الرئيسية » أرشيف - تقارير » لوموند: جبهة النصرة.. رهان قطر والسعودية وتركيا المحفوف بالمخاطر

لوموند: جبهة النصرة.. رهان قطر والسعودية وتركيا المحفوف بالمخاطر

الغموض الذي يكتنف مواقف “جبهة النصرة” جعلها أكثر المجموعات المسلحة التي تقاتل نظام الرئيس بشار الأسد، إثارة للقلق سواء لدى العديد من الدول التي تدعم الانتفاضة ضد النظام السوري، أو حتى المقاتلين المعارضين للأسد.

 

صحيفة “لوموند” الفرنسية نشرت تقريرا حول هذه الجبهة، ومواقفها بعد أن تبنيها خطف مقاتلين سوريين مدربين ضمن البرنامج الأمريكي للمعارضة “المعتدلة”، متهمة إياهم بالتعاون مع الغرب.

 

 

وقال بنجامين بارت، مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط: إنه على الرغم من أن جبهة النصرة ليست أقوى المجموعات المسلحة التي تقاتل النظام في سوريا، لكنها الأكثر غموضا وإثارة للقلق بالنسبة للعديد من المراقبين”.

 

وأضاف ” منذ ظهورها على ساحة المعارك في سوريا عام 2012، تعاملت مع الوضع من خلال عنصرين: الأول المجموعة المسلحة، التي تقاتل ببسالة وتتقاسم الآن السلطة في إدلب، والثاني: الحركة الجهادية، الفرع الشامي من تنظيم القاعدة، التي ترجم النساء الزانيات في الأماكن العام وتسحق المقاتلين المعارضين القريبين من الولايات المتحدة الأمريكية”.

 

وأشار الكاتب إلى أنه في اليوم الأخير من الشهر الماضي، أعلنت الجبهة اختطافها مقاتلين متمردين تم تدريبهم من قبل واشنطن منذ مايو في تركيا، كتحذير إلى “عملاء أمريكا”، موضحا أنه رغم تأكيد وزارة الدفاع الأمريكية عدم اختطاف أي مقاتل من 60 الذين دربتهم، فقد أكد ذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر قريبة من المعارضة.

 

المواقف المتناقضة لـ”جبهة النصرة”- يقول بارت- وصلت إلى ذروتها في الأسابيع الأخيرة. ففي أواخر مايو الماضي، أقسم زعيمها الغامض أبو محمد الجولاني ، في مقابلة مطولة مع قناة “الجزيرة” القطرية، أن الأقليات السورية ليس لديها ما تخشاه من حركته. وبعد أسبوعين، في 10 يونيو، قتل أعضاء من جبهته 30 درزيا ، بعد مشادة كلامية في قرية بالقرب من إدلب.

 

وتابع الكاتب، ورغم شجب الجولاني لهذه العملية ووعده بمعاقبة الجناة؛ إلا أن هذا أحيا النقاش داخل المعارضة السورية حول النوايا الحقيقية للجبهة والدخول معها في شراكة، وهو ما زد المعضلة تعقيدًا.

 

فهذه الجماعة الجهادية، بالاشتراك مع الحركة السلفية “أحرار الشام”، تعد أهم الفاعلين الرئيسين في “جيش الفتح”، الذي استطاع تحقيق عدد من الانتصارات منذ نهاية الشتاء، فبدون العمليات الانتحارية ضد نقاط التفتيش أو القواعد للجيش النظامي، التي تعادل الضربات الجوية المستهدفة، كان سيجد المتمردون صعوبة كبيرة في اختراق تحصينات النظام. يضيف بارت.

 

ونقلت لوموند عن مستشار سياسي لأحد الجماعات المسلحة المعتدلة في سوريا، اشترط عدم كشف هويته القول: جبهة النصرة هي ستالين سوريا. فخلال الحرب العالمية الثانية، تحالف الأمريكان معه لأنه لم يكن لديهم أي خيار آخر. لكنهم كانوا يدركون جيدًا أنه بمجرد هزيمة هتلر، ستبدأ حرب أخرى ضد الاتحاد السوفيتي.

 

وأوضح بارت أن جبهة النصرة استطاعت الحصول على نحو 16 مليون دولار، دفعتها قطر، التي توسطت لإطلاق سراح الراهبات من دير معلولا، شمال دمشق، في شهر مارس 2014، وهو ما غذى فكرة أن المخابرات القطرية تدعم الجبهة بالأسلحة، وهو ما ينكره القطريون.

 

وأشار إلى أن قطر حاولت “عبثًا” إقناع الجولاني بكسر ارتباطه مع تنظيم القاعدة، حتى لا تكون جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية، وعندما ظهر الجولاني على “الجزيرة” أراد أن يطمئن الجميع إذ أعلن أن جماعته لا تقاتل إلا من يقاتلها، ووعد بحماية العلويين، إذا تركوا دينهم وبشار الأسد، وعدم مهاجمة الغرب وأن مهمته هي تغيير النظام في دمشق.

 

تشارلز ليستر، المحلل في مركز بروكنجز الدوحة أكد أن الجولاني فهم أن تنظيمه أصبح متشددًا جدًا وبعيدًا عما يرغب فيه بقية المتمردون في سوريا؛ ما جعله يحاول الاندماج في المشهد الثوري السوري، موضحا أن تنظيم الدولة يريد كل شيء وعلى الفور، لكن جبهة النصرة هي أكثر صبرًا، بالنسبة لطريقة تغيير النظام.

 

وتساءل الكاتب هل تستطيع جبهة النصرة، بفضل برجماتيتها، التنصل من أهداف تنظيم القاعدة العابرة للحدود وتندمج مع التمرد السوري؟ .

 

وأجاب هذا هو رهان قطر، وأيضًا السعودية وتركيا، وهو رهان محفوف بالمخاطر، كما أظهرته مذبحة الدروز في قرية قلب لوزة، فمن بين المقاتلين المنتمين لجبهة النصرة يوجد محاربون قدامى وصلوا من باكستان وأفغانستان والذين تتهمهم واشنطن بالتخطيط لشن هجمات ضد الغرب، أنصار أسامة بن لادن الذي يتعرضون للقصف وبشكل متكرر من الطائرات الأمريكية.

 

“الجولاني كاذب” يقول حسام المرعي، أحد المتحدثين السابقين باسم الجيش السوري الحر والذي انضم لمركز الدرسات ” Sadaad ” ، ومقره تركيا مضيفا “جبهة النصرة لها نفس تفكير تنظيم الدولة، والفرق بينهما هو مجرد مسألة تكتيكية”.

 

وتابع “بمجرد التعرض لصعوبات في مواجهة النظام السوري، سيبدأ التنافس بين الجماعات المسلحة لتتحول مرة أخرى إلى اشتباكات داخلية. ويمكن عندها لرجال جبهة النصرة الانضمام إلى تنظيم الدولة”.

 

وأكد الكاتب أن الجهات الراعية للتمرد السني، والتي هي على دراية بهذا الخطر، تعمل حاليا على خطة بديلة وهي تقديم يد العون لـ “جيش الإسلام” المجموعة الأقوى في ضواحي دمشق، حيث لوحظ قائدها زهران علوش، في أوائل يونيو موجودا بإسطنبول وعمان.

 

كذلك يتم العمل أيضا على بناء مصالحة بين قوات “جيش الإسلام” وتلك التابعة للجبهة الجنوبية، النشطة في منطقة درعا، وحال انهيار نظام الأسد، يعتبر علوش أحد القادة المتمردين القلائل، الذي يمكنه صد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة ومنعهم من الدخول إلى دمشق.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.