الرئيسية » غير مصنف » مواقف معيبة تتعارض مع المواطنة والأخاء

مواقف معيبة تتعارض مع المواطنة والأخاء

وطن- قال الشاعر معروف الرصافي:
يقولون نحن المصلحون ولم أجد … لهم في مجال القول غير المفاسد
صدحت مرجعية النجف رأسنا بجعجة دون أن نرى طحينها في الإدعاء بأن لا فرق بين السنة والشيعة، ونسبوا قول المرجع الأعلى علي السيستاني مخاطبا شيعته بأن لا تقولوا أخوتنا السنة بل قولوا أنفسنا. وإن المرجع هو صمام الأمان للعراقيين من السنة والشيعة على حد سواء، وغيرها من الدعوات التي لا تخرج عن عقيدة التقية التي يؤمن بها المرجع وأنصاره. أسماء ليس ليس للمرجعية إلا أن تقولها أما معانيها فليست تعرف، مع إحترامنا الكبير لشاعرنا الكبير الرصافي!
ودع أهل الفلوجة العام 2014 ب(1956) شهيدا و(3467) جريحا نتيجة القصف الذي تشنه قوات التحالف وقوات العبادي وقوات السيستاني المتمثلة بالحشد الطائفي وفقا لما أعلنته السلطات الصحية يوم 3/1/2015، وكانت نسبة القتلى من النساء والأطفال 50% وهذا النسب موثقة لدى ممثل الأمين العام في الأمم المتحدة. وأوضحت السلطات الصحية بأنّ “غالبية الجرحى أصيبوا بإعاقات مختلفة ستلازمهم مدى الحياة، وأنّ تلك الأرقام التي وصلت إلى مستشفيات المدينة، ولم يتم إحصاء الآخرين الذين قضوا داخل منازلهم أو في الشوارع نتيجة القصف الحكومي، ولم يتم نقلهم إلى المستشفى بل إلى المقابر مباشرة”.
لم نسمع للمرجعية أي تعليق عما يحدث من خسائر من المدنيين في الفلوجة ولا علينا بالمسلحين فذلك شأن آخر لا علاقة للحديث به، من يحمل السلاح لا يعد من المدنيين، نحن نتحدث عن المدنيين فقط. ولكن عندما أعتقل المرجع الشيعي(عيسى القاسم) في البحرين، أقامت المرجعية قيامتها مطالبة بإطلاق سراحة على الفور إسوة بمراجع ولاية الفقيه مما يعني وحدة الموقف.
فهل قيمة وأهمية الشيخ البحريني أكثر من قيمة وأهمية هولاء القتلى الأبرياء من الأطفال والنساء؟ المنطق يقول نعم! وإلا هل هناك من تفسير آخر. حتى لو إعتبرنا بأن المرجعية أممية ومعنية بشيعة العالم كله، فهذا لا يعفيها من الحرص على أهلها قبل الجيران، والجيران قبل الغرباء، والغرباء قبل الأجانب.
ولنبين موقف آخر تمثل بقيام الميليشيات الشيعية في البصرة في آخر مهمة قتالية لها مع شيوخ وخطباء أهل السنة بإغتيال ما تبقى منهم وهم الشيخ (يوسف محمّد ياسين الراشد)، إمام وخطيب جامع الزبير بن العوام. والشيخ (إبراهيم شاكر الخُـبَيْر)، إمام وخطيب جامع البسام في الخور. والشيخ (أحمد موسى الراشد)، إمام وخطيب جامع زين العابدين. فيما أصيب الشيخ (مصطفى محمد سلمان الصالح الزكري)، إمام وخطيب جامع البكر. والشيخ (حسن علي ناصر درويش)، إمام وخطيب المزروع بإصابات شديدة.
الجريمة حصلت في وضوح النهار وعلى مقربة أمتار من نقطة تفتيش عائدة للشرطة، والسيارة التي إستعملها الإرهابيون من سيارات الدفع الرباعي التي تعود للدولة، وكانت تسير وسط المدينة بلا أرقام في دولة القانون! والعناصر المنفذة قاموا بالعملية بهدوء ودون عجلة، وقد شاهدهم عدد من المارة. أي خيوط الجريمة واضحة ويمكن كشف الإرهابيين بدقائق دون الحاجة إلى إرسال لجنة من بغداد لكشف الملابسات.

