الرئيسية » غير مصنف » “الإخوان المسلمون” في الأردن أزمة داخلية وإنشقاق يلوح بالأفق

“الإخوان المسلمون” في الأردن أزمة داخلية وإنشقاق يلوح بالأفق

لم يعد خافيا درجة الإحتقان والتوتر التي تسود أوساط أكبر جماعة تمثل الإسلام السياسي المعتدل في الأردن متمثلة بكل أفرادها ومؤسساتها وحتى معارضيها ممن تقدموا مؤخرا طلبا لترخيص الجماعة .
لست هنا أبحث عن صحة وجدوى قرار مجلس شورى الإخوان المتمثل بفصل كل من وقع على طلب الترخيص معتبرين من قاموا بذلك بأنهم قائدوا انقلاب على القيادة الشرعية للجماعة- اذ بات من المعلوم ذلك ولا يوجد اي تفسيرات اخرى يمكن ان تكون- , ولا الخوض في الأسباب الكامنة وراء وراء تقديم طلب الترخيص وهل هي خطوة مفاجئة أم كانت مرتبة من قبل بقدر ما أود التركيز عليه هو”من المستفيد ؟ ما دور القواعد في الشعب والمناطق والجامعات ؟ وما هو دور الشباب في صنع التغيير في إنهاء هذه الأزمة ؟ والكثير من هذه الأسئلة التى تضعني والقاريء في مواجهة بعض من الدهاليز التي خفيت منذ فترة .
“الإخوان المسلمون” ضرورة وطنية

لا يختلف اثنان حول أن الإخوان المسلمين مشروعا وسياسة وتصورا هي ضرورة وطنية بإمتياز فمنذ نشأتها وهي تحرص على سلامة الدولة وابقائها قوية وتقف في وجه كل من يحاول المساس بأمنها الداخلي والخارجي , وكانت وما زالت سدا منيعا في وجه التطرف الذي ألقى بظلاله مؤخرا على الأردن فكان الإخوان المسلمون يتصدون لهذا الفكر الدخيل على مجتمعنا بنشر صورة الإسلام المعتدل وسماحته مخاطبة بذلك كل مكونات المجتمع الأردني .
لكن , ما يجدر الإشارة اليه هنا إذ ومع هذه الضرورة الملحة لإستقرار الإخوان المسلمين لماذا يعمد البعض الى العبث بقواعد الإستقرار ومحاولة شق طريق ملتوي داخل الجماعة ومحاولة دفع الجماعة الى الإنشقاق .

كثر هم المشاركون في تغذية هذا الخلاف داخل الجماعة وتأزيمه وايصاله الى طريق مسدود , بدعم فريق على آخر مرة وتبني مواقف واحتضان قيادات على أخرى وبث الكثير من المغالطات وبعثرة الأوراق مرة باسم التنظيم السري ومرة بالمال السياسي وأخرى بزج حماس في هذه المعمعة .
من المؤسف أن نرى السياسة الرسمية ببرامجها وإعلامها وحرسها القديم والجديد تغذي حالة الإنشقاق محاولة رفع فريق على آخر وتقسيمهم بين مقربين وغير ذلك , ومن السذاجة أيضا أن يصل التدخل الى فرض خطة معينة تمليها السياسة الرسمية على الجماعة اذ من المعروف أن مثل هذه الخطوات سيجر الأردن الى دهاليز مظلمة – لا سمح الله – يصعب عليها حينها أن ترجع الأمور الى نصابها وليست المشاهد حولنا ببعيدة عنا فالمشهد المصري خير شاهد .

