الرئيسية » غير مصنف » طريقة للتواصل المباشر بين الأدمغة البشرية.. هل ذلك ممكن حقًّا؟!

طريقة للتواصل المباشر بين الأدمغة البشرية.. هل ذلك ممكن حقًّا؟!

في تجربة جديدة وصفها عالم – منافس لها- بالـ”حيلة”، ادَّعى باحثون إسبان أنهم أول من استطاعوا إثبات عملية الاتصال المباشر من دماغ إلى دماغ بشرية أخرى. الباحثون بقيادة “جوليو روفيني” – الرئيس التنفيذي لشركة “STARLAB ” في برشلونة- استطاعوا بنجاح نقل كلمتي “هولا” و”كايو” في شفرتهم الثنائية من دماغ أحد الأشخاص في الهند إلى أدمغة ثلاثة أشخاص يقيمون في فرنسا. وقد استخدموا رسم المخ الكهربائي “EEG” – والذي يرصد حركة التيارات الكهربائية في الدماغ- ليسجل المعلومات من دماغ الشخص المُرسِل. واستُخدم التحفيز المغناطيسي للدماغ “TMS ” والذي يطلق الخلايا والنقلات العصبية من التيار الكهربائي عن طريق إحداث تغييرات سريعة في المجال المغناطيسي لكي يقوم بتوصيل الرسالة إلى أدمغة المستقبلين في فرنسا.

الباحثون استغرقوا عدة سنوات لتطوير أنظمة تمكنهم من ترجمة المعلومات مباشرة بين دماغ الإنسان وجهاز الكمبيوتر. ويطلق عليها ” brain-computer interface” والتي غالبًا ما تنطوي على أدوات استشعار النشاط الدماغي مثل رسم المخ الكهربائي (EEG) والتحليل الطيفي الوظيفي للأشعة تحت الحمراء (fNIRS)، والرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).

كما أنهم جربوا ترجمة المعلومات من الكمبيوتر إلى الدماغ باستخدام أدوات تحفيزية للدماغ مثل TMS التي استخدمت منها أشكال مختلفة لعلاج الاكتئاب، والموجات فوق الصوتية عبر الجمجمة (FUS)، والتي تستخدم للربط بين أدمغة الفئران.

تلك التجربة التي قادتها شركة “Starlab” مزجت بين عمليتين تكنولوجيتين لنقل تلك الرسالة.. من دماغ المرسل إلى الكمبيوتر.. ومن الكمبيوتر إلى دماغ المستقبل. وتم ذلك على النحو التالي:

بينما يكون المرسل موصلاً بجهاز رسم المخ الكهربائي “EGG” يطلب منه أن يتخيل أنه يقوم بتحريك يديه أو قدميه عندما يشاهد الصورة التي تعبر إما عن الرقم (1) أو الرقم (0). ثم يقوم جهاز رسم المخ بنقل تلك المعلومات على هيئة شفرتها الثنائية ونقلها بالبريد الإلكتروني إلى النظام الذي يكون المستقبل موصلاً به وهو معصوب العينين، فيتلقى المستقبل نبضات كهربائية في القشرة البصرية من الدماغ صادرة من نظام التحفيز المغناطيسي للدماغ TMS، وهو مما يؤدي إلى حدوث وميض العين (phosphenes) بمعنى أن المستقبل يرى ومضات من الضوء غير حقيقية ويقوم بالإبلاغ بصوته عن رؤية الضوء فور سطوعه، ومن ثم ترجمة صوته إلى شفرة ثنائية “Binary code” لتترجم بعدها الرسالة.

قد تكون الطريقة بطيئة جدًّا وتعادل تقريبًا التخاطر عن طريق شفرة مورس لكن في النهاية فإن الرسالة قد وصلت.

نشرت هذه التجربة في مجلة PLoS One العلمية ووصفها المؤلفون بأنها “أول واجهة للربط بين دماغ بشرية وأخرى”.
فيما صرح روفيني في حوار تليفوني بأن العمل قد انطلق في شركته التي ساهمت في مشروع تعاوني لمدة أربع سنوات بتمويل من المفوضية الأوروبية يختص بالعمل على تطوير تكنولوجيات تحفيز الدماغ NONINVASIVE وأن هذه الورقة كانت وسيلة لإظهار أن تقنياتنا تعمل.

إنها تجربة ممتعة، ومثيرة للتفكير في كيفية استخدامها في التطبيقات المحتملة (ولكن بعيدة المنال)، مثل خوذات الجنود المزودة بالتكنولوجيا الفائقة للتواصل بصمت وراء خطوط العدو.

بعض الباحثين لم يقتنعوا بالتجربة

رغم ذلك فإن بعض الباحثين لم يقتنعوا بالتجربة، وقد قال عنها كريستوفر جيمس أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة وارويك في المملكة المتحدة، في رسالة بالبريد الإلكتروني لمجلة IEEE Spectrum العلمية: “إنها إلى حد كبير حيلة وأعتقد أن كل ذلك تمت رؤيته من قبل”.

وكانت مجموعة بقيادة “راجيش راو” من جامعة واشنطن في ولاية سياتل العام الماضي أظهرت في دراسة تجريبية غير منشورة تجربة قريبة الشبه جدًّا باستخدام رسم المخ الكهربائي EEG في الطرف الموصل من دماغ المرسل إلى الكمبيوتر، واستخدام نظام التحفيز المغناطيسي للدماغ TMS في الطرف الآخر الموصل من الكمبيوتر إلى دماغ المستقبل.

في هذه الدراسة، قام الباحثون بتحفيز القشرة الحركية في الدماغ لتحريك يد المستقبل لا شعوريًّا لتضرب لوحة المفاتيح. وقد أعلنت الجامعة في شهر أغسطس 2013 أنها “أول واجهة للربط بين دماغ بشرية وأخرى NONINVASIVE”. وقال راو لمجلة IEEE Spectrum أنه “فوجئ وأحبط” لأن تجربته لم تذكر ولم يعترف بها بأي طريقة في ورقة “روفيني”.

فيما رد “روفيني” بأنه كان بالفعل قد رأى تجربة راو قبل نشر ورقته، ولكن التجربة لم تكن نشرت بعد وبالتالي لم يكن هناك ورق لتجربة راو لكي يشار إليه في ورقته العلمية، وأكد على أن ورقته العلمية ليست حيلة وأنه يؤمن أن مثل هذه التعليقات جاءت بسبب عدم وجود قراءة كافية ومتأنية للورقة، وعدم إدراك الفكرة فيها.

في الحقيقة تضيف تجربة روفيني إلى المؤلفات العلمية لأنه وعلى عكس الأعمال السابقة – بما في ذلك تجربة راو- قام بتحفيز القشرة البصرية متجاوزًا مشاركة الجهاز العصبي المحيط، ونتيجة لذلك تخرج التجربة في حالة واعية وشعورية من المستقبل بدلاً من الحالة اللاواعية واللاشعورية، ويكون الاتصال من الدماغ إلى الدماغ، بحسب قول روفيني الذي أضاف أن تجربة راو عمل مثير للاهتمام، لكنه لا يعتقد أنها حقًّا من الدماغ إلى الدماغ.

قطعًا في المستقبل التجارب ستساعدنا على تعريف حقيقي لماهية “التواصل من الدماغ إلى الدماغ”. ولكن حتى ذلك الحين علينا أن نظل نتنافس ونتناقش حول بعض التجارب القليلة التي ترضينا.

رفيدة خالد

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.