المثير في اللجنة البرلمانية إن رئيسها هو الإرهابي المعروف حاكم الزاملي، وهذا من قادة جيش المهدي وأحد مفجري الحرب الأهلية عام 2006ـ 2007 وقد شغل منصب قيادي في وزارة الصحة ساعدته في تنفيذ أجدنه الإرهابية، حيث تمت الإغتيالات بواسطة سيارات الإسعاف، وعندما يُنقل الجرحى من أهل السنة بسيارات الإسعاف كان يُجهز عليهم ويدفنون في سدة مدينة الصدر. وهذه المعلومات موثقة ولا أحد من الشرفاء والوطنيين ينكرها أو يجهلها، إلا الذي في شرفة وضميره لوثة. لذلك كان أهل السنة يرفضون نقل جرحاهم بسيارات الإسعاف أو نقلهم إلى المستشفيات التي تخضع لسطوة جيش المهدي حينذاك.
رئيس الوزراء حيدر العبادي أدلى بدلوه بشفافية لا قيمة لها فقد “أدان الهجوم الذي نفَّذته عصابات إرهابية” فقط! ووزير الداخلية محمد الغبان الذي طالب بتشكيل لجنة تحقيقية هو من زعماء ميلشيا بدر، ومن تصريحه تعرف إتجاه التحقيق كيف سيكون فقد” أمر بفتح تحقيق في الهجوم الذي ارتكبته قوى تخدم مشروع المجموعات الجهادية والدولة الإسلامية في العراق والشام”! أما رئيس اللجنة الأمنية في محافظة البصرة مهدي ريكان وهو عضو في الأحزاب الشيعية الحاكمة فقد” أكد الخبر من دون تعليق”! جهد الرجل إنحصر في تأكيد الخبرّ! كإنما هو خبر فقط وليس عملية إرهابية! وهل الجريمة تحتاج إلى تأكيد أم إلى عزم وتصميم لكشف من يقف ورائها؟ أما محافظ البصرة فقد وعد قريبا بكشف الجناة، وقد علق أحدهم على تصريحه” موت يا حمار لما يأتي الربيع”.
من المتوقع أن يجدون واحدا من أهل السنة ويعذبونه ويهددونه بإغتصاب زوجته أو إبنته ليعترف بأنه من قام بالعملية ويعدمونه ويطمطمون الجريمة كما جرت العادة في عدة حوادث سابقة.
الحقيقة أن المئات من الخطباء والشيوخ تم تصفيتهم في البصرة قبل المجموعة الأخيرة، ولم تسفر تحقيقات اللجان عن تسمية مجرم واحد. لأن الإرهابيين هم من عناصر الميليشيات الحاكمة، وعملية إختطاف وقتل الشيخ الغانم من قبل الأجهزة الأمنية نفسها أبرز دليل، فقد عُرفت القوة المختطفة، قد صُورت من كاميرا مراقبة، ومع هذا سجلت الجريمة بإسم مجهول! إذا كان قتلة الشيوخ في البصرة غير معروفين حسب الإدعاءات الرسمية فإن قتلة ـ الشيخ د. صبري صالح المرعاوي إستاذ في كلية الشريعة وإمام جامع الجبار في حي الخضراء في نفس وقت إغتيال شيوخ البصرة ـ معروفون تماما، قُتل الشيخ جراء التعذيب في سجون وزارة الداخلية، ولم تصدر مذكرة قضائية لإلقاء القبض عليه، أي أختطف من قبل قوات سوات وقتل. فما هو عذر حكومة العبادي؟ هل الجناة مجهولون أيضا؟
كما زار رئيس البرلمان سليم الجبوري وهو من جحوش أهل السنة البصرة برفقة بعض النواب لأغراض دعائية لا أكثر! فالرجل يعرف جيدا من يقف وراء هذه الحملات الإرهابية المستمرة في البصرة ضد أهل السنة منذ عام الغزو ولحد الآن، وإن الغرض منها هو التطهير المذهبي لاغير، ورئيس البرلمان هذا قد أشاد في لقائه الأخير برئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بدور إيران في أمن وإستقرار العراق! فماذا يُرتجى منه؟
المهم في هذه المعمعة هو ما جاء على لسان رئيس اللجنة البرلمانية حاكم الزاملي، والحقيقة إن تصريحه لم يكن مفاجئا لنا، بل المفاجأة لو إنه لم يصرح به. الكثير من العراقيين إستغربوا عدم تعليق العملية الإرهابية برقبة التكفيريين والبعثيين وازلام النظام السابق وإخيرا الدولة الإسلامية كما هو متعارف عليه في مثل هذه الحالات. لكن البعض فكر بإن إتهام هذه الأطراف سيكون مسرحية تافهة ومبتذلة، لأنه لا يوجد داعش ولا سلفيين ولا أزلام النظام السابق في البصرة، فقد تم إغتالهم خلال السنوات السابقة بحكم النفوذ الإيراني في البصرة والميليشيات التابعة لها. البصرة صارت أعجمية وتابعة لولاية الفقيه تماما، وهي قاعدة لإنطلاق الثورة الإيرانية وتصديرها لدول الخليج العربي، حتى شط العرب صار إسمه رسميا فارسي (أرفند روند) ولم تخرج تظاهرة واحدة في البصره ضد هذه التسمية الشاذة؟ حقا لقد خربت البصرة وصح المثل(بعد خراب البصرة).
