مستشرق إسرائيلي: توسعات إيران “باركها” أوباما وتحمَل العرب تكلفتها
وطن – رأى البروفيسور “إيال زيسر”، وهو من أشهر المُستشرقين في إسرائيل، أنه مع انتهاء الاحتفالات في واشنطن وطهران بمناسبة التوصل إلى اتفاق المبادئ بين إيران والولايات المتحدة وشركائها، حان وقت الحساب، ولكن، تابع “زيسر”، يتضح شيئًا فشيئًا للدول العربية التي وصفها بالسنية المعتدلة، التي ترى نفسها كحليفة لواشنطن في المنطقة، بأن التوقع الأمريكي منها ليس دفع حساب الوجبة، وفقط، بل أن تكون جزءًا من قائمة الطعام المعد لإشباع شهية إيران.
وأضاف “زيسر”: لقد قيل الكثير حول الخطر الكامن الذي ينتظر دول المنطقة، وليس إسرائيل فقط، من الاتفاق المتبلور بين اوباما وروحاني، وهذا الخطر يكمن ليس بالتحديد في مسألة ما سيحدث في المنطقة بعد نحو العقد أو حتى قبل ذلك، عندما تقرر إيران أنه حان الوقت لتتحول إلى دولةٍ نوويةٍ.
ورأى أن قرارا كهذا لا يقف الآن على سلم الأولويات من جهة الإيرانيين، ومن الممكن جدًا أنهم يُفضلون تأجيله لبضع سنوات إلى أن تتهيأ الظروف الإقليمية والدولية التي تُمكنهم من اتخاذ قرار كهذا.
وأوضح المستشرق الإسرائيلي في مقال نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) أن المشكلة هي أن الدعم الذي يتلقاه الإيرانيون من واشنطن، ولا نتحدث عن حرية المناورة السياسية، وفي أعقاب رفع العقوبات وحتى حرية اقتصادية للتجرؤ والمناكفة أكثر من السابق، في محاولة تعزيز تأثيرها الإقليمي إزاء إسرائيل، بل أيضًا وفي الأساس إزاء الدول العربية المعتدلة.
هل كان اوباما ينوي ضرب سوريا ام كان يريد فتح نافذة للحوار مع ايران؟
وزعم أن أربع دوائر تأثير وتدخل إيراني ظهرت في السنوات الأخيرة في منطقتنا، وفي كل واحدةٍ منها علينا أنْ نتوقع نشاطًا وتهديدًا إيرانيًا ملموسين أكثر من الماضي.
في الدائرة الأولى يدور الحديث عن مواقع إيرانية موجودة منذ فترة تحت سيطرة طهران، أولها النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، الذي يُصارع للحفاظ على حياته في دمشق، والى جانبه حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة.
كل هؤلاء يعتمدون عسكريًا واقتصاديًا على مائدة طهران، ويحتاجون كثيرًا للمساعدة الإيرانية في صراعهم على البقاء أمام خصومهم. ومن الواضح أن اتفاقًا أمريكيا إيرانيًا سيُعطي طهران حرية حركة، بل قدرة كبيرة أكثر من السابق لتقديم مساعدة كهذه.
في الدائرة الثانية، أضاف “زيسر”، نجد معظم الأراضي السورية المُسيطر عليها من قبل المتمردين السنيين، جزء من أراضي لبنان التي لم تسقط بعد بكاملها تحت سيطرة حزب الله، وكما هو مفهوم العراق واليمن، التي دُفع فيها الشيعة الذين يعيشون في هذه الدول إلى أحضان إيران، وهي من جانبها تشجعهم على القيام بنفس أعمال حزب الله في لبنان، والتحول إلى قوةٍ إيرانيةٍ متقدمة على شواطئ البحر الأحمر وفي قلب العراق.
وأشار أيضًا إلى أنه بالنسبة للولايات المتحدة وقبل التوقيع على الاتفاق النووي، فإن نشاطات إيران في هذه المناطق مباركة، لأن من شأنها أن تُضعف المنظمات السنية المتطرفة، التي هي من وجهة نظر واشنطن تُشكل التهديد الحقيقي للمصالح الأمريكية في المنطقة.
في الدائرة الثالثة، برأي المستشرق الإسرائيلي، توجد دول الخليج، مثل البحرين التي توجد فيها أغلبية شيعية، ولكن إلى جانبها أيضًا دول خليجية أخرى مثل عُمان وحتى العربية السعودية التي جزأها الشرقي مسكون من قبل الشيعة.
وهذه من دون شك ستشعر في الفترة القريبة بقوة اليد الإيرانية التي تعمل على تشجيع الشيعة على رفع رؤوسهم ضد حكامهم، على حد زعمه.
وشدد “زيسر” على أن الحديث في هذا السياق لا يدور عن مخططات للمستقبل البعيد، ولكن عن نشاطات إيرانية محددة وآنية، فأكثر ما يدفع الاتفاق الإيراني-الأمريكي طهران باتجاه الذرة أنه يمنحها مكانة دولة عظمى إقليمية شرعية، شريكة في مباحثات الكبار، الدول النووية الخمسة العظمى في العالم القديم أُضيفت لها الآن إيران.
وقال أيضًا إن إيران طمحت دائمًا إلى مكانةٍ كهذه، التي لا تعني احترامًا، وفقط، ولكن توسيع النفوذ الإيراني إلى المجال المحيط لها، بدءًا من الخليج وانتهاءً بما يسمونه في طهران “حلقة الأمن” الإيرانية، التي تمتد من مرتفعات إيران وحتى الشواطئ الغربية للبحر الأبيض المتوسط، وتشمل لبنان وغزة وإسرائيل، وبهذا يُمكن تفسير القلق في العالم العربي إزاء الاتفاق الذي طُبخ في لوزان.
وهكذا، خلُص المُستشرق الإسرائيلي إلى القول إنه في واشنطن وطهران يحتفلون، وفي إسرائيل يقضمون أظافرهم قلقًا، ولكن في العالم العربي يستعدون لدفع الحساب، على حد تعبيره.