الرئيسية » غير مصنف » لإنني إنسان

لإنني إنسان

 وطن  _ لإنني إنسان، أحاول ان أشعر دائماً بآلام البشر، وأقدر الذين يقرونها ويثمونها، وأتمنى على الله أن أظل عمري كذلك، مهما دفعتُ من ثمن، ولإنني أتمنى أن ألقاه عز وجل على فطرتي التي فطرني عليها، والتي أتمنى أن أنهل منها ما حييت قولة حق لا أخشى فيها لومة لائم، لكي تكون لأجل جناب الله، ورغبة في مرضاته وإن أغضبت مني هذا الطرف أو ذاك ..

لإنني إنسان فلن أتحدث هذه المرة عن السياسة بقدر ما سأتحدث عن الإنسان مع أشرف الطرفين، وعلى بلاطة، أو على المكشوف كما نقول دائماً في مصر التي تعشش في قلبي، بل أعشش في قلبها، مهما ارتحلت، هي في نومي قبل صحوي، بعد الله تعالى وكتابه ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بوصلة تهديني، نهلتُ الخير من الله عبر أرضها، وأرتجيته للعالم تحت شمسها، وكان فرحها فرحاً للكون بداخلي، وما يزال مصابها يورق في قلبي الشفقة على الكون كله، رثيتُ لآلام القدس والفلسطينيين، والأفغان، والعراقييين، والسوريين ولكل مظلوم في هذا العالم الظالم الذي لا يؤمن إلا بالقوة، ولكني لما ذقتُ مرارة الظلم، على أرض الواقع في مصر لمستُ له “خشخشة”، ما وجدتُ صداها إلا لدى الرئيس محمد مرسي، فك الله أسره وحفظه، ولكم تمنيتُ أن يكون الإخوان كلهم، لا العسكر بمثل بهاء نفسه!

أما الخشخشة، لمن لا يعلمها فهو تعبير نستخدمه في “الصعيد” ووجدتُه في القاهرة، وآلمني لما وجدتُ طبيب الأطفال الذي عالج صغاري من حساسية الصدر، لظروف ما انتهت بحمد الله، والخشخشة هذه ربما من نبات الخشاش أو الفاكهة المعروفة بهذا الاسم، وهي تعني بروز جزء حاد في جوانب الثمرة تمنع راحة اليد من الإمساك بها بالراحة المألوفة في الإمساك بالأشياء، وكذلك كان صوت التنفس الخارج من صدور صغاري مذيلاً ب”خشخشة”، وكذلك صار “الظلم” في قلبي له صوت يشبه الخشخشة بعد ما ذقتُه في مصر بل ذاقته مصر كلها، وهل من ذاق كمن عرف؟ّ!

لإنني إنسان سأتحدث عن الإنسانية، لا السياسة التي صارت في عالمنا العربي قرينة كل سوء بل كذب وغش وكبر وضجر، اللهم إلا من رحم ربي من قليل اللاهثين خلف الحقيقة ..

(1)

ي ُقدمُ مخلصو الإخوان لإنهم المالكين للأمر بالفعل في مصر..

فإن قال قائل على البداهة:

ـ بل العكس!

قلتُ له:

ـ هل الفكرة أسبق أم الحركة .. ولو كانت بجذب الزناد لتخرج الرصاصة.. هل الشروع أهم أم الفعل..الإرادة أم المغامرة؟!

سيقول لي قائل إن يوم الأربعاء الماضي فقط قال السيسي، قائد الإنقلاب:

ـ والله العظيم ما “هسيب” الإخوان!

لإنني إنسان .أنا وهمه والزمن طويل.. وهو مثل شعبي دارج في مصر معناه العداوة ما حييتُ، والأخير يقول بلسانه، وهو مولٍ ظهره للجالسين من حوله، وهو الذي اختار من يجلسون من حوله.. وخلفه إلا إن الكبر، ومع ذلك لم يقل الكلمات الماضية بلسانه بل قالتها الفكرة بداخله، والرصاصة لما انطلقت من مسدسه، والشروع لما قرر إما قتل مصر أو حكمها، وقال إنه لا يفعل إلا العكس..

الشىء الواضح المهم الذي أراه وأقرأه وأسجله بفخر كإنسان يحب الإخوان المسلمين محبته للخير المخبوء في جزء كبير منهم، وبغضه للبغي في مصر الواقع في جزء كبير عليهم، ويعلم الله إنني لو اكن أعرف الإخوان لعرفتُهم منذ الإنقلاب، وما كان لذيذ الحياة في مصر ليقر عينيّ وهم مظلومون على هذا النحو.

إن الرصاصة أصابت كبد الإخوان، من بعد أن تم الشروع في القتل ناحيتهم، وقال السيسي مر الكلام في “عرضهم” ولكنهم كانوا، في أغلبهم الأعم، رجالاً بالفعل، وابوا أن يميلوا ويهزموا، واعيت السيسي، كنتُ سأخطأ وأكتب الرجل، وأعيت الإنقلاب الحيل من أجل مصالحتهمفلم يقبلوا ..

فأيهم أولى بالانتصار الفكرة أم الرصاصة؟!

(2)

ولكن الرجولة يجب أن حدود:

شاهدتُ فيديو القاضي الذي أخلى سبيل ثمانية مما عرف بفتيات الأزهر الأربعاء الماضي، في نفس يوم مشاهدتي كلمات السيسي عن عدم تركه الإخوان، وهل الأبله يملك من أمر نفسه إن أخذه الله؟ وليس ذلك على الله بعسير.. من يدريك فقد يأخذك تعالى ويُفرج كرب الإخوان؟ ولولا مخافة الإثقال لدعوتُ الله كثيراً ..

القاضي بأعلى المنصة والفتيات يخرجن من القفص، في بداية الفيديو البالغ الإدانة لكل صامت عن الحق في مصر ..أولهن تمسك ب”مصلاة” من تلك التي لا يتجاوز ثمنها في مصر عشرين جنيهاً، دولارين وسنتات، والمصلاة أهم ما في حياتها لذا تجىء عفواً معها لحظة استدعائها إلى القاضي، اللحظة الغامضة التي لا تدري بعمرها الغض ماذا تفعل فيها او حيالها، حفظ الله بناتي وبناتكم من كل مكروه وسوء ومن هذا الموقف يارب.. الذي لأجله سأتوجه إلى “الإخوان المسلمين” الأقوى قوة الفكرة، والأجدرة جدارة الشروع في فعل الخير، والأجل جلال الإنسان بنفخة رب العزة فيه..

إن الرجولة لها حدود .. ولقد أكثرتم والله على أنفسكم..

تقف الفتيات أمام قاضي الأرض الظالم، وهن متهيبات، في الطريق عادت منهن أكثر من واحدة لكيلا تكون في المقدمة.. ولكنهن وقفن ثابتات في النهاية لا يدرين شيئاً عن الدور المناط بهن الآن.. هل ليسمعن جيداً أم ليدافعن عن أنفسهن؟ وهل يملك القاضي الإفراج عنهن؟ أم يريد رؤية دموعهن والقهر على خمار إحداهن، اجمل من كل ملابس نساء الأرض ببياضه الناصع، وبياض طرحهن، اللهم ارحم كل من أشار عليهن بضرورة نصوع ثيابهن في هذا الموقف الصعب ..

..سبحان من خلق الإنسان وعلمه اثبات عندما تريد دول وتخطط له الهوان.. إنها رفعة الفكرة، وألق الإرادة، وعمق الشروع في الاستنجاد برب العزة..ظهر التحدي على وجه أقربهن للكاميرا، تلك التي اكتسفت بعد قليل أن “كاميرا جبانة” في يد مصور اليوم السابع .. فزاد ألق حركة فمها بما يعني مزيداً من الإصرار ..

ـ هل أنتن جميعاً طالبات بالأزهر؟

هل يريد القاضي سؤالاً والسلام.. أو لم يقرأ الأوراق بعد؟..صغيرات هن يا معشر العسكر..كرر الجالس على المنصة السؤال فأجاب عنفوان التحدي لدى إحداهن:

ـ نعم نحن جميعاً أزهريات ..

أخذت البراءة بقلب أخرى قالت:

ـ إنني من جامعة القاهرة..

ـ أنت لك “وضع خاص”..

ـ وضع خاص؟!

ـ نعم أنت من جامعة القاهرة.. فلك وضع خاص!

(3)

يفتح القاضي حواراً والسلام ولكنكن لا تفهمن بعد يا صغيراتي..

ـ انتن أمهات المستقبل، من سيلدن حكام المستقبل، يقصد الأزهريات بحسب سؤاله وإقراره الأخير، بعد ثلاثين.. أربعين عاماً، مدة نسيان مصر بحسب كلام السيسي الذي خدع به الرئيس محمد مرسي.. وكان من مآثره أيام صمته كالمعتوه إلا من هذه الجملة .. إن الجيش نزل الشارع أنسوا مصر ثلاثين أربعين سنة، بعد اعوام النسيان ستلد واحدة منهن حاكم مصر، خجلت الفتيات وطأطأن الرأس لم تقل واحدة منهن له:

ـ حاكم مصر الحقيقي ..في حالنا هذه.. ستلده إحدى زوجات العسكر!

لما انهى المحاضر ..أقصد القاضي كلمته وقال فيها أو عرج فيها على أهمية الأكل والشرب والنجاح للفتيات وبهدلة أهلهن في حالة حجزهن هذه.. لا هن!

كأن اإنقلاب يريد تسويق الفيديو في العالم، أو لعله يعرض اوراق الصلح على الإخوان، ويبقى عشرات الأوراق الأخرى بيديه..

القاضي الكبير “العاقل” يقول لهن عن الأكل والشرب والنجاح وكانهن حيوانات بأدمغة تُصب فيها محاضرات، ويقول عن المظاهرات إنها أماكن للشبهات، ولم تكن كذلك في عهد الرئيس محمد مرسي، ولا في “أحداث” 30 يونيو المزيفة..

(4)

لما قال القاضي إنه قد يحكم بالسلب أو اإيجاب عليهن جذبتني ابتسامة أقربهن للكاميرا تلك الساخرة من الحكم القادم!

لله درك يا ابنتي لقد سخرت بالسجن والإيذاء لما ثبتك الله وربت على صدرك .. لكنها هي نفسها التي بكت على نحو لما أره من قبل لما قرر القاضي إخلاء السبيل المعلق ” يصدر الحكم الأحد القادم 5 من أبريل”.. والقاضي غير الواعي يقول من يناير .. للأسف قضاة مصر المتحكمين في البنات لا بعرفون عن دراستهن ولا عن الشهور شيئاً.. ولله عاقبة الأمور.. إنه مثل الضباط “الأشاوس” الذين قادوا أطهر فتيات مصر بل الأرض اليوم ..

تماماً مالت الفتاة على صدرها، صدر نفسها، وبكت..

لا حول ولا قوة إلا بالله ..

لم تجد الفتاة صدراً تبكي عليه فبكت على صدر نفسها، هل رأى أحد مثل هذا المشهد من قبل؟!

كان أغرب ما رأيت من البشر لا النساء أو الفتيات في حياتي..

تزور الدموع العينين ويلمع في الخاطر مقولة الرئيس محمد مرسي:

ـ أنا عاوز أحافظ على البنات ..سيصبحن أمهات المستقبل..

لقد ألتقى الرئيس مرسي البنات الثمانية، وعما قريب يلقي المحبوسات الباقيات، لم يجد القاضي أفضل من جملته ليقولها كعريضة لإخلاء سبيلهن .. ولو أن القرار للرئيس مرسي لما حبسن من الأساس!

يالله .. أين الحنان الذي لم يجده الشعب.. في جميع عهود العسكر وجاء السيسي به ..إذا كان من أفرج عن ثمانية من خيرات صغيرات مصر الرئيس محمد مرسي..بنفس حيثيات كلماته وبحذافيرها!

(5)

إنني لم أعد أتمنى براءة الفتيات يوم 5 من يناير من نفس هذا العام بحسب قول القاضي..وكأن العام فيه شهران اسمهما يناير

بل إنني لأتمنى من الحكماء .. الأقرب للمرؤة والعقل .. الإخوان الذين حكموا مصر فأحسنوا إلى من لا يستحقون الإحسان ..من فضلكم وأنتم الأقرب إلى الحق .. أوقفوا هذا المسلسل على نحو ما يضمن لكم كرامتكم ويوقف هذه المحنة .. فقد طال الأمر البنات .. وسرنا نبكي لا لحلم الشرعية بل لخروج معتقل من السجن.. بل معتقلة ..

إن حكمكم معاشر الإخوان كان أشرف من أن ينفذ على ارض مصر في ظل قواعد وأسس فاسدة .. وأنتم المظلومون دعوها من فضلكم فإنها منتة .. السياسة .. ومن لم يخف الله في البنات فخافوا منه .. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ـ إن شر الناس من يقيه الناس مخافة شره!

قلت إنني أريد ألا أتجاوز وأتحدث عن السياسة وفتيات مصر .. وصاحبات أعذب ما فيعا يعانين ..

فهل وفيت بوعدي..؟!

شروق باسم عودة: فرّج الله كرب الإنسان في مصر!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.