المهم قبل إجراء التحقيقات وكالعادة إتهم حاكم الزمالي داعش بأنها تقف وراء إغتيال شيوخ أهل السنة حال وصوله البصرة. فقد صرح لوكالة المدى برس” إغتيال رجال الدين و أي خروق أمنية واغتيالات في محافظة البصرة تهدف لضرب الاقتصاد العراقي والعبث به وبث الرعب والخوف في قلوب المستثمرين والمواطنين في البصرة لأنها تعتبر عاصمة العراق الاقتصادية وهي رئة العراق والمنفذ المهم والوحيد وهي مدينة التعايش السلمي في العراق وكذلك 90% من صادرات العراق هي من البصرة”. وأضاف الزاملي أن(تنظيم داعش) يحاول القيام بخرق الأمن في المحافظة والعبث بالاقتصاد العراقي اضافة الى ما يقوم بهد اعش في قواطع اخرى، مشيرا إلى أن سرايا السلام ومن خلال وجودها كقوة مؤثرة في الشارع العراقي كسرايا شاركت بالحشد الشعبي ستكون عون ومساعدة للأجهزة الأمنية في حال تعذر وصولها للمجموعات الإرهابية”.
من هذه التصريح نستشف الآتي:
1. ان الزاملي حدد الجناة قبل بدأ التحقيق، وهذه حالة فريدة من نوعها وتحمل كلام مبطن يمكن إعتباره تهديد أو تحذير للأجهزة الأمنية التي ستحقق في الجريمة من مغبة الإشارة الى الميليشيات الشيعية.
2. لا نعرف ما علاقة الإستثمار في البصرة بإغتيال رجال الدين، فالإغتيالات تجري على قدم وساق منذ الغزو ولحد الآن. فلماذا هذه الجريمة فقط صارت فزاعة المستثمرين في البصرة؟ وهل هناك إستثمار غير إيراني في البصرة؟ وهل الإيرانيون يحتاجون إلى من يحمي إستثماراتهم في البصرة الخاضعة كليا لولاية الفقيه؟
3. أي تعايش سلمي في البصرة يتحدث عنه النائب الزاملي؟ ربما لم يطلع على حملات التهجير والإغتيالات المستمرة لأهل السنة وتفريغ مناطق الزبير وابو الخصيب والمدِينة وغيرها منهم! كان الأجدر به أن يطلب من محافظ البصرة إحصاء بالعوائل المهجرة وعدد الضحايا من أهل السنة، وبعدها ليتحدث كما يشاء عن التعايش السلمي في البصرة.
4. يشير الزاملي بأن البصرة هي رئة العراق الإقتصادية، لأنها باب الصادرات والوارادت الإيرانية، ولا نعرف هل هذه الرئة قدمت شيئا لأهل البصرة غير الموت والفقر والجوع والتهجير والجهل. إن كانت 90% من صادرات العراق تمر من البصرة، فإن أهلها لم يحصلوا على 1% من قيمة هذه الصادرات، كل الذي حصلوا عليه لا يزيد عن وعود عهود من رمل تنثرها رياح الواقع.