أين القواعد
مازال أفراد الجماعة وبعد أكثر من شهريعيشون حالة الدهشة والتخبط والخوف والقلق والبكاء أحيانا كثيرة على ما آلت اليه الأمور فمن مرحلة فقدان الثقة بقيادات وازنة كانت ومازالت تسبب التوتر والنكاية بمن يقود الحكم ان لم يكونو في سدته وبين قيادة متجمدة متمسمرة بآرائها , وبين هذا وذاك تضيع الجماعة ببرامجها ويخفت عملها ويستقوي اليأس على الأفراد .
ما أن يستيقظ القواعد من هذه الصدمة سيجدون أنفسهم أمام سياسة جديدة ستفتح المجال للكثير بإعادة الحسابات كثيرا , لا يعني ذلك بأن الإنشقاق سيبدأ فحسب بل يتعدى ذلك الى طريقة التفكير ومنهجية العمل وانزلاق الى التخوين والتحريض لا سمح الله .
لن يحدث ذلك في حال استبق أفراد التنظيم الى ترك حالة النوح في كل مكان وترك حالة الردح في مواقع التواصل الإجتماعية والعمل بتوفير أجواء آمنة دافئة يمكن من خلالها اعادة تصويب الأمور , على القواعد وفي كل ملتقى صغر أم كبر ابتداء من لقاءات الأسر الى الكتائب والملتقيات والإجتماعات و انتهاء بالمؤتمرات أن يواصلوا نقاش هذه النقاط وبنائها على أمرين رئيسيين هما الإصلاح الداخلي وشرعية قيادة الجماعة الحالية .
على رؤساء الشعب في كل المحافظات عدم الوقوف كمتفرجين في هذه الأزمة الخانقة والعمل على الاجتماع وتقييم الحالة وطرح كافة الحلول ضمن اطار نقطتي الإصلاح والشرعية .
الشباب الإخواني
لا يختلف كثيرا حال الشباب في الجامعات ودوائر العمل الشبابية عن اخوانهم من حالة التوتر والتحرك , الا أن للشباب الكلمة الأخيرة دائما , وما كان من لجان المتابعة للمؤتمر الشبابي من اطلاق مبادرة شبابية عامة يدل على مدى الحرص والقوة الشبابية في داخل النسيج الإخواني .
المطلوب من دائرة العمل الشبابي أكثر من ذلك وعدم الإكتفاء بمثل هكذا بيان عام لا يتضمن أي خطوات ميدانية والعمل على لقاء الشباب وبدء بحوارات موسعة تجعل من الشباب ضابط ورادع لكل من يريد أن يحرف سفينة الجماعة عن مسارها الحقيقي .
المأمول من الشباب تشكيل جبهة داخلية قوية قادرة على ضبط الإيقاع الإخواني من الإنزلاق قيادة ومعارضة , لها وزن حقيقي تكون هي بوصلة العمل وترتكز على أمرين سبق ذكرهما وهما الإصلاح الداخلي و شرعية القيادة الحالية .
بيان ” العربيات”
ماصدر من بيان بضرورة تولي شخص آخر قادر على التوافق مع كلا الطرفين مع ذكر اسم “عبد اللطيف عربيات” ما هو الا خطوة نحو التأزيم والعودة بطرح الثقة في القيادة الحالية شأنهم شأن اخوان ” الذنيبات” اذ يحاول البعض استغلال المواقف والعمل على الزج بكل ما هو قريب وبعيد لإيجاد حالة من العبث تعجز القيادة الحالية من التعاطي معها وهذا ما تفوته القيادة الحالية مرة بعد مرة .
ما يحدث اليوم من ارهاصات لإنشقاق داخل الجماعة برعاية رسمية وتغافل وتقاعس القواعد وتناحر القيادات وكف الشباب عن الحديث حول مشاكل الجماعة لينذر بالكثير فلا مصلحة الوطن تقتضي ذلك ولا مصلحة الإخوان .
مايجدر التنبيه اليه أخيرا هو مسارعة القيادة الى ضبط البوصلة للإصلاح الداخلي وانهاء القانون الأساسي الجديد وقانون الإنتخاب , ضمن خطوات عملية بعيدة عن المناكفة والإسراع بهذه الخطوات وعدم التعجل فيها , فلكل خطوة وقت معين تنضج هذه الخطوة ان اخذت كامل وقتها .

يبقى التذكير بأن وسبق للإخوان المسلمين المرور بمثل هذه المنعطفات وان كانت الآن أكثر حدة وأن الجماعة صاحبة الرسالة الخالدة وهي ” الإسلام ” باقية لن يستطيع أحد زحزحتها ولا المس بمبادئها وهي باقية متمددة ما بقي طلوع الشمس من المشرق , والعمل هو الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر .

والله من وراء القصد

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.