجرة على الأحياء ليست صعبة. فقد كان بإمكان الإدارة التفكير بعدد من الخيارات التي خفضت من قدرة النظام على التدمير من دون التدخل المباشر في الحرب الأهلية. بل وكان بإمكانها تقوية وتعزيز قدرات الجماعات المقاتلة.

ويرى الكاتب أن الأزمة في سوريا ليست أزمة إنسانية بعيدة عن مركز المصالح الأمريكية. فهي أزمة تقع في قلب الشرق الأوسط وأدت لفراغ في السيادة وهو ما أغرى آخرين بملئه.

ويعتقد الكاتب أن عدم التحرك ظل قرارا اتخذ بوعي من جانب أوباما والبيت الأبيض. وذكر الكاتب هنا بالخطة التي تقدمت بها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع السابق ليون بانيتا ومدير المخابرات السابق ديفيد بترايوس، والذين دعوا إلى تسليح وتدريب قوة وكيلة عن أمريكا في سوريا.

وأثناء كل هذا تحولت سوريا إلى “مقبرة لمصداقية الولايات المتحدة”، فمن “الخط الأحمر” إلى “موجة الحرب تتراجع” و”لا ترتكب أفعالا حمقاء”، وهي تصريحات أطلقها أوباما بشأن سوريا تماما مثل وصفه “تنظيم الدولة” بفريق كرة سلة من الهواة.

وإزاء كل هذا يبدو الهدف “إضعاف وتدمير تنظيم الدولة” غير قابل للتحقيق بناء على الإستراتيجية الحالية والموارد المخصصة لها. وكان الرئيس أوباما قد قال في عام 2011: “حان الوقت لتنحي الأسد عن السلطة”، لكن على ما يبدو سيظل الأسد في السلطة بعد خروج أوباما منها

ويتساءل الكاتب عن السبب الذي يجعل أوباما متسامحا مع المذابح الجماعة والمأساة الإنسانية في سوريا. ويجيب أن السبب هو إيران التي تدعم النظام الوكيل عنها في دمشق كل عام بمليارات الدولارات. ولأن أوباما حريص على توقيع الملف النووي مع طهران، فهو كما يقول “هوف”: “ظل مترددا في إغضاب الإيرانيين في هذا المسار الحرج”.

وعليه، فالتنازل عن سوريا للإيرانيين وجعلها مركزا لتأثيرهم هو الإرث الذي سيتركه الرئيس من تقاربه مع طهران، مع أن الاتفاق سيؤدي لدعم النظام السوري الذي يعاني من ضعف بمليارات الدولارات بعد رفع الحظر عن المال الإيراني المجمد.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.