5. حاول الزاملي أن يشوه الواقعة من خلال إبعاد جيش المهدي( أو سرايا السلام وهي تسمية جديدة في محاولة لغسل يد جيش المهدي الملطخة بدماء الأبرياء) من التهمة، ولا أحد يجهل ان هذه السرايا واحدة من مراكز القوى في البصرة، وتتحمل مسؤولية الكثير عن الإعمال الإرهابية فيها.
6. هناك لغز محير في تصريح الزاملي بقوله في حال عجز الأجهزة الأمنية من الوصول إلى الإرهابيين فإن سرايا السلام ستقدم لهم المساعدة.
ماذا يعني هذا؟ هل لسرايا السلام إجهزة تقنية وخبراء ومحققين على وزن شارلوك هولمز في كشف الجرائم بكفاءة تفوق الأجهزة الأمنية؟ وأين كانت هذه الخبرات والكفاءات الأمنية منذ الغزو ولحد الآن؟ وماذا لو كان عناصر من السرايا نفسها من قام بإغتيال شيوخ أهل السنة؟
لنعود إلى المرجعية في النجف، فقد صدرت تصريحات من برلمانيين وسياسيين وهيئات ومنظمات دولية وعربية وعراقية إستنكرت العملية الإرهابية بإغتيال المتبقي من شيوخ أهل السنة في البصرة،
منها عن بيان صادر عن الجمعية الأوربية لحرية العراق جاء فيه ” إغتالت الميليشيات المجرمة التابعة لإيران يوم الجمعة 2 كانون الثاني/ يناير 2015 ، 4 من رجال الدين السنة في محافظة البصرة العراقية . وتاتي هذه الجريمة جانبًا من سياسة الإباده للسنة المتبعة في المناطق الشرقية والجنوبية للعراق”.
والإدانة الشيعية الوحيد جاءت من قبل الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني وافر الظل والثرى، والتي تضممت تحليلا عميقا للحادثة بقوله” يعرب المجلس عن قلقه البالغ والعميق للمخطط المشبوه الذي يتم تطبيقه في هذا البلد من أجل زرع الفرقة والشقاق والاختلاف بين أبنائه وإستهداف أمنه الاجتماعي وجر الشعب الى حرب أهلية طاحنة لن يستفيد منها سوى أعداء العراق والمتربصين شرا به وعلى وجه الخصوص نظام ولاية الفقيه في طهران، الذي هو اساس وسر کل أنواع البلاء والمصائب والفواجع في العراق ودولنا العربية، وان المحاولات الخبيثة لهذا النظام مستمرة على قدم وساق لإستمرار حالة اللاأمن واللاإستقرار”.
لكن الحوزة الناطقة بكل شيء صمتت ولم تتفوه بكلمة واحدة! مع إن رجال الدين يفترض أن يكونوا أول من يبادر إلى إدانة الفاجعة التي حلت بأقرانهم من رجال الدين مع إحترامنا لإختلاف الرأي. فهل البرلماني الأوربي (ستراون ستيفنسون) أحرص من المرجعية على أهل السنة فندد بالجريمة؟
في كل النكبات التي حلت بأهل السنة لم يكن للمرجعية موقفا متعاطفا ولا نقول أكثر مع أهل السنة! ألا يعني هذه إن النفوس ملوثة والضمائر ميتة؟ هل الشيخ البحراني علي سلمان رئيس جمعية الوفاق، والشيخ السعودي نمر النمر أكثر أهمية من هؤلاء الشيوخ السنة لتصرخ المرجعية بأعلى صوت(واسليماناه! وا نمراه)؟ إذن كيف يتشدق أنصار المرجعية بأنها تعتبر أهل السنة كأنصارها الشيعة.
الحقيقة إن سكوت المرجعية عن هذه العملية الإرهابية يعنى الرضا عنها، أو على أقل تقدير اللامبالاة تجاهها، وكلاهما يمثل حالة غير وطنية وغير إسلامية وغير أخوية. إنهم يعيبون تنظيم الدولة الإسلامية لإرتكابه الجرائم. وقد قتل التنظيم عددا من شيوخ أهل السنة الرافضين لأفكاره وأفعاله في الموصل وصلاح الدين. لكن هل قتل لحد الآن أحدا من المراجع والشيوخ الشيعة من غير المقاتلين ضده؟
الجواب معروف! ولكن العلة مجهولة.

السناريو القادم: العراق على كف عفريت